بقلم الدكتور جميل القدسي ( مكتشف أسس علم التغذية فيالقرآن
حقيقة علمية تاريخية , أكدها العلم الحديث وخلدها القرآن الكريم , وهو أن الله قد خلقنا من تراب الأرض , وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ " (20) الروم, وقد أكد الحديث الشريف أيضا بأن التراب الذي خلق منه آدم لم يكن تراب الجنة إنما كان تراب الأرض فعن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب " رواه الترمذي وابن حبان وأبو داود ,
فقد اكتشف العلم الحديث بأن جسم الإنسان مكون من نفس عناصر التربة وبنفس النسب تقريبا تماما
وهكذا نجد أن كل من العناصر الوفيرة الموجودة في التربة والتي تعرف بأنها وفيرة لأنها متوفرة بشكل كبير في التربة موجودة أيضا بشكل وفير في داخل جسم الإنسان أما بقية العناصر الموجودة في التربة فتعرف باسم العناصر النادرة , وهي اسم على مسمى ذلك لأنها تكون موجودة في التربة وفي جسم الإنسان بكميات قليلة
وقد وجدنا من خلال بحثنا الذي استمر أكثر من ثمانية سنوات بأن كل عضو من أعضاء جسم الإنسان يقوم بمليارات من التفاعلات الحيوية التي تعتمد وبشكل أساسي على وجود العناصر اللازمة لكل عضو من أعضاء الجسم نوعا وكما وبشكل دقيق جدا , وذلك يشبه تماما المختبر الكيميائي الذي لا يمكن أن تتم فيه التفاعلات على أكمل وجه إلا إذا توفرت العناصر الداخلة في التفاعل نوعا وكما وبشكل تام غير منقوص
ولعل واحد من أهم المشاكل التي أحدثها الإنسان في صحته دون أن يدري بدأت بإضافة السماد الكيماوي كسماد بديل للسماد الطبيعي العضوي , فأول التأثيرات التي يحدثها هذا السماد الكيماوي يعرف باسم تمديد تركيز العناصر ويتمثل ذلك فيما يلي , فإضافة السماد الكيماوي إلى التربة من أجل تحريض نمو الثمار والخضار والفواكه بشكل كبير وسريع, يوصلنا إلى عشرة أضعاف الإنتاج العادي
وهذا هو أول تأثير للسماد الكيماوي ذلك أن عناصر الأرض التي كان من المفروض أن تتوزع على طن من الطعام أصبحت تتوزع على عشرة أطنان, فتخيلوا حجم النقص الذي نعانيه في طعامنا وخضارنا وفواكهنا وثمارنا ونباتاتنا العطرية , وهذا يعني أنه إذا أردت أن تأخذ الفوائد الموجودة في تفاحة من التفاحات التي كانت تزرع قبل 40 سنة مثلا , قبل أن يدخل السماد الكيماوي إلى تربتنا , فإن عليك أن تأكل الآن عشر تفاحات حتى تحصل على نفس العناصر , وقد على ذلك كل طعام وكل شراب وكل خضار وكل فواكه وكل نبات عطري , فهل يمكن أن تأكل من الكميات أكبر بعشرة أضعاف ما تأكله الآن ؟
ولعل المصيبة القادمة هي أعظم وأخطر , فالأبحاث العلمية الحديثة تشير إلى أن السماد الكيماوي يقتل دودة الأرض التي لا تتحمل التراكيز العالية من السماد الكيماوي الذي يقتلها, وقد اكتشف أن دودة الأرض هذه هي نعمة من نعم الله على البشرية سبحانه وتعالى "أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 17) وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ( 18) النحل , ذلك لأن هذه الدودة الأرضية تخرج في خروجها يوميا ما يعادل وزنها من أفضل أنواع المخصبات الطبيعية الغنية بكافة العناصر النادرة
وهذا ما يفسر لماذا أصبحت الفواكه والثمار والخضار وكل ما نزرع في يومنا هذا فاقدا للطعم والنكهة والرائحة الطيبة الزاكية اللذيذة التي كنت نتذوقها في طعامنا قبل ثلاثين سنة من الآن عندما لم يكن السماد الكيماوي قد دخل أرضنا بعد , وما ذلك إلا لفقدان العناصر النادرة من ثمارنا بسبب قتل دودة الأرض , هذه العناصر الناردة التي تعطي الثمار والخضروات والفواكه الطعم والنكهة واللذة والرائحة
هذا وإن نقص العناصر التي يحتاجها جسم الإنسان بشكل مستمر ومزمن , يبدأ يعطل مئات الملايين من التفاعلات الحيوية التي تحتاجها كل أعضاء الجسم بدون استثناء , غير أن العضو الذي فيه نقطة ضعف وراثية أو خلقية أو تكوينية هو الذي سيختل توازنه أولا , وسيبدأ بالمرض فيه أولا , وما يكون مرضه إلا بسبب نقص عناصره التي أدت إلى نقص في تفاعلاته الحيوية , وفي الحقيقة أن بحثنا الذي أجري على مدى ست سنوات على آلاف من المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أثبت وبشكل كبير قدرته وبفضل الله على علاج كثير من الأمراض المزمنة المستعصية بتعويض العناصر الذي يحتاجها الجسم من خلال أسس علم التغذية والطاقة في القرآن الكريم (الغذاء الميزان ).
ولذلك أقول وبشكل واضح , إذا كنا قد وفرنا في ثمن المحاصيل , فإني أؤكد لكم بأننا دفعنا أضعافا مضاعفة ثمن علاج وأطباء ومستشفيات وتجهيزات عظيمة , وقد أثبت بحثنا بأننا نوفر على المريض ما يعادل 90 % من ثمن أدويته ومما تتكلفه الدولة عليه من خلال تطبيق برنامج غذائي صحي بإذن الله
وهذا في الحقيقة ما يقصده الله سبحانه وتعالى بقوله والله أعلم " وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ " ( 19) الحجر فابن آدم الذي خلق من تراب موزون إذا أكل طعاما طيبا وكان هذا الطعام موزونا لم يتدخل الإنسان فيه وفي توازنه الذي خلقه الله عليه " وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ " (19) الحجر, وكان في هذا الطعام عناصره الكاملة في النوع والكم فإن جسمه سيبقى موزونا متكاملا سليما معافى بإذن الله , ولكن إذا بدأ الإنسان يغير خلق الله في الطعام بتغيير توازنه فإن ذلك بلا شك قد يحمل كوارث , لعلنا بدأنا نعاني نرى آثارها حاليا , وهذا مصداق لقول الله سبحانه وتعالى " وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ " (30) الشورى , وهو قوله سبحانه وتعالى أيضا " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " (41) الروم .