أحمد بوكماخ، ذلك الفارس البيداغوجي
كلما حل موسم دراسي جديد،إلا وانتصب أمامي هرم من أهرامات المغرب على مستوى تأليف الكتاب المدرسي،ذاك هو المرحوم أحمد بوكماخ،الذي كان سباقا إلى تأليف سلسلة اقرأ الشهيرة،التي شكلت مرجعا أساسيا للمعلمين في المستويات الخمسة للتعليم الابتدائي،وإلى هذه السلسلة يرجع الفضل في تشكيل بعضا من وعي تلاميذ ذلك الزمان والذين كان لهم الحظ مثلي في التعامل مع مضامينها الثرية..
وكرجل تعليم ،أفخر وبل أشرف بأن تتزين مكتبتي بسلسلة اقرأ،وقد يراودني الحنين في الكثير من الوقت ،فأعكف على قراءة بعض النصوص الشيقة على شاكلة، زوزو يصطاد السمك،والله يرانا،ومرحى سيدي الهزار.....،فأقف مندهشا لروعة الأسلوب، وغنى المضامين على مستوى الرصيد المعرفي والوظيفي،إضافة إلى وجود العديد من القيم المبثوثة في ثنايا النصوص،ولست هنا بصدد تحليل مضامين السلسلة وإنما أعطي إشارات للقارئ ليأخذ ولو فكرة عن الرجل الذي كان وراء هذا المنتوج الخالد.وأقول في هذا الصدد بأن رجل من هذا الطراز الرفيع لجدير بأن يخلد ذكره،وقد سررت عندما علمت أن إحدى المدارس بوجدة تحمل اسم أحمد بوكماخ،فهذا اعتراف بمكانة الرجل،وأنا أشكر من كان سباقا لهذه الفكرة..
إن أحمد بوكماخ الذي نستحضر بعضا من أفضاله على المناهج الدراسية المغربية،هوإطار مغربي كرس حياته لخدمة الناشئة في وقت كانت كتب المشارقة هي المسيطرة على السوق المغربية،فوضع له قدما راسخة وسط عمالقة التأليف على المستوى العربي، وما يحز في النفس هو التجاهل الذي يلقاه هذا المؤلف الشامخ من بني جلدته، خاصة ممن يقفون عند الشكل ولايغوصون في المضامين،لأنه في نظرنا، الحاسوب قضى على الكتاب، وشح المبيعات خير دليل على ذلك،وكم كنت أعاني وأنا استشهد في لقاءاتي التربوية ببعض نصوص بوكماخ خاصة مع الأساتذة الجدد، الذين لم يشرفوا بدراسة كتاب اقرأ،ذلك أن منهم من كان ينعت بوكماخ (ببوكلاخ) على لسان العامة،وكنت أحاول أن أدافع عن الرجل بالحجة والدليل،منطلقا من النصوص ومقارنة ذلك بالنصوص الحالية،وكثيرا ما كنت أسرد هذه الأطر المغربية المنتشرة في ربوع المملكة،والذين كلهم شربوا من ذلك النبع الصافي..
فجزى الله أستاذنا أحمد بوكماخ أحسن الجزاء على ما قدم من خدمات جليلة للمدرسية المغربية،ونحسبه من الذين تركوا لنا علما ننتفع به ،لذلك فهو لم ينقطع عمله،فلنجدد عليه الرحمات بهذه المناسبة .
الطاهر بونوة مفتش تربوي
[email protected]