ما هو التعلم؟ فيليب بيرينو (Philippe Perrenoud) جامعة جنيف/ كلية التربية وعلم النفس. - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



الديداكتيك ومنهجيات التدريس هذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالديداكتيك ومنهجيات التدريس

أدوات الموضوع

الصورة الرمزية nasser
nasser
:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 73,073
معدل تقييم المستوى: 7530
nasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميز
nasser غير متواجد حالياً
نشاط [ nasser ]
قوة السمعة:7530
قديم 09-04-2022, 22:40 المشاركة 1   
برامج ما هو التعلم؟ فيليب بيرينو (Philippe Perrenoud) جامعة جنيف/ كلية التربية وعلم النفس.

ما هو التعلم؟
فيليب بيرينو (Philippe Perrenoud)
جامعة جنيف/ كلية التربية وعلم النفس.

التعلم ________________________________________
ما هو التعلم؟ أليس من المفترض أن يعرف الجميع ماهية التعلم، ما دام هو أفضل تجربة إنسانية مشتركة؟ لا يمكن للبشر البقاء دون تعلم، ومع ذلك، فلا شيء أكثر تعقيدا وهشاشة وذاتية وتقلبا وانفلاتا من عمليات التعلم. ولا شيء أقل ضبطا منه؛ فالتعلم مصدر للهوية والسعادة والتحكم وتقدير الذات، كما هو مصدر للمعاناة والإذلال والاستلاب. إن مقاربة عقلانية صرف للتعلم هي أضمن طريقة لإعاقة تحديده!
لذلك دعونا نذكر ببعض أوجهه، ولو بالمجازفة بتحصيل المحصل. ودعونا نقر كذلك بأن لو كان جميع المربين والمدرسين على بينة من تعقيد العمليات التي ينطوي عليها فعل التعلم، لكانت لدينا نسبة أقل من الفشل والآلام والتوترات في حياة الأطفال والأسر والفصول.
التعلم رغبة
يمكننا أن نتعلم تحت الإكراه. وحتى في هذه الحالة، فإن شكلا من أشكال الرغبة يستخدم كمحرك. ليست الرغبة رغبة في المعرفة، ولكن الرغبة في أن نكون محبوبين، وألا نعاقب أو نستبعد، أو ببساطة أن نكون بأفضل حال. السجين الذي يتعلم كسر الحجارة، والمجند الذي يتعلم تنظيف المدفع، والتلميذ الذي يتعلم الخط، والحزن يعتصر الفؤاد، كلهم لديهم محرك لذلك. إذا لم يكونوا راغبين في المعرفة، فإنهم راغبون فيما تكفله المعرفة؛ الجاه والسلطة والاحترام والسكينة.
يود الجميع أن يعرف، يقول فيليب ميريو (Philippe Meirieu)، ولكن ليس بالضرورة أن يتعلم. ربما، شريطة ألا تكلفنا المعرفة المقصودة شيئا حقا، ولا تلزمنا بأي شيء، ولا تعرضنا لأي خطر، ولا تلزمنا بأي واجب، ولا تستغرق منا أي وقت. كما تلك الأشياء التي نراكمها ونحن نهجس في دواخلنا: يمكن أن تكون مفيدة ذات يوم. المعرفة ليست من هذا الضرب. فدماغنا غير مستغل إلى حد كبير، ولدينا دائما مساحة كافية لتخزين المعارف الجديدة والاحتفاظ بها. لكننا نقاوم بعض تلك المعارف التي يمكن أن تزعجنا، وتخيفنا، وتزعزع كياننا، وتشعرنا بالذنب، وتشلنا. لا أحد يحرص على أن يعرف كل شيء، لأنه من السهل على الإنسان ألا يتعلم من أن يكبت المعرفة وينساها. فمقابل كل" إرادة في المعرفة" توجد "إرادة في عدم المعرفة". نحن لا نحرص على أن نعرف بالضبط مما يتركب منه طعامنا، ولا كيف يعيش أشد الناس بيننا حرمانا. هناك حقائق وأمراض ومخاطر ومصائب ومظالم نفضل غض الطرف عنها. لا تبدو لنا معرفة كل شيء "قيمة مضافة للوجود". قد نأسف لذلك، لكن البشر خلقوا هكذا: فهم يوثرون العيش في سكينة وبضمير مرتاح على نفاذ البصيرة. يعلمنا التحليل النفسي هذا الدرس: آليات الدفاع داخلنا تحمينا من بعض المعارف. ويخبرنا علم الاجتماع أيضا: بعض المعارف تنذر بالوخيم؛ فمن الأجدى تجاهل التعذيب، ومعسكرات الموت والعمل، والتطهير العرقي، والفساد، والفقر، وتجارة الأسلحة، والصور التي لا تنتهي لمظاهر عدم المساواة والهيمنة، باختصار كل ما يمنعنا من النوم قريري العين. فقد أراد الناقمون ومرهفو الإحساس، في الكثير من الأحيان، فتح الغرف المختومة.
