صرخة صخب(البحر الطويل)
على ضفاف وادي ماسة يوم الاثنين 18 يناير 2016
البيتان بين مزدوجتين بالأحمر من نفيس الإمام الشافعي رحمه الله
لِأَوْطانِنا دُورٌ حَرامٌ وُصولُها***************وَكَمْ أَيْنَعَتْ حتّى تَلاشى جَمالُها
فَيا غائِبٌ يُحْصي الغِيابَ عَداوةً*************إِلَيْكَ دُموعُ الْعَيْنِ حُطَّتْ رِحالُها
سَقَتْكَ عُيوني مِنْ فُراتِ بَراءَتي********وَضاقَتْ نُفوسُ الصَّبْرِ وَلّى سَبيلُها
أَتَرْجو دَوامَ الصَّبْرِ دُونَ تَضَرُّعٍ***********وَحَرْبُ الْجَفا ذَاقَ اللَّهيبَ فَتِيلُها
وَما زالَ ذاكَ الدَّأْبُ حَتّى تَأَجَّجَتْ*********شِهابُ الْغَضا بَيْنَ السَّلامِ نِصالُها
وَكَمْ حاوَلَتْ نَفْسي اتِّقاءَ شَرارَةٍ***********عَلى جِذْوَةٍ تَسْعى السُّباتَ حِبالُها
أَتَسْعى وَنارُ الزَّحْفَتَيْنِ تُذِيقُني****************لَظىً هَمُّهُ ساقُ الْعَطاءِ يَشُلُّها
وَلَلتَّرْكُ لِلْأَصحابِ خَيْرٌ لِمُقْلَتي**********عَلى أَنْ تَبِيتَ اللَّيْلَ تُرْوى سُيولُها
فَمِنْ طِيبِ حَرِّ الشَّوْكِ يَأْتي مُصَرِّحاً******وَمِنْ خُبْثِ شَرِّ النّاسِ يُخْفى مُيولُها
وَقَدْ تُبْصِرُ الْقُنْفودَ في النّاسِ ناعِماً******وَنارُ اللَّظى في الْقَلْبِ يَسْطو خَبالُها
فَلا تَرْتَجي طِيبَ الفُؤادِ مَطِيَّةً**************كَما تَمْتَطي أُنْثى الْجِيادِ خُيولُها
أَلا تَذْكُري يا عَيْنُ نُصْحاً حَفِظْتُهُ***************إِمامٌ شَفيعٌ كانَ قَبْلي يَقولُها
"وَدارَيْتُ كُلَّ النّاسِ لَكِنَّ حاسِدي***************مُداراتُهُ عَزَّتْ وَعَزَّ نَوَالُها
وَكَيْفَ يُداري الْمَرْءُ حاسِدَ نِعْمَةٍ*************إِنْ كانَ لا يُرْضِيهِ إِلاَّ زَوَالُها"
وَإِنَّ الَّذي شَدَّ الْوَثاقَ بِهامَتي****************يُباري يَمِيناً قَدْ تَقَوَّتْ شِمالُها
فَلا تَقْنَطي يا نَفْسُ فَالْقَحْطُ عابِرٌ*********وَفِيكِ اسْتَوَتْ أَرْضُ الرَّخاءِ سُهولُها
وَتَرْثي فُراتَ الْغَيْثِ حَتّى عُيونُها************وَتَهْجو أَجاجَ الْمَدِّ حَتّى جِبالُها
أَتَرْضى أَيا قَلْبَ التَّقَلُّبِ قالَباٌ***************لِعَيْرانَةٍ بَيْنَ النَّحيبِ صَهيلُها
لِمَنْ قَدَّموا أُمَّ الْغَزالِ وَصِيلَةً****************إِلى مارِدٍ آخى شَذاهُ سَلِيلُها
وَإِنْ زَمْجَرَتْ أَرْضُ الْجَنوبِ بِمارِجٍ*******بِبِيضِ الصَّقِيعِ الْغُرِّ يُسْقى شَمالُها
