التعاضدية العامة للموظفين
حلقة أخرى من مسلسل الفساد
طفت من جديد إشكالية التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بفعل إقدام بعض عناصر المجلس الإداري المنحل على تقديم ترشيحاتهم لانتخابات مندوبي التعاضدية، وهو المجلس الذي تورط بامتياز في أكثر من فضيحة همت أموال المنخرطين في التعاضدية، بل هناك من المرشحين من هم متهمون بخروقات قانونية ومالية جسيمة ما زالت السلطات الوصية على التعاضدية بصدد البث فيها، سيما بخصوص اختلاس الأموال وتبديدها خلال سنوات.
للتصدي لمخطط عودة ناهبي أموال التعاضدية المتلاعبين بمصالح منخرطيها، وللمطالبة بمحاسبتهم ومتابعتهم قضائيا والحرص على عدم إفلاتهم من العقاب، تعمل حاليا فعاليات حقوقية ونقابية وسياسية وجمعوية على الإسراع من أجل تفعيل تنسيقية مناهضة الفساد المستشري داخل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية. وأول مهمة رسمتها على رأس خريطتها النضالية، قطع الطريق على المفسدين للرجوع إلى مواقعهم.
حسب مصدر مطلع، إن الصراع داخل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية يعتبر صراعا سياسيا ونقابيا حول مصالح ذاتية تسعى إلى الإمساك بـ "معين يدر على المتحكمين فيه الكثير من الخيرات على حساب المنخرطين".
وأضاف أن وزير التشغيل، الذي تربى في كنف الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وتمرد عليها، يمثل حاليا حزب الاتحاد الاشتراكي في حكومة عباس الفاسي ويحلم بأن يضم التعاضدية العامة إلى موظفي الإدارات العمومية لنقابة "ف.د.ش"، لذلك دار صراع ضاري بين نقابة الاستقلال ونقابة الاتحاد، وفي هذا الإطار تدخل حرب اختلاق الإشاعات والإشاعات المضادة.
لكن ما هو مؤكد أن جهات كثيرة تقززت لما أقدم قياديون من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب على دعم عناصر متورطة بامتياز في فضائح سابقة، ما زال لم يتم البث بصددها حتى الآن، وتزكيتهم لتحمل المسؤولية من جديد في التعاضدية.
وتضاعف هذا الشعور بالتقزز عندما تبيّن أن القيمين على النقابتين المذكورتين حاولوا الضغط على الإدارة والحكومة لفرض ترشيح أشخاص بعينهم لازالوا متهمين في نظر الرأي العام بالفساد المستطير، يحملهم منخرطو التعاضدية مسوؤلية الدمار الذي أصابها.
ويقول أحد المنخرطين المتتبعين لمسلسل الفساد داخل التعاضدية "يبدو أن هؤلاء القادة النقابيين قد تناسوا النداء الذي أصدرته لجنة التنسيق الموسعة لمناديب ومتصرفي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، والذي وقعت عليه مختلف النقابات، بما فيها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين، في 8 نونبر 2007، والذي ندد بشدة بتبديد أموال المنخرطين وإهدار أكثر من 47 مليار سنتيم من مالية التعاضدية العامة في غضون أربع سنوات على شكل صفقات مشبوهة ودون فائدة على المنخرطين، كما طلب النداء بالكشف عن نتائج الافتحاصات والمناداة بتطبيق الفصل 26 من الظهير المحدث للتعاضدية.. اليوم وبعد أن انفضح استشراء الفساد في التعاضدية العامة وانكشفت الثقوب المالية التي حفرها الاختلاس بماليتها، كيف يتنكر أولئك القادة النقابيون لفحوى هذا النداء بدعمهم ـ وبوقاحة حسب الكثيرين ـ لأشخاص قادوا التعاضدية إلى الهاوية؟ فهل يستسيغ العقل السليم قبول رجوع متورطين في نهب وتبذير أموال المنخرطين، إلى مواقعهم في وقت ينتظر فيه المغاربة مساءلتهم ومحاسبتهم على ما اقترفوه؟
لا زال الرأي العام لم يستوعب بعد، استمرار التستر المفضوح على نازلة الفساد المستشري في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية والاغتناء على حساب أموال اليتامى والأرامل والعجزة وذوي الاحتياجات والمصابين بالأمراض المزمنة والمكلفة. كما لا يستسغ الرأي العام استمرار رؤوس الفساد بالتعاضدية العامة في الظهور الإعلامي إلى جانب من وفروا لهم الحماية وضمانات الإفلات من العقاب.