وحتى في حالة غياب أي تناقض في محتوى معرفة، فإن الرغبة في التعلم ترتهن إلى حساب المنفعة. وعندئذ فقط يرغب المرء فيها، ولكن دون دفع ثمن تعلم طويل، شاق، صارم، ومهين أو مرهق في بعض الأحيان. الرغبة في المعرفة ليست كافية، فغالبا ما يجري تحييدها من خلال الامتناع عن بذل الجهد ومواجهة العقبات وقياس حدود الذات…
إذا كانت الرغبة في التعلم والرغبات المتعارضة عقلانية، فلأنها تسهم أيضا في ديناميات عاطفية وهوياتية وعلائقية معقدة. ليست الرغبة بمنأى عن أي تأثير، ولكن ليس من السهل إثارتها أو الحفاظ عليها. لا يملك المربون الكثير من الوسائل مثل المعلنين، ولا الكثير من الصلاحيات للعب على الدوافع الأساسية للإنسان مثل الكبرياء وشهوة السلطة والحسد والغيرة والتمركز العرقي والتمييز على أساس الجنس والإغواء والنرجسية.
ومع ذلك، ففعل التعلم هو، أولا وقبل كل شيء، خلق للرغبة وحفاظ عليها من أجل التعلم والمعرفة، وتحييد للرغبات المتضاربة. إذا تخلى المربي أو المدرس عن هذه الحقيقة، أو لم يعرف كيف يتعامل معها، فإنه لن يملك زمام السيطرة إلا على الذوات التي تكون الرغبة "موجودة لديها سلفا"، أو تطورت في كنف الأسرة، أو تكون نتيجة لحادث سعيد في مجرى الحياة.
التعلم مثابرة
يعتقد البيداغوجيون الهواة أنه يكفي لغز أو سؤال أو ظاهرة غير مألوفة لبدء سيرورة التعلم. هذا لا يكفي، ويتبع هذا الحافز الخادع عزوف من جانب التلاميذ الذين لا يملكون الوسائل ولا القوة للدخول في تأمل وتفكير، أو لا يتحلون بالعناد اللازم. يعلم الجميع أنه لتعلم العزف على الكمان أو لعب الجولف أو التزلج على الجليد أو القفز بالزانة أو المشي على الحبل، يلزم قدر هائل من الجلد والصبر؛ فإذا لم نتحمل المصاعب، لن يتطور الأداء. إن تعلم لغة أجنبية أو علم هو أيضا مسار طويل، مثل تعلم القراءة. يتطلب التعلم عملا عقليا وأحيانا بدنيا. ونادرا ما تكون لهذا العمل آثار مذهلة. فهو يشهد تقدما، ولكن يعرف أيضا مراحل ركود، بل حتى تراجع. فحياتنا مليئة بتعلمات مهجورة، أحيانا بموجب قرار صريح، مع أو بدون "أسباب وجيهة"، وغالبا لأننا "ننسى" مشروعنا، الذي نستبدله سريعا بمشاريع أخرى، قد تلقى نفس المصير.
ولكي نثابر، ربما يتطلب الأمر قوة في الإرادة، وشكلا من أشكال الانضباط، وتحملا للحرمان، بل حتى شكلا من أشكال المعاناة. يمكن أن تأتي المعاناة من جهد الرياضي، وزهد الراقص، ولكن أيضا من المواجهة مع العقبات التي لا يمكن التغلب عليها، والأفكار التي لا يمكن استيعابها أو تذكرها، والحركات التي لا يمكن إتقانها على الرغم من التمارين المتكررة.
