لذة قيام الليل

[ملاك أم يحيى]

مقدمة

لك الحمد يامن أشرقت بنور وجهه السماوات والأرض ولك الشكر يامن ينزل إلى أوليائه في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا .. والصلاة والسلام على من أحيا الليل بمناجاة المحبين وضوع السحر بأعذب الأنين وعلى العباد والنسّاك والمجاهدين ومن لزم المحجة وحمل الحجة إلى يوم الدين يوم نلقى الله رب العالمين ..


موضوعات التلخيص :
• تعريف الأسحار
• مميزات الأسحار.
• فضل قيام الليل -أجره العظيم - حل لكثير من المشاكل
• لذة قيام الليل .
• من عجائب قيا م الليل.
• لماذا لا نقوم الليل ؟

تعريف الأسحار :
جمع السحر وهو آخر الليل قبيل الصبح وقيل هو ثلث الليل الأخير إلى طلوع الفجر وقيل السحرة هي الساعة التي يفتح فيها أبواب الجنة .
وقال الزمخشري سمي السحر بذلك استعاره لأنه وقت إدبار الليل وإقبال النهار فهو متنفس الصباح .


مميزات الأسحار:
الأسحار وقت سكون الليل وخلو البال يجتمع فيه القلب وتسمو فيه الروح وتصفو فيه النفس ويهدأ فيه الصوت ، فلا يسمع فيه إلا أزيز الخاشعين وأنين التائبين وآهات المذنبين .. أفضل أوقات التطوع بالصلاة وأقرب ما يكون العبد من ربه وهي وقت الذكر والصفاء واستجابة الدعاء ووقت الشوق والحنين ورفع حوائج المسلمين لمالك يوم الدين وهي وقت نزول الرحمة وحضور الملائكة ووقت التنزل الإلهي . الأسحار نعيم الدنيا وبهجتها . والمنهل العذب للصالحين والمورد الزلال للمتقين .

فضل قيام الليل :
I- أجره العظيم :
قيام الليل أفضل الطاعات وأجلّ القربات كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل ).
قال الله تعالى (إنّ المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )
قال الرسول صلى الله عليه وسلم (رحم الله رجلاً قام من الليل وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء )



ب - قيام الليل حل لكثير من المشاكل:
هذه قصة لفتاه اسودت الدنيا بعينيها لأنها طلقت وبدأت تبحث عن متنفس لهمومها ففقدت المعين والصديق وقد غفلت عن الركن الشديد ذي القوة المجيد فانفرد بها الشيطان فما زال يغريها ويدخل القنوط واليأس إلى قلبها حتى أرسل إليها جندي من جنوده شاب وذئب من الذئاب فما زال يواسيها بكلماته العذبة التي تبطن العذاب ليزيل همومها وأحزانها حتى كاد أن يعصب بها لولا لطف الله وحفظه فانتبهت وسألت واستفسرت فقيل لها عليك بالأسحار وكثرة التوبة والاستغفار وعليك بمناجاة الواحد القهار وبث الهموم والأعذار والشكاية للعزيز الغفار فعنده مفاتيح الفرج من ذا الذي دعاه فرده ومن ذا الذي رجاه فصده فأين أصحاب الحاجات والمرضى ، أين التائبون أين أصحاب الهموم والآلام
والمشاكل والأحزان ؟ أين هم عن ثلث الليل الأخير .
أفلا يستحي العبد من ربه ومولاه ابتعد عنه وعصاه وهو يقول ( ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) فلماذا التكبر والعناد والإصرار على الفساد ؟ فمن أراد دواء القلوب فليقم بالأسحار وليكثر من التوبة والاستغفار .جدّوا في الدعاء فمن يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له .
فهو دواء القلوب القاسية الجامدة ولو لبعض ركيعات فهي علاقة الخير وبداية الطريق .. أين أنتم أيها المحرومون عن قيام الليل ..
يعيشون جنة الدنيا يتفيأون ظلالها ويستنشقون نسائمها .. قال أبو الزناد كنت أخرج من السحر إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلا أمر ببيت إلاّ وفيه قارئ أما اليوم فنشكو الله أحوال المسلمين ..
جاء رجل إلى محمد بن سيرين فقال له علمني العبادة ! قال بن سيرين : أخبرني عن نفسك كيف تأكل ؟ قال : آكل حتى أشبع فقال : ذاك أكل البهائم ! قال : كيف تشرف الماء ؟ قال : أشرب حتى أروى قال : ذاك شرب الأنعام ! اذهب فتعلم الأكل والشرب ثم تعال أعلمك العبادة .
قال بعض أهل العلم أن دواء القلوب بخمسة أشياء :
1- قراءة القرآن بتدبر 2- قيام الليل 3- خلاء البطن 4- التضرع عند السحر
5- مجالسة الصالحين .

لذة قيام الليل :
قيام الليل مدرسة يدرس فيها الكثير من الدروس يتربى فيها الكثير من الناس ويتخرج منها المخلصون الصادقون الصابرون يحملون فيها شهادة والنتائج فيها ظاهرة باهرة فمن الإخلاص وحقيقته إلى الصبر وتحمل الشدائد إلى صدق اليقين والتوكل على الله ولذة الخلوة والمناجاة لله ..

