بوابات الثانويات ببرشيد.. غرباء و كبار السن يتربصون بالتلميذات القاصرات

[nasser]

هبة بريس - ياسين الضميري : الثلاثاء 20 دجنبر 2016

ظاهرة غير صحية تلك التي باتت تشهدها عدد من ثانويات مدينة برشيد التي عرفت حتى وقت قريب بكونها مدينة شبه محافظة، حيث أضحت بوابات الثانويات التأهيلية و حتى الإعدادية مكانا مفضلا للغرباء للتحرش بالقاصرات واستغلال التلميذات و التغرير بهن و اصطياد فرائس بشرية في عمر الزهور.

هبة بريس قامت بجولة في عدد من المؤسسات التعليمية ببرشيد و وقفت على حجم المعاناة التي تعيشها التلميذات خاصة في الفترات الزوالية و التي يتحول فيها محيط هاته المؤسسات لفضاء يختلط فيه طالب العلم بالراغب في تزجية الوقت و الباحث عن متعة عابرة و المتربص بجسد فتاة هاربة من حصص الفلسفة المملة.

ثانوية ابن رشد التأهيلية.. أجساد فتية و عقول قاصرة

الساعة تشير للرابعة زوالا، هنا حيث توجد ثانوية ابن رشد التأهيلية، عشرات التلاميذ من كلا الجنسين بجتمعون قبالة البوابة الرئيسية فرادى و جماعات، يتناقشون و يهمهون ، تارة يضحكون و يقهقون و أخرى يتنابزون و يفترقون.

في الجانب المقابل، عديد الغرباء ممن تظهر ملامحهم و بنياتهم الجسدية بشكل واضح أنهم تعدوا مرحلة "الثانوي" بسنوات طويلة يتخدون من أبواب المنازل و "القنات" مكانا لهم للتربص بقاصرات أغوتهن الموضة فجعلتهن يعرضن مفاتنهن و لو في أماكن خصصت لطلب العلم.

فاطمة الزهراء، تلميذة بالسنة الأولى باكالوريا شعبة علوم الحياة و الأرض، تحدثت لهبة بريس بكل جرأة قائلة "هادوك لي واقفين لهيه جايين يضبرو على راسهم، كاين لي داير مع صاحبتو غتخرج و تمشي معاه و كاين لي كيتسنى فشي ضحية يطيحها".

و أضافت المتحدثة ذاتها "المشكلة ماشي فهادو لي عندهم بلانات من قبل، المشكلة فشي وحدين يلاه جاو يقلبو و ماتيخليو ميقولو لينا و لي دازت من حداهم يتبسلو عليها، و في بعض المرات تيوقفونا بزز باش يهضرو معانا".

و أوضحت فاطمة الزهراء أنه حتى التلميذات المحجبات لا يسلمن من أذى هؤلاء الغرباء ، قائلة "كاين واحد نوع مايحتارم لا محجبة لا عريانة، لي دازت من حداه يتبسل عليها ، تايعيقو بزاف ، و بعض المرات ماشي غير براهش لي تيديرو هاد تصرف راه كبار و بعقلهم ، أشمن عقل واش لي عندو عقل أصلا غيجي هنا".

ثانوية أولاد احريز .. بين طلب العلم و البحث عن متعة عابرة

تركنا ثانوية ابن رشد و توجهنا للثانوية التأهيلية اولاد احريز، نفس الأجواء تقريبا وجدناها هناك مع اختلاف بسيط في ملامح الوجوه و في اسم المؤسسة لا غير، تحرش و اختلاط غرباء بالتلاميذ و بحث عن استغلال لحظات من المتعة العابرة.

غير أن ما لاحظناه بين المؤسستين هو اعتماد غرباء ثانوية اولاد احريز على السيارات حيث يلجأ عدد من المتربصين بالتلميذات لاستعمال السيارات كوسيلة لإغوائهن، فغير بعيد عن بوابة "الليسي" يركن عدد من الشباب و حتى كبار السن سياراتهم و يفتحون زجاجها و هم يتربصون بالفتيات اللواتي يحطن بهم.

و يعمد عدد من الشبان و حتى كبار السن لركن سياراتهم و دراجاتهم النارية بالقرب من محيط الثانوية خاصة في الأماكن التي تتجمع فيها الفتيات ، فيما يعمد نوع أخر من الشبان للتربص بالتلميذات في محيط الثانوية خاصة الأماكن الفارغة التي تحيط بثانوية أولاد احريز.

