السلام عليكم.
عدت اليكم مرة أخرى لأنقل لكم وبكل أمانة جزئية بسيطة من معاناة الأستاذ.
-ثلاثة أيام بلياليها والأمطار تهطل بغزارة ،ابتلّت الأرض وابتلّ معها حطب التدفئة،قليل من عيدان الحطب في ركن الغرفة الصغيرة التي اصبحت مطبخا. اشتدّ صوت الرعد وبكل قوة وتعيد الجبال المحيطة صداه ومعه البرق يضيئ كل مكان بالتوالي وفي تناغم عجيب.كلما اشتدّ صوت الرعد أقفز من الخوف.
اذا قمت باستطلاع خارج البيت ترى أشجار اركان راكعة تكاد تسقط من هول العاصفة،السيول جارفة حيث إمتلأ الغدير رغم عمقه وشساعته.
وحيدا لا ماء ولا كهرباء وبطاريا ت المذياع قالت الوداع.
نفد الطعام،اللهم بعض فتات من حلوى .لا مغيث الا الله تعالى.الواد يزمجر حاملا معه العيدان والأشجار والرمال يقف حاجزا منيعا بيني وبين الدواوير المجاورة والمدينة.
في اليوم الثالث،خرجت ارقب الطريق لعلي اجد من يزودني بالطعام ،لكن دون جدوى.أظلم الليل قبل الغروب ،في تلك اللحظة هبت ريح عاصف هلع من هولها قلبي .اوصدت الباب بدعامة من شجر اركان وحجر،واشعلت نارا ووضعت عليها إبريقا أسودا.......الغرفة اصبحت لا تطاق،دخان كثيف،عيناي تسيل دمعا دون بكاء.لساني جف ليس من العطش بل من الخوف.
شربت كأس شاي بالزعتر،وتركت ما تبقى وقلت به سأفطر،وكذلك كان .قضيت ليلتي يعصرني الجوع والهلع.نمت سويعات قليلة بعد ان اتممت قراءة قصة*الفراشة* Papillon كنت اقتنيتها من براريك جامع الفناء وعلى ضوء قنديل.
بزغ الفجر،لم أجرؤ على الخروج خوفا من الخنازير البرية.وبعد هنيهة،سمعت اصواتا آتية من بعيد .خرجت وأنا اتفحص المكان.بياض في بياض.بدأ النور يظهر معلنا طلوع الشمس ويوم جديد، تنفست الصعداء .وقلت الحمد لله فُرجت.لكن الواد لازال جارفا وخطيرا.
هناك على الضفة المقابلة للمدرسة،أرى وبوضوح أطفالا صغارا.اتعلمون من؟ تلامذتي،يلوحون لي بأيديهم البريئة ليعبروا عن أسفهم عدم إمدادي بالطعام ولمدة ثلاثة أيام بلياليها.
وما ان طلع النهار حتى انزاح الهلع وعادت (حليمة لعادتها القديمة )كما يقول المثل المغربي....
ولكم مني السلام ....
كان ذلك سنة 1979 ...سؤالي :هل تحسّن الوضع ،أم لا زال على حاله؟
*دمتم بخير
بقلم: أحمد خوية