فأين ذاك عن عباد الهوى اعترفوا أن للهوى لذة في لحظة ثم تعقبها الغصص والآهات وقلق وحسرات وندم وخوف وهم وحيرة . حتى وصل الأمر لم نعرفه في مجتمعاتنا وهو الانتحار . فهل هذه هي السعادة التي يدعونها مليئة بالغصص أين هذه اللذة المزعومة من لذة المتهجدين بالأسحار ومناجاتهم للعزيز الغفار سجود وركوع وبكاء ودموع وخضوع وخشوع ، ففي الأسحار للذكر له حلاوته والصلاة خشوعها وللمناجاة سحرها إنها لتكسب في القلب أنساً وراحة وسعادة ونوراً ..
إنها جنة الدنيا.. سعادة لا تنتهي تلامس أوتار القلب فتتسرب إلى بقية الجوارح تنسى معها النصب والتعب إنه ليمر في القلب لحظات أقول إن كانوا أهل الجنة في مثل هذا فهم في نعيم مقيم .. أعلمتم أن النسيم إذا سرى حمل الحديث إلى الحبيب كما جرى . جهل الحبيب أني في حبهم سهر الدجى ألذ عندي من الكرى ..
قال عبد الله بن وهب : كل ملذوذ إنما له لذة واحدة إلاّ العبادة فإن لها ثلاث لذات :
1- إذا كنت فيها 2- إذا تذكرتها 3- إذا أعطيت ثوابها ..
أما الشهوات إذا تذكرها فغصص وآهات وحسرات فيا كل غافل ولاهي شتان بين ملاهي الشيطان وآيات الرحمن ..أفق فلو شممت رحيق الأسحار لأستفاق قلبك المخمور صاح الديك فلم تنتبه .. رياح الأسحار لا يستنشقها مزكوم غفلة فابسط لسان الاعتذار وأكثر الاستغفار ولن تجد لهذا أرق من نسيم الأسحار .
نفحات الخير تناديك وترجوك لا تقتل الليالي ولا تفسد جمالي واسمع حديث جميل في الطبراني (إن لربكم في أيام دهر كم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً )



من عجائب قيام الليل :
إن الله فرض قيام الليل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى من معه من أصحابه في أول البعثة وقبل أي فريضة ثم خفف عنهم ذلك قال عكرمة لبثوا في ذلك سنة فشق عليهم وتورمت أقدامهم ثم نسختها آخر السورة .قوله تعالى ( فأقرءوا ما تيسر منه ) وكان ذلك لتربية النفوس لإعدادها لتتحمل أعباء الرسالة والدعوة .قال تعالى ( يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلا . نصفه أو انقص منه قليلا . أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً ) كل هذا الإعداد لإعداد النفس للقول الثقيل الذي سينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى (إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ) فيا مصابيح الدجى ودعاة الخير كلما كان الإنسان أكثر قياماً لليل كلما كان أكثر استعداداً لتحمل الشدائد وأكثر جدية في حمل الرسالة قال الرسول صلى الله عليه وسلم لخديجة عندما قالت له أن يطمئن لينام عند نزول هذه الآيات قال لها (مضى عهد النوم يا خديجة )

لماذا لا نقوم الليل ؟
تعلق بالليل فإن العين إذا عودتها النوم اعتادت وإذا عودتها السهر اعتادت فهو شافع مشفع وتمسك بالبكاء فهو رفيق صالح ادخل في زمرة المتهجدين ولو على باب التطفل .
عن عائشة رضى الله عنها قالت لعبد الله بن قيس (لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فتركه )فيا من كان له قلب فانقلب ويا من كان له وقت مع الله فذهب قيام السحر يستوحش لك وصيام النهار يعاتبك ، عبّاد أعرضوا عنّا بلا جرم ولا معنى أساؤا ظنهم فينا فهلاّ أحسنوا الظنا فإن خانوا فما خنا وإن عادوا فقد عدنا وإن كانوا قد استغنوا فأنا عنهم أغنى .
لا بد من رقاد الغفلة ولكن كن خفيف النوم وتخلل الفترات للسالكين أمر لا بد منه فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد ولم تخرجه من فرض ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خير مما كان عليه فعليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا .
اصبر على مضض الإدلاج في السحر وفي الرواح على الطاعات والبكر لاتضجرنّ ولا يعجزك مطلبها فالهم يتلف بين اليأس والضجر إني رأيت وفي الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثر وقل من جد في أمر تطلبه واستصحب الصبر إلاّ فاز بالظفر .
سأل رجل الحسن البصري فقال يا أبي سعيد أعياني قيام الليل فما أطيق فقال يابن أخي استغفر الله وتب إليه فإنها علامة سوء فقال إذا لم تقدر على قيام الليل ولا صيام النهار فأعلم أنك محروم قد كبلتك الخطايا والذنوب .
فالسر في ضعفنا وكسلنا وفتورنا رغم حبنا لقيام الليل هو الذنوب والمعاصي .
ومن عرف الداء بحث عن الدواء ودواء الذنوب الإقلاع عنها والتوبة والندم والاستغفار والانتصار على النفس.


منقول للفائدة

[فاطمة -الزهراء]

جزاك الله خيرا

[أبو عبدالرحمن 79]

جزاك الله خير الجزاء


اللهم اهدنا وأعنا على قيام الليل


اللهم امين

[ملاك أم يحيى]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة الرسول جزاك الله خيرا

و انت من أهل الجزاء

أسعدني مرورك أختي الفاضلة

[ملاك أم يحيى]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبواسية جزاك الله خير الجزاء اللهم اهدنا وأعنا على قيام الليل اللهم امين

اللهم آمين

جزاك الله خيرا

على مرورك الطيب