سـلبيـات الـتـصـامـيم الـعـمـرانيـة و انتـشـار الجـريمـة ( دكتور مضر الكيلانى ) - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

التربوية
:: مراقبة عامة ::
تاريخ التسجيل: 11 - 1 - 2008
المشاركات: 10,765
معدل تقييم المستوى: 1292
التربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداع
التربوية غير متواجد حالياً
نشاط [ التربوية ]
قوة السمعة:1292
قديم 25-02-2008, 18:59 المشاركة 1   
جديد سـلبيـات الـتـصـامـيم الـعـمـرانيـة و انتـشـار الجـريمـة ( دكتور مضر الكيلانى )

سـلبيـات الـتـصـامـيم الـعـمـرانيـة و انتـشـار الجـريمـة ( دكتور مضر الكيلانى )
بـســم الـلــه الـرحـمـن الـرحـيــم
سـلبيـات الـتـصـامـيم الـعـمـرانيـة و تحسينها *
Design Disadvantage and Design Improvement
بقلم ألـس كـولمـان ترجمة
اسناذة الجغرافيا الاجتماعية أ.د. مـضـر خـليل العـمر
جامعة لـنـدن جغرافيا - تربية - تكريت

الـمــقـــدمـــــة

في كتاب " المدينة الفاضـلة في الاختبار Utopia on Trial " الذي شمل دراسة اكثر من اربعة الاف منزل ومثلها مجموعـات شقق سـكنية (بلوكات) ، أشـير الى ألأثر السلبي لبعـض التصاميم العمرانية على العائلة و وحدتها وما قد يؤدي ، في النهاية ،الى تفكك الاسرة و وضع ابنائها تحت رعاية الدولة . كذلك ، أشير الى اثـرهـا عـلى تدني المستوى البيـئي برمي الازبال و النفايات وتخريب المرافق العامة واتلافها والاستخلاء بها وغيرها . اضافة الى ذلك ، فانها تهـيء فرصـا لارتكاب الجرائم و الممارسات المرفوضة اجـتماعـيا . وقد توفرت في الوقت الراهـن معلومات تفصيلية عن الجريمة وعن اثر التصاميم العمرانية و المعمارية على الاطفال في مراحل تنشئتهم الاولى وتوجيه تفكيرهم وسلوكهم لاحقا .
يتطور الاسكان في بريطانيا ، ويستجيب ببطىء الى مختلف العوامل ، بما فيها احجام المستقرات البشرية . فالتصـاميم التي توفر الأمان في المستقرات الصـغـيرة الحـجـم ، حيث يعرف السكان بعضـهم البعض ، غـير كافية في ضـواحي المستقرات الكبيرة حيث يتجمع الغرباء و تبرز ظـواهـر جـديدة . وقد تتوج التطور السكني في بريطانيا بتصـميم الدور الثنائية التجاور Semi-Detached خلال عـقد الثلاثينات . وتبـعـتها سـيطرة المخططين دون انتباه الى التاثيرات النفسية للتصـاميم العمرانية واهـمال اثر الانتقال المفاجىء من مساكن الى شـقق في عـمارات مع اناس يلتقى بهم ، في الغالب ، لأول مرة .

تبدأ جميع المناطق السـكنية حديثة العمران بدرجة من مجهولية ساكنيها لبعضهم البعض ، ثم يبدأ تعارفهم ويشكلوا مع الزمن مجـتمعا محليا . وبما أن نمط الدور ثنائية التجاور يسهل عـملية التعارف لذا اصبح مقبولا ومفضلا خلال مدة زمنية قصيرة ، بينما لايزال طراز العديد من العمارات السكنية مرفوض والمئات منها يتطلب التهديم بعد عـقد او عقدين من الانشـاء

المـماشـي الفـوقـيـة و انتـشـار الجـريمـة

يوضح الشكل رقم (1) ان عـددالمماشي الفوقية Overhead Walkway في المبنى تؤثر على نسب التفكك الاجـتماعـي ، كما تساعـدعـلى انتشـار سـبعة انواع من الجرائم . ولا يحدث التفكك الاجـتماعي دون اسباب وتفكير مسبق وهـو موجـود وبارز للعيان . فعلى سبيل المثال فان (75%) من المباني ذات سـتة مماشـي فوقية تسكنها أسر لديها اطفال تحت رعاية الدولة مقارنة مع (23%) في المباني الخالية من هذا النوع من المماشـي . مع هذا ، فان الاتجاهـات تبدو باهـتة وغـير متميزة الصـلة بالجريمة حيث تحـدث جميع فئات الجـرائم في المباني ذات اربع مماشـي فاكثر .

