رسائل الوزراء الجدد
سعيد معتمد
السبت 07 يناير 2012 - 16:18
كثيرة هي المؤشرات والرسائل المبطنة التي ما انفك يبعث بها الوزراء الجدد، في محاولة لرسم صورة حداثية ومغايرة للحكومة الجديدة، ولاستدرار عطف وتعاطف المواطن ! وهي مسألة محمودة وتدخل في إطار الماركوتينع الحكومي، ولكن ما ليس محمودا هو أن يتم إفراغ العمل الحكومي في قالب شكلي فقط ينصرف إلى سلوكات فردية وتصرفات شخصية دون أن يتجسم في برنامج حكومي متوازن، وفي منجزات قطاعية ملموسة.
مرد هذا الحديث هو تواتر المؤشرات والرسائل الحكومية منذ تعيين الوزراء الجدد، فقد تناقلت وسائل الإعلام المختلفة مجموعة من أحكام القيمة التي يحاول البعض وسمها ببعض المستوزرين، إذ تم تعميم صورة طوباوية لبعض الوزراء على أنهم يتحركون على متن سيارات اقتصادية، وبعضهم ضاعف أجور الموظفين المصنفين في الأسلاك الدنيا، وبعضهم يتشارك والموظفين في سلالم الوزارة بدل استعمال المصاعد الكهربائية، والبعض الآخر يخرج للحديث إلى المعتصمين دون بروتوكول ولا حراسة أمنية. هي سلوكات راقية تتماشى وتطلعات المغاربة، وتتوافق وأحكام الدستور الجديد، لكن يجب أن لا تعتمد كقاعدة معيارية لقياس العمل الحكومي، فالمنجزات على الأرض، والمكتسبات المحققة، هي التي تصلح للحكم بنجاج الحكومة من عدمه.
هواجس المغاربة الآن، هي أن تكون هذه المؤشرات والرسائل مجرد مساحيق لتزيين صورة الوافد الجديد، تخفي الصعوبات والمثيطات التي تواجه حكومة بنكيران، وبالتالي إخفاء الانتكاسات ومكامن الفشل في حال تعذر تنفيذ البرامج الحكومية المسطرة.
هذه ليست نظرة متشائمة لمغرب ما بعد 25 نونبر، وهي ليست محاكمة للنوايا والمخططات، وليست تحاملا على الوزراء الجدد، لكنها رسالة إلى هؤلاء الوزراء مؤداها أن المغاربة ينتظرون منجزات لا أقوالا، وبرامج ملموسة لا شعارات، ووزراء قادرون على اتخاذ القرارات الحاسمة لا مؤشرات. وبتعبير آخر، المغاربة ينتظرون برنامجا حكوميا يحظى بأغلبية البرلمان، له أهداف محددة، يستحضر الموارد المتوفرة والإكراهات المحتملة، ووزراء مستعدون لتطبيقه بنكران للذات وتغليب لمصلحة الوطن والمواطنين.
قطاعات من قبيل التعليم والصحة والإسكان والتجهيز...ليست بحاجة إلى مساحيق زينة، وليست بحاجة إلى رسائل حسن النوايا، بل بحاجة إلى تعبئة حكومية شاملة، ومخططات عمل قابلة للتنفيذ، حتى لا نبقى في دوامة إصلاح الإصلاح، وفي ضبابية المخططات الاستعجالية التي تأتي لإصلاح مخططات استعجالية سابقة.
نتمنى لوزرائنا الجدد مقاما حسنا في مقراتهم الجديدة، ونتمنى لهم التوفيق والسداد، لكن نتمنى منهم أن لا يبقوا في حدود الرسائل والمؤشرات، وأن يشمروا على سواعدهم وينتقلوا إلى العمل الجاد، وإلى المنجزات المحققة، والله الموفق والمستعان.