فوائد البكاء
فيزيولوجيًا: يوجه البكاء رسالة استغاثة إلى الجهاز العصبي كله فيستجيب ارتياحًا. ففي إحدى الدراسات تمّ قياس حالات مختلفة يمرّ بها الجسم كالتوتر والقلق الذي تتبلور عوارضه بحالة عامة من التململ والانزعاج، وحالات انقباض العضلات أو استرخائها وحال الأنسجة وشرايين الدم وكذلك نبض القلب، فتبيّن أن نسبة التوتر ترتفع مع تصاعد حدة المشكلة أو المأزق كعامل محفّز، فإما أن ينفجرالفرد كالبركان في حالة من الغضب الشديد أو تنفجر شلالات الدموع مولّدة الراحة المنشودة.
نفسيًا: إن بعض الأحداث التي توتر الجهاز النفسي كخسارة شخص عزيز أو الانفصال أو الأخبار السيئة أو خيبات الأمل تولد سيلاً على مستوى hypothalamus أو منطقة ما تحت المهاد المسؤولة عن التفاعل العاطفي الجسدي من جهة، والمخ الشمي المسؤول عن حالات التأثر من جهة أخرى، ما يؤدي، على المستوى البدني، إلى إطلاق هورمونات التوتر والتشجنات المعوية والعضلية فيشعر الفرد بصعوبة في التنفس وبغصة في الحلق.
لذلك فالبكاء يخفف الضغط والاحتقان العاطفي بكل أشكاله، ويخفف الآلام النفسية والجسدية في نفس الوقت، إذ إن الدموع التي تفيض من العيون تحمل معها إلى الخارج كل الآلام والمعاناة والمكبوتات، وتسبب الراحة فيشعر الفرد بأنه أكثر إيجابية عمّا كان عليه. وهذا ما أكدت عليه الدراسات التي أظهرت أن البكاء مفيد للصحة النفسية والعاطفية لأنه سلوك حماية ذاتية للنفس البشرية، يفرج الهموم ويلطّفها بنسبة 85٪ عند النساء و73 ٪ عند الرجال. وتفسير ذلك أن الجهاز العصبي مسؤول عن إعادة الهدوء إلى الجسم بعد تراكم التوتر فيقوم الجهاز اللاإرادي أو الباراسبمتاوي بإفراز الدموع فيشعر الفرد بالراحة، لذلك فمن الخطأ أن نكبت رغبتنا في البكاء إذا ما واجهتنا ظروف تستدعي ذلك.
لذلك ينصح د. Alexander Lowen مؤسس العلاج بالطاقة الحيوية بالبكاء لأن الدموع تؤمن للفرد القدرة على تحقيق التوازن النفسي لكونها تساعد على إطلاق الطاقة الحيوية، أي أن البكاء يحرّر الجسم من التوتر فيجنّب الفرد الوقوع في القلق والاكتئاب.
الدكتورة بولا حريقة