يفسر المنحنى الحاد بكون الجريمة ، في الغالب ، مغرية لذلك تنتشـر بسـرعـة ، وان الاعـتداءات الجـنسـية و سـرقات الدور لا تحدث في جميع المباني متعـددة المماشـي . مع هذا هـناك حـالات قليلة ، فقط (29) حـالة سـرقة سـجـلت . لذا فان منحـنى السرقة غـير المنتظـم لا يمثل نتيجة عـلمية لـصـغـر حـجـم العينة .

تبدو ازالة المماشـي الفوقية ـتطـويرا جـيدا للتصـاميم العمرانية ، ولم يجـري تطبيق التطويرات لحي سـكني بكامله ، ولكن هـناك حالتين الغيت فيهـما المماشي فاثرت بدرجـة كبيرة عـلى نسبة الجـريمة . ففي حـي ليسـون كـرين Lisson Green في منطقة ويستمنستر قد انخـفضـت نسبة الجريمة الى النصـف. وفي حي موزارت في المنطقة ذاتها انخفضـت السرقة بنسبة (55%) ولمدة (13) شهرا هـي مدة الدراسة و المراقبة . وفي كلتا الحـالتين حـصـل تبدل قبل تهديم المماشـي بوقت قصـير ، مما يوحي بان المعتدين قد تراجـعـوا من خـلال التهـيؤ للتهـديم . وقد اوعـز البعـض سـبب خـفض الجـريمة في ليسـون كرين الى نصـب اجهـزة هـاتف البوابات Entryphon الذي يفتح باب المبنى لمن يسمح له بالدخول من قبل ساكني شقق المبنى . ولكن ليس لهذا الجهـاز التاثير نفسـه في المباني الاخرى . وترى وزارة الداخلية البريطانية ان هـاتف البوابة غـير ذي فاعـلية ، مـفضـلة عـليه الابواب و الشـبابيك القوية . تشـكل هـذه تحـسـينات امنية Security Improvement قابلة بسـيادة الجـريمة وانتـشـارها ، بينما تهدف تحـسـينات التصـاميم العـمرانية Design Improvement منع التصـاميم العمرانية التي تعزز السـلوك الاجرامي بامل ان يؤدي ذلك الى انقاص مصـادر السـلوك المنحـرف في الحي السـكني . انها عـلاجـية قبل ان تكون وقائية . ففي الوقت الذي تضفي التحـسـينات الأمنية الاحساس بالامان لـلسـاكنين في بيوتهم ، فان تحـسـين التصـاميم العمرانية تجعلهم يعيشـون الامان داخل السكن و خارجه .

الفـضـاءات الفـاصـلـة بيـن المـبانـي و الجـريمـة

ان المماشـي الفوقية هي اكثر العوامل المسـاعـدة على انتـشـار الجريمة وليس في زيادتها . واكثر الفراغات الـمؤثرة هي التي تقع بين المباني دون ان تخـصـص لمبنى معين مما يسمح للغرباء باسـتخـدامها وبالتالي تزداد مجـهـولية الاشـخـاص في الحي السـكني . يجعل ، مثل هذا الحال ، المجـرمين يحـسـون بالامان الذي يفـتقـده السـاكـنون في الحي او المبنى . وقد يكون الحل بايجاد مجال خاص لكل مبنى يفصـل بجـدار او بوابة . وعـندما طبق هذا في حي براندون تشـجـع السـاكنون لازالة الازبال والنفايات كليا من الحي السكني . وعـلى الرغـم من عـدم توفر تسـجـيلات رسـمية للجريمة في هذا الحي ، الا ان المخـاوف من الجريمة قد تناقصـت لدرجة ان ساكني الطابق الارضي قد احـسـوا بالامان لدرجة رفعـوا الحـواجـز التي كانت على الشـبابيك .

و الحل الاكثر فاعـلية هـو التقـسـيمات الثانوية للفضـاءات لاعـطـاء الطابق الارضـي حـدائق امامية و/أو خـلفية (مجـال شـبه شـخـصي) . وفي حي دينتون وصـف باحـث اجـتماعـي اثر وجـود الحـدائق الامامية المـسـيجـة عـلى المشـاكل و تحـويل (المشـاغـبين) من اليافعين الى افراد مؤدبين يمكن التعامل معهم . فعندما يريد احـدهـم نداء صـديقه فعليه ان يسـير عـبر ممشـى الحديقة ويدق الباب ، وبهذه الطريقة اصـبح الاباء يعرفون اصدقاء ابنائهم ويتحـدثون اليهم ويميزوهـم عن الغرباء . بهـذه الصـيغة احـس اليافع ضـرورة تحـسـين سـلوكه وان يتادب امام اهـل صـديقه .

