الزجل في المغرب: القصيدة
عاد الى المغرب اخيرا، صديقنا الاستاذ الدكتور السيد عباس الجراري من القاهرة.
وقد قدم صديقنا الدكتور اطروحة تحت عنوان "الزجل في المغرب" الى كلية الآداب بجامعة القاهرة فنال بمرتبة الشرف، درجة الدكتوراه في الآدب، بعد مناقشة علنية مساء الخميس 29 ماي الماضي دام زهاء ثلاث ساعات، وكانت لجنة المناقشة مكونة من الاساتذة :
الدكتور عبد العزيز الاهواني مشرقا
الدكتور شوقي ضيف عضوا
الدكتور عبد الحميد يونس عضوا
واستغرقت انجاز الاطروحة اربع سنوات، بدات عام 1965 على اثر انتهاء صديقنا الدكتور عباس من موضوع "ابو الربيع سليمان الموحدي" الذي نال به درجة الاستاذية (الماجيستير) في الآداب من نفس الكلية.
وتتكون الاطروحة من دراسة تقع في نحو سبعمائة صفحة وملحق يقع في نحو مائتين اما الدراسة فتحتوي على مدخل ومقدمة، وثلاث ابواب، واما الملحق فدليل لقصائد الزجل يضم مختلف الفهارس التي نظم فيها الكاتب النصوص.
وفيما يلي جزء من المدخل تحدث فيه الكاتب عن دوافعه الى تناول هذا الموضوع، والعقبات التي صادفنه في انجاز، ومنهج البحث :
لكل امة تراث هو عنوان شخصيتها الوطنية
يعبر عن قدرة عقليتها، ويحدد مدى عبقريتها، ويكشف عن قوة ارادتها ويبرز طابعها القومي الاصيل في مجالي الحضارة والثقافة. وقد مضى زمن غير يسير كان الناس – عامة وخاصة – يظنون ان هذا التراث لا يتمثل في غير ما الف العلماء من كتب تحويها بطون الخزائن والمكتبات، وفيما اقامت الاجيال خلال حقب التاريخ من آثار لم يتلفها توالي العصور والازمان، ويغفلون جانبا من التراث، لعله لا يقل عن هذين الجانبين في توضيح معالم كيان الامة وملامح وحدتها وبراز مقومتها وقيمها، ان لم يكن اكثر منها عكسا لروحها القومي وذاتيتها الجماعية، وهو الجانب الممثل في الآداب والفنون التي صدرت عن الشعب فردا وجماعة، متخدة وسيلتها في التعبير الوانا من القول والكلام والنغم والايقاع والحركة والاشارة والرسم والتشكيل.
وانطلاقا من هذه الحقيقة بدانا نهتم بالترات الشعبي في المغرب، نحاول جمعه ودراسته، فالقينا مادته متنوعة غزيرة، وهي عب تنوعها وغزارتها تنقرض وتضيع في غمرة التيار الحضاري الجديد الذي بهر الناس بريقه فجعلهم يدوسون هذا التراث، جاهلين او متجاهلين انهم يدوسون فيه مقومات ثقافتهم الوطنية ومظاهر حضارتهم الاصلية.
وكانت رغبتنا ملحة واكيدة حين عزمنا على اختيار موضوع لرسالة الماجستير، ان نتناول جانبا من الادب الشعبي، وهو ايضا ادب يغرينا ويجذبنا اليه فنحس له ميلا غير قليل، فقد رافقنا رفقة العمر منذ عرفناه ترنيما في المهد، لا ندركه ولا نعيه، الى ان طربنا له واعين روعته ومدركين جماله، فاحببناه وغدونا من حبة نشعر بمزاج متجاوب معه ومنسجم بالطبيعة والسلفية دون ما تكلف او تصنع. ولكنا نحس الجراة على مواجهة الجمهور المثقف المغربي بمثل هذه الدراسة، لاسيما بعد تجربة سابقة عانينا فيها الكثير وكنا قد نشرنا(1) بحثا مسلسلا عن"الفولكلور".
عدلنا في الماجستير عن الادب الشعبي وسجلنا موضوعنا في الادب المعرب المغربي، متصلا بعهد الموحدين، ادرنا دراسته حول الشاعر الامير ابي الربيع سليمان الموحدي. ولكنا وعدنا نفسنا بضرورة انجاز بحث الدكتوراه في احد فروع التراث الشعبي.
