الحكي كابداع للوعي - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية abderrahman93
abderrahman93
:: دفاتري بارز ::
تاريخ التسجيل: 23 - 3 - 2009
المشاركات: 112
معدل تقييم المستوى: 196
abderrahman93 على طريق الإبداع
abderrahman93 غير متواجد حالياً
نشاط [ abderrahman93 ]
قوة السمعة:196
قديم 27-03-2009, 09:19 المشاركة 1   
هام الحكي كابداع للوعي

من خلال فعل الحكي ، يتشكل الوعي بالوظائف الإبداعية للأحداث التاريخية ، و اليومية ، و الواقعية ، في مجموعة " ما لا نراه " للأديب محمد جبريل – صدرت مؤخرا في سلسلة أصوات عن هيئة قصور الثقافة المصرية – يصير – إذا – فعل الحكي عند محمد جبريل مفتتحا للتأويل ، و الأداء معا في سياق الصورة السردية للواقع ضمن تداخله الأساسي مع الوعي الإبداعي المنتج للحكاية المؤثرة في صناعة سياق واقعي – تخيلي متجدد ؛ فالوحدات الكثيفة للسرد تحمل صخب الشخوص التاريخية ، و آثار من اللوحات الفنية مصحوبة بفاعلية جديدة مؤولة في عوالم المتكلم الداخلية ، و كذلك الأساطير التي تكشف عمق لغة الحكي التسجيلية ؛ إذ إنها لغة مزدوجة بين التقرير من جهة ، و استشراف ما فوق الواقع ضمن وحداته الجزئية من جهة أخرى .
في نص " ما لا نراه " يرصد السارد شخصية الأم ، ذات النبوءات ، و المعرفة الإشكالية بأحداث المستقبل ، و وسائطها لبلوغ هذه المعرفة هي ؛ الأحلام ، و العناصر الكونية ، و تقلبات المناخ ، و الكسوف ، و الخسوف ، و ما إلى ذلك ؛ فقد تنبأت بوفاة الشيخ عبد الصمد رغم صحته الجيدة ، لأن نجمه قد خفت ثم يرى السارد أخاه قد عاد من جنازة الرجل عقب النبوءة ، و يظل السارد في حالة تتبع للمسار المعرفي للأم ، و يحاول أن يجعل توقعاتها تتوافق مع ما يهمه .
تتضارب مستويات المعرفة في شخصية الأم ، و من ثم يضعنا النص أمام التساؤل المتكرر حول المعرفة الأولى ، و معنى الحقيقة المتضارب أيضا ، فمن الواضح أن الأم ترتكز على حدس نسبي في نبوءاتها ، بينما يوحي خطاب المتكلم بتطابقها مع نتائج الواقع . إنها الخبرة الفردية التي يحولها إلى تمثيل سردي معرفي متحول في روايته عن الأم ، إذ تتحول الأخيرة إلى حكاية تعمل من خلالها الأطياف ، و الشخصيات المخيلة في وعيه ، كأنه يقاوم قوتها المعرفية التي أثبتها في البداية من خلال التوظيف الإبداعي – النسبي لما لا يراه ، و ما لا يراه المتلقي أيضا . و في نص " لماذا يتحدون ضدي ؟ " يعاين السارد تجربة نسخ الاسم بوصفها حقيقة ، ذات أصل مخيل يكمن في أصل الوجود الواقعي نفسه ، فعقب وفاة الشيخ عبد الرحيم ، و تنازع مجموعة من الورثة على أراضي الوقف قام بمحاكاة الشيخ ، و استبداله بأن وضع اسمه في كشف الورثة . هل يحمل البطل رغبة لا واعية في قتل رمز الجد عبد الرحيم ، و احتلال موقعه المقدس في نفوس العائلة ؟ إنه يعيد تمثيل الملكية من خلال صورة الأصل التي ينفيها بينما يحاول الانتماء إليها من خلال الإجراءات المعقدة أيضا ، إنه يطارد مدلول النقاء الأول ليحرف النخبوية من خلال آليات الحفاظ على الهوية ، باتجاه هوية أخرى مخيلة .
تتوتر وظائف الحكي كموضوع في بعض نصوص المجموعة مثل محو الذاكرة ، و الانتظار ، و الإشارة ، و لقاء ، و مواجهة بين تشكيلها للمعرفة الإبداعية التي تكثف الحدث التاريخي المتكرر في وظائفه التأويلية ، و الانفصال أحيانا عن الالتحام المباشر في الحدث مما يجعلها مصدرا للهدم ، لا الإبداع في الوجود .
في نص " محو الذاكرة " تستبدل قوة الحكي الهادئة ، سلطة المحو المباشرة لدى السلطان الذي يملك قوة سحرية تخفي الكلمات ، و الصور ، و التواريخ ؛ فحكايات الجدات من السير ، و الملاحم يمكن تلقينها ، و استعادتها لتحيا من خلالها المعرفة ، و تمتد في الزمن رغم المحو . لقد تحولت الحكاية هنا إلى موضوع للحكي تتجسد فيه الحياة التاريخية ، و الفكر ، و التاريخ عقب تبلورها كنقطة للبدء المتكرر ، رغم وقفات المحو . تظل الحكايات بعيدة عن التأثير السحري لعين السلطان ، عن المواجهة . لكنها تحول الماضي إلى مستقبل كثيف متجدد ، فالفاعل الذي قام بالمحو تم استلاب بطولته في حكي المحو ، و توليد الذاكرة من خلاله .
