" أرجو منك أخي ان تعطينا نبذة ولو مخترة عن حياتك وعن بداياتك في عالم الكلمة الساحر..."
أخي ابو المعاني ، ماعساني أقوله لك ، كانت طفولتي شقية الى حد ما ، نشأت بأسرة لاأقول معدمة بل فقيرة الى حد كبير ..جدتي رحمها الله هي من أصرت على ذهابي الى المدرسة ، جدي كان يريدني أن أتخرج راعيا للغنم .لحسن الحظ علا صوت الحق ورجحت كفة مصلحتي بمساندة من أبي طبعا، مع انه لم يكن مستقلا ماديا ، لذا ذهبت الى المدرسة بطريقة مضحكة .كنت أرفض الذهاب الى الكتاب وبالاحرى المدرسة ، ذات يوم طلبت مني جدتي أن أرافقها الى خالتي ، بكل فرح ، وجدت نفسي أنط أمامها في الطريق ..وبمجرد دخولنا الدوار ، أخذت بيدي في دهاء ، وما إن وصلت الكتاب حتى دفعتني نحو الداخل وهي تصيح :
شدو ألفقيه شدو..
طفقت أصرخ
عطيه العصا ألفقيه ..غير ضربو إوا مزيان
رأيت عصا طويلة عابرة للقارات تتحرك كأفعى طويلة..نهرني الرجل ذو الجلاب الابيض في قوة وغضب ، فالتزمت الصمت خائفا. تفحصني بنظره الثاقب ، قم قال لجدتي في عزم:
سيري جيبي الحالة المدنية .
رجعت تجري..تركتني أكتشف العالم الجديد بقلب خافق ..وعينين زائغتين أتفحص الوجوه إلا وجه الفقيه.
عادت المسكينة تلهث ..نظر فيها قليلا ثم قال:
آه ..الولد راه كبير ..سري الديه المدرسة دابا.
بيد من حديد أمسكتني ، ثم أدخلتني المدرسة التي كانت قريبة من الكتاب.
وقبل انتهاء السنة الخامسة ، اضطرت أسرتي للرحيل الى أيت ا**** - قرب بومية - من أجل العمل ، ودعتها بدموع ساخنة ،كنت انتفض كطائر جريح بين يدي خالتي التي كانت تمسح على رأسي..ورضخت أخيرا للواقع المر.
بعدها تابعت دراستي الاعداية والثانوية ب خنيفرة..ثم الجامعة بمكناس.
أما عن بدايتي في الكتابة ، فقد كنت أكتب الشعر ..المقالة الادبية ..كنت أحب مادة اللغة العربية ..واستاذ اللغة العربية وكتب اللغة العربية..كنت بارعا في مادة الانشاء .أحرر الموضوع دون استعمال وسخ ..أحيانا أكتب آخر لأحد الاصدقاء وفي نفس الموضوع .لم تكن تعوزني الافكار ..لم كن يعجزني التعبير .كنت دائما أحصد النقط الجيدة في العربية ...والضعيفة في الرياضيات والعلوم ..خوكوم أدبي لحم أعظم ..من الطرائف في هذا المجال ، أني ذات يوم ، كنت يومها في السنة الثامنة من الاعدادي، اغواني الشيطان فعمدت الى النقل في موضوع إنشائي عن " الضحك " .في ذلك الصباح ، حررت موضوعا وبسرعة داخل القسم لأحد الاصدقاء ، تم ذلك خفية طبعا ، وفي الاسبوع القادم ، حصل صديقي على 13 كثاني نقطة ، وحصلت انا على 0 لان موضوعي كان منقولا، ههههههه ..كان ذلك اول وآخر مرة اعتمد فيه على النقل..أعمر داود مايعاود.
استمررت على هذا النهج في الكتابة ..كنت أحتفظ بمواضيعي ..أصونها كما تصون المرأة ذهبها ..ولاني كنت خجولا ، فإني لم أكن أشارك في أية تظاهرة ، اكتفي بإرضاء نفسي ..
لازلت أذكر كيف تلقيت أول صفعة على إبداعي ،كنت حينها في السنة الثانية من الثانوي ، فكتبت موضوعا إنشائيا على طريقة مقامات بديع الزمان الهمداني ..وفيما كنت انتظر التصفيق والتشجيع من الاستاذ، إذا به يسلمني الورقة في صمت ..همست ، لعل المفاجأة ستأتي بعد الانتهاء من توزيع الاوراق ، بلهفة شديدة ارتمت عيناي على السطر الاحمر ، فكانت المفاجأة التي عقدت لساني وأطبقت على قلبي:" هذا الاسلوب قديم ..عليك بتجديد اسلوبك "
اترك لكم تصور النتيجة النفسية لشاب كان يعتبر نفسه ظاهرة أدبية تستحق الاحتضان ..طبعا لم أيأس ..بقيت أكتب كلما زارني شيطان الشعر أو القص...لكن عندما التحقت بالفرعية النائية سنة التوظيف ، ركنت الى الخمول ..كنت أكتفي أحيانا باحتضان اوراقي في لهفة كما تحتضن الام ابناءها ..اعانقها كما تعانق المراهقة ذكرياتها .وتمر سنوات في صمت مطبق ..كانت أوراق الجذاذات والطلبات ..المذكرات التوازيع .. هي الرائجة ..وذات يوم وأنا في بومية ، بعد أن أنعم الله علي بانتقال ..اول انتقال بعد تسع سنوات بالتمام والكمال ، كنت اشتري الجرائد احيانا ..لفت انتباهي صفحة " ابداعات أدبية " في جريدة الصباح .فكرت وتساءلت : لم لا أراسلها بدوري؟ لم لا اعمل على نشر أعمالي وإبداعي ؟ لاول مرة في حياتي ، وعمري 44سنة تقريبا ، تجرأت على سلوك هذا النهج ، وكم فرحت عندما نشرت لي الجريدة أول قصصي ، بعدها أخذت أكتب وأكتب ..أرسل واحدة ، وقبل نشر ها ، أجد نفسي قد كتبت اثنتين او ثلاثا .
وحتى الزجل ، كنت اكتبه ، وبعد مطالعة زجل الاخ ابو المعاني ، كأني كنت نائما فاستيقظت ، وكتبت بعض القصائد الاخرى ..لي منها ما يقارب عشرة عناوين .
اما انت ألسي فؤاد ، ختى الغدا أنجاوبك ..خوك عيى من الكتابه
المواضيع المتشابهه