وها نحن نفي اليوم بهذا الوعد حيث تقدم اطروحة جعلنا موضوعها لونا من الادب الذي اتخذ اللهجة العامية اداته.
وتعتبر هذه الاطروحة خلاصة جهود متواصلة في الاعتناء بهذا الجانب من التراث الشعبي اكدت لنا الدوافع التي كانت حافزنا الى الاقبال عليه، وهي :
1 – ان الادب الشعبي صورة للشخصية الوطنية، مهما كانت باهتة فهي اوضح من الصورة التي يعكسها الادب المدرسي المثقف.
2 – ان دراسته تعزيز لاقليمية الادب وتقرير لمذهبه الذي نؤيد الداعين له منهاجا للكشف عن ادب الاقاليم المختلفة وسبيل الامة العربية الى لم شتات ادبها المبعثر المجهول.
3 – ان الادب الشعبي مكمل للادب المدرسي وان من شانه دراسته ان تساعد على الربط بين الادبين واجتياز الهوة الكبيرة التي تفصل بينهما.
وقد صادفنا في انجاز هذه الرسالة متاعب ومصاعب، بعضها يتصل بموقف المثقفين في المغرب من الادب العامي، واغلبها يتصل بمصادر الدراسة.
اما موقف المثقفين فواجهنا في انكارا مطلقا علينا ان نتخذ الزجل موضوعا لرسالة جامعية، وحاول كثير من الباحثين الاصدقاء تحويل فكرنا عنه واغراءنا بموضوعات في الادب المعرب المغربي او بما يرونه التراث الحقيقي الاصيل. وهم في هذا بين عدم معتبر للآداب والفنون الشعبية من التراث، لا يتمثل قيمتها ولا يراها جديرة بالبحث، وبين معترف بها ومقتنع بجدية الدراسة التي ندير عليها، ولكن يراها تستهدف التسلية والترويج وتاتي بذلك في المرتبة الثانية بعد التراث المدرسي، لا يعدو الاهتمام بها ان يكون ترنا للعقل وترفيها للنفس؛ وآخر يرى ان العامية اثر من بقايا فترة من التاخر والانحطاط ورواسب عهد الاستعمار، وان الاعتناء بها يعرقل سير التعريب الذي يسعى المغرب الى تحقيقه، وانه لا يمثل غير حركة رجعية هدامة تتستر خلف المحافظة على الآداب الشعبية.
ولعلنا ان نؤكد لهؤلاء جميعا ان الادب الشعبي جزء ركين من التراث، وانه تعبير عن مقومات الشخصية الوطنية والذاتية وتلك المقومات، وانه لو لم يكن كذلك ما حاول الاستعمار ان يعني ببعض جوانبه ليتسنى له ان يتسرب من خلالها الينا ليفهم عقليتنا ويدرك اعماق ثقافتنا واصول حضارتنا لينسفها من الاساس.
ونحن مع استاذنا الجليل الدكتور عبد الحميد يونس نخطيء من يتصور ان الآداب والفنون الشعبية "تستهدف التسلية والترويح عن النفوس المكدودة بعد عمل النهار الطويل تلتمس لها المواسم وتنتخب لها اماكن التجمع. ان التسلية والترويج وظيفة ثانوية، اما الوظيفة المحورية فقومية على الدوام تطلب المحافظة على ذات الفرد العزيز في امته وتطلب المحافظة على الجماعة كلها في آن واحد(2)".
ولعلنا نؤكد ان العامية ليست مظهرا من مظاهر اللغة الفصحى في صورة منحطة متاخرة، وانها مزيج مركب من العربية كما وفدت الى المغرب ومن اللغة المحلية يومئذ ونعني بها البربرية، وان العربية التي وفدت لم تكن الفصحى وحدها وانما كانت معها لهجات عربية قبلية، وان الصراع اللغوي الذي دار في المغرب لم يكن بين الفصحى والبربرية وانما بين هذه ومختلف اللهجات التي كان يتكلم بها العرب الوافدون.
ومن – هنا – واذا ما تهيات دراسة اللهجات العربية في كل الاقاليم – امكن التعرف الى صفاتها وخصائصها والى ما بها من عناصر اصيلة، واتضحت بالتالي كثير من ظواهر اللهجات العربية القديمة، بل اذا ما تهيات هذه الدراسة سهل تحديد مناطق التقريب بين العاميات وتوحيدها وسهل كذلك تطوير الفصحى وامدادها بكثير من الجديد.
