المغرب: أزمة عاصفة تهدّد الائتلاف الحكومي
السبت, 16 مايو 2009
المصدر: دار الحياة
الرباط - محمد الأشهب
قبل ساعات من بدء قبول أوراق الترشح لانتخابات البلديات المغربية المقررة في الثاني عشر من الشهر المقبل، انفجرت أزمة عاصفة بين مكونات الائتلاف الحكومي الذي يقوده رئيس الوزراء عباس الفاسي، يتوقع أن تكون لها تداعيات على مستقبل الحكومة.
وانتقد حزب «الأصالة والمعاصرة» الذي أسسه الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة القريب من العاهل المغربي الملك محمد السادس، لجوء شركائه في الحكومة إلى تفعيل المادة الخامسة من قانون الأحزاب التي تحظر على المرشحين تغيير انتماءاتهم السياسية خلال الولاية التشريعية، لوقف التحاق أعضاء في البرلمان بالحزب الجديد.
ووصف بيان للمكتب الوطني لـ «الأصالة والمعاصرة» الخطوة بأنها «قراءة خاصة لمقتضيات المادة الخامسة من قانون الأحزاب»، مشدداً على أن مسؤولية تفسير القوانين تقع على عاتق «المؤسسات القضائية».
وأبدى الحزب الذي يدعم حكومة الفاسي، استغرابه لتخصيص حيز من اجتماع الحكومة لدرس الموضوع «خارج النقاط الواردة في جدول أعماله»، معتبراً أن الأمر يتعلق بـ «مناورة على الشرعية ومبادئ دولة القانون».
وذكرت مصادر الحزب أن أمينه العام محمد الشيخ بيدالله وجه رسائل عن الموضوع إلى رئيس الوزراء ووزارة الداخلية يعلن فيها «رفضه هذا التصرف». وذهبت أوساط من «الأصالة والمعاصرة» إلى حد التهديد بإطاحة حكومة الفاسي من خلال سحب ثقة كتلتها النيابية عنها، لكنها وضعت ذلك في إطار احتمالات عدة «لا تخلو من الضغط»، وفق مصادر في الائتلاف الحكومي.
وكانت قوى سياسية شرعت في إقرار برامجها الانتخابية للبلديات، إلا أن قضية تغيير الانتماء الحزبي هيمنت على ردود أفعال الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، خصوصاً في ضوء استقطاب «الاصالة والمعاصرة» أعداداً كبيرة من أعضاء مجلسي النواب والمستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) الذين التحقوا به أخيراً ضمن ما يعرف بظاهرة «الترحال» التي يعرفها المشهد الحزبي.
وكان لافتاً أن شخصيات تنتسب إلى أحزاب «الاتحاد الاشتراكي» و «الاستقلال» و «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية» و «جبهة القوى الديموقراطية»، انضمت إلى حزب فؤاد عالي الهمة، ما اعتبرته قيادات حزبية انتهاكاً لقانون الأحزاب. غير أنها المرة الأولى التي تثار فيها إشكالات من هذا النوع، وإن كانت انتخابات البلديات لا تفرض بالضرورة على المرشحين الحصول على تزكية أحزاب.
من جهته، نحا حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي منحى آخر، مقترحاً تغيير المادة الخامسة من قانون الأحزاب عبر التأكيد صراحة على أنه «لا يمكن لشخص لديه انتداب انتخابي ساري المفعول في إحدى غرفتي البرلمان، تم انتخابه فيها بتزكية من حزب سياسي قائم، أن ينخرط في حزب سياسي آخر إلا بعد انتهاء فترة انتدابه».
على صعيد آخر، أكدت الرباط استعدادها الكامل لدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء كريستوفر روس «من أجل التوصل إلى حل سياسي وفاقي» لإنهاء نزاع الصحراء، على أساس مرجعية مبادرة الحكم الذاتي التي طرحتها.
وقال وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري في مجلس النواب إن مبادرة بلاده «تهدف إلى تعزيز وبناء المشروع المغاربي في مناخ يسوده حسن الجوار والتزام احترام ثوابت مكوناته». ورأى أن مجلس الأمن «ثبّت مرجعية الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي للأمين العام كأرضية للاستمرارية». وأوضح أن القرار الرقم 1871 وصف اقتراح الحكم الذاتي بأنه «جاد وذو صدقية»، ما اعتبره «أفضلية لمبادرة المغرب».
وأكد أن الرباط «تتطلع إلى تجاوب الجزائر مع دعوة مجلس الأمن إلى السماح للمفوضية السامية للاجئين بإحصاء المقيمين في مخيمات تندوف»، وكذا «ممارسة حقهم في العودة الطوعية». وعرض إلى علاقات بلاده وبعض الدول. وقال عن الأزمة التي أدت إلى قطع العلاقات الديبلوماسية مع إيران، إنها نجمت عن «انتقاد السلطات الإيرانية موقف الرباط المتضامن مع مملكة البحرين»، إضافة إلى «وجود نشاط ثابت للبعثة الديبلوماسية في الرباط يستهدف المساس بالأمن الروحي للبلاد».