اعلم أن قيام الليل عسير على الخلق إلاعلى من وفقه الله للقيام بشروطه الميسرة له ظاهرا وباطنا .
فأما الميسرات الظاهرة فأربعة أمور :
الأول : أن لا يكثر الأكل فيكثر الشرب فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام .
الثاني : أن لايتعب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح وتضعف بها الأعصاب فإن ذلكمجلبة للنوم .
الثالث : أن لايترك القيلولة بالنهار فإنها سنة للإستعانة على قيام الليل .
الرابع : أن لايحتقب الأوزار بالنهار ، فإن ذلك مما يقسي القلب ويحول بينه وبين أسباب الرحمةوتمنع من قيام الليل ؛ وأخصها بالتأثير تناول الحرام ، وتؤثر اللقمة الحلال فيتصفية القلب وتحريكه إلى الخير ما لا يؤثر غيرها ويعرف ذلك أهل المراقبة للقلوببالتجربة ، ولذلك قال بعضهم : كم من أكلة منعت قيام ليلة وكم من نظرة منعت قراءةسورة ؟! وإن العبد ليأكل أكلة أو يفعل فعلة فيحرم بها قيام سنة وكما أن الصلاة تنهىعن الفحشاء والمنكر فكذلك الفحشاء تنهى عن الصلاة وسائر الخيرات . قال رجل للحسن : يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم ؟ فقال : ذنوبك قيدتك .
* وأماالميسرات الباطنة فأربعة أمور :
الأول : سلامة القلب عن الحقد على المسلمين وعن البدع وعنفضول هموم الدنيا ؛ فالمستغرق الهم بتدبير الدنيا لا يتيسر له القيام ، وإن قام فلايتفكر في صلاته إلا في مهماته ولا يجول إلا في وساوسه .
الثاني : خوفغالب يلزم القلب مع قصر الأمل ، فإنه إذا تفكر في أهوال الآخرة ودركات جهنم طارنومه وعظم حذره ، وقيل لغلام وهو يقوم كل الليل ؛ فقال : إذا ذكرتُ النار اشتد خوفيوإذا ذكرتُ الجنة اشتد شوقي فلا أقدر أن أنام .
الثالث : أن يعرف فضل قيام الليل بسماع الآيات والأخباروالآثار حتى يستحكم به رجاؤه وشوقه إلى ثوابه ، فيهيجه الشوق لطلب المزيد والرغبةمن درجات الجنان .
الرابع : وهو أشرف البواعث ؛ الحب لله وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلمبحرف إلا وهو مناج ربه وهو مطلع عليه مع مشاهدة ما يخطر بقلبه ، وأن تلك الخطرات منالله تعالى خطاب معه ، فإذا أحب الله تعالى أحب لا محالة الخلوة به وتلذذ بالمناجاةفتحمله لذة المناجاة بالحبيب على طول القيام .
والحمد لله رب العالمين
**********************
منقول للإفادة ..نفعنا الله وإياكم