ملخص تقديم ميزانية الوزارة
أمام لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والثقافية بمجلس المستشارين
قدم السيد وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي رفقة السيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي عرضا يهم ميزانية الوزارة برسم سنة 2008 أمام لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والثقافية بمجلس المستشارين صبيحة الجمعة 14 دجنبر 2007.
وقد استهل السيد الوزير العرض بتقديم تأطيري، أكد على تميز مقام اللجنة ،باعتبار القيمة المضافة التي يمثلها مجلس المستشارين، بتمثيليته للشركاء الاجتماعيين،الذين يشكلون طرفا أساسيا في كل تداول بناء وتشاور حقيقي واستشراف مبدع لما ستؤول إليه أوضاع المنظومة التربوية المغربية في أفق الخمس سنوات القادمة. مشيرا إلى أن مشروع الميزانية يستمد مرتكزاته الأساسية من العناية والاهتمام المتميزين التي يوليهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمنظومة التربية والتكوين ،والتي جسدتها في الشهور الأخيرة ثلاث محطات أساسية:
الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في الندوة الوطنية حول المدرسة والسلوك المدني،المنظمة من طرف المجلس الأعلى للتعليم يومي 23-24 ماي 2007.
التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب عيد العرش المجيد يوم 30 يوليوز 2007 ،والتي أكد فيها جلالته أن النتائج الكمية لم تحقق التغيير النوعي و التأثير الملموس في التربية القويمة والاستجابة لحاجيات الاقتصاد.
الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية يوم 12 أكتوبر 2007،حيث بوأ جلالته الإصلاح العميق للتربية والتكوين،موضع الصدارة كرهان حيوي يتعين كسبه في الأفق المنظور،في إطار تفعيل أوراش الإصلاح المنبثق عن الميثاق الوطني للتربية والتكوين.
كما أكد السيد الوزير أن مشروع الميزانية يستند إلى مضمون التصريح الحكومي الذي قدمه السيد الوزير الأول أمام البرلمان في 24 أكتوبر 2007 ،والذي التزمت فيه الحكومة بالعمل على تدارك التأخر الناتج في تحقيق بعض الأهداف المسطرة في الإصلاح،وذلك من خلال إعداد برنامج استعجالي يهدف
إلى الرفع من وتيرة الإنجاز .
وفي هذا الإطار ، شدد السيد الوزير على أن السياق الحالي لعمل الوزارة تحكمه ميزة أساسية تتمثل في التوافق الوطني حول الاختيارات الإستراتيجية المتضمنة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين باعتبارها مكسبا ثمينا غير قابل للمراجعة؛ على أن المطلوب اليوم وباستعجال هو حصر وتدقيق وأجرأة المهام والانتظارات والمطالب الأساسية التالية:
1)التسريع باستكمال أوراش إصلاح منظومة التربية والتكوين:انطلاقا من الوعي المؤسسي الحاد بالتعثرات والصعوبات والاختلالات التي أفرزها سياق أجرأة استحقاقات وتعاقدات العشرية الوطنية للتربية والتكوين.
2)إنجاز تقييم شامل لمكونات منظومة الإصلاح:باعتبار أن المدى الزمني المقطوع لثمانية سنوات من عمر العشرية الوطنية للتربية والتكوين يفرض إعمال آليات التقييم لرصد وتدقيق مكامن القوة والضعف ، وضبط وتيرة الأداء،وتشخيص مكامن القصور والخلل، سواء على مستوى التصورات والأهداف والمشاريع،أو على مستوى طرق وظروف وآليات الإنجاز.
3)تحديد معالم المدرسة المغربية الجديدة لما بعد 2012 كمسؤولية جماعية ،باعتبار أن التحصين الذي تتمتع به هذه المدرسة سيختفي لصالح مؤسسات خارجية، وبالتالي فإن العرض الوطني في مجال التربية والتكوين ستتجاذبه تحديات عاتية،ما لم يتم إرساء معالم مدرسة وطنية تنافسية، تشكل لحمة المشروع التربوي الوطني، ودعامة الهوية والوجود المغربي الفاعل في التاريخ. واستدل السيد الوزير على إلحاحية هذا التحديد بإشكالية الخريطة اللغوية المدرسية للمغرب،التي يتم تعطيلها بسبب تداخل الأزمنة السياسية والحكومية في انفصال عن مهمة تأسيس مدرسة الألفية الثالثة.