ولعلنا ان نؤكد بعد هذا حقيقة اخطا في ادراكها من كان يتصور ان الاستعمار كان يحاول القضاء على الفصحى لحساب العامية، فمن المؤكد انه كان يقصد الى محوها جميعها ليحل لغته وينشرها اداة للتخاطب والفكر على السواء. ولسنا في حاجة الى القول بانه لم يعد يخشى على الفصحى ان يقضى عليها او تزول بعد ان عادت سيادة الوطن العربي الى ابنائه، فاللغة العربية الفصحى هي الرباط الجامع لشمل العرب وعماد قوميتهم وعنوان وحدتهم، وهو واقع لا ينكره الا الجاهلون والمعاندون ومن بقيت في نفوسهم وافكارهم رواسب الاستعمار، ولكنه انكار لا يؤثر على هذا الواقع في شيء.
وحقيقة اخرى في نفسنا نرجو ان نصرح بها للذين يرفضون دراسة الزجل خشية على العروبة ولغتها، وهي ان اتخاذ المغاربة للهجة العامية عربية اداة للتعبير الشعري دليل واضح وقاطع على عروبتهم وحيويتهم وحبهم للغة العربية، ولكن حذار الظن بانا ندعو لها لغة للفكر، فهي قاصرة وعاجزة عن ان يتعدى نطاق ذلك التعبير في غنى عتها بلغتنا الفصحى التي يتوفر لها الامكانيات ما يجعلها قادرة على استيعاب كل جديد.
واما المصادر فعلى اربعة انواع :
1) الابحاث التي تتصل مباشرة بالدراسة، وهي جد قليلة لا تتعدى بضع مقالات. وكان ذكر لنا الاستاذ محمد الفاسي انه مهتم منذ خمس وثلاثين سنة بوضع عروض للشعر الملحون المغربي فاعتبرناه بذلك رائد البحث في الادب الشعبي، وسالناه اكثر من مرة – بالاتصال الشخصي والوسائط والرسائل –ورجوناه والححنا في الرجاء عساه يمدنا بما قد يفيد ولكنه كان ابدا يردنا ويصدنا مهولا لنا امر هذا الادب، ضنينا علينا بما قد يكون جمع من نصوصه او كتب عنه.
2) الاشياخ : سواء منهم الشعراء او الرواة. وقد اتصلنا في مختلف المدن المغربية بعدد منهم غير قليل. وكان اعتمادنا عليهم كليا في التعرف الى الزجل والزجالين، ولكنا وجدناهم يختلفون في العلم الى حد التناقض في بعض الاحيان، ويروون اخبارا اقرب الى الخوارق والخرافات منها الى الحقائق. وكان علينا ان ننظم ما ناخذ عنهم من معلومات واخبار فوضعنا فهرسين بالجذاذات احدهما خاص بالزجل والثاني بالزجالين مرتب ترتيبا تاريخيا، وكان علينا بعد هذا ان نصفي ما ناخذ عنهم من معلومات نغربلها وننسق فيما بينها. ومع اننا وجدنا في ذلك مشقة وصعوبة، فقد تمكنا في النهاية ان نصل الى تحديد مقاييس الزجل وقواعده والتاريخ له.
3) النصوص الزجلية وتتمثل في :
ا - النصوص المطبوعة : وهي قليلة لا تتعدى ديوانا صغيرا وبضع قصائد متفرقة.
ب – النصوص المخطوطة : تتضمنها مجموعة الكنانيش التي وقفنا عليها في المكتبات العامة والخاصة. ونسجل هنا اننا لم نتمكن من الاطلاع على مجاميع الخزانة العامة المرقمة في حرف د : 474 – 1426 – 1504 – 1535، وقد تبين لنا بعد البحث الطويل عنها انها اخرجت من الخزانة وانها في حوزة بعض الاساتذة، وقد اتصلنا به، وخاطبناه في ان يسمح باطلاعنا عليها ولكنه لم يستجب. كذلك سالناه اكثر من مرة ان يمدنا ببعض القصائد وخاصة قصيدة "المصرية" وهي قصيدة طويلة لا يحفظها الاشياخ كان قد نظمها محمد بن علي العمراني في احتلال بونابرت لمصر. وكنا سالناه عنها فاخبرنا انها مدونة لديه. وطلنا منه – شفاها وكتابة – ان يطلعنا عليها او على جزء منها ولكنه للاسف لم يفعل.
