أنا مومس متلهفة...هكذا قالتها وانكسارات النفس المحبطة , واليأس يبدوان من نبرة صوتها ... أثارت انتباهي فقط حين فاجأتني صرختها ... بالكاد كنت خلفها ولم أفطن لوجودها ..كان سياج قطرات المطر الغزير يحجبها عن الرؤية... جالسة على الرصيف من غير غطاء ولا وشاح... تبكي ... وتنتحب , لكنها حريصة ألا تفلت من نظرها مخاطبها... أمعنتُ النظر جيدا , وجعلتُ فضولي يخترق سحابات حاجز المياه المنهمرة تلك اللحظة في عناد... كأنها تصر أن تحقق الخلوة لتلك الفتاة أو المرأة, أو ذلك الشيء الجالس على الطوار... لم يكد بصري يلوي على شيء , تلفتتُ يمنة ويسرة لعل مخاطبها يجيب , أو يرد عليها ... ضاقني أن أكون خارحا عن حوار كنت الأقرب إليه... تنحنحتُ وأصدرتُ حشرجة علّني ألفت انتباهها ... لكن لم تكلف نفسها حتى عناء الالتفات...قالت في استخفاف كمن تحدث نفسها بصوت مسموع : - وما ستفعل لي أنت, إن لم يفعله من يملكني , ومن أنا آتية لأجله ؟؟؟...عندها أدركت أن عشيقها قابع في مكان ماخلف سياج المطر...هممت في عجلة بمغادرة المكان, خاصة وأنا أعرف همجية رواد الليل ... وما هي إلا خطوات حتى أفزعتني بندائها المفاجيء المتراخي : - حتى أنت ؟؟؟ ... وبـصوت من يريد طمس رغبته بالصراخ , رددت عليها في عجلة , ونصف جسدي يهم بالفرار: ـ حتى أنا ماذا؟؟؟... و بنفس التراخي ردت كاليائس غير المهتم : - حتى أنت تريد التخلي عني ... ألست أختك ؟ ألست إنسان ؟ ال؟؟ ألست ... ألست ... ألست , وآلاف التساؤلات التي لو سمعها غيري لظن أني (...) .
أحسست أن الوضع هكذا بدأ ينحو في غير صالحي , خاصة وأني أترقب في أي لحظة أن ينط علي شريكها , هذا الذي لايظهر... وقلت قول المغادر الذي نصف كلماته تبدده المسافة : - يا ست.. هل أعرفك ؟؟؟ ... وكأنها كانت تنتظر الجواب عينه , وفي أقل من عودة صدى صوتي , ردت باحتجاج وصراخ مصحوب بحركات هستيرية , - وهذا , أتعرفه ؟؟؟ ... إلتفتُّ خلفي بسرعة لم أعهدها في نفسي تحسبا لاستقبال لكمة أو صفعة من صديقها الخفي ... لكني لم أر غير قطع ثياب تتناثر هنا وهناك, وجسدها آخذ في التعري ...كانت تمزق ثيابها وتنزعها عن جسدها , تريد أن توريني ذاك الذي أعرفه !!! فإذا بجسدها يتحول إلى قطعة لحم بيضاء يشوه قسماتها غبش المطر... كانت عارية تماما ...وكمن نفذت شحنته ,قالت وقد أشارت لجسدها :- ألا تعرف هذا؟؟؟ هذا الذي كان لك يوما حاميا... وحاضنا... و و و و ... سهمت بي مخيلتي لحظة , وطنين صوتها يسبح داخل أذني بآلاف الواوات ... فرأيت في جسدها أنثاي والوالدة وجميع نساء عالمي ... وكأنني في لحظة هممت بالانحناء على قدميها اعترفا بجميل حواء على أمسي ودربي ,أستميحهاعذرا...لكن زخات المطر لم تترك لي مجالا ... فنزعت معطفي وسترت به الجسد المرتعش ... حضنتها ... للتهدئة طبعا !!؟...أحسست بجسدها يتواهن بين ذراعي وصدري , كصغير عثر أخيرا على الحلمة في صدر أمه ... يلفحني دفء أنفاسها , فتكاد ذاكرني تتعقبها إلى حيث طمرت يومياتي وبناتي ... أخذتها إلى ركن أسترها عن المياه وقد طالني البلل ... وفي لحظة وكأنها نسيت وجودي , عادت لخطاب ذلك المجهول ... قالت والدمع يجرفه المطر من عينيها : - عييت , عييت , عييت , وأعرف أنني مومس لكن متلهفة إليك ...أريدك , وأريدك , وأريدك... وأريد العودة إليك ...(أنظر حولي وأبحلق !!؟؟) سأترك عالمي لأجلك ...أهجر ليالي و السمر ... سأغادر ذاتي لأرافقك ...(!!؟؟) ... أحبك وأحبك وأحبك ... ومدت يدها إليه ... فتـركَت صدري وذهبت إليه ...(!!؟؟) ... وكان أول من لقيها , وقد ظهر فجأة من خلال المطر , شاحنةٌ ماجَت على صرير فراملها العجلات ... صدمتها وتوارت بين الصمت ودخان حريق المطاط , و شيء من صراع الحركات ... أخذتها دون أنة إلى حيث تريد... /… كانت مومسا تائبة متلهفة للقاء الله...