يتطلب التعلم أيضا القدرة على التخطيط للمستقبل، وتمثل الفوائد التي ستنتج عن المعرفة أو المهارات الجديدة. يمكن لبعض الأطفال، كما لبعض البالغين، تأجيل الشعور بالرضا لفترة طويلة. بينما يحتاج الآخرون إلى "مكافآت" ٱنية. بعضها لا يمت بصلة إلى المحتوى المحدد للتعلم؛ فالحب والإعجاب والحرية والمال هي موارد يسيء العديد من الآباء استخدامها، مع ما يناظر ذلك من الخوف أن يكونوا غير محبوبين أو محتقرين أو مراقبين أو محرومين…
يضع البيداغوجيون القريبون من روح التربية الجديدة آمالهم على الرضا المرتبط بالمتعة، سواء من خلال التحكم في المعرفة الجديدة، أو الانخراط في نشاط محفز ومثير. لا يتهرب الكائن البشري من العمل، ولكن من اللا معنى والسأم. فإذا علق بلعبة التعلم، ووجد المتعة في النشاط، فلن يبخل بوقته أو طاقته. إذا أعوزت المثابرة المتعلم، بطريقة أو بأخرى، يدخل في الحلقة المفرغة للعنف التربوي الذي يقابله الاشمئزاز المتزايد من الدراسة ومن الذات، واللجوء إلى التغيب، والسلبية، والسخرية، أو الانحراف.
التعلم بناء
وحدهم " مناهضو البيداغوجيا" لا زالوا يعتقدون أن المعرفة تنقل من جيل إلى جيل. بالطبع، الثقافة تنتقل من جيل إلى آخر، بطريقة أشبه ما يكون بانتقال الميراث. لكن آلية نقل الثقافة لا تشبه في شيء آلية نقل الملكية. يقتضي اكتساب الثقافة عملا عقليا لا يمكن لأي أحد القيام به في مكان المتعلم. يمكن اعتبار هذا العمل بمثابة فعل يقوم على الاستماع والحفظ. إنه قبل كل شيء عمل تنسيق وربط، وإعادة تنظيم المعرفة المخزنة سلفا، وباختصار إعادة بناء جزء رحب، إلى حد ما، من نظامنا المعرفي. إن نقل المعرفة هو، في الواقع، السماح للآخر بإعادة بنائها، وبعبارة أخرى خلق مواقف تثير نشاطا عقليا عالي المستوى، مما يجبر المتعلم على مواجهة العقبات وتجاوز وضع المعرفة لديه من أجل التغلب عليه. أما بالنسبة للكفايات، فهي تنتقل بنسبة أقل من ذلك، فهي تبنى وفقا للتجربة والتأمل فيها.
وهذا لا يعني أن دور المعلم آخذ في الاضمحلال، بل على العكس تماما، ولا أن مستوى الخبرة لديه ليس مهما. أي شخص يتقن مهنة قادر على نقل المعرفة لديه إلى كلمات وبناء خطاب وتوجيهه إلى تلميذ أو طالب. وإنه لمن الصعب بكثير تنظيم مواقف للتعلم مناسبة لبناء معارف جديدة من قبل المتعلم. بالطبع، لن يختفي الدرس ولا الإلقاء، ولكن ينبغي أن يدرجا في ترسانة أوسع من الاستراتيجيات الديداكتيكية. وسيكون من الأفضل اللجوء إليهما فقط عندما تكون هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن التلاميذ قادرون على بناء المعرفة في تناوب تقليدي بين الدروس والتمارين.
التعلم تفاعل
"نحن لا نتعلم من تلقاء أنفسنا"، يعلن مركز البحوث حول التربية الخاصة والتكيف المدرسي (CRESAS)،داعيا إلى بيداغوجيات ليست نشطة فحسب، بل تفاعلية. لا يتعلق الأمر هنا بمسألة إدراج التعلم في محور العلاقة معلم – تلميذ فقط، ولا حتى توسيعه ليشمل "المثلث الديداكتيكي" معلم-تلميذ-معرفة". إننا نتعلم من خلال مواجهة الواقع، وهذا الأخير يتجسد جزئيا في فكر وعمل الآخرين. هذا هو السبب في أننا نتحدث عن النظرية السوسيوبنائية (socio-constructivisme). التعاون والصراعات " السوسيو معرفية" وجهان لعملة واحدة. لأننا نريد، أو يجب أن نتفق على أننا نحيا بالاختلافات، وأننا نواجه طرقا وتصورات مختلفة.