ج – النصوص المروية وقد جمعنا منها عددا غير قليل بواسطة التسجيل الصوتي والتدوين الكتابي سواء من الاذاعة او من افواه الشعراء والمنشدين.
وقد لاحظنا ان الاذاعة لا تتوفر الا على عدد قليل من القصائد بسبب حداثة عهدها بنظام التسجيل الصوتي، كما لاحظنا ان محفوظات الاشياخ تدور في نطاق عدد معين من القصائد لا تخرج عما يرغب الجمهور في الاستماع اليه، بل ان تقرير جمعية "هواة الطرب الملحون" بمراكش لسنة 64 – 65 يثبت ان محفوظ اعضاء الجمعية – منشئين ومنشيدين وهواة – لا يتعدى سبعا وتسعين ومائة قصيدة، وان اكثر الشعراء حظا وهو التهامي المدغري لا يحفظ له اكثر من اثنين وثلاتين قصيدة. ويثبت تقريرها للسنة التالية ان عدد الاشياخ الذين انشدت اشعارهم لا يتعدى الخمسين.
ولم يكن سهلا علينا ان نفهم هذه النصوص، وخاصة منها المدونة، بسبب تطور اللهجة وعدم معرفتنا بمعاني كثير من الكلمات وكيفية النطق بها وطريقة قراءة البيت بما يقيم الوزن. وحتى بالنسبة للنصوص الملفوظة فقد كان الامر غير يسير، اذ ان الحفاظ يختلفون في نقل النص الواحد غير صحيح الا من كانوا منهم عارفين بالفن مدركين لمقايسه، ومثل هؤلاء يحاولون التصرف في النص بالتبديل والاصلاح.
وكان احساسنا بهذه الصعوبة قويا حين حاولنا – مجتهدين في الغالب – ان نضبط النماذج التي اوردنا ونشكلها لتسهل قراءتها ويقرب فهمها. ولنفس الغاية حاولنا كتابة النصوص حسب نطقها او بالاحرى حسب النطق الذي اهتدينا اليه، بالاضافة الى اننا قدمنا شروحا لما رايناه غامضا من الكلمات والتراكيب، والى اننا لجانا في باب الموضوعات الى نشر ما استشهدنا به من نصوص.
4 – ما كتب بالعربية او غيرها في الموشحات والازجال واللهجات والتاريخ والتراجم والآدب. وقد حاولنا ان نقف فيها على تجارب الاخرين وخبرايهم العلمية والعملية عسانا نستخرج منها بعض ما قد يساعدنا فيما نحن بصدده من دراسة لموضوع بكر جديد. وقد اتيح لنا خلال الرحلة العلمية التي قمنا بها لتركيا واسبانيا ان نقف في خزائن اسطنبول ومدريد والاسكوريال على مصادر انارت لنا بعض مسالك السير. وكان املنا ان نجد في مصادر الادب المغربي القديمة بعض النصوص الزجلية، ولكننا الفينا المؤلفين يعرضون عن ايرادها بل حتى عن ايراد الموشحات على ما يقول عبد الواحد المراكشي متحدثا عن عبد الملك بن زهر : "واما الموشحات خاصة، فهو الامام المقدم فيها، وطريقته هي الغاية القصوى التي يجري كل من بعده اليها، وهو آخر المجيدين في صناعتها، ولولا ان العادة لم تجر بايراد الموشحات في الكتب المجلدة لاوردت له بعض ما بقي على خاطري من ذلك(3)".
وكان المنهاج الذي سرنا عليه في البحث هو نفس المنهاج الذي ندعو له في دراسة كل ادبنا وتراثنا عامة، ويتخلص في اربع مراحل، يحتاج انجازها – كلها او بعضها – الى جهود فردية وجماعية تعمل في تكتل وتناسق وتكامل، وهي :
1 – التعرف الى المصادر والتعريف بها بوضع فهارس لمخطوطات الخزائن العامة والخاصة.
2 – اخراج النصوص مجردة او محققة ان امكن.
