دفاتر مقالات الرأي والتقارير الصحفية التربويةهنا نرتب أهم وآخر مقالات الرأي والتقارير الصحفية الواردة بالصحافة الوطنية والمتعلقة بموضوع التربية والتعليم
المشروع يدقق قواعد التأسيس والتدبير الديمقراطي والمراقبة المالية
الجمعة 25 أكتوبر 2019
فتحت حكومة العثماني ملف مشروع قانون النقابات، الذي ظل مستعصيا على الحكومات السابقة، بسبب الاعتراضات القوية لمكونات الحركة النقابية، على طريقة تدبير الملف ومضامين المشروع المثيرة للجدل، خاصة في الجوانب المتعلقة بتسيير النقابات ومراقبة ماليتها.
حرص محمد يتيم، وزير الشغل السابق، قبل مغادرته مكتب الوزارة على إثقال مهمة خلفه، بورش من حجم كبير، ينضاف إلى ورش قانون الإضراب، الذي يواجه برفض جماعي من قبل جميع النقابات، إذ راسل المركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب بـ “مشروع قانون حول النقابات المهنية”، الذي يتضمن مقتضيات جديدة تتعلق بتأسيس المنظمات المهنية والنقابية والمفاوضة الجماعية، ويهدف إلى وضع القواعد المتعلقة بتأسيس النقابات وأنشطتها ومعايير تخويلها الدعم وكيفية رقابة تمويلها.
تجاوز ازدواجية القوانين
تسعى الوزارة من خلال ما ورد في مذكرة التقديم لمشروع قانون رقم 19-24، إلى تجاوز الازدواجية في النصوص التشريعية والقانونية المحددة لكيفية ممارسة الحق النقابي بين القطاعين العام والخاص، حيث يخضع موظفو القطاع العام لأحكام ظهير 16 يوليوز 1957، بينما يخضع أجراء القطاع الخاص لأحكام مدونة الشغل، من خلال مواد من 396 إلى 429، ومن 470 إلى 474.
وحسب المذكرة، فقد نظمت مدونة الشغل ممارسة الحق النقابي في القطاع الخاص، عبر التنصيص على مجموعة من المقتضيات المتمثلة على الخصوص في تحديد معايير ومستويات التمثيلية بالنسبة الى المنظمات النقابية، وتخويل الأكثر تمثيلا للأجراء الحق في تعيين ممثل أو ممثلين لها داخل المقاولات التي تشغل 100 أجير أو أكثر، والتنصيص على تمكينهم من التسهيلات النقابية اللازمة لأداء مهامهم، مع دعم مالي للمنظمات النقابية.
وركزت المذكرة الوزارية على دور المنظمات النقابية والغرف المهنية في الدفاع عن حقوق ومصالح الفئات التي تمثلها، والنهوض بها في نطاق احترام القانون والدستور.
كما نص المشروع على ضرورة أن تكون هياكل المنظمات وتسييرها مطابقة للمبادئ الديمقراطية، وتعمل السلطات العمومية على تشجيع المفاوضة الجماعية، وعلى إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، وفق الشروط التي ينص عليها القانون.
ويسعى المشروع الجديد إلى تدارك واستكمال النصوص التشريعية والقانونية ومد الحقل النقابي والتنظيم المهني بإطار قانوني يستجيب لمتطلبات الديمقراطية والحكامة الجيدة ويعكس قدرتها التعاقدية، ولتفادي الازدواجية التي يعرفها الحقل النقابي، ووضع قانون عام وموحد يشمل القطاعين العام والخاص، وملاءمة التشريع الوطني مع أحكام اتفاقية العمل الدولية رقم 87، والتي لا تتعارض مع التشريع الوطني.
التدبير الديمقراطي
يهدف المشروع إلى جمع المقتضيات المرتبطة بالعمل النقابي، وبالمنظمات المهنية للمشغلين وتحديد العلاقة بينها، إذ شمل تحديد مجال تطبيق القانون من حيث فئات العمال والمشغلين، كما يسعى إلى ضبط تأسيس نقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين، وتحديد شروطه، وتسيير النقابات وكيفية ممارستها لعملها، وتحديد المعطيات الأساسية التي يجب أن يتضمنها القانون الأساسي للنقابات والمنظمات المهنية للمشغلين، وما يتعلق بالتدبير الديمقراطي للنقابات، واحترام دورية المؤتمرات، ووجوب التنصيص على مدة ولاية مسيري النقابة وولاية الأجهزة المسيرة، وضمنها زعماء النقابات .