و في نص " الانتظار " ينتقل المستوى المعرفي بقدوم عبدة النار في وعي السلطان من الحكي ، إلى الواقع ، وكأن الحكاية استنفدت نفسها من الحلم للواقع الذي صار حلميا في الانتظار ، و كذب المنجمين على السلطان .
السلطان وظيفة مؤجلة في انتظار متكرر للتدمير الجماعي ، هكذا تقرأ الحروب في قوة الحكاية كإمكانية مجددة ، و متجددة للانتظار ، و التدمير . و في نص " الإشارة " تتحقق الخسارة عندما ينفصل الحكي عن امتداده الزمني – الواقعي ، فالغريب يؤجل المعركة في وعي الناس عن طريق حكايات عن السندباد ، و الشاطر حسن ، و السفيرة عزيزة ، و البساط السحري حتى يغرق الحاضرون في النوم ، فيعطي إشارة بتوقف الحكي . السارد الأول يحكي ليقاوم زيف حكايات الغريب الانفصالية ، كأنه يفجر حكايته بحكي آخر يلتحم بتأويل التاريخ ، من خلال استعادة الأداء في صورته الحكائية ، لا الحكاية معزولة عن سياق التأويل .
و في نص " لقاء " يزدوج العبث ، بحلم العدالة في وعي الفلاح عندما يقرر أن يشكو جابي الضرائب للسلطان فيجد الوجه نفسه متكررا دون نهاية . لقد تشكل السلطان من وظيفة التشابه مع الآخر المولد من خلاله ، فصار محاكاة له تكتسب هامشيته التكوينية من خلال الحكي ، فسطوة العبث تنفجر في تشابه علامات القوة ، كأن اللقاء مؤجل ، أو لم يحدث ، فقد وقعت الحكاية في موقع عبثي مضاد لهذا اللقاء الذي أنتجته . و في نص " مواجهة " يكثف السارد صراعا فريدا ينتجه الديك الأبيض لعلي حمدون ، قوامه الدفاع المباغت عندما يشتد الألم . لقد أعاد الراوي إنتاج المواجهة في تأجيل الصراع ، و اختفاء المواجهة حينما تتجاوز نفسها في الحكاية إلى ما بعد الصراع ، ما بعد الحرب ، و هو استباق الموت في ضربة ما قبل المواجهة الفعلية في صراع الديوك ، تلك التي يتحقق فيها الاختفاء دون صراع حقيقي ، لكنه حكائي تأويلي لعبث المواجهة الحقيقية .
و تبلغ درجة الإنتاجية الإبداعية للحكاية عند محمد جبريل ذروتها في نصي حقائق الجدار ، و أطياف ، إذ نعاين علاقات التداعي الحاملة لتداخل الحكاية مع الواقع بحيث تكشف عن أصالة المحاكاة في وظائفه ، و وحداته .
في نص " حقائق الجدار " يقوم الحكي بتفجير الوظائف التخيلية الخفية خلف سكون المكان ، بحيث يبدو جموده الظاهر سرديا في أصله ، غير المنفصل عن السرد حين يصير مستقبلا ديناميكيا يحاكي الماضي من خلال أطياف المكان / الجدار ، و قد توقفت كثيرا عند العنوان : حقائق الجدار ، ما الحقائق ؟ هل هي مادة الحكاية الأولى الأسبق من الكلام ؟ أم أنها القوة المخيلة السردية للعلامات الكونية الساكنة ؟ أم أنها تداعيات إبداعية للحكاية فيما يؤولها من علامات ما يسمى بالواقع ؟
يتذكر البطل حكايات جدته عن الشاطر حسن ، و السندباد ، و طائر الرخ ، و أبي رجل مسلوخة ، و يتزامن تذكره مع حركة تكوينات نشع الجدار ، و سقف الغرفة ، تلك التي تتلاقى ، و تتباعد ، و تتجسد كأنها توشك على مغادرة الجدار ، و تتجه نحوه بأعين تقدح شررا . يقول : " اختفت الأشكال المتداخلة ، حلت بدلا منها أشكال أشبه بالمسدسات ، و القنابل اليدوية ، اعتدلت في موضعي بحيث واجهت الباب المغلق ، حركت إصبعي كأني أضغط على زناد ، علا صوت انطلاق رصاصة ، توالى تحريك إصبعي ، تعالت أصوات الرصاص ، و الصيحات " . لقد تجسد الصوت المتعالي من مادة الحكي الهوائية ، فصار حقيقة لا تنفصل عنها ، إذ إن الحقيقة تختلط بالحكاية فتستبدل الوعي بالمكان ، بسرد المكان الأدائي في لعبة ، أو مسرحية ترتكز على أولية التغير ، و الاختلاف .
و في نص " أطياف " تتحول مناقشات السارد مع صديقه سالم المغرم بالتاريخ ، إلى إعادة تكوين الوعي بالواقع وفق تداعيات التاريخ الإبداعية . لقد تحث سالم عن تاريخ عمان ، و الصراع مع البرتغاليين ، و دفن الموتي في أماكن قتلهم ، ثم يحدثه عن أطياف الموتى التي تغادر القبور ، ثم يسمع السارد خشخشة يعقبها انبثاق لعدد لا نهائي من الأطياف بعضها دون رأس تحمل بنادق ، أو طبول ، ثم تتكاثر ، و يخرج من أحدها دف ، و يبدأ الرقص . لقد ازدوج المرح بذكرى موت متجدد في لعبة الحكي الممزوجة بفانتازيا الوجود ، حيث يصير أثر الحقيقة التاريخية تأويلا إبداعيا لها ، ضمن منطق التداعي ، و تداخل آثار الماضي مع مستقبل قيد التشكل يؤوله ، و يعيد قراءته وفقا لمرح الحكي رغم أنه يحمل في الوقت نفسه مأساة التاريخ .