وفي معرض تفصيل منظور الوزارة للمهام المطروحة على المنظومة، اعتبر السيد الوزير أن الرهان الأساسي اليوم مرتبط بضمان تمدرس الأطفال مابين 4-6 سنوات باعتبار أن هذه السن تمثل المشتل الحقيقي لبناء وتنمية الاستعدادات والقدرات والمهارات الأساسية لمواصلة التمدرس،مبرزا ترابط هذه القضية
مع إشكالية تفشي الهدر المدرسي الذي يمكن اعتباره إخلالا فعليا بالمنطوق القانوني لإجبارية التمدرس.
كما أثار السيد الوزير ما أفرزه تطبيق نظام اللامركزية من بداية تشكل ملامح مركزيات جهوية جديدة في العلاقة بالنيابات والأقاليم، تولدت عنه صعوبات ومشاكل إضافية،تتطلب تدخلات تنظيمية وتدبيرية جديدة. إلى جانب ما يعانيه بناء المناهج الجهوية والمحلية من تعثرات ،تساهم بقسط وافر في تعطل بناء النسيج الجهوي، وترسيخ شخصية الجهات وطنيا.
وتوقف السيد الوزير عند ظاهرة عدم التحكم في التدفق الداخلي للتمدرس ،الذي يشكل أحد مظاهر الإختلال التي تعانيها المنظومة ،حيث أن 3% فقط من تلاميذ الباكلوريا يتوجهون إلى شعبة العلوم الرياضية،كقنطرة للمرور إلى الأقسام التحضيرية ،الممهدة لولوج التخصصات الهندسية التي تحتاجها التنمية؛ واعتبر السيد الوزير أن هذا المشكل مظهر لعطب أكبر ،يتعلق بإشكالية التوجيه عموما نحو الشعب العلمية،باعتباره أحد التحديات المستقبلية المهمة للقدرات التنافسية مستقبلا للمغرب،الذي تلزمه فروض العولمة، بإنتاج جيل جديد من الكفاءات الوطنية في ميادين وتخصصات طليعية ومتطورة ؛ بالإضافة إلى طرح الصعوبات المطروحة حاليا في تعميم وضمان استيعاب تكنلوجيات الإعلام والتواصل، حيث أنه بالرغم من البرنامج الطموح الذي وضعته الدولة في هذا المجال ،فلا زالت معدلات انتشار الحاسوب والتحكم في استعماله منخفضة على مستوى أطر التربية والتكوين، كما أبرزت ذلك الدراسة المنجزة من طرف المجلس الأعلى للتعليم، مما يتطلب مقاربة أكثر وظيفية لتحقيق الأهداف اللازم بلوغها في هذا المجال.
وفيما يتعلق بمهمة التقييم الشامل لمكونات منظومة الإصلاح ، أكد السيد الوزير أن هذا الورش سينجز بشراكة مع المجلس الأعلى للتعليم من خلال الهيئة الوطنية للتقويم ،مبرزا بهذا الصدد أننا لا نتوفر داخل المنظومة على مؤشرات دقيقة على ما يتلقاه المتمدرسون داخل المؤسسات التعليمية،والحاجة الماسة إلى بناء شبكة معايير موضوعية وصادقة ترصد ما يتلقاه المتمدرسون فعلا، و تعطي فكرة دقيقة على مستوى مؤهلاتهم ومداركهم.
وتيسيرا لتفعيل منهجية جديدة في تدبير الشأن التربوي، أوضح السيد الوزير أنه سيتم الشروع في اعتماد منهجية مقاربة الفضاءات التي تتدرج على خمس مستويات: الفصل/المؤسسة/محيط المؤسسة/ الحكامة المحلية والجهوية/ الحكامة المركزية. واعتبر السيد الوزير أن المحدد الأساسي الذي سيتم اعتماده في تقويم مختلف التدخلات سيتمحور حول تأثيرها على ما يجري داخل الفصل باعتباره الهدف الأساسي للاشتغال التربوي.