المراقبة المالية
تضمن المشروع مقتضيات تهم المراقبة المالية للمنظمات النقابية للعمال وللمنظمات المهنية للمشغلين، على غرار ما هو معمول به في قانون الأحزاب.
وتشكل المراقبة أحد القضايا الأساسية في القانون، لأنها ستخضع مالية النقابات إلى المراقبة، باعتبار أن جزءا أساسيا منها يتأتى من الدعم العمومي، وهي قضية لا تعترض عليها النقابات، بل وترحب بها لرفع كل الشبهات التي تطول التدبير المالي للمركزيات.
كما يهدف المشروع إلى تحديد الحقوق المترتبة عن الأهلية المدنية لنقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين، وسريان أحكام القانون على اتحادات نقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين، وتحديد معايير ومستويات التمثيلية بالنسبة إلى المنظمات النقابية للعمال بالقطاعين العام والخاص، والتنصيص على إمكانية إحداث تنسيقيات نقابية بالمقاولة أو المؤسسة، بالإضافة إلى تحديد معايير ومستويات التمثيلية المتعلقة بالمنظمات المهنية للمشغلين، مع مراجعة وتدقيق بعض المقتضيات المرتبطة بالتمثيلية، أخذا بعين الاعتبار أن بعض مكونات مجلس المستشارين تنبثق من هيأة ناخبة ناتجة هي الأخرى عن انتخابات تمثيلية لمنظمات رجال الأعمال والمنظمات النقابية.
عشرة أبواب و131 مادة
ضم المشروع إضافة إلى الديباجة، عشرة أبواب و131 مادة، تشمل مجال التطبيق والتعاريف، وشروط التأسيس وممارسة الحق النقابي، والـهيآت المدنية لنقابات العمال والمنظمات الأكثر تمثيلية وصلاحياتها.
كما خصص الباب الخامس للحوار الاجتماعي، من خلال المواد 47 إلى 77، فيما خصص الباب السادس للتسهيلات النقابية وحماية الحق النقابي، أما المراقبة المالية للنقابات فقد خصص لها الباب السابع.
ترحيب نقابي بشروط
يرى النقابيون أن طرح مشروع قانون النقابات اليوم، بالتوازي مع النقاش المفتوح حول قانون الإضراب، له ما يبرره، لأن هناك ارتباطا بين المشروعين، بل وتداخلا بينهما، بشأن الحوار الاجتماعي، والمفاهيم الواردة في مشروع قانون الإضراب، تجدها في قانون النقابات، ومن المفيد أن يصدر القانونان معا، بعد نقاش وتوافق مع مكونات أطراف الشغل المعنية.
وإذا كان الموقف المبدئي للنقابات هو الترحيب بقانون موحد للعمل النقابي بين القطاعين العام والخاص، إلا أن الخلاف الذي سجلته بعض المركزيات الكبرى، هو المنهجية التي اختارت الوزارة اعتمادها، وهي التشاور، عوض الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف، بمضمون تفاوضي، يسعى إلى تحقيق التوافق بينها.
ويرى مسؤول كنفدرالي أن الحكومة ووزارة الشغل على الخصوص، تسعى إلى الإجهاز على الحوار الاجتماعي المؤسس، والذي كان من حسناته، المصادقة والتوافق حول مدونة الشغل في 1996.
لجنة أطر لدراسة المشروع
أوضح مسؤول في المكتب التنفيذي أن الكنفدرالية توصلت بمشروع القانون الخاص بالنقابات، وبادر إلى تشكيل لجنة من الأطر تحت إشراف المكتب التنفيذي، لدراسة المشروع وإعداد مقترحات للترافع بشأنه، اعتمادا على مساهمات خبراء ورجال قانون، والتحضير لندوة وطنية تنتهي بتوصيات تعتمدها في إعداد المقترحات والتعديلات التي سترفعها إلى الوزارة.
وترى الكنفدرالية أن المشروع يحيل على معايير منظمة العمل الدولية، في الوقت الذي لم يوقع المغرب بعد على الاتفاقية رقم 87، وهي اتفاقية أساسية، بالنسبة إلى عالم الشغل، وإذا كان المشروع قد خصص الباب الخامس للحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف، إلا أن الملاحظ هو تغييبه لمفهوم التفاوض والمفاوضة الاجتماعية، واعتماد مفهوم التشاور وطنيا وجهويا، في الوقت الذي تشير المادة 77 إلى ضرورة تـأطير الحوار ضمن ميثاق اجتماعي عام.