و في هذا الصدد ، أكد عدد من التلاميذ الذين صادفناهم أنهم فضحوا غير ما مرة ممارسات غير أخلاقية تقع بمحيط المؤسسة ، حيث يفضل عدد من الغرباء اصطحاب رفيقاتهن من التلميذات إلى جنبات السور المحادي للمؤسسة من الجهة الخلفية حيت ينعدم "الغاشي" حسب تعبيرهم.

طريق الليسي و يا دلالي.. وساطة بمقابل و تلميذات تحت الطلب

"ك.ع" واحدة من التلميذات السابقات ببرشيد، التقيناها أثناء جولتنا بالقرب من إحدى الثانويات، بدورها تحدثت لنا عن ظاهرة الغرباء بمحيط المؤسسات التعليمية و كانت أجوبتها صادمة تطرح أكثر من علامة استفهام.

"كاينين بزاف البنات سواءا تايقراو هنا و لا قراو شحال هادي و انقطعو كيعمرو هنا و ملي تيجي شي كليان تيلعبو دور الوساطة، هو تيختار شكون التلميذة لي بغا و هما ما عليهم غير يجيبوها ليه بأي ثمن كان".

و تضيف المتحدثة ذاتها "بزاف البنات من هادو لي كتشوف محركين المصروف و عايشين غير من هادشي، ياكتمشي هي معاه براسها يا كتضبر ليه على البنت لي بغا و عندها نسبة فيها، و شحال من وحدة خرجات بنات ناس للطريق غير هكذا، تتعمر ليها راسها و في الأخير توحلها و تلقى روحها دخلات عالم صعيب تخرج منو".

و اعترفت محاورتنا بأنها سقطت سابقا في شراك هذا الفخ حيث قالت "حتى أنا ملي كنت فالليسي غراتني واحد البنت و طمعاتني و مشيت مع واحد أكبر مني بزاف، في الأخير لقيت راسي كيستغلني و هي لي رابحة و تدخل الفلوس على ظهري، المشكلة كاينين بنات صغارات ماعارفين والو كيستغلوهم".

أساتذة و أباء .. ما يقع في بوابات الثانويات أمر خطير

نقلنا السؤال بخصوص مخاطر و تداعيات هاته الظاهرة للأطر التربوية و لعدد من الأباء حيث أجمعوا جميعا على أن هاته الظاهرة أضحت تنخر واقع التعليم المتدهور أساسا و تتسبب في عدد من المآسي و الظواهر الاجتماعية التي تنبثق من هذا المشكل بالتحديد.

يقول "ع.ب" و هو أستاذ رياضيات بالثانوي في حديثه لهبة بريس "أرى يوميا ما يقع من معاكسات و تحرش بالتلميذات في بوابة الثانوية دون حسيب و لا رقيب، عدد من التلميذات يحكين لي ما يقع لهن و ما يتعرضن له من مضايقات تصل حد التعرض الجسدي، ليس من أشخاص في مثل سنهن فقط بل أحيانا من ذكور في أعمار أبائهن و ربما أكبر".

بدوره أكد "ك.ف" و هو ولي أمر إحدى التلميذات بالثانوي أنه يحرص كل يوم على اصطحاب ابنته للمدرسة تجنبا لتعرضها لأي مضايقة من غرباء يستغلون غياب الأمن للتربص بالفتيات بالمؤسسات التعليمية ، خاتما كلامه بالقول "لكن إلا متى سأظل أرافقها في رحالها و ترحالها، هادشي بزاف و فات الحد".

قاصرات و غرباء.. من المسؤول و أين الحلول؟

عدد ممن حاورناهم بخصوص هاته الظاهرة حملوا مسؤولية ما يقع ببوابات الثانويات ببرشيد للسلطات الأمنية في ظل غياب حملات أمنية دائمة بمحيط الثانويات مما سمح للغرباء و المتربصين باستغلال ذلك و اعتراض سبيل التلميذات و تحويل أماكن مخصصة في الأصل لطلب العلم لأماكن مواعدة و تحرش و صيد اللحوم البشرية الطرية.

غياب الأمن المدرسي و إن كان سببا من بين أسباب تفشي هاته الظاهرة ليس فقط بمحيط ثانويات برشيد فقط و إنما بمدن عدة بالمغرب غير أنه ليس السبب الأوحد و الأبرز لهاته الظاهرة التي تهدد بتقويض ما تبقى من بصيص أمل في تعليم تدق في نعشه كل لحظة و حين مسامير الوداع.

فمن المسؤول إذن و ما هي الحلول الناجعة للحد من ظاهرة تجعل فلذات كبدنا عرضة للذئاب البشرية من منعدمي الضمير في أماكن عوض أن تنجب لنا نخبة الوطن مع كامل الأسف تحولت لمرتع مفتوح على مصراعيه تباح فيه كافة أشكال الانحراف و الممارسات غير المقبلولة؟