تَمَهَّلْ فَإِنَّ الْفَوْزَ صِنْوُ التَّمَهُّلِ***وَأَبْصِرْ فَإِنَّ السِّرَّ نَجْلُ التَّأَمُّلِ
أَتَزْجُرُني إِنْ كُنْتُ أَبْكي بِحَسْرَةٍ***لِقَوْمٍ دعاني بابُهُمْ غَيْرَ مُقْفَلِ
طُحِنَتْ جُسومُ الْخَلْقِ بَيْنَ مَتاعِهِمْ***رَحا طَحْنِهِمْ في الرَّأْيِ آذانُ مُرْسِلِ
وَكَمْ قَدْ أَصابَتْ مِنْ شَرِيفٍ مُكابِدٍ***وَذي لُقْمَةٍ يَسْعى كَفِيلاً بٍمَنْزِلِ
أُخِذوا وَجَوْفُ الأَرْضِ لَيْلَةَ قُتِّلوا***يَسُوخُ شُقوقاً ساقُهُ في تَزَلْزُلِ
وَمَنْ عاشَ أَعْشى مُرْعَشاً أَوْ مُشَرِّعاً***يُسِيغُ سِياطاً مِنْ هَراواتِ مُبْطِلِ
فَلا تَصْفَحُوا يا آلَ رِيفٍ وَتَرْكَنُوا***إِلى الظُّلْمِ وَامْتَصًّوا عُيُونَ الْمُغَفَّلِ
وَلَوْ كانَ في قَلْبِ الْحَياةِ سَكِينَةٌ***لَعَمْري أَرى تَحْتَ الْحَياةِ بِمَعْزِلِ
وَهَبْتُ نَصِيباً مِنْ قُطُوفي لِغُصْنِكُمْ***وَفاءً وَنَصْرُ اللهِ فَوْقَ التَّوَكُّلِ
رَأَيْتُ ابْنَ أُمِّ الْمَوْتِ يَحْمَرُّ ثَوْبُهُ***وَأُمُّ مَنايا الْخِزْيِ في ثَوْبِ فَيْصَلِ
أَذُودُ وَكَفُّ الرِّجْسِ تَسْقي مِنَ الدَّمِ***وِعاءً دِهاقاً مِنْ أَنابِيبِ مُهْمَلِ
وَأَرْدَيْتُمُ ذِفْراهُ في ماءِ قاضِبٍ***حُساماً كَلَوْنِ الثَّلْجِ في سَطْحِ مُصْقَلِ
وَما الدَّهْرُ إِلاّ بَعْضُ رِحْلَةِ غائِبٍ***أَتى راكِباً مِنْ غَيْرِ وَعْثاءَ أَرْجُلِ
إِذا ما تَجَنَّبْتَ النَّصِيحَةَ راغِباً***لِثَوْبٍ فَلَمْ تَلْبِسْ وَلَمْ تَتَسَرْبَلِ
فَإِمّا يَكُنْ واشٍ حَلِيفُكَ أَوْ تَكُنْ***لِتَهْزِمَهُ غاشٍ لِكَيْدٍ وَمُخْتَلِ
هَداني خَلِيلٌ وَزَكّاني بِوَجْبَةٍ***عَلى طَبَقٍ فِيهِ انْشِراحٌ لِمُقْبِلِ
رَأَيْتُ حُشُوداً دَبَّرُوا أَمْرَ رَحْلِهِمْ***فَقالُوا نُرِيدُ الْفَوْزَ في الأَمْرِ فَارْحَلِ
وَاُفٍّ إِذا ما الشَّمْسُ تَخْفى بِمَغْرِبٍ***وَلَمْ يَغْرُبِ الظُّلْمُ الشَّدِيدُ وَيَأْفُلِ
إِذا سَلَكُوا لِلْغَوْرِ في بَطْنِ مالِحٍ***فَتَبّاً لَهُمْ بَيْنَ السَّحابِ الْمُظَلَّلِ
فَلَمْ يَنْبُضوا أَوْ تُرْضِعِ الأُمَّهاتُ ما***تَواصَيْنَ فِيهِمْ مِنْ كَلامٍ مُفَصَّلِ
