1. استراتيجية المماثلة: يقوم المدرس بتقديم موضوع تعليمي سابق، يشمل نفس مواصفات الموضوع التعليمي الجديد؛ حيث يقترب المتعلم من فهم المحتوى الدراسي الذي يجد صعوبة في فهمه انطلاقا من مهام سبق إنجازها. ينقل المدرس أثر التعلم عند المتعلم من معارف ومكتسبات سابقة يوظفها كي ييسر للمتعلم توظيف العمليات الذهنية المناسبة التي ساعدته على استيعاب و فهم وضعيات مشكلات سابقة. يستطيع المدرس أن يقدم وضعيات تعليمية من محـتوى دراسي له نفس المواصفات، و نفس رهان التكوين الذي يشتغل عليه مع المتعلم .
ينجز المتعلم تمارين، ويحل وضعيات مشكلات مماثلة لطريقة الحل التي يتطلبها موضوع التعلم الجديد؛ فيقوم بمقارنة النتائج، و استخراج قاعدة عامة يسهم في بنائها ذكاؤه العام، كي يجرب تطبيقها خلال إنجاز مهام التعلم الجديدة؛ وضعيات المماثلة تختلف عن وضعيات المطابقة التي تخدم أهداف الحصة الدراسية بطريقة مباشرة.
2. استراتيجية العمل في مجموعات: يحفز العمل الجماعي المتعلمين على التعاون بينهم، و بما أنهم متقاربون في مستوى تحصيلهم الدراسي؛ فإن ذلك يساعد المتعلم المتعثر على التفاهم مع أقرانه الذين يشرحون له بطريقة أسهل و يساعدونه على إيجاد حلول للمشاكل التي تعترض مسيرته الدراسية بصفة عادية." تظهر أهمية عمل المجموعات في كونه:
• مناسبة لاستيعاب المعارف المكتسبة وتطبيقها؛
• مناسبة لإشباع الحاجات الانفعالية للتلاميذ( الحاجة إلى التعاون والتنافس والعمل مع الغير ...)وهو يكمل العمل العقلي؛
• مناسبة لاكتساب مواقف واتجاهات اجتماعية"5
يظهر الأثر الإيجابي للعمل في مجموعات انطلاقا من كونه يحفز المتعلم المتعثر على المشاركة بدور تكميلي في إنجاز مهمة معينة؛ كما أنه يتيح له فرصة الفهم و مقارنة طريقة تعلمه مع باقي أقرانه كي يكتشف أخطاءه و يعمل على تصحيحها، و يعدل استراتيجية تكوينه، ويطور ذاته و طريقة تفكيره في كيفية معالجة مختلف الوضعيات التعليمية ـ التعلمية.
يحفز العمل الجماعي المتعلم على التحدي والمواجهة، لأنه لا يريد أن يكون ضعيفا داخل مجموعة العمل؛ فهو ملزم بإبداء رأيه، و القيام بمجهودات ذاتية(إضافية) من أجل اللحاق بأقرانه، والتنافس معهم على احتلال مراتب مشرفة داخل جماعة القسم. يشعر المتعلم المتعثر باعتزاز وفخر عندما يشارك مجموعة العمل في البحث عن الحقيقة، وحل المشكلات التعليمية، كما أنه يعتمد على ذاته و قدراته التي يتحكم فيها؛ فيبلغ مرحلة متقدمة من الفهم و التحليل.
3. توضيح وشرح المؤشرات التوجيهية للتعلم الذاتي: نقصد بالمؤشرات التوجيهية للتعلم الذاتي ( معايير النجاح و تعليمات التدبير). يتعذر على المتعلم، أحيانا، أن يفهم مهمة التعلم، ويستوعب المحتوى الدراسي والوضعيات التعليمية المقترحة؛ لأن المؤشرات التوجيهية للتعلم الذاتي تكون غامضة حيث تحمل عدة قراءات وتأويلات؛ لذا نعتبر مدخل شرح التعليمات ومعايير النجاح المصاحبة لمهام التعلم من المسهلات الديداكتيكية التي توجه المتعلم في استراتيجية تكوينه، وتيسر له تتبع الحصة الدراسية والمشاركة فيها بصفة فعلية.