قِطارٌ مَشى يَرْمي النِّساءَ جَنوبَهُ************بِمَقْصُورَةٍ قَدْ غابَ عَنْها رِجالُها
فَهَلْ تَهْتَدي وَالنُّورُ وَلّى زَمانُهُ**************وَهَلْ تَتَّقي شَرَّ الْفِعالِ خِصالُها
فَما لِلْهُدى في الِبِئْرِ قَعْرٌ يَشُدُّها**************وَما لْلتُّقى في الْجَوِّ ظِلٌّ ظَلِيلُها
وَهَشَّتْ عَلى مَجْرى النُّجومِ الْكَواكِبُ******كَما طارَدَتْ حَوْلَ الرّضاعِ فِصالُها
فَيَسْتَشْعِرُ الطِّفْلُ الرَّضيعُ شَقاوَةً**************وَيَسْتَوْدِعُ الأُمَّ الْحَنونَ كَمالُها
وَيَسّاقَطُ الطَّلْعُ النَّضيدُ تَساقُطاً**************وَيَعْفو عَلى خَمْرِ الفَضيخِ نَخِيلُها
فَتُسْقى وُفودُ الْفِكْرِ مَكْراً وَمُسْكِراً***********وَكَمْ عَرَّسَتْ في الْحَرِّ ضَلَّ جِمالُها
مَتى زَحْزَحَتْ أَوْطانُنا خِيفَةَ الرَّدى***********وَلَيْلُ الْهَوى يَمْحو الغَداةَ يُزِيلُها
وَإِنْ يَصْلُبوني بِالْجُذوعِ أَقُولُ لا*****************وَإْنْ يَفْتِنوني فَالْحَياةُ أَمُلُّها
تَعُضُّ الأَفاعي وَالْمُحَيّا مُزَرْكَشُ**************وَطَيْرُ الشَّذى لَوْنٌ وَحِيدٌ كَفِيلُها
وَلَوْحاتُ مَنْ فَوْقَ السَّماءِ تَصاعَدوا**************بِتِقْنِيَّةِ التَّرْميدِ خُطَّتْ شُكولُها
وَبُسْتانُ مَنْ يُمْلي الْجُحودَ سنونهُ ***************عِجافٌ شِدادٌ لا تُمازٌ فُصولُها
وَأَوْزارُهُ صَخْرٌ عَظِيمُ التَّماسُكِ******************وَأُمّاتُهُ تَهْوى الْفَسادَ أُصُولُها
بِتِلْكَ الْقُرى يَمْشي الْفَخورُ تَبَخْتُراً *************وَتَحْتَ التَّرى بِالنّافِقاءِ خَجولُها
وَيَنْعَمُ سِلْماً بَعْدَ ما ساءَ ظَنُّهُ*******************وَمَأْواهُ مِنْ كُلِّ النُّفوسِ جِدالُها
أَيا أَزْرَقانِ الْغَيْظُ غَطّى سَنامَكُمْ*************وَغَيظُ النّوى في الْمُرْجِفينَ ذَلُولُها
كَثومٌ كَلِيمٌ كَلَّ كُلُّ كَلامِهِ**************************بِمِكْيالِهِ كَيْدُ الْمُلوكِ وَكَيْلُها
كَزَوْجٍ أَتى ضَيْفُ الْمَخاضِ يَزورُها****************وَعَنْها تَوَلّى بَعْلُها وَعِيالُها
فَيَنْتابُها صَوْتُ الْحِمامِ يَسُومُها****************وَيَجْتاحُها رَيْبُ الْمَنونِ وَهَوْلُها
أَعوذُ بِكَ الرَّحْمانِ خير مُعَوِّذي ****************فَإِنَّ الرُّقى في الْعُقْدَتَيْنِ تَحُلُّها