آخر مواضيعي

0 عاجل من فضلكم لعباقرة الفرنسية
0 عاجل في مادة علوم الحياة والارص وصعب قليلا
0 طلب لا يهم منتدى دفاتر اتمنى الاجابة في اقرب
0 للعباقرة في منتدى دفاتر
0 I Phrase simple et complexe
0 la phrase camplexe
0 Coordination et juxtaposition
0 الحكي كابداع للوعي
0 فقه الزكاة
0 فقه الزكاة


abderrahman93
:: دفاتري بارز ::

الصورة الرمزية abderrahman93

تاريخ التسجيل: 23 - 3 - 2009
المشاركات: 112

abderrahman93 غير متواجد حالياً

نشاط [ abderrahman93 ]
معدل تقييم المستوى: 196
افتراضي
قديم 27-03-2009, 13:44 المشاركة 2   

هل من ردود ام ان الموضوع ليس في المتناول


SamiTCT
:: دفاتري جديد ::

تاريخ التسجيل: 25 - 3 - 2009
السكن: AgadiR - CiTy
المشاركات: 22

SamiTCT غير متواجد حالياً

نشاط [ SamiTCT ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 27-03-2009, 23:30 المشاركة 3   

موضوع رائع

يتحدث عن الحكي بإعتباره إبداع وهو كذلك
مشكور أخي عبد الرحمان على العمل والمجهود
واصل


abderrahman93
:: دفاتري بارز ::

الصورة الرمزية abderrahman93

تاريخ التسجيل: 23 - 3 - 2009
المشاركات: 112

abderrahman93 غير متواجد حالياً

نشاط [ abderrahman93 ]
معدل تقييم المستوى: 196
افتراضي
قديم 28-03-2009, 12:54 المشاركة 4   

شكرا اخي سامي على المشاركة

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للوعي, الحكي, كابداع

« إني أحتاجك بحجم السماء | كيف تكتب قصة أدبية »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قرار من وزارة التعلية الاعدادي لموعد الامتحان للسنة الثالث naji-massari الثالثة اعدادي 22 10-06-2009 22:57


الساعة الآن 00:33


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة