"الشبيبة المدرسية": إصلاح منظومة التعليم يتجاوز وزراء المغرب
دفاتر مقالات الرأي والتقارير الصحفية التربويةهنا نرتب أهم وآخر مقالات الرأي والتقارير الصحفية الواردة بالصحافة الوطنية والمتعلقة بموضوع التربية والتعليم
"الشبيبة المدرسية": إصلاح منظومة التعليم يتجاوز وزراء المغرب
محمد الراجي
الأحد 18 شتنبر 2016
"لم أعُد أحلم بمدرسة وطنية، لأنّ المدرسة القائمة جرى تدميرها وتعطليها".. بهذه العبارة، علّق محمد الناجي، الباحث الأنثروبولوجي المغربي، على وضعية التعليم العمومي المغربي، بعدَ النقاش الذي هيمن على مواقع التواصل الاجتماعي مع اقتراب الموسم الدراسي الجديد. واعتبر الباحث الأنثروبولوجي المغربي أنّ نهضة المدرسة المغربية لن تقومَ إلا بـ"ثورة".
وكانت الدعوات قد توالتْ على موقع "الفيسبوك" لإنقاذ التعليم المغربي من وضعيته الحالية، حيث جرى إنشاء "هاشتاغ" يحملُ رسالة إلى المسؤولين المغاربة، مفادهاَ ضمانُ تعليم عمومي مجاني وبجودة عالية لكل أطفال المغرب، وضمان الحقّ في التعليم بجودة متساوية لجميع الأطفال.
فشلُ المنظومة التعليمية المغربية لا تؤكّدها فقط التقاريرُ الدولية، بلْ يؤكّدها، أيضا، المسؤولون عن القطاع؛ ففي أكثر من مناسبة، اعترف رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية الحالي، بفشل المنظومة التعليمية وقدّمَ أرقاما تعزّز ذلك، تتعلّق بمؤهلات التلاميذ ومداركهم العلمية. بلمختار ذهب أبعد من ذلك، وقال إنَّ المدرسة المغربية تدرّس للتلاميذ "الخرايف".
وفي وقت لا يلوحُ في الأفق أيّ مؤشّر على قرب إخراج المدرسة المغربية من الأزمة التي تتخبط فيها منذ عقود، وتنامي لجوء شرائح واسعة من المغاربة إلى التعليم الخصوصي لتدريس أبنائهم؛ يرى مصطفى تاج، الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية، أنَّ إصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب مرتبط بالإرادة السياسية وبالثقة في الإصلاح.
وقال تاج، في تصريح لهسبريس، إنَّ المغرب، الذي شيّد مجموعة من الأوراش الكبرى في مختلف القطاعات، لا يعزّ عليه إصلاح التعليم لو توفّرت الإرادة لدى المجتمع ومن يدبّر الشأن العام، مشيرا إلى أنَّ ثمّة ضرورة لتحديد المسؤوليات لمعرفة من المسؤول عن تدبير قطاع التعليم، هل الوزراء أم جهات أخرى.
"منذ الاستقلال إلى الآن، تناوبَ أكثر من 37 وزيرا على قطاع التعليم، ولم يسبقْ أن سمعنا منذ الاستقلال أنَّ وزيرا أحيل على المحاسبة"، يقول تاج، معتبرا أنَّ الإصلاح العميق للمنظومة التعليمية يتجاوزُ الوزراء، ولن يتمّ إلا بوضع إستراتيجية واضحة ذات أهداف محددة من لدن الدولة.
وإلى جانب توفّر الإرادة السياسية، يرى الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية أنَّ الثقة تُعتبر عنصرا أساسيا لأي إصلاح للمنظومة التعليمية، قائلا "المغرب الذي قام بالمسيرة الخضراء، وبنى سدّ الوحدة، وأنشأ المخطط الأخضر للفلاحة، وشيّد مئات الكيلومترات من الطرق السيارة.. لا يصعب عليه إصلاح التعليم"؛ غير أنّه عادَ ليؤكّد أنَّ هناك جهات ليس من مصلحتها أن يسير التعليم في المغرب علة سكته الصحيحة، "هناك من يستفيد من ارتفاع نسبة الأميّة في المجتمع، لأنّ التعليم الجيّد يفرز نخبا مكوَّنة تطرح تساؤلات مزعجة. لذلك جرى إقبار الفلسفة في وقت من الأوقات، وتمّ تهميش العلوم الاجتماعية"، يقول المتحدث.
واستطرد تاج أنَّ إصلاح التعليم العمومي في عمقه يعني خلقَ أجيال متعلمة ومثقفة من "أولاد الشعب"، سيطرحون الأسئلة المتعلقة بالثروات، ومحاسبة المسؤولين عن تدبير الشأن العام، والريع، وفصل السلط... مضيفا "هناك من لا يريد من أبناء الشعب طرح مثل هذه الأسئلة، ويعملون على خلْق أجيال مستهلكة وليست منتجة.
ووقف المتحدث ذاته عند مشكل البيروقراطية التي تسمُ المنظومة التعليمية في المغرب، موضحا أنّ النخبة "لا تفكّر إلا في تمرير امتيازاتها إلى أبنائها على حساب الشعب؛ فأكبر حُلم لابن المعلم هو أن يصيرَ، أفضل الأحوال، معلما مثل والده، حتى لا يزاحموا أبناء النخبة، بينما يتبوّأ أبناء المسؤولين مناصب سامية في الدولة".
واعتبر تاج أنَّ من أكبر الأخطاء التي يرتكبها المسؤولون عن قطاع التعليم في المغرب هو أنهم يربطونه ربطا وثيقا بسوق الشغل، في حين أنّ التعليم يجب أن يكون مرتبطا ببناء الإنسان، "على غرار ما فعلت اليابان وإندونيسيا وماليزيا، التي أسست لدول ديمقراطية لديها اقتصادات قوية من خلال الاستثمار في الإنسان، بالرغم من أنها لا تتوفر على موارد طبيعية".
الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية أكّد أنّه لو توفّرت الإرادة السياسية لإصلاح التعليم ما كانَ ليعيش "الفوضى" التي يعيشها الآن على مستوى التدبير، حيثُ وصل عدد الوزراء الذين تناوبوا على هذا القطاع خلال الولاية الحكومية الحالية فقط إلى 6 وزراء، 4 في وزارة التربية الوطنية، واثنان في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مضيفا "في خضّم هذا التخبط، يتمّ تحميل مسؤولية فشل التعليم للأساتذة والتلاميذ، في حين أنَّ إصلاح هذا الورش مرتبط بالدولة". ===== هسبريس