أستاذ متدرب للبرلمانية “أبلاضي”: “نعم، الأساتذة المتدربون يخوضون معركة بالوكالة”!
— 28 فبراير, 2016
عبد الوهام سمكان*
لم تتأخر النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية “خديجة أبلاضي” طويلا قبل أن تشن حربا واضحة على الأساتذة المتدربين، فبعدما رفضت التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين الانخراط في السيناريو الذي رسمه بنكيران، والقاضي باستبعاد الأطراف المتدخلة في جميع جولات الحوار السابقة (النقابات والمبادرة المدنية)، لجأت أبلاضي إلى استعمال خطاب عاطفي “متمسكن” يروم التعاطف معها من جهة، وزرع الفتنة بين الأساتذة المتدربين وبينهم والمتعاطفين معهم من جهة ثانية، حيث نشرت تدوينة على صفحتها الفايسبوكية وعنونتها بـ “جزاء سنمار”، وقد جاء في تدوينتها هذه: “حسبنا الله ونعم الوكيل .. حشموا بيا مع رئيس الحكومة .. ولما استنكرت الأمر! قالوا كانوا مضطرين لجس نبض رئيس الحكومة.. لا حول ولا قوة الا بالله .. صدق من قال “الباب اللي تجي منو الريح سدو واستريح”؛ لكن حين لم يخلف قولها ذاك أي أثر تعاطفي معها، مثلما لم يزعزع وحدة الأساتذة المتدربين وكذا المتعاطفين معهم، حوّلت أبلاضي خطابها العاطفي “المتمسكن” إلى خطاب عاطفي متهجم على الأساتذة المتدربين!
بعد مرور يوم على تدوينتها السابق ذكرها، نشرت أبلاضي تدوينتين متتاليتين، هاتان اللتان التقطتهما بعض المواقع الإلكترونية نظرا لبريقهما الزائف، وحولتهما إلى أخبار صحفية قصيرة وجذابة! جاء في التدوينة الأولى ما يلي: “السؤال الكبير (الكبير! هل تقصد العريض؟): هل يملك الطلبة الأساتذة المتدربون استقلالية القرار؟ الجواب المختصر: لا”. لقد سألت أبلاضي وأجابت لوحدها، بل الأحرى أنها تساءلت ثم أصدرت حكما، وكأني بها وكيل محكمة أو ما يعرف شعبيا بـ “الغراق”، والأدهى هو أنها لم تقدم أية حجة لتقوي بها حكمها!
لم تمضِ أقل من ساعة، حين عادت أبلاضي ونشرت تدوينتها الثانية، والتي جاء مضمونها أكثر وضوحا من الأولى، حيث قالت
عبد الوهام سمكان
عبد الوهام سمكان
خديجة أبلاضي
خديجة أبلاضي
“تأكد لي وبما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء الطلبة الأساتذة المتدربون يخوضون معركة سياسية بالوكالة،….”. لم توضح أبلاضي كيفية حصول هذا “التأكد” لديها، ولم تقدم أي حجج أيضا، بل اكتفت بكتابة جمل ترهيبية حول خيوط لعبة مجهولة الكواليس، ستدمر مستقبل الأساتذة المتدربين والشباب، بينما أسرهم حلقة مفقودة بصمتها!
هل الأساتذة المتدربون قاصرون عقليا أم عمريا، حتى تستعمل أبلاضي معهم هذا الخطاب بغاية ترهيبهم ودعوة أسرهم إلى التدخل والخروج من صمتهم؟
لن أتوقف طويلا من أجل الجواب عن هذا السؤال، فالأساتذة المتدربون يخوضون معركة نضالية منذ أزيد من أربعة أشهر، وهم يسطرون الآن برنامجا نضاليا تصعيديا بمعنويات عالية، دون أن يثنيهم عن ذلك التعنيف الذي يتعرضون له، ولا التمويه والتضليل الذي تقوم به الحكومة ضد قضيتهم؛ أما أسرهم الفقيرة فهي تطعمهم من جوع وتومنهم من خوف، ولا تتردد في النضال رفقتهم.
لقد التقطت بعض المواقع كلام أبلاضي ونشرت، بناء عليه، أخبارا معنونة بعناوين براقة توحي بأن الأساتذة المتدربين مدفوعون في معركتهم!
ألا تدري أبلاضي بأن هذه الحيلة استعملت سابقا من طرف الوزير الأول ووزير الداخلية دون أن تؤتي أكلها؟ أي أن هذه الحيلة ورقة محروقة. لكن، وحتى لا نستكثر على النائبة البيجيدية بعضا من حبر الحواسيب، نقول لها: نعم، الأساتذة المتدربون مدفوعون وهم يخوضون معركة بالوكالة!
نعم، لقد أوكلهم التاريخ خوض هذه المعركة. نعم، تدفعهم غيرتهم على المدرسة العمومية والتعليم المجاني، يدفعهم حبهم لهذا الوطن ولأطفاله الفقراء. نعم، هم مدفوعون وموكلون، وهم في كامل وعيهم، بهذه المهمة الجسيمة من أجل إسقاط مرسومين غير دستوريين وغير قانونيين.
وأخيرا، يا نائبة البيجيديين، هل تعلمين بأن التاريخ لا يوكل المهام الجسام سوى للعظماء، كما يؤكد ذلك الفيلسوف الألماني فريدرك هيجل؟ بل إنه حتى وإن مكر التاريخ بالأساتذة المتدربين، فإن ذلك لا يزيدهم إلا عظمة بتسطيره، حسب الفيلسوف نفسه.
* عبد الوهام سمكان، أستاذ متدرب وروائي مغربي.