أعلن أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، أمس الاثنين بالرباط، أن المندوبية السامية للتخطيط تعتزم، خلال سنة 2009، إنجاز بحوث إحصائية، تهم البحث الديمغرافي الثاني من نوعه بالمغرب..
من أجل إعداد جدول الوفيات، والشروع في إنجاز بحثين جديدين حول ظاهرة العنف ضد النساء، والمؤسسات غير الهادفة للربح.
وقال الحليمي، خلال يوم دراسي نظمته المندوبية بمناسبة الاحتفال باليوم الإفريقي للإحصاء، الذي يركز هذه السنة على موضوع "تحديات ارتفاع أسعار المواد الغذائية و التنمية الزراعية"، إن المندوبية السامية للتخطيط أطلقت، في إطار تأهيل النظام الوطني للمعلومات الإحصائية، برنامجا مندمجا للعمليات الإحصائية ذات البعد الوطني، تجسد في إنجاز عدة بحوث، كالبحث الوطني حول مستوى معيشة الأسر لسنة 2007، والبحث حول القطاع غير المنظم، والبحوث البنيوية في قطاعات الصيد البحري، والصناعة، والطاقة والمعادن، والبناء والأشغال العمومية، والتجارة والخدمات، للسنة نفسها.
وأبرز الحليمي أن الإلمام بالحقائق الاقتصادية والاجتماعية، وبأثرها على الأسعار والقدرة الشرائية، يتطلب أدوات إحصائية، وتقنيات نمذجة متطورة، تعتمد على معلومات شاملة، وموثوق بها، ومنسجمة، ومتوفرة في الوقت الملائم.
وقال المندوب السامي، في كلمة تليت بالنيابة عنه، إن "برامج المندوبية تجسدت من خلال إنجاز إصلاحات عدة، شملت الرقم الاستدلالي لتكلفة المعيشة، والبحث الوطني حول التشغيل"، مضيفا أنه، بخصوص إصلاح الرقم الاستدلالي لتكلفة المعيشة، تعكف المندوبية حاليا على إتمام الأشغال المتعلقة بإعداد رقم استدلالي جديد للأثمان، يهم "الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك"، ويعتمد على سلسلة مرجعية موسعة، تأخذ بعين الاعتبار آخر المعطيات حول بنية الاستهلاك لدى الأسر، التي وفرها البحث حول مستوى معيشة الأسر لسنة 2007.
وأوضح أن هذا المؤشر يمتاز بتوسيع مجال السكان المعنيين، ليشمل كافة سكان الوسط الحضري والتغطية الجغرافية، ويمتد إلى 17 مدينة تنتمي إلى الجهات الستة عشرة للمملكة. وأضافت كلمة الحليمي أن المندوبية تعكف على استغلال نتائج البحث حول مستوى معيشة الأسر لسنة 2007، لإعداد دراسة مدققة حول تحديد مستويات ومصادر دخل الأسر، ومقاربة الفئات الاجتماعية، خاصة الطبقة المتوسطة.
وقال إن المندوبية "طورت مقاربات الاستهداف الجغرافي للفقر، وتشكل نتائجها منطلقا لإعداد سياسات بديلة لتلك المعتمدة حاليا في مجال المقاصة، والتي كشفت ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الأولية محدوديتها"، مشيرا إلى أن المندوبية طورت، أيضا، نماذج لتقييم آثار السياسات الاقتصادية، والصدمات الخارجية على النمو والفقر والفوارق الاجتماعية.
على المستوى القطاعي، ورد في الكلمة أن الفلاحة تشغل أكثر من 40 في المائة من السكان النشيطين، رغم ارتفاع التمدن، ما يجعل من تطور هذا القطاع عاملا حاسما في التوازنات الاجتماعية بالوسط القروي. مضيفة أن القطاع الفلاحي يشكل 15 في المائة من الثروة الوطنية المنتجة كل سنة، ويؤثر، قبليا وبعديا، على بقية القطاعات الاقتصادية،" لكن رغم أهميته الاستراتيجية، والتقدم المسجل منذ الاستقلال، تبقى منجزات القطاع غير كافية ويطرح تطوره إشكالات عدة".
وعن الأزمة الغذائية العالمية، قالت المندوبية إن البحوث الدائمة حول الأثمان مكنت من التتبع المنتظم لآثار الأزمة على الأسعار عند الاستهلاك لـ285 منتوجا و768 نوعية مستهلكة من طرف الأسر المغربية، وتحتل المواد الغذائية مكانة الصدارة بـ136 منتوجا و243 نوعية.
وأشارت كلمة المندوب السامي إلى نتائج هذه البحوث بينت أن الرقم الاستدلالي لتكلفة المعيشة للمواد الغذائية قد يعرف ارتفاعا بنسبة 6.8 في المائة خلال 2008، مساهما في رفع التضخم إلى 3.9 في المائة، بدل معدل سنوي يعادل 2 في المائة خلال الفترة 2000 إلى 2006.
وعرفت أسعار بعض المواد الغذائية الأكثر استهلاكا من طرف الأسر المغربية ارتفاعا ملموسا خلال 11 شهرا من 2008، منها العجائن الغذائية (27 في المائة)، والكسكس (34.9 في المائة)، والزيوت(41.4 في المائة)، والسميد (41.7 في المائة)، والزبدة الصناعية(25.4 في المائة).
وحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإن أثر هذا الارتفاع على القدرة الشرائية يمكن تقييمه من خلال وزن المواد الغذائية في ميزان الأسر، إذ أظهرت نتائج آخر بحث حول مستوى معيشة الأسر، أنه، رغم انخفاض وزن المواد الغذائية فإنها ما زالت تشكل حوالي 41 في المائة من مجموع ميزانية استهلاك الأسر. وعلى المستوى الماكرو اقتصادي، كان لارتفاع أسعار المواد الغذائية أثر "جد ملموس على الميزانية المخصصة للدعم، التي تجاوزت بكثير التوقعات، وهددت توازن ميزانية الدولة".
وأبرز الحليمي أنه، مقارنة مع دول مماثلة، يبقى هذا التأثير محدودا في المغرب، إذ أن نسبة التضخم، التي لن تتجاوز 4 في المائة سنة 2008، بلغت 15.8 في المائة بالأردن، و5.1 في المائة بتونس، و9.4 في المائة كمعدل في الدول الصاعدة و السائرة في طريق النمو.
ويشكل الاحتفال باليوم الإفريقي للإحصاء فرصة لفتح نقاش حول ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، و أسبابها وتطوراتها، وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني، وعلى القدرة الشرائية للأسر المغربية. كما تشكل مناسبة للتأكيد على أهمية تأهيل القطاع الزراعي لمواجهة غلاء المواد الغذائية الأساسية.
وركز المشاركون في هذا اللقاء على أهمية دور الإحصاءات في معرفة هذه الظاهرة، وضرورة تطوير النظام المعلوماتي ليوفر قاعدة أساسية للتخطيط والإدارة والرصد في القطاع الزراعي. كما قدمت في اللقاء الأعمال المنجزة من طرف المندوبية السامية للتخطيط في هذا المجال.
جريدة الصحراء المغربية