أن نتعلم هو أن ننعزل أحيانا كي " نعارك" بشكل أفضل كتابا أو نصا تنبغي كتابته. وهو أيضا أن نتفاعل مع حاسوب أو عدة تكنولوجية. وهو الانخراط أكثر في مهام تعاونية أوفي تفاعلات أكثر إثارة للصراع مع الآخرين على الأقل.
لا يتعلم الجميع بنفس الطريقة. البعض قادرون على استبطان النقاش، وطرح الأسئلة والأجوبة، والاعتراضات والتبريرات. فيبدون عندئذ وكأنهم يتعلمون من تلقاء أنفسهم، لكنهم في الواقع يعيدون في قرارة أنفسهم إنتاج مواجهات يمكن أن تحدث بين عدة أشخاص. تنطوي التنشئة الاجتماعية، إلى حد ما، على استبطان فكر الآخرين، ليس فقط في شكل أنا أعلى ووضعية معيارية، ولكن أيضا في شكل وضعية من الشك والتعددية والعقلانية والتفكير النقدي والجدلي، والقدرة على الابتعاد عن المركز والتفكير الاستنتاجي الافتراضي. لا يكون استبطان فكر الآخرين استلابا إلا إذا كان ثمة ترويض ، وغياب لأي مسافة بين الذات والآخر. لا أحد يمكن له أن يفكر بعيدا من دون اللغة، لذلك لا أحد يمكن له أن يفكر من تلقاء نفسه، دون أن يتبنى، جزئيا على الأقل، حدود الواقع والتمثلات حوله. كان على نيوتن أو أينشتاين أن يتعلما فيزياء العصر الذي عاشا فيه قبل أن ينقطعا عنه.
للبعد الاجتماعي في التعلم جانب آخر: التعلم يمكن أن يقرب الذات من الآخرين كما يمكن أن يفصلها عنهم. بعض صعوبات التعلم لا تعزى إلى مظاهر القصور الفكرية أو الثقافية، ولكن إلى تضارب في الولاءات. بعض روايات آني أرنو تصف هذه المعضلة: بالنسبة لبعض الأطفال، فإن النجاح في المدرسة يعني الابتعاد عن الوالدين، وألا يجدوا ما يخبرونهم به، بل الاستسلام لمشاعر الخجل منهم. قد لا ينخرط الطفل في التعلم مخافة الابتعاد عن العشيرة، أو ينخرط فيه كي يندمج في عشيرة جديدة…
التعلم مجازفة
يكتب جان بيير أستولفي (Jean-Pierre Astolfi) بان" الخطأ أداة للتدريس". ربما تكون المحاولة والخطأ والبدء من جديد وتحليل الأخطاء هي الطريقة الوحيدة للتعلم بشكل مستدام. حتى لو كانت المعرفة الجديدة لا تضر بصورة الذات، ولا تدمر أي معتقد، ولا تزيل أي وهم، ولا تزعزع أي محرم، فلا يمكن لأحد أن يتعلم دون أن يضع نفسه في حالة من عدم التوازن، طوعا أم كرها.
إن وضع الذات في حالة من عدم التوازن هو تحمل حالة عابرة من الفشل والعجز لمدة لا يستهان بها. لا يمكن للمرء أن يتعلم من دون أن يحاول فعل ما لم يكن يعرف، ما دام التعلم محايث للفعل، ليس فقط في سجل الإجراءات العملية ولكن أيضا في سجل العمليات الذهنية. لذا فإن تجربة المتعلم هي تجربة اختبار الحدود. فإذا كان يتعلم سريعا، ويدفع حدود تعلمه بشكل واضح، فلسوف يكون تقدمه مجزيا وسيدعم جهوده. أما إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن خطر الفشل قد يعدم كل حظوظ النجاح. ينتهي التلاميذ الذين يعانون من صعوبات جمة إلى الهروب من مواقف التعلم التي غالبا ما يعيشونها، على نحو حقيقي، باعتبارها مواقف ميؤوس منها ومهينة، حتى لو لم تكن تلكم المواقف قصد المدرس بأي حال من الأحوال.
