محلات تعلق لافتات مكتوب عليها ممنوع تدخين المخدرات موجهة لروادها من الأطفال وتلاميذ المدارس
نعيمة الحرارالعلم : 06 - 02 - 2012
مسؤول أمني صرح للعلم: استهلاك المخدرات وما يجره على المراهقين من مشاكل واضطرابات هو مشكل اجتماعي لاتحله المعالجة الأمنية كانوا جميعا منخرطين في اللعب بمحل «البابي فوتbaby foot table»الشاسع اغلبهم في سن تتراوح بين العاشرة و الخامسة عشرة وبعضهم تجاوز هذه السن بسنوات لكنهم كانوا يلعبون بتركيز شديد وبحماس ، لم يثرني انشغالهم ، لكن أثارتني ورقة بيضاء صغيرة معلقة على سارية وسط المحل كتب عليها بخط اليد»ممنوع تدخين المخدرات»، ورقة لم تمنع مروجا كان يقف قريبا من المحل ناول احدهم بضاعته السامة وبقي حيث هو بينما الآخر ذهب وهو يلتفت حواليه..كان يشبه ذئبا يتربص «بقطيع» صغير لا تبعده عنهم سوى خطوات..
لم يكن المشهد طبيعيا وسالت نفسي هل تلك الورقة كافية لحماية أولئك الأولاد من شر يتربص بهم على بعد خطوات قليلة..خطوات كان يحسبها المروج بالسنتمتر الذي كان هو الآخر في بداية العشرينات يريد أن ينقض على أولئك الأطفال واليافعين ويذيقهم طعم بضاعته التي ستخرجهم مباشرة من عالمهم البريء إلى عالم استهلاك المخدرات بكل بلاويه ومآسيه ..في هذا الموضوع شهادات لتلاميذ في سن المراهقة وأيضا تصريح لمسؤول من الشرطة القضائية، إضافة إلى تصريح صاحب محل للألعاب..
التفكك الأسري وضغط الآباء وراء إدمان بعض المراهقين للمخدرات
يقول كريم 15 سنة تلميذ هوايته الألعاب الالكترونية وأيضا»babyfoot»اجتمع وأصدقائي في هذا المحل أو في مقهى الانترنيت إذ نجد هذه الألعاب مسلية ومميزة وفيها تنافس ومتعة، وحول سؤال هل أنت وأصدقاؤك واعون بان هذه المحلات تحولت إلى هدف لمروجي المخدرات قال: أنا وأصدقائي نعرف هذا الأمرفالمخدرات أصبحت تباع وتستهلك في أي مكان، وأغلبنا يسكن هذا الحي بمعنى أن أسرنا تعرف أين نحن وأين نلعب، والذين يستهلكون المخدرات أو يبيعونها معروفون وهذا المشكل لا يوجد في هذه المحلات فقط بل حتى داخل الاعداديات والثانويات لذلك يجب على التلاميذ والشباب أن يكونوا مقتنعين بان المخدرات هي مدمرة للصحة والعقل..واغلب من يسقط في فخ المروجين هم من اسر مفككة أو الذين يملكون الكثير من النقود الأمر لذي يحولهم إلى هدف للمروجين إضافة إلى بعض المتهورين الذين يسهل استغلالهم..
على الأسرة أن تحتضن أبناءها وتراقب أصدقاءهم فالبعض يدخل عالم المخدرات مرغما وبالتهديد
يقول سليم تلميذ أيضا في سن 14 التعاطي للمخدرات يكون في البداية بتدخين سيجارة، ويأتي ذلك من باب التجربة ، لكن ينقلب الحال إلى إدمان وهنا تضيع الدراسة ويصبح التلميذ مهددا بالطرد، ويعاني من مشاكل داخل أسرته بسبب سوء نتائجه الدراسية ، علما أن هذه الأسرة تكون في الغالب غير مطلعة على نوعية أصدقاء أبنائها ، فمعاشرة أصدقاء السوء تكون نهايتها تعلم التدخين واستهلاك المخدرات ونبد الدراسة وحتى الأسرة ويصبح التمرد هو أسلوب هذا التلميذ في تعامله داخل القسم أو داخل الأسرة، لذلك على مثل هذه الأسر أن تحتضن أبناءها وتحاول تصحيح تربيتهم إن كانوا متأثرين بأصدقاء غير مناسبين يكونون في اغلب الأحيان عنيفين و يمارسون السلطة عليهم ويرغمونهم على مشاركتهم التدخين واستهلاك المخدرات، بل أحيانا إجبارهم على الإتيان بالمال لشرائها..
