الدخول المدرسي....لماذا يكره الطلاب مدارسهم.
وأما التدريس فتلك كلمة والله أصبحت عقدة، نعم عقدة، كيف !، جل المدرسيين لم يستسيغوا بعد، كيف أنهم كدوا واجتهدوا طول حياتهم مع اختلاف المجهود ونوعية المسار التعلمي والمؤسساتي والتأهيلي، إلا أنهم جميعا وبدون استثناء استرخصوا جل أوقات حياتهم في طريق التكوين والتلقين والتعليم، غير أن مكانتهم في المجتمع تبدوا متواضعة وعيشهم اليومي بالكاد يكون كريما مما جعلهم يبحثون عن موارد إضافية، كالساعات الإضافية لمن يؤدي من تلامذتهم وطلابهم، وهنا الخطأ الجسيم. أرادوها بلسما فإذا بها سم فتاك خوار. من وفر منهم، من هذه العملية البئيسة، استثمر مع محيطه في شراكات مربحة أخرى، مدارس حرة، قطع أرضية، بناء عقارات، فلاحة تجارية، أو حتى مضاربات.... المهم الربح المضمون في الزمن المعدوم. إذن التدريس رسالة نبيلة ومحترمة ومجهود معتبر ومتميز ومهنة شريفة، إنها تاج المهن(كاد المعلم أن يكون رسولا .... فقف له تبجيلا...)،إلا أنها في هذا الزمن الردئ، دنست بالمادة و صبغت بحسابات الربح المالي الصرف وقيمت بالتسلق الإجتماعي المزيف، رجل التعليم، رجل الشهادات العليا أصبح في هذا الزمن العجولي يستجدي أصحاب الدريهمات وكأن مآل الحال يقول، ندمت على سنوات قضيتها صحبة الوراق والقلم وليال في كنف الكتب والمجلدات. فكيف سنحترم من أطياف المجتمع ونحن معوله في البناء والتقويم والإصلاح إن نحن بقينا نستجدي دريهمات لاتغني ولاتسمن من جوع، مهمة عند الجزوع قليلة في الحساب، عميقة في الإهانة.
أتساءل مالفرق بين بين إنسان له وعي وذوق ورسالة وبين انسان يفتقد كل شيء ألا ماأوحت له به نزواته العجولية؟؟؟
يتعجب بعض الناس لماذا في الغرب يمكث الطلاب في المدرسة إلى حوالي الخامسة مساء !
بدون ملل ولاضجر ولا كراهية للمدرسة ولا المدرس ..!بينما طلابنا لايكادون يتحملون وضعهم الحالي !
والجواب سهل وبسيط وقريب .. انظر إلى تهيئة المكان هناك , كم هي مناسبة لبيئة محبوبة للطلاب وانظر إلى توفير كل مايحتاجون ويرغبون ويحبون .. وانظر إلى تفننهم في جعل المكان محبوباً مرغوبا.. ..
ففي كل دول العالم يجبر الطلاب على الحضور ولكن المشكلة فقط عندنا .. تلخبط محيط المؤسسات، حدث ولاحرج، داخل المؤسسات جل مايمكن أن يساهم في بيئة تربوية تلقينية وتعليمية، منعدم أو غير متوفر بالوجه الأكمل....
عندهم؛ يسمحون للطلاب بالترفيه والتفسح خارج أسوار المدرسة، والضحك والتفريغ عن النفس داخلها في حدود المسموح به تربويا وفي نهاية الوقت يرجعوا لفصولهم ! وهناك لا يشعر الطلاب بأنهم في سجن دراسي .
أمر آخر ، تعامل المدرسين مع الطلاب في مدارسهم ..
تجد عدة أشياء ( احترام الطلاب ، تشجيعهم ، تلمس احتياجاتهم، ترك المبادرة، التفاعل أو التشارك في بناء الدرس... ) ولا تسل عن الابتسامة الدائمة ،، ليسوا ممن يريد فرض السيطرة بعبس الوجه وجفاف الخطاب ،، ففرض الشخصية تتوقف على حسن التعامل، والليونة الحافظة للكرانة، والإبتسامة المتبادة والحث على العطاء بالتحبيب واعطاء الإعتبار ولو بمن هو خاطئ، لأنه تشجيع على المحاولة والمشاركة، وهنا لا يشعر الطلاب بأنهم أمام الأستاذ المرشد والأب العطوف والمسؤول الذي يضبط...
واخير ، العمل على خلق وتنويع النشاطات في المؤسسات التعليمية من دورات وورشات تأهيلية وتكوينية، مسابقات ثقافية ومعرفية، تشجيع المبادرات والمواهب، تكريم الفعاليات والعقول المبتكرة، اعداد حفلات ورحلات لتقوية أواصر العلاقة بين المدرس والطالب، المكاشفة بين المدرسيين والطلبة لخلق تعاون وتكامل وتظافر أيضا، الطالب مع زميله يصبح صديقا، والطالب مع مدرسه ومدرسته وادارييه، تلك المتعة والتآخي تضفي جو الثقة مابين الأطراف. كل ذلك .. من شأنه دفع التلاميذ والطلاب إلى حب الفصل والدراسة والمدرسة والكلية والمختبر وكل مايتعلق بهم جميعا، أنذاك سنضمن خريجين بناة وليس عصاة، خرجيين مربيين ومتعلمين، وليس مجرمين ورتشين، خرجين أصحاب مبادئ وليسوا أصحاب نزوات، خرجيين متكوننين ومكوننين، وليسوا مخربين وهذامين....
ثم لنعد ختاما ونقارن ببساطة وبإيجاز، اهتمامات ممدرسينا و مربينا ومدريسينا .. أوضاع مدارسنا ومعاهدينا وكلياتنا .. المتهالكة المتصدعة .. التي تفتقر للأساسيات والواجبات فضلا عن الفرعيات والمتممات، عندها سنعرف لماذا هم يحبون المدرسة والمدرس ! ولماذا هنا ربما يكرهونها ويكرهونه ! شخصيا أحب المدرسة وأعتز بالمدرس مدرس، ولاشيء آخر، أفخر أني إنسان واعي لا إنسان عجولي .