الامتحانات الاشهادية : وتستمر الهفوات ؟؟؟
حميد الحمياني نشر في أخبار الجنوب يوم 25 - 06 - 2013
كان من اللازم ان تكون مواضيع الامتحانات الاشهادية مجالا حيويا للتنافس الشريف وابراز المؤهلات الخلاقة والكفاءات المبدعة ،والتي يعج بها قطاع التربية والتكوين في بلادنا كل حسب تخصصه ومجال عمله . لكن للاسف الشديد تجري الرياح بما لاتشتهيه الغالبية الساحقة من العاملين في القطاع. فاذا كان المهوسون باجادة مايعملون يتعذبون لتقديم عصارة تجاربهم من خلال عرض مواضيع للامتحان تنهل من البيئة المباشرة للمتعلم مستجيبة لمراكز اهتمامه ، منصبة على ما سبق ان تلقاه من معارف ، مركزة على كفايات كان من المفروض ان يكتسبها. تاتي المواضيع المقترحة لتخيب الظنون وتنوم الايقاع وتهزم الابداع ، تاتي تلكم المواضيع ، وهي تعكس استصغار المسؤوليات واحتقار الكفاءات .كم هو سهل ان تستنسخ المواضيع من الانترنيت بدون ادنى جهد ولاتمحيص ' وكم هومكسر للعزائم عدم الاعتناء بما يقوله المرء اوازدراءوتقزيم ما يجود به المثابرون ، وكم هو فظيع ان يرد الخطأ من جهة شغلها الشاغل مراقبة الامتحانات بكل تفاصيلها: التقنية الفنية والعلمية والمعرفية...يرد الخطأ سنة بعد اخرى ...دون اتخاذ اية اجراءات تصحيحية . بديهي ان اختيار المواضيع حسب ماورد الينا يتبع مسطرة اجرائية طويلة بدءا بالاستاذ العامل في الميدان، حيث يعرض كل استاذ موضوعه المقترح وحسب المادة التي يدرسها ' ترسل من طرف الادارة في ظرف مختوم الى المفتش المشرف على المادة ليمحصها ويؤشر على المواضيع المؤهلة للتباري الى النيابة الاقليمية ، وفي مصلحة الامتحانات تعكف لجنة مختصة على اختيار وتهيئة الموضوع الذي تراه مناسبا لتقديمه للمتعلمين كمادة تقويمية ..ورغم كل هذه المساطر والاجراءات فان الاخطاء تنفلث من الجميع ، لتقدم الامتحانات تشوبها عيوب واخطاء. هذه السنة 2012 /2013 لم تخرج عن القاعدة والمألوف حيث ابدى الاساتذة استغرابهم للطريقة التي عرضت بها مواضيع بعض المواد . فمثلا كان تقديم امتحان الفرنسية ، المستوى السادس ابتدائي ، بصورة ضعيفة جدا من خلال سوء تنظيم الورقة وترتيب النص و الاسئلة ، فقد احتلت الترويسة والنص حيزا كبيرا من الصفحة الاولى، كان من المفترض ان يستغل جيدا لعرض امتحان في ورقة واحدة عوض اثنتين . وهذا سيساعد المتعلم على مزيد من التركيز ويقلص عليه الجهد ،علاوة على تقليل تكاليف نسخ النماذج . فمثلا ورد خطأ في تمارين الفرنسية كما يلي:
وقدمت للاساتذة المصححين عناصر اجابة لم تخلوا من اخطاء: على perecontrole≠ père contrôle.:
سبيل المثال ، في التمرين الخاص بالتحويلات في مادة الرياضيات :
93m³101,25 dal= 10312,5 L au lieu de : 94012,5 L
كما أن تمرين الانشطة الهندسية في المادة نفسها تخللها عيب آخر اذ لم تكن التعليمة في الشطر الثاني من السؤال واضحة جدا ، وجعلت المتعلمين تائهين في اجاباتهم وكأننا نبحث عن الزلل ولا نسائل الذكاءات، كان من المفروض الفصل بين التمرينين من خلال تغيير اسماء القطرين بمدلولات رياضية اخرى ليتبين للمتعلم ان الرسم الاول ليس متداخلا مع الرسم الثاني
هذه اخطاء وغيرها كثير تبين ان المنظومة كلها مغشوشة ، وان التفريط في المسؤولية بات الطابع المميز للظاهرة المغربية . فلا يكفي ان نجدد الترسانة القانونية ونبرع في الخطابات المنمقة ونؤسس لفكر التجديد والحكامة والترشيد قولا لا فعلا ،أو نهول من خطب الغش في امتحانات الباكالوريا.... بل يجب ان يستشعر الجميع المسؤولية كل من موقعه وحسب طاقاته . إن الاخطاء صفة لازمة للانسان ولكن ان يصدرالخطأ من جهة تتفرغ لنفس المهمة ولها من الوقت والامكانيات اللوجستيكية والمالية ما يؤهلها لعرض عمل على قدر كبير من الاحترافية، فهذا شيء مردود ولامبرر له .
لقد عرض معظم الاساتذة أعمالا جيدة ، والكثير منهم بدل جهدا جهيدا لاخراج مواضيع تليق بما وصل اليه الناس في عالم المعلوميات ، وتبين حرصهم على تطوير القطاع في كل جوانبه ومنهم من استعان بمن يفوقه مهارة لتحرير المواضيع وفق ضوابط متطورة ، وتاتي البضاعة المختارة لتدمر النفوس وتحبط المجتهدين وتقول لهم بالملموس : مهلا عليكم فمن يشرف على هذه الامانة وعلى مرافقتكم وتوجيه اعمالكم أناس لن تروهم الا قليلا ، وان تروهم – من خلال اعمالهم وانجازاتهمم- مازادوكم الا اسفا و فشلا .....