التعاون مع الجهات الأمنية ومراقبة الزبناء داخل المحل غير كاف لإبعاد خطر المخدرات
كان بدوره في سن الثلاثين ملامحه هادئة يقف وسط المحل يراقب لعب شباب في بداية حياتهم ، كانت الساعة حوالي السادسة مساء أضواء خفيفة تنير القاعة الشاسعة وعدد من طاولات»البابي فوت» ، وكانت الورقة البيضاء المعلقة على سارية في الوسط تجر انتباه حتى العابرين أمام المحل، ومؤكد انه هو من كتب عليها « ممنوع تدخين المخدرات» وفي سؤال وجهناه له،هل كتابة مثل هذه الورقة كاف لدرء شر المخدرات، فأجاب طبعا هو غير كاف لكنها بمثابة إعلان يمنع التدخين في المحل،وأنا أقوم خلال تواجدي هنا بمراقبة تحركات أي عنصر جديد لأسأل عنه فاغلب هؤلاء الشباب هم أبناء هذا الحي ، أما ما يقع خارجه فهو ليس من شأني، فانا احرص على أن لا تلج هذه السموم محلي كما احرص على تنبيه الشباب لخطورة هذه الآفة، وفي حال ضبطنا احدهم يقوم ببيع أو يحمل المخدرات فإننا نقوم بتنبيهه وطرده ،وان عاود الرجوع إلى المحل نتصل بالشرطة، لكن تبقى هذه إجراءات غير كافية فالأسرة والمدرسة يقع على عاتقهما الدور الكبير، وبعض الآباء يأتون إلي لمراقبة أبنائهم أو سؤالي إن كانوا يدخنون..هذا دورهم أما أنا فأقوم بحماية محلي وأيضا توعية هؤلاء الفتيان حتى لا يقعوا فريسة في يد المروجين الذين يوجدون حيثما يوجد الأولاد سواء داخل محلات الألعاب أو مقاهي الانترنيت أو المدارس..
مسؤول أمني يؤكد:الاعتقال ليس هو الحل
في مركز للشرطة بالرباط، التقينا مسؤولا أمنيا فضل عدم ذكر اسمه، طرحنا عليه أسئلة تخص دور الشرطة في الحد من ترويج المخدرات في أماكن عمومية كالمدارس و الثانويات وأيضا محلات خاصة كمحلات الألعاب التي يكون مرتادوها في الغالب من المراهقين وحتى الأطفال، وذلك أمام تزايد انتشار ظاهرة استهلاك المخدرات بين أوساط الشباب والمراهقين الممدرسين وعواقب هذه الظاهرة على الأسرة وعلى المجتمع، علما أن الجرائم المترتبة عن استهلاك المخدرات في تزايد،وفي معرض جوابه أكد أن الشرطة تقوم بالتنسيق مع الإدارات المدرسية منذ بداية الموسم الدراسي، وكذا أصحاب هذه المحلات ، لكن هل يمكن مراقبة جميع التلاميذ يتساءل هذا المسؤول وهل التدخل الأمني هو الحل ؟ على العكس هذا مشكل اجتماعي محض وعلى الأسرة أن تتنبه لخطورة استهلاك المخدرات على أبنائها وكذا دور اطر التربية والتعليم،مضيفا نحن نتحاشى اعتقال تلاميذ يستهلكون احد أنواع المخدرات وذلك حرصا منا على مستقبله الدراسي علما أن التدخين أصبح منتشرا بين المراهقين،وهذا يسهل اختراقهم من طرف المروجين للمخدرات وعلى الأسرة وجميع المتدخلين أن يقوموا بتوعية هؤلاء الأولاد، وتوجيههم ،أما الحل الأمني فمسلكه معروف ولا نريد لأي من هؤلاء الأولاد أن ينتهي بالسجن، بل نترك لهم فرصة للعودة إلى الحياة الطبيعية وإنقاذ حياتهم الدراسية، لذلك على الأسر أن تقوم بدورها هي والمدرسة،فهذا المشكل يتطلب معالجة اجتماعية وليس معالجة أمنية، وعلى الأسر أن تلتجئ إلى مراكز معالجة الإدمان وطلب المساعدة قبل فوات الأوان ومراقبة الأبناء، وعدم تركهم للشارع ولرفقاء السوء او الانتهاء في السجن..