3 – دراسة هذه النصوص دراسة تحليلية تقوم على الوصف والتقرير.
4 – دراستها دراسة نقدية ومقارنة.
فقد بدانا بحصر مصادر الزجل الموجودة في كل المكتبات العامة وبعض الخزائن الخاصة، بالاضافة الى ما سجلناه من الاذاعة وافواه الاشياخ، وتجمع لنا من ذلك نحو الف نص، منه ما يقرب من ربعه مكرر، ولكن تكراره اتاح لنا مقابلة بين النصوص التي وقفنا منها على اكثر من نسخة.
وفد صنفنا هذه النصوص ووضعنا لها فهارس على النحو :
اولا : فهرس لكل مجموع او كناش
ثانيا : فهرس بالجذاذات للقصائد مرتب حسب الموضوعات
ثالثا : فهرس للقصائد مرتب حسب الشعراء
رابعا : فهرس للقصائد المنشدة
خامسا : فهرس للقصائد التي لم نهتد لاصحابها
سادسا : فهرس للقصائد التي يروي الحفاظ المغاربة لبعض زجالي الجزائر، وكانوا في معظمهم كثيري التردد على المغرب والاتصال باشياخه وجماهيره.
وفي كل من هذه الفهارس اشرنا الى عنوان القصيدة ولازمتها واسم صاحبها ومرجعها، وكذلك اسم المنشد ومدة الانشاد بالنسبة للقصائد المسجلة بالصوت
بهذا التحديد للمصادر وتسهيل الرجوع اليها فيما تظمنا من فهارس، مهدنا السبيل امام الذين يرغبون في اخراج النصوص ونشرها، وما كان في استطاعتنا ان نقوم بذلك ونحن بصدد انجاز الرسالة لاسيما وان عددها كثير. لهذا حاولنا ان نمثل اثناء الدراسة بنماذج متعددة ومختلفة من النصوص وخاصة في باب الموضوعات. وقد كان في نيتنا ان نقتطف منها مختارات نلحقها بالرسالة، ولكننا اعتبرنا الحاق "دليل للزجل" اهم من الحاق المختارات. والامل عندنا – اذا ما اتيحت فرص النثر – ان نخرج هذه النصوص سواء في مختارات او في دواوين بالنسبة للشعراء الذين تجمع لنا من قصائدهم عدد كثير.
وراينا ان تكون دراستنا وصفية تسجيلية نقصد منها في المقام الاول الى التعريف بالزجل تقريرا وتحليلا، دون محاولة لمقارنته بالادب المعرب او ادب اللهجات العامية الاخرى، وهي طريقة تتفق والمنهاج الذي فرض نفسه علينا بعد ان خططناه والذي اقتضى منا في هذه المرحلة من الدراسة ان نركز على الوصف والتقرير والتحليل، وهي مرحلة نراها ضرورية في الكشف عن أي ادب مجهول. وعسى ان توفق في المستقبل الى القيام بدراسة مقارنة يكون اساسها ما امكننا حصره من الوان الشبه بين الزجل المغربي والزجل الاندلسي او بينه وبين الادب المعرب وما اشار به علينا استاذنا الجليل الدكتور الاهوائي اثناء اشرافه على الرسالة وتتبعه لمراحلها المختلفة.
وما نقوله عن الزجل نقوله كذلك عن لغته، فقد حاولنا من خلال البحث ان نتعرف اليها حيث سحلنا بعض ظواهرها وخصائصها في محاولة اولية للوصف بعيدا عن مقارنتها بغيرها من اللهجات والحكم او محاولة استنباط قواعدها وقوانينها التي خضعت لها. وقد احسسنا في المحاولة البسيطة التي قمنا بها في هذا المجال ان امر المرحلة الوصفية ليس باليسير، يحتاج انجازه هذه المرحلة امكن تقديم مادة اولية ادارسي اللهجات وعلمها المقارن.
(1) في مجلة "دعوة الحق" وفي ثلاث حلقات ابتداء من عدد نوفمبر 1962 (السنة السادسة).
(2) من المقال الافتتاحي لمجلة الفنون الشعبية بعنوان "الماثورات الشعبية" العدد الاول السنة الاولى 1965.
(3) المعجب في تلخيص اخبار المغرب ص 92 نشر محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي – مطبعة الاستقامة – القاهرة سنة 1949.
-************************************************** ****-