عندما يفهم المتعلم مهمة التعلم، ويزول اللبس الذي يصاحب الوضعية التعليمية من خلال شرح المؤشرات التوجيهية للتعلم الذاتي؛ فإن المتعلم سينطلق في الاتجاه الصحيح الذي ييسر له بلوغ أهداف التعلم مع توظيف أنجع للموارد و الحلول المقترحة دون مضيعة للوقت، أو هدر لطاقته التي يستنزفها دون أن يشتغل على موضوع التعلم.
تضفي معايير النجاح، قيمة على تمثل التلميذ لموضوع التعلم ( المهمة )؛ " فبعض التلاميذ يتكون لديهم شعور بأنهم قد فهموا الدرس، لكن دون أن يكونوا قادرين على إنجاز التمارين، و يمكن أن يعود هذا الشعور ببساطة، إلى قلق نفسي تسببه وضعية التقويم، ويمكن أن يعود كذلك إلى كونهم يعانون صعوبات في تمثل ما ينتظر منهم ( ما هو الإنجاز الجيد ؟ ما هو الإنتاج الصحيح ؟ ). "6
يبحث المتعلم عن معلمات تدله على مهمة الإنجاز؛ و لعل معايير النجاح ، وتعليمات التدبير من المعينات الديداكتيكية التي تيسر للمتعلم تحكمه في استراتيجية تكوينه، وتجاوز تعثره الدراسي. لذا ينبغي إيلاء أهمية قصوى عند اقتراح وضعية مشكلة تتضمن معايير النجاح، و تعليمات التدبير التي نقوم من خلالها مهمة الإنجاز الناجحة.
4ـ استراتيجيات حل المشكلات
يتعثر المتعلم في غالب الأحيان، لأنه لا يدرك معنى تعلماته، و لا تتاح له فرصة التعبير عن رأيه والتجريب. عندما يقدم المدرس وضعية مشكلة يأخذ فيها بعين الاعتبار منطقة الإنجاز، و الحد المعرفي الذي يمكن أن يبلغه المتعلم فإنه سيساعده على الإحساس بمهام التعلم التي تخرج من المجرد إلى الملموس؛ لأن "الوضعية المشكلة التي تتألف من خمس مراحل حسب هبنر هي: التوجه العام، وتعريف المشكلة، وتوليد البدائل، واتخاذ القرار، و التحقق من النتائج"7،تلعب دورا حاسما و إيجابيا في إثارة انتباه وتركيز المتعلم الذي يستوعب سياق التعلم في إطار وضعية مشكلة توجهه نحو بلوغ أهداف التعلم حسب استراتيجيته الخاصة في بناء تعلماته.
عندما يعطي المتعلم معنى لتعلماته، و يشارك في تنشيط الحصة الدراسية، فإنه سينتقل من متلقي سلبي إلى متعلم فعال ونشيط يدبر استراتيجية تكوينه وفق قدراته ومكتسباته التي يوظفها المدرس في تحليله الديداكتيكي وكاستراتيجية لمساعدة المتعلم على تجاوز تعثره. « فالتعلمات،على هذا الأساس، تنمو و تتبلور بسبب التفاعلات التي يقيم الفرد مع محيطه. و حسب دلالة التعلمات المدرسية، فإن ذلك يفيد، أن الفرد لا يمكن أن يتعلم إلا ضمن الوضعية.» 8 " إن أهمية الوضعية /المشكلة تكمن إذن في كونها تجمع بين توجيهية بنيوية كبيرة و بين مرونة كبيرة في المعالجة الفردية التي تعمل بها. إن هذه المرونة هي أولا ضمانة نجاحها (الوضعية /المشكلة ) ،بقدر ما تسمح لكل فرد تشغيل إستراتيجيته الشخصية في التعلم : إن وجود ما نسميه لائحة المقترحات (Propositions ) و الاستدراكات يمكن أن ييسر الأمور بشكل معتبر. "9