دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهنيهذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالأخبار والمستجدات الوطنية المتعلقة بقطاع التربية الوطنية والتعليم المدرسي و التكوين المهني
تشجيع الهدر
ينطبق على وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي المثل الدارج «جا يكحل ليها عماها»، عندما تبرمج عددا لا يستهان به من فترات التكوين المستمر لفائدة الأساتذة، ولا تستطيع توفير الزمن المدرسي المناسب لتعويض الحصص التي يغيبون فيها عن حجرات الدرس، فيضيع حق التلميذ في التعلم وتساهم الوزارة، بذلك، في تنامي الهدر المدرسي، بدل تجنيد طاقاتها وإمكانياتها لمحاربته. فساعات، بل أيام التكوينات التي يشارك فيها الأساتذة والأستاذات، بدعوة من الأكاديميات والنيابات، انسجاما مع خطة البرنامج الاستعجالي، والامتحانات المهنية التي لا يتم تعويضها، تضيع على التلاميذ فرصة الاستفادة من الدروس على أكمل وجه، وتعد أحد الأسباب التي تفاقم ظاهرتي الهدر والتسرب المدرسيين.
من جهة ثانية، يسجل العديد من الآباء وأولياء أمور التلاميذ، على الأقل بالمدارس العمومية، صعوبة ترشيد وتدبير الزمن المدرسي، بسبب استمرار الاحتقان بأغلب النيابات عند كل دخول مدرسي، وتصاعد موجة الاحتجاجات والإضرابات، تارة بسبب اختلالات الحركات الانتقالية وتدبير الفائض من الأستاذات والأساتذة وإعادة الانتشار التي تتسبب في تعثر إيقاعات الزمن المدرسي.
إذا كانت الوزارة دعت في مذكراتها إلى توفير الظروف المناسبة للمتعلمات والمتعلمين ما بين الفترتين الصباحية والمسائية، خاصة في المناطق التي يبعد فيها موقع المؤسسة عن التجمعات السكنية، يلاحظ أن الأمهات والآباء أصبحوا يتحملون عبء التنقل في أوقات مختلفة من وإلى المدرسة لمصاحبة أبنائهم، حماية لهم من حوادث السير والتحرش الجنسي وغيرها، خاصة أن جل مؤسسات التعليم الابتدائي لم تتغير فضاءاتها، بإضافة قاعات ومكتبات ووسائط تعليمية ومطاعم مدرسية مجهزة بما يسمح باستمرار وجودهم داخل المؤسسات، خارج أوقات الدرس، إضافة إلى غياب حراس الأمن الخاص لتأمين وجودهم بها.
وإذا كانت المذكرة 122 الخاصة بالزمن المدرسي والإيقاعات المدرسية، ألحت على استغلال جميع حجرات المؤسسة، فإن الآباء والأمهات بالمجال الحضري يتساءلون: عن أي حجرات تتحدث الوزارة، إذا كان الاكتظاظ سيد الموقف، وتضطر معه النيابات إلى تقسيم التلاميذ إلى ثلاثة أفواج لتمكينهم من الحصول على مقعد وسط أزيد من خمسين تلميذا، مع ما يترتب عن ذلك من تخفيض لزمن الحصص وللزمن المدرسي عموما؟؟ أما الكتب والأدوات المدرسية التي لا يحتاجها المتعلمات والمتعلمون بالبيت، والتي تلح الوزارة، على الاحتفاظ بها داخل الفصول، فإن من الأمهات والآباء أصبحوا مضطرين إلى بذل جهود مضاعفة من أجل إنقاذ أبنائهم وبناتهم من عذاب حمل الأثقال من وإلى المدرسة تجنبا لإصابتهم باعوجاجات في العمود الفقري. أحد الظرفاء علق على الحالة الراهنة للمدرسة قائلا: «بعد أن كان مبدأ لكل حجرة أستاذها، قررت الوزارة أن يكون لكل تلميذ ثلاث حجرات، ولكل حجرة ثلاثة أساتذة». فصبرا جميلا !