وَما ضَرَّهُمْ مَوْتُ الْقَتِيلِ وَحَتْفُهُ***وَلَكِنَّهُ مُثْلٌ بِجِسْمِ الْمُقَتَّلِ
وَعاهَدَنا دَهْرٌ على ظَهْرِ لِينَةٍ***بِأَنَّ الرَّزايا في صُواعِ الْمُوَكِّلِ
وَقائِلَةٌ ما بالُ دَمْعِكَ أَرْوَقُ***فَقُلْتُ لَها يا عَيْنُ رُحْماكِ فَاعْدِلي
أَلَمْ تَعْلَمي أَنَّ الْجَوى في ذُؤابَتي***فَخُطَّتْ دُمُوعي مِثْلَما خُطَّ هَيْكَلي
وَما زالَ قَلْبي مُغْلَقَ الْبابِ خالِياً***وَيَعْقِلُهُ عَنّي عِقالُ الْمُعَقَّلِ
فَلا تَسْأَمي مِنْ عَبْرَةٍ في شَهادَةٍ***وَبَكّي وَلا تَخْشَيْ حَرارَةَ مُثْفَلِ
وَلَوْ أَنَّني لَمْ تَخْطُ ساقي جِوارَهُمْ***لَكانَتْ لَظىً في الْقَلْبِ ذَاتَ تَغَلْغُلِ
أَيَمْشونَ في الأَرْيافِ هَوْناً تَذَلُّلاً***وَأَجْسامُهُمْ فِيها سِهامُ التَّذَلُّلِ
وَأَنّى وَقَفْتُمْ مَوْقِفَ الرِّيفِ يَوْمَها***وَأَنْفاقُهُ تَحْمي أَداحي الْمَعْقِلِ
وَإِنْ أَثْقَلَتْ سَعْيَ الطُّيورِ الْحَواصِلُ***سِباعُ الْخَطّابي لا تُبالي بِمُثْقَلِ
وَفي جَوْفِ خُضْرٍ عَرَّسَتْ رُوحُ مُحْسِنٍ***عَلى ظِلِّ عَرْشٍ في مَقامٍ مُبَجَّلِ
وَإِنَّ مِنَ الأَرْزاقِ ما حَلَّ بُكْرَةً***تَدَلّى عَلَيْهِ النُّورُ مِنْ كُلِّ سُنْبُلِ
وَكُلُّ ثِيابٍ في الشَّهِيدِ كَأَنَّها***إِذا لُبِسَتْ تاجٌ بِأَنْوارِ مِشْعَلِ
إِذا احْتَجَّ مِنّا سائِلٌ كانَ قَوْلُهُمْ***أَعِدُّوا لِما يَرْجُو سِلاحَ التَّعَلُّلِ
وَإِنّا بِرِيحِ الأَرْضِ لَوْ كانَ أَهْلُها***سِوانا لَقَدْ أَجْلَوْا بِعِرْقٍ مُتَبَّلِ
يَهُبُّ الْهَوى فِيهِمْ كَأَنَّ رِياحَهُ***تَذُرُّ الرَّمادَ في قَفا الْمُتَسَرْبِلِ
غُبارٌ تَلاشى مِنْ لِسانِ الْخَواطِري***يُواري سَلا فَوْقَ الْغِشاءِ الْمُزَمِّلِ
تَغَشّى جُنونٌ جَنْبَهُ في تَقاعُدٍ***وَأَصْفادُهُ فيها ظُنونُ الْمُكَبَّلِ
سِنانٌ أَتى لَيْتَ السِّنانَ حَقِيقَةٌ***أَبِالْمُصْطفى يُدْعى جَبانُ الْمُسَلْسَلِ
فَتَبّاً لَهُ مِنْ مُذِنِبٍ كَذِبِ الْهَوى***يَدُسُّ خُيوطَ الْمَكْرِ في جَوْفِ مِغْزَلِ