الانترنت.. مستنقعات الكتابة
من خصائص تكنولوجيا الاتصالات -communication technology - أوقنية المعلومات - information technology-، عدم وضعفواصل - instruction- بين الاستعمال الفردى -individual usage- والاستع-مال الجماعى-collective usage-، لأغراض خاصة - private purpose- أو تجارية وسياسية -commercial & politic ,- وما إليها.
فبعمليات يسيرة استطاع كثيرون الانتفاع منخدمات الشبكة الالكترونية واختراق عالم النشر والحصول على الشهرة بسهوبة عجائبية،ما كان كثير من الأسماء الجديدة للسنوات المتأخرة، أن يحلموا أو يحظوا بها فى عالمالصحافة والنشر الورقى الخاضع فى معظمه لأطر حكومية ومؤسسات بيرقراطية ضخمة. بالنسبة للباحث والمؤرخ الثقافي، يعنّ سؤال مستوطن، هل كان دور الرقيب، على درجة منالأهمية، رغم كل ما له من مساوئ، فى حماية الذوق العام من فوضى الأمزجة. الرقيب،خاصة أخرى تعرضت للاختزال فى فضاء النشر الالكترونى مما سمح بمختلف ظواهر "التسيّب" الكتابي، المتفرعة تحت عناوين عدّة، ليست الرداءة وقصور النضج غير- واحدة منها، أماالأنكى فهى شيوع الجريمة الأدبية والقرصنة على حقوق التأليف والنشر، والصيت الأدبي. بعض الكتاب تخذوا أسماء قريبة من أسماء "شخصية/ أدبية" لامعة، أو "عناوين" لنصوصهمواصداراتهم، بينما لا يمكن التكهن بمدى مصداقية النص الأدبى وعائديته الأدبية.
شيوع القرصنة وتراجع الوازع الخلقى عموماً، وضع الباحث والراصد الأدبى أمامإشكالية، أو مأزق السقوط فى لعبة "صبيانية" مارسها أحدهم "بذكاء"، مما أغفل صاحبالنص الأصلي. نتحدث اليوم عن قرصنة نزار قبانى على نص لجاك بريفير، ولكن كم عددالنصوص التى أنجبتها القرصنةعلى نصوص قبانى وموسيقاه الأخاذة. وهو ما يصحّ علىكثيرين غيره. ربما تنجح الدول يوماً فى السيطرة على الجريمة والاغتصاب فىالمجتمع.
أما الجريمة والاغتصاب فى النص الأدبى فهى فى رواج وتطور، إلى درجةأن عدداً سريا من الكتاب والأكادميين ومتقلدى مراكز رسمية، اعتاشوا على القرصنة منذزمن غير يسير. فما مصير الأجيال التى تتلمذت عليهم وفى ظلهم.
ظواهرمقارنة
1- الملاحظ أن عدد الكتاب فى البلدان المتخلفة أكبر مما فى البلادالمتقدمة. بينما عدد الكتاب العالميين من البلاد المتقدمة أكبر مما من البلادالمتخلفة. والاستنتاج المباشر لذلك، هو أن العلاقة بين الكم والنوع فى مادةالكتابة، هى علاقة عكسية. على غرار المعتاد فى المناهج الاقتصادية.
2- الملاحظة الثانية هى مفارقة، أو نكتة. حيث أن العلاقة بين نسبة الأمية ونسبة الكتابهى علاقة طردية. فكلّما زادت نسبة الأمية ازداد عدد الكتاب، وكلّما انخفضت نسبةالأمية، انخفض عدد الكتاب فى المجتمع. وهو السائد فى بلاد الشمال، كما فى الجنوب. فكيف يمكن تعليل هذه الظاهرة؟.
3- ثمة علاقة عكسية، بين معدل القراءة فىمجتمع، ومعدل الكتابة. ففى الغرب، حيث ترتفع نسبة القراءة، ينخفض عدد الكتاب، مقابلارتفاع عدد الكتاب فى الجنوب، حيث تتراجع نسبة القراءة إلى بضعة دقائق فى العام.
4- ينطلى مصطلح الكتابة على كم هائل من فنون الكتابة والمشتغلين فىميادينها، حتى يشمل العاملين فى الكوادر البيرقراطية فى إطاره، ممن لا يجمعهم شيءبفنون الأدب. يافطة الكتابة ضبابية وغائمة جداً، بشكل استعمى على النوادى والجمعياتالتى حدّدت نفسها "برابطة، نادي، جمعية" الكتاب. فالأكادميون والسياسيونوالاقتصاديون والصحفيون كلهم يندرجون فيها إلى جانب موظفى الدوائر والشركاتالادارية. المعنى بالتحديد هو الأدب، والمشتغلين فى إطاره، أو تلك الفئة التى اصطلحعليها أو اصطلحت على نفسها بفنون الابداع "شعر، قصة، رواية، مسرحية، نقد".
المشتغلين فى قطاع الأدب، على غرار الملاحظات السالفة، هم الأكبر نسبةلغيرهم. فالأدب لا يحتاج إلى دراسة أكادمية أو وساطة حكومية أو مؤهل اقتصادى أوديني، ولا جاهة عشائرية قبلية.
وفق كل هذا يقتضى التركيز على الظاهرةالأدبية "الابداعية" فى مجتمعات يسودها الجهل والتخلف والامية وتراجع معدل القراءةوالبحث الأكاديمي.
سامى فريدي
* باحث فى القضايا الاستراتيجية..
صادفت هذا النص على الشبكة وارتايت ان انقله لكل المبدعين في الدفتر الادبي.
مع تحياتي.