الـمـقـارنــة بيـن الـتصـامـيـم

لقد اصـبح ممكنا جـمع نماذج مفيدة من تحـسـينات التصـاميم العـمرانية للمتغيرات السـتة عـشـر التي يقاس على اسـاسـها الاذى الذي يسببه التصـميم غـير الجـيد . وان اكثر الحالات تميزا ، لحد الآن ، هـو تصـميم حي لي فيو Lea View Estate في منطقة هـاكني حـيث انخـفضـت نسبة الجريمة من مسـتوى مرتفع جدا الى الصـفر مع كل تحـسـين لتصـميم جـناح من اجنحة الحي السكني . لقد بقي الجناح الاول خـال من الجريمة لاربعة سنوات (هي فترة الدراسة و المراقبة) . ولدى مقارنة حي لي فيو مع حي ويكون هوس Wigon House الذي بني بالتصـميم المعماري ذاته خـلال عـقد الثلاثينيات ، وبذات المسـتوى من الاهـتمام ، ولكن دون اجراء التحـسـينات عـلى تصـاميمه . الاخـير امـتلأ بسـرعة بالازبال و النفايات ، وارتفعت فيه نسـب التخـريب و الاتلاف و الجرائم قياسـا لكل وحـدة سـكنية. بينما بقي حي لي فيو خـاليا من الازبال و النفايات و التخـريب و الاتلاف و الجرائم (عـدا الاجـزاء التي لم يتم تحـسـين تصاميمها) ، و الحـالة الوحـيدة التي حـدثت لرمي النفايات جاءت من خارج الحي السـكني وقام ابناء الحي بازالتها بالكامل . لقد تمت المحافظة على الحـدائق الامامية و الخـلفية تعـزيزا لـمجـالها شـبه العام . وقد تم اجراء التعديلات عـلى سـبع من عـشـر تصـاميم عـمرانية مؤذية في هـذا الحـي السكني ، خـمـس منها تم تحسينه لدرجة عـد المبنى ضمن الحـد Threshold المقبول .

وقد قيس هذا الحـد لكل متغير باعـتماد براهـين مـأخـوذة من (4099) مبنى ، أشـير اليها في كتاب المدينة الفاضـلة ، ولهذا عـدت مـعـيارا Norm . وقد أشـرت التصـاميم التي خـرقت هذا الحـد ، وحـسـب مجـموع درجاتها للمبنى الواحد واطـلق عليه مـصطـلح " درجـة سـوء المبنى Block's Disadvantagement Score " (درجة سلبيات المبنى) . ان هـدف تحـسـين التصـاميم العمرانية هـو انقاص هـذه الدرجة الى ادنى حـد ممكن ، وفي حالة حي لي فيو فانها قد انخفضت من (10) الى (5) .

يتداعـى المظـهر الخـارجي للمنازل ايضـا ، وتسـرق خـصـوصـية حدائقها الامامية ويتم الاشـراف عـلى غـرف المعيشـة فيها من خلال الشـبابيك الكـبيرة الواسـعة ، أو يحدث العكس بتقليص النظرة الى الخارج بوجود الشرفات و المرائب (الكراجات) . ولقد حـددت قيما تقـيـس سـلبيات التصـاميم تراوحت بين (0 - 12) للمسـاكن و بين (0 - 16) للشـقق . وفي مقارنة بين التصـاميم العمرانية جـرت في الثمانينات ، سـجـلت احدى المناطق السكنية في مدينة ملتون كينز Milton Keynes (11) نقطة سـلبية من (12) . وكانت هـذه المنطقة هـي الاصـعـب في تأجـير وحـداتها السـكنية في المدينة باكملها . وبعد اجراء بعـض التحـويرات ، وليس التطويرات ، تقبلها البعض مكرها لوجـود ازمة سـكن حـادة في المدينة . فالعـجز السكني يؤدي الى حـرمان المشـتري من فرص الاخـتيار ، ويدفع المضـاربين و المقاولين لاخـفاء نواقص التصـاميم المعمارية .

ان الاعـلان عن بناء (25000) وحـدة سـكنية في ميناء مدينة لندن خبر مفرح من زاوية زيادة الموجـود السـكني للموازنة مع الطـلب واعـطاء فرص للاخـتيار ، وخـبر بائس لأضـافـة تصـاميم عـمرانية تسـاعـد في نشـر الجريمة . وان المناطق السكنية الجديدة سـتمتص وقت وجهد الشرطة كالاسـفنجـة الجـافة . واشـارت دراسـة عن حي سـكني يقـطن وحـداته السـكنية مالكوها الى حـصـوله عـلى (7) أو (8) نقاط سـلبية في تصـميم كل وحدة سـكنية ، لذا توقعـت الدراسة انتشار الجريمة فيه . واثبتت الايام صحة التوقع فخـلال عـامين تعرض حوالي ثلثي الدور الى سرقة واحـدة على الاقل