وهناك في الكثير من الأحيان حلقة مفرغة تقابلها حلقة ممتلئة. إن التلاميذ الذين يتعلمون بسرعة، وعلى نحو جيد، يكونون على استعداد للاستمرار لأن ذلك يعود عليهم بالنفع. وبالتالي فإن احتمالات الوقوع في الفشل والإذلال تخيفهم أقل فأقل، ما عدا تلك الرغبة المرضية التي تتملك تلاميذ في بلوغ الكمال المطلق والفوري. أما أولئك الذين يتعلمون ببطء وبشق الأنفس، على العكس من ذلك، يفقدون الرغبة في التعلم، وتفوق التكلفة العاطفية الأرباح الموعودة على الأمد الطويل وعلى نحو غير مؤكد.
التعلم تغيير:
يقال إن أي شخص تعلم السباحة أو ركوب الدراجة سيجيد ذلك مدى الحياة. هذا صحيح بالنسبة لمعظم التعلمات. صحيح، يمكن للمرء أن ينسى معلومات وصيغ وتحديدات وخوارزميات، لكننا لا نعود أبدا إلى حالتنا السابقة، و"براءتنا الأصلية"، إلا في حالات غسل الدماغ. خلال سنوات التعلم، نصبح أشخاص آخرين، وتتغير نظرتنا إلى العالم والمشكلات التي تعترضنا فيه. البعض لا يلقي بالا لذلك، والبعض الآخر يعيش هذا التغيير الفكري، والهوياتي أيضا، بشكل جيد للغاية، والآخرون كذلك لا يزالون يقاومون هذا التغيير بقوة. إن هذا التغيير امتداد لأزمة «رفض النضج"، وحدس بأننا بمجرد أن نعرف كيف نقرأ، أو نكتسب مفاهيم لحساب الاحتمالات، لن يصبح هذا العالم كما كان من قبل، وبالتالي سوف يتعين علينا تحمل المزيد من المسؤوليات وبعض المهام الوضيعة. ألا نتعلم كيلا نعرف لربما هو أضمن دفاع ضد تقاسم الأعمال المنزلية، على سبيل المثال…
التعلم هو ممارسة مهنة طريفة
في دورة الحياة، هناك مراحل هامة للتعلم، وإن كنا لا نتوقف أبدا عن التعلم. التعلم، خاصة أثناء الطفولة والمراهقة، هو الاضطلاع بدور اجتماعي له متطلباته، ولكن في الوقت نفسه يمنح صاحبه مكانا في المجتمع وهوية مشروعة ومستقرة.
كلما استقر الطفل في وضع المتعلم، يصبح التعلم لديه "مهنة"، مهنة الطفل، ثم مهنة التلميذ لاحقا. أولا بالمعنى الدقيق للقاموس؛ نشاط يعتمد عليه في كسب العيش. لا يتقاضى الطفل والمراهق أجرا نظير التعلم (إلا في حالات خاصة)، بل يحظيا بالرعاية كي يتمكنا من تكريس كل وقتهم للدراسة.
أدى التمدرس الجماعي للأطفال إلى إبعادهم عن آبائهم وحرمان هؤلاء من قوة عاملة قيمة. لا يزال بعض التلاميذ يمدون يد العون لآبائهم في المزرعة أو المتجر أو الأعمال المنزلية. ولا تزال بعض العطل المدرسية تتزامن مع مواسم الحصاد أو المهام الريفية الأخرى.
يصبح التعلم مهنة بمعنى أوسع، لذلك يجب أن نوائم طقوسه ولغته وخباياه، من أجل الانتساب إلى "هيئة المتعلمين". يجب أيضا اكتساب الحيل والأفعال النمطية التي تمكن من أداء المهام باقتصاد في الوقت والوسائل. ويجب كذلك تعلم سبل العناية والحماية من أجل البقاء والاستمرار في مزاولة مهنة التلمذة.
يعتقد بعض المدرسين أنه من الضروري تلقين هذه المهنة للتلاميذ. فمما لا شك فيه أن هذا هو طموح السنوات الأولى من التعليم: إنتاج تلاميذ "صالحين للخدمة"، و"مجهزين"، ومنظمين، ويقظين، ونشيطين، ومجتهدين، ومركزين، ومهذبين، وباختصار يتمتعون بجميع المزايا التي تأسف بيانات النقط المدرسية لغيابها.