و لفت السيد الوزير الانتباه بهذا الصدد إلى أنه إذا لم يتم التصدي بحزم وفعالية لظواهر الغش والعنف المدرسي والدروس الخصوصية، فإن الإصلاح كاستراتيجية وكنهج للتغيير سيفقد بشكل نهائي مشروعيته وجدواه واقعيا وموضوعيا. وطرح السيد الوزير في نفس السياق تساؤلا حول العوامل والأسباب والاعتبارات التي تجعل المؤسسة التعليمية تشعر بأنها مهددة من طرف محيطها،ليخلص إلى طرح تساؤل ذو طابع استراتيجي يتعلق بطبيعة ومواصفات رؤية المجتمع للمدرسة،باعتباره أحد الأسئلة المفصلية للإصلاح.
واختتم السيد الوزير عرضه ببسط العناوين الكبرى للمقاربة الإجرائية لتنفيذ المهام المطروحة، ولخصها في تركيبة ثلاثية متفاعلة ومندمجة : الإشراك/ الجودة/التقييم. خالصا إلى أن المدرسة ليست مجرد قضية اجتماعية فقط،بل أحد الحقوق الأساسية للإنسان، وواجبنا الجوهري اليوم هو أن نضمن لكل بنات وأبناء المغرب الحق في التمدرس إلى غاية 15 سنة، واعتبر السيد الوزير أن هذه المسؤولية الجسيمة واجب مشترك بين الجميع: سلطات عمومية/ منتحبين/جمعيات المجتمع المدني/أطر الإدارة التربوية....داعيا إلى إعمال آليات التعاقد والمحاسبة كضابط للمسؤوليات والعلاقات ،في اتجاه جعل تدبير الشأن التربوي متمركزا حول المؤسسة التعليمية والمتعلم، باعتبارهما الغاية الفضلى للإصلاح.
وأعطى السيد الوزير بعد ذلك الكلمة للسيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي، لتقدم للسادة أعضاء اللجنة الشق الثاني من العرض،الذي يهم المعطيات الرقمية والتقنية المتعلقة بمشروع ميزانية الوزارة برسم سنة 2008. حيث سجلت في معرض تقديمها أن جزءا أساسيا من الإشكالات والصعوبات المطروحة مرتبط بتمويلات ميزانية الوزارة على امتداد سنوات الإصلاح،حيث أن ميزانية الاستثمار للوزارة عرفت إما استقرارا
أو تراجعا على امتداد السنوات الخمس الأخيرة ،في الوقت الذي تضاعفت فيه أعداد المتمدرسين بفعل انخراط الوزارة في سياسة التعميم، مما انعكس سلبيا على مستوى التأطير والخدمات المدرسية،لاستقرار نسب التوظيفات
في مناصب التدريس، و عدم إمكانية فتح مناصب جديدة في باقي هيئات الإدارة التربوية،مما يفسر بشكل كبير مظاهر الاختلال المرصودة؛ وأكدت السيدة الوزيرة أن الميزانية المرصودة للاستثمار وللمعدات لا تمثل سوى
ثلث الحاجيات ،منوهة إلى أن ميزانية 2008 قد شهدت تطورا إيجابيا هذه السنة ، استفاد من اعتماد إضافي
هام لصالح قطاع التعليم المدرسي وصل قرابة 850 مليون درهم ،سيمكن بكل تأكيد من إطلاق دينامية جديدة تعزز مواصلة تنفيذ عدد من الأوراش الهامة والحيوية للإصلاح ،سواء على مستوى ميزانية التسيير التي استفادت من غلاف إجمالي يناهز 500 مليون درهم ستوزع على المجالات التالية: تحفيز الإدارة التربوية/ تفعيل مجالس التدبير/محاربة الهدر المدرسي/الدعم الاجتماعي للمتمدرسين/التأطير التربوي والتكوين المستمر/دعم الأقسام التحضيرية. أو على مستوى ميزانية الاستثمار التي استفادت من اعتماد إضافي بقيمة 350 مليون درهم،ستوجه أساسا نحو دعم بناء وتجهيز المؤسسات التعليمية،وبناء وترميم وتجهيز الداخليات، وبناء وإصلاح الملاعب الرياضية،ولتأهيل وتجهيز الأقسام التحضيرية،ولتنمية التعليم التقني ؛ كما قدمت السيدة كاتبة الدولة بنفس المناسبة عرضا تفصيليا حول بنود وأبواب مشروع ميزانية 2008، التي ينتظر أن تعطي انطلاقة جديدة للنهوض بحاجيات التسريع بوتيرة إصلاح منظومة التربية والتكوين.
ملخص عرض السيد الوزير لميزانية التعليم
المواضيع المتشابهه
