هسبريس - محمد الراجي
هل يعلمُ الآباءُ والأمهات المغاربة أين يقضي أطفالهم الصغارُ الجُزءَ الأكبر من وقتهم الحُرّ؟ المندوبية السامية للتخطيط أجابتْ عن هذا السؤال في بحث وطنيّ ميداني، عرَضَ نتائجَه المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي، وكشف أنّ الجزء الأكبر من الوقتِ الحُرِّ للأطفال المغاربة (6 ساعات و 57 دقيقة) ينصرم في مشاهدة التلفزيون.
ويقضي الأطفال المغاربة البالغون ما بين 7 و 14 سنة في المعدّل 3 ساعات من يومهم في مشاهد التلفزيون، وهو ما يُمثّل 43،6 في المائة من وقتهم الحُرّ الإجمالي؛ هذا المُعطى جعل المندوب السامي للتخطيط يقول إنّ هناك حاجةً إلى ضبْط علاقة الأطفال المغاربة مع التلفزيون، خصوصا وأنّهم قد يشاهدون برامج لا تتلاءم مع محيطهم الثقافي.
وذهب الحليمي إلى أنّ قضاء الأطفال المغاربة ثلاث ساعات يوميا في مشاهدة التلفزيون، يطرح سؤال ما سيترتّب عن ذلك مستقبلا في إطار علاقات الأسر مع أطفالها، كوْنُ القيَم التي يتلقّونها من التلفزيون قد تكون مختلفة عمّا هو سائد في وسطهم الأسري، "وهو ما يمكن أن يكون مصدرا لنوع من الرّفض وبعض السلوكيات الشاذة"، يقول الحليمي.
وإذا كان الأطفال المغاربة يقضون ما يقارب نصف وقتهم الحرّ في مشاهدة التلفزيون، فعلاقتهم بالأنترت تتّسم بعدم الاستفادة، إذ لا يخصّصون سوى 5 في المائة من الزمن المرصود لولوج الأنترنت والمقدّر بـ12 دقيقة (21 دقيقة بالوسط الحضري ودقيقتين بالوسط القروي) للأبحاث التربوية، ويذهب باقي الوقت في التواصل عبر الشبكات الاجتماعية.
على صعيد آخر، نبّه البحث الميداني الذي أعدّته المندوبية السامية للتخطيط، وشمل 9200 أسرة مغربية من مختلف أنحاء المغرب، إلى أنّ النموذج التربوي والتكويني للأطفال المغاربة يتّسم بالتوجّه نحو إعادة إنتاج السلوك والعلاقات الاجتماعية السائدة في المجتمع المغربي، إذ لا يشغل الفضاء التربوي سوى 15،7 في المائة من زمن الأطفال.
ويقضي الأطفال المغاربة المتراوحة أعمارهم بين 7 و 14 سنة من أجل تربيتهم وتكييفهم مع الحياة الجماعية 60،6 في المائة من حياتهم بالوسط العائلي، و 22 في المائة منها بالأماكن العمومية، أمّا فيما يتعلق بالمطالعة فإنّ الأطفال المغاربة لا يقرؤون سوى دقيقة واحدة في اليوم، بيْنما لا يُخصّصون لممارسة الأنشطة الرياضية سوى دقيقتين اثنتيْن.
الخُلاصة التي خلُص إليها البحث هو أنّ هذه الوضعية تقتضي أن يكون النمط المعتمد في المغرب لنقل القيم والسلوك والمعرفة للأطفال في قلب انشغالات الجميع، آباءً ومدرّسين ومسؤولين سياسيين على تأثير سلوهم داخل عائلتهم، وعلى جودة البرامج المدرسية والتأطير قبل المدرسي وشبه المدرسي، وعلى محتوى البرامج التلفزيونية.