هذه المحاولة للتحكم في المهنة ساذجة بعض الشيء؛ فالمهنة هي أيضا ثقافة مشتركة تسمح بالتملص من أداء العمل المطلوب والانفلات من المراقبة. إنها ضرب من العدة التي تبنى جزئيا ضد التنظيم وتسمح بالبقاء والصمود في وجه الانتظارات الفادحة.
التعلم هو تعبئة وتطوير للعلاقة مع المعرفة
اكتسبت فكرة العلاقة بالمعرفة رواجا كبيرا في السنوات الأخيرة. فليست العلاقة بالمعرفة هي المعرفة في ذاتها، بل هي مجموعة من العلاقات العاطفية والمعرفية والعملية التي تقيمها الذات مع المعرفة والتعلم. المعرفة هي مكون دائم في بيئتنا، مثل السلطة وعدم اليقين والفضاء، إلخ. على مدار تجربتنا، نطور علاقة بهذه المكونات؛ علاقة قائمة على الاستعدادات والأذواق والمواقف والتمثلات والعادات والرغبات والمخاوف.
لا أحد يباشر المعرفة دون تمثل مسبق لها، كما يخبرنا بذلك الديداكتيكيون. ولا أحد يباشر المعرفة، إلى حد ما، من دون أحكام مسبقة أو تحيزات، كما يخبرنا بذلك المحللون النفسيون وعلماء الاجتماع. " مزيدا من الرياضيات" تعبر عن علاقة بالمعرفة، وكذلك "لا، لا حاجة لنا بالبحث" أو "لا أحب الألغاز". العلاقة بالمعرفة هي واحدة من مكونات معنى العمل المدرسي. إنها لا تحدد هذا المعنى تماما، ولكن يمكن أن يشكل عائقا كبيرا جدا، وحاجزا عصيا على التجاوز تقريبا في اليوم الذي يبنى فيه التلميذ علاقة دفاعية وحذرة أو ساخرة حيال مبحث علمي أو فكرة أو طريقة أو موقف فكري. وبالتالي، فإن تطوير العلاقة بالمعرفة هو أحد تحديات أي عمل تربوي.
وماذا بعد؟
لم يكن لهذا التذكير من مطمح سوى التذكير بتعقيد وهشاشة التعلم الإنساني. لكن هل هذا يعني أننا يجب أن نفقد كل أمل، وأن نترك الأطفال لمصيرهم؟ بالطبع لا. ولكن، بالمقابل؛ يجب التوقف عن تغذية انتظارات غير واقعية، وإتاحة ما يكفي من الوقت، ومراعاة التناقضات، والتخلي عن الإجبار والابتزاز والتحريض الذي يهوي بالتعلم إلى مستوى التكيف المشروط؛ والتوقف عن تعليق صعوبات التعلم على مشجب الغباء أو سوء النية أو الكسل؛ وكذلك التوقف عن الاعتقاد بأن العنف النفسي أو الخوف من السخرية أو التكرار الممل يساعد أي شخص على التعلم.
المرجع:https://www.unige.ch/.../php_main/php_2004/2004_08.html
‏اطلع عليه يوم ‏05‏/03‏/2022‏ 08:26:22
ترجمة: عبد السلام اليوسفي
Références
Altet, M. (1997). Les pédagogies de l'apprentissage. Paris : PUF.
Astolfi, J.-P. (1993). L'école pour apprendre. Paris : ESF.
Astolfi, J.-P. (1997). L'erreur, un outil pour enseigner. Paris : ESF.
Astolfi. J. -P. et Pantanella, R. (dir. ) (1998). Apprendre. Cahiers pédagogiques, n° hors série.
Barth, B.-M. (1993). Le savoir en construction. Paris : Retz.
Bassis, O. (1998). Se construire dans le savoir, à l'école, en formation d'adultes. Paris : ESF.
Beillerot, J. (dir.) (1992). Savoir et rapport au savoir. Paris : Editions universitaires.
Beillerot, J., Blanchard-Laville, C. et Mosconi, N. (1996). Pour une clinique du rapport au savoir. Paris : L'Harmattan.
Bruner, J. (1996). L'éducation, entrée dans la culture. Paris : Retz.
Charlot, B. (1997). Du rapport au savoir. Éléments pour une théorie. Paris : Anthropos.
Charlot, B., Bautier, É. et Rochex, J. -Y. (1992). École et savoir dans les banlieues… et ailleurs. Paris : Armand Colin.
