وأسطورة أخرى هي من بين «أساطير الفكر الكبرى» إنها تلك التي تخص صخرة «سيزيف»، أو «الجسارة من أجل العيش». إن الحياة تهتز أحيانا بالنسبة للبشر ويعتريهم الشك، لذلك ينبغي على الإنسان دائما أن يبدأ من جديد ويعيد الكرّة في «عملية ابتداء أبدي متجدد» مثلما هي حالة دورة الفصول.
و«صخرة سيزيف» كان يجري حملها من أسفل سفح الجبل إلى قمته من قبل سيزيف الذي ما إن كان يبلغ القمة حتى تهوي الصخرة إلى أسفل السفح من جديد. وهكذا أصبحت رمزا للعمل العبثي إذ ما إن يتم إنجاز المهمة حتى ينبغي الشروع فيها ثانية.
يتساءل المؤلف: «هل الحياة اليومية المحكومة بالابتداء من جديد باستمرار تستحق أن تعاش؟».
ثم إن التأمل بمثل هذا السؤال دفع «ألبير كامو» صاحب رواية «الغريب» الشهيرة، ولكن أيضا صاحب «أسطورة سيزيف» كما حمل عنوان أحد كتبه، إلى القول، كما ينقل عنه المؤلف: «في تلك اللحظة الدقيقة حيث يلتفت الإنسان إلى حياته المتكررة يعود سيزيف نحو صخرته كي يتأمل تلك السلسلة من الأفعال غير المترابطة التي أصبحت مصيره». وكان هوميروس قد وصف في النشيد الحادي عشر من الأوديسة الجهود التي قام بها سيزيف وعودته الأبدية إلى نقطة البداية.
لكن بكل الحالات لا يمكن ل«سيزيف» أن يتصالح مع الحياة إلا إذا أخذ باعتباره واقع العالم الذي يندرج مصيره فيه. وعندما يفعل ذلك يمكن لقوته أن تنبعث دائما من جديد وذلك في مواجهة الخوف والتعب. وعندها «يستطيع أن يحمل أعباءه على كتفيه».