يتوفر المنتزه الوطني لأخنيفيس, الواقع على بعد 180 كلم شمال غرب مدينة العيون, على مناظر طبيعية هائلة وعلى أصناف حيوانية ونباتية متنوعة تجعل منه فضاء مؤهلا لإنعاش السياحة الإيكولوجية بجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء.
فالغنى الطبيعي الذي يزخر به هذا المنتزه, الذي تم إحداثه سنة 2006 على مساحة 186 ألف هكتار, وخاصة على مستوى منطقته الرطبة المعروفة ب`"النعيلة", التي تستقبل سنويا آلاف الطيور المهاجرة, جعلت منه منطقة ذات اهتمام عالمي من طرف الاتفاقية الدولية للمناطق الرطبة المعروفة باتفاقية "رامسار" التي صادق عليها المغرب سنة 1980.
ويشكل إحداث هذا المنتزه, الذي يجمع بين مناطق بحرية وأخرى قارية ورطبة, ثمرة عمل تشاركي انخرطت فيه جميع الفعاليات المحلية, من جماعات وممثلي السلطات المحلية والنسيج الجمعوي والمديرية الجهوية للمياه والغابات للجنوب, ليكون رافعة أساسية لتحقيق التنمية المحلية وفضاء إيكولوجيا ملائما للمحافظة على عينة من التنوع البيولوجي بهذه المنطقة.
ويخترق هذا المنتزه, الذي منحه التمازج بين مناطق مختلفة ومتنوعة إيكولوجيا خاصية انفرد بها على الصعيد العالمي في مجال المناطق الرطبة, مجموعة من الوديان, كما يضم أراضي خصبة تسمى محليا "لكراير" ومناطق مستوية ذات علو منخفض عن مستوى البحر تسمى "السبخات".
ويحتوى منتزه أخنيفيس بالعيون على أنواع متعددة ونادرة من الطيور والنباتات والثدييات والطحالب, بالإضافة إلى مكونات طبيعية ونظم بيئية مختلفة, مما جعل موقعه مصنفا من بين المواقع ذات الأهمية البيولوجية والإيكولوجية, وذلك في إطار دراسة المخطط المديري للمناطق المحمية بالمغرب الذي وضعته المندوبية السامية للمياه والغابات ومكافحة التصحر سنة 1996.
وتستقبل محمية "النعيلة", التي تعتبرها المديرية الجهوية للمياه والغابات بالعيون القلب النابض للمنتزه الوطني لأخنيفيس, أزيد من 25 ألف طائر مهاجر في السنة ينتمون إلى 211 صنف تتوافد بشكل منتظم على هذه المنطقة جاعلة منها مرحلة هامة وحلقة أساسية في مسار هجرتها بين شمال أوروبا وإفريقيا الجنوبية.
وبهدف إنعاش السياحة بالمنتزه الوطني لأخنيفيس دعمت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر جمعية أخنيفيس للسياحة الثقافية وحماية البيئة لتهيئة موقع "عجب الله" الذي تعتبره المندوبية الجهوية للمياه والغابات معلمة جيولوجية فريدة لتثمين المواقع الأثرية والسياحية على مستوى هذا الفضاء الطبيعي.
كما أنشأت المندوبية مركزا للمعلومات لتمكين الزوار من التعرف على ما يزخر به المنتزه وبحيرة "النعيلة" المتواجدة بداخله من ثروة متنوعة من النواحي البيولوجية والجمالية, فضلا عن إحداث ثلاثة مراكز أخرى لمشاهدة الطيور المتوافدة على المنتزه.
وتتطلع المندوبية السامية للمياه والغابات, التي تناط بها مسؤولية المحافظة على مثل هذه المجالات الطبيعية من خلال توفير الدراسات اللازمة للحد من المخاطر التي تهدد نظمها البيئية والمساهمة في بلورة مجموعة من المشاريع الهادفة إلى المحافظة على الموارد الطبيعية ودعم التنمية المحلية, مستقبلا إلى تأهيل مواقع أخرى ذات طابع أثري وتاريخي من بينها موقع "اشكيكن" وبرج "اكويدير" ومرفأ "سانطاكروز ديلمار بيكينيا" إلى جانب مجموعة من المقابر المتناثرة داخل المنتزه والتي يعود تاريخ بعض منها, حسب بعض المصادر, إلى آلاف السنين.
ومن جانب آخر, ومن أجل المحافظة على مختلف المقومات الطبيعية لهذا المجال وتثمينها, قامت جمعية أخنيفيس للسياحة الثقافية وحماية البيئة, في إطار عملية تشاركية مع برنامج المنح الصغرى ووكالة التتنمية الاجتماعية, بإنجاز مأوى سياحي ومعرض بيئي للتعريف بالتنوع البيولوجي والإيكولوجي للمنتزه الوطني لأخنيفيس والعمل على إدماج السكان المحليين وإشراكهم في عملية التنمية المحلية والتدبير العقلاني للموارد التي يتوفر عليها المنتزه.
وتقترح الجمعية, في إطار هذا المشروع, مدارات سياحية للوقوف على المؤهلات الطبيعية وعلى بعض الخصائص التراثية والثقافية لهذا المنتزه الغني بفصائل نباتية وحيوانية مهمة بإمكانها تطوير السياحة الإيكولوجية بهذا المجال الطبيعي المتميزة.
إن المنتزه الوطني لأخنيفيس بالعيون يشكل منتوجا يتكامل مع منتوجات سياحية أخرى كالمغامرة والاستكشاف والاستجمام الشيء الذي سيساهم في تنمية القطاع السياحي بجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء, وذلك لما يوفره من مجال طبيعي مؤهل لاستقطاب إعداد مهمة من السياح للتنزه أو مشاهدة أنواع متعددة من الحيوانات والثدييات والطيور النادرة بالإضافة إلى إمكانية ممارسة بعض الرياضات بهذا الفضاء الذي يتعين الحرص على نقاء بيئته وجمالية فضائه وتعزيز مرافقه بتجهيزات تساهم في ترسيخ الثقافة البيئية والتربية عليها بهدف المحافظة على مختلف مكونات هذا المجال.
مقال لمحمد وحي/موقع منارة