Crahay, M. (1999) Psychologie de l'éducation. Paris : PUF.
CRESAS (1987) On n'apprend pas tout seul ! Interactions sociales et construction des connaissances. Paris : ESF.
Dalongeville, A. et Huber, M, (2001) (Se) former par les situations-problèmes. Des déstabilisations constructives. Lyon : Chroniques sociales.
Delannoy, C. (1997). La motivation. Désir de savoir, décision d'apprendre. Paris : Hachette.
De Vecchi, G. (1992). Aider les élèves à apprendre. Paris : Hachette.
Giordan, A. (1998). Apprendre ! Paris : Belin.
Groupe français d'éducation nouvelle. (2000). Construire ses savoirs, construire sa citoyenneté. De l'école à la cité. Lyon : Chronique sociale.
Jonnaert, Ph. et Vander Borght, C. (1999). Créer des conditions d'apprentissage. Un cadre de référence constructiviste pour une formation didactique des enseignants. Bruxelles : De Boeck.
Huber, M. (1999). Apprendre en projet. Lyon : Chronique Sociale.
Meirieu, Ph. (1989). Apprendre… oui, mais comment ? Paris : Ed. ESF, 4e éd.
Perrenoud, Ph. (1994). Métier d'élève et sens du travail scolaire. Paris : ESF (4e éd. 2000).
Perrenoud, Ph. (1997). Construire des compétences dès l'école. Paris : ESF (3e éd. 2000).
Rochex, J. -Y. (1995). Le sens de l'expérience scolaire. Paris : PUF.
Saint-Onge, M. (1996). Moi j'enseigne, mais eux, apprennent-ils ? Lyon : Chronique sociale et Laval (Québec) : Beauchemin, 3e édition.
Service de la recherche en éducation. (2001) Constructivismes : usages et perspectives en éducation. Genève : DIP, Service de la recherche en éducation.


==========================









الحمد لله رب العالمين
آخر مواضيعي

0 في شأن إدماج أساتذة التكوين المهني ضمن أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي : 0890../ 24
0 بيان تضامني مع الأستاذ ( ع, أ ) ضحية العنف المدرسي
0 تائـج الاختبـارات الكتابيـة لمباراة انتقاء أساتذة لتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية المقيمة بأوروبا - دورة مارس 2024
0 ​مذكرة رقم 24-151 بتاريخ 17 أبريل 2024 في شأن إدماج بعض الموظفين المنتمين إلى قطاع التربية والوطنية ضمن بعض الأطر المنصوص عليها في النظام الأساسي الجديد
0 مذكرة رقم 24-150 بتاريخ 17 أبريل 2024 في شأن إدماج بعض الفئات من الموظفين ضمن بعض الأطر المنصوص عليها في النظام الأساسي الجديد
0 صرف الزيادة في الأجور لأسرة التعليم نهاية شهر أبريل الجاري.
0 مجلس الأعلى للتربية والتكوين يُقيّم تطور المساواة بين الجنسين في التعليم
0 ​مباراة ولوج سلك تأهيل أطر التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين- مسلك التعليم الثانوي الاعدادي- لائحة المترشحات والمترشحين المقبولين لاجتياز الاختبارات الكتابية - دورة أبريل 2024
0 الحكومة تقترب من إقرار زيادة عامة في أجور الشغيلة مع "فاتح ماي"
0 وزارة التربية تكشف عن المواعيد الجديدة للامتحانات الوطنية

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« ضد إيديولوجيا الكفايات، يجب على المدرسة أن تعلم التلاميذ التفكير. | أعمال البحث حول التدخل لدى التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في القراءة »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الموجز في التربية وعلم النفس صانع الاجيال2 علوم التربية وعلم النفس التربوي 4 13-01-2009 00:01
بعض من مصطلحات التربية وعلم النفس التربوية دفاتر المواضيع الإسلامية 11 11-12-2008 21:45
التربية وعلم النفس التربوي ابن الاسلام الأرشيف 3 23-11-2008 21:45
معجم التربية وعلم النفس chohrore الأرشيف 0 21-11-2008 23:28
اختبار في التربية وعلم النفس - تصحيح- التربوية الدفتر العام لللتكوين المستمر والامتحانات المهنية 1 20-03-2008 11:23


الساعة الآن 13:02


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة