البيداغوجي بوخريط : هوية وثقافة وكرامة التلميذ لا يمكن أن تأتي إلا عن طريق التأطير والمصاحبة
حاوره بدر الحمري
البيداغوجي بوخريط : هوية وثقافة وكرامة التلميذ لا يمكن أن تأتي إلا عن طريق التأطير والمصاحبة
في إطار البرنامج الإستعجالي للتربية والتكوين ببلادنا، وما يتضمنه من مشاريع في التوجيه البيداغوجي، نظمت الوزارة الوصية تحت إشراف نيابة تطوان لقاءا تواصليا لفائدة أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي في مجال المساعدة على التوجيه وتأطير المشاريع الشخصية للتلاميذ، اللقاء إمتد طيلة يومي12 و13 من الشهر الجاري. الأستاذ عبد العزيز بوخريط (الصورة) مستشار في مجال التوجيه التربوي، ومن بين الأطر التي قامت بتأطير هذا اللقاء، ولقاءات أخرى. كان لنا معه الحوار التالي على هامش هذا اللقاء ..
* ذ . عبد العزيز بوخريط ما هي أهداف هذا اللقاء ومحاوره الأساسية ؟ يمكن تلخيص أهداف اللقاء إلى النقاط الأساسية التالية: - التعرف على أهم مستجدات مجال الإعلام والمساعدة على التوجيه في إطار البرنامج ألاستعجالي. - الاستئناس بأهم المقاربات المتداولة في حقل الإعلام والمساعدة على التوجيه. - التعرف على بعض أدوات وآليات المساعدة على التوجيه و بناء المشاريع الشخصية للتلاميذ. - إبراز طبيعة مساهمة هيئة التدريس في مجال المساعدة على التوجيه وتأطير المشاريع الشخصية للتلاميذ. أما محاور اللقاء التواصلي فهي : - السياق و الإطار المرجعي للقاء التواصلي - مقاربات التوجيه التربوي - الإعلام في مجال التوجيه التربوي - المدرس و مساعدة التلميذ على التوجيه وبناء مشروعه الشخصي - التوجيه النشيط - الجانب التنظيمي لعمليات التوجيه وإعادة التوجيه * هل هناك إطار مرجعي وسياق معين لهذا اللقاء التواصلي؟ أم هو فقط يأتي في سياق النقد الموجه لمسؤولية التوجيه التربوي ؟ طبعا، اللقاء يندرج في إطار تفعيل تدابير البرنامج ألاستعجالي وخاصة المشروع E3P7 المتعلق بوضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه، الذي ينص ضمن إجراءاته على تعبئة جميع الأطراف المعنية بالشأن التربوي حول التوجيه والمساعدة على بناء المشروع الشخصي للتلميذ، وذلك من أجل: - جعل هيأة التدريس مواكبة للمستجدات التربوية في مجال التوجيه التربوي؛ - خلق تعبئة شاملة ومتكاملة لكل الأطراف المعنية بالتوجيه؛ - تعزيز ودعم أدوار هيئة التدريس في مواكبة المسار الدراسي للمتعلم وإكسابه تعلمات و معارف و كفايات أساسية تساعده على التفتح الذاتي وعلى بناء مشروعه الشخصي. * من الملاحظ أن هذا اللقاء أعتمد كثيرا على ما هو نظري، مما يطرح أمامنا السؤال الإشكالي التالي : كيف يمكن تفعيل الأسس النظرية للتوجيه التربوي على أرض الواقع، علما أن التلميذ منفتح تقنيا وإعلاميا على عالم مليء بالمعلومات قد تتقاطع مع أهداف التوجيه التي يبحث عنها وأحيانا يمكن لهذه المعلومات أن تجرفه إلى توجيه خاطئ يدمر مستقبله !؟ لقد تم تنزيل الأسس النظرية في مجال التوجيه التربوي إلى مقاربات قابلة للتفعيل على أرض الواقع، حيث يمكن إنجاز الأنشطة المتعلقة بتربية الاختيارات والتربية على المهن وغيرها من المقاربات بشكل إجرائي لا يحتاج إلا إلى توفير الظروف والموارد اللازمة لذلك، وفي إطار مشروع مندمج ومتكامل تساهم فيه كل الأطراف المعنية بالحقل التربوي بما فيها الفرقاء الاجتماعيين والفاعلين الاقتصاديين وجمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ والتلميذات. كما يجب ألا يغفل الفاعل التربوي أهمية إكساب التلميذ ليس فقط الكفايات والمهارات التي تساعده على تحليل المعطيات ومعالجة المعلومات، بل كذلك دعم وتعزيز قدراته حتى يتمكن من انتقاء القيم السليمة وتبني المواقف والسلوكيات الإيجابية التي من شأنها أن تحافظ على هويته وثقافته وتضمن له كرامته، ولا يمكن لذلك أن يتأتى إلا عن طريق التأطير والمصاحبة حتى لا تصبح فئة المراهقين والشباب عرضة لمخاطر المحيط والعولمة.
* باعتباركم مسؤولون في التوجيه البيداغوجي، هل لكم وعي ودراية بهذه الإكراهات، وماذا أعددت الوزارة الوصية لها ؟ أضن أن الجميع واع بأوضاع المنظومة التربوية بصفة عامة بما فيها حالة التوجيه التربوي، وهناك مشروع لوضع نظام ناجع للتوجيه، شرع في تنفيذ إجراءاته ونتمنى أن يستمر الأمر إلى أن تظهر نتائجه. * خلال اللقاء، تمت مناقشة موضوع يهم دور المدرس في مساعدة التلميذ على التوجيه وبناء مشروعه الشخصي، من خلال ما سمي بــ "التوجيه النشيط "، الملاحظ أن هذا الموضوع أثار وحده الكثير من الجدل؛ فما هو إذن هذا الدور؟ يجب التمييز بين دور المدرس في مساعدة التلميذ على بناء مشروعه الشخصي طيلة مساره الدراسي ومفهوم "التوجيه النشيط" المرتبط بمتابعة الدراسة بالتعليم العالي، كما جاء به المشروع E3P7، والذي يهم تلامذة مستوى السنة الختامية من سلك الباكالوريا على وجه الخصوص. أما فيما يخص دور المدرس في مساعدة التلميذ على التوجيه وبناء المشروع الشخصي، فتناوله أحد محاور اللقاء من خلال أربعة جوانب: 1- من كون الأستاذ مشرفا على تعلمات التلاميذ، 2- ثم من كونه مشرفا على رصد قدرات وذكاءات ومؤهلات التلاميذ، 3- و من مسؤوليته في تقييم تحصيل التلاميذ وتقييم درجة تحكمهم في مختلف الكفايات، 4- وأخيرا من منطلق دور الأستاذ كفاعل أساسي في بلورة مشروع المؤسسة وتنفيذ أنشطته وتقويمها. وخلال كل هذه المراحل، نجد أن المدرس يمد التلميذ بمجموعة من المعلومات المختلفة التي تخبره عن ذاته، عن قدراته ومؤهلاته، عن محيطه وعن مواقفه وسلوكه وغيرها، وهذا ما يحتاجه التلميذ لبناء مشروعه الشخصي، ومن هنا يتجلى دور المدرس في المساعدة على التوجيه وبناء المشروع الشخصي للتلميذ وهو دور أساسي ومركزي، ويجب على الأستاذ أن يعي بهذا البعد. * عموما .. هل هناك نتائج أفرزها هذا اللقاء التواصلي ؟ من بين النتائج المباشرة التي لمسنها خلال تقويم اللقاء، يمكن الجزم بأن الأطر التربوية والإدارية كانت في أمس الحاجة إلى المكاشفة والتقاسم حول موضوع التوجيه التربوي، حيث كان المشاركون يدعون إلى تكرار مثل هذه المبادرات، مع تحسين ظروف العمل. وأضن أن هذه الدعوة نابعة من الحاجة إلى تطوير المعارف وإغناء الرصيد ألمفاهيمي والمعرفي للمدرس في الحقل التربوي بصفة عامة بما فيه مجال التوجيه التربوي. * من مسؤوليتكم كمستشار تربوي، ما هي الرسالة التي ترسلونها للآباء أولا وللتلاميذ ثانيا ؟ إن المنظور ألتشاركي ومفهوم "المدرسة الموجهة" تلزم الآباء بالدرجة الأولى، وجميع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، في المشاركة في المشروع الذي تبلوره المؤسسة والذي يجب أن يصب إجمالا في بناء شخصية مسؤولة تمتلك كل المقومات لتبني سلوكا إيجابيا وتساهم في تنمية الذات في تفاعلها مع المحيط وهذا هو السبيل للمساهمة بفعالية في تحقيق النمو المنشود. ولا يمكن إنجاح هذا المشروع إلا بانخراط المعني بالأمر أي التلميذ ومساهمته بمواقفه وقناعته في هذه الديناميكة التي تستهدفه. يجب أن ندخل التلميذ في حيوية يكون فيها فاعلا ومستفيدا. كلمة أخيرة .. إن الظرفية الحالية تستدعي تظافر الجهود لتسريع وثيرة النمو وتجديد الممارسات في محيط يتميز بحركية كبيرة، ويعتبر النظام التربوي رافعة في هذا الاتجاه، وقد يكون مجال التوجيه مدخلا خصبا لفتح باب المبادرة والإبداع، فليتنافس المتنافسون. مدونة أغورا