الـتصـامـيم المـعـماريـة و سـلوك الابنـاء

ان وجـود الاسـيجـة و البوابات في الحـدائق الامامية في مناطق تسـود فيها مسـاكن ثنائية الجـوار قد سـاعـد في تفسـير قلة تعرضـها للغرباء و مشـاكلهم . فالاطفال محميون منذ نعومة اظـفارهـم ، وحـتى عـندما يسـتطـيعون المشـي فانهم يبقون ضـمن مجال البيت حيث لا يسمح لهم بدخول حدائق و مجال الآخرين . يمثل هذا اول درس عـملي لهم بان هـناك فسـحة و بوابة ، وجـوهـري تعويدهـم عـلى احـترام الاخرين و ممتلكاتهم . تخـتلف هذه الخبرة كليا عن تلك التي يتعلمها سـاكـنوا الشـقق حـيث يبقى الابناء حبيسي الجـدران ، وتترك الفسـحـات المجـاورة للغرباء . ان اسـس احـترام الآخـرين و ممتلكاتهم تبدأ عـمليا في الحي السـكني . وقد لاحظ اليابانيون ميل الاطفال الذين ترعـرعـوا في الشـقق الى القسـوة و الخـشـونة

للحدائق الخـلفية درس مخـتلف للاطفال عـند اول تعلمهم المشي متلهفين لاكتشـاف العالم خارج جدران البيت . ولما كان المجـال امامهـم قصـيرا فان الحديقة الخلفية هي المكان الآمن المسموح لهم اللعب فيه . و الاطفال في الطوابق العليا محرومون من مثل هذه الخبرة ، فالمسافة للاسفل بعيدة المنال والفسحات متروكة للغرباء ، والشـوارع تؤدي الى الضـياع و المخـاطـر . ان نقص الثقة بالنفس قد لوحظ بطريقين مهمين . فالطفل اكثر تأثرا باقرانه ، وسهولة تطوير (ثقافة) الانحراف لديهم ، فقد لا يمر بعـضـهم بالمراحل الاعـتيادية لاكتشـاف المحـلة او الملاعـب و السـاحـات القريبة . وقد يرغـب البعض البقاء في الحي السكني حتى عندما يبلغ مرحلة المراهـقة . وبدلآ من تمييز النقص في النضـج اتجـه المخـطـطون الى عـد هـذه الحالة معيارا يجب تعزيزه بتوفير مناطق لعب في الحي السكني حيث تبدأ المشـاكل مع الاطفال الاكبر ، وحتى مع البالغين . يوضـح الشكل رقم (2) ان المباني ذات فسـحـات اللعب هـي الاكثر مشـاكلا (جرائم و تفكك اجـتماعـي) قياسـا بتلك التي تخـلو منها .


في احـد دور الحـضـانة اشـارت المديرة الى ان الفرق بين الاطفال (بعمر ثلاث سنوات) الذين يعـيشون في مسـاكن Houses عن الذين يعـيشـون في شـقق واضـح ، فالاخـيرين بطـيئي التعلم وغـير مشـذبي السـلوك و النشـاط ، مع ضـعـف في الثقة في النفس و قلة المبادرة (الاعـتماد على الآخرين) مما اضـطر الادارة الى وضـعـهم في صـفوف خـاصـة لرفع مسـتواهـم الى مسـتوى اقرانهم .
كما للحديقة الامامية و الخلفية دور في تعليم الاطفال ، كذلك الحال مع الشـارع و اللعب به ، حـيث يتعلم الطفل كيفية تجـنب مخـاطـر حـركة المرور . فخلال العقود القليلة الماضـية تناقصـت نسـب الموت و الجـروح للكبار وازدادت لمن هـم في سـن (10 - 19) سنة . يرى البعض الحاجة الى تخـطيط شـوارع مغـلقة النهاية Cul De Sac لتقليل المخاطر ، ولكن قد تكون هـذه هـي السبب في زيادة الحوادث . فهذا النمط من الشـوارع والطرق الداخلية للحي السـكني (التي فيها مطـبات تقلل سـرعـة السـيارات) تعلم الاطـفال ان اللعب في الطرقات آمن لأن العجـلات تتحرك ببطيء . ولم يتعلم هـؤلاء الاطـفال الدرس الذي اخـذه اقرانهم الذين يعـيشـون قرب طـرق و شـوارع تقليدية حـيث يتعلمون الخروج الى الطريق و السـلوك الآمن واهـمية ادراك المخاطر و التحـسـب لها . ان الامان الزائد يحـول دون تعلم دروس جـوهـرية في مرحـلة حـرجـة من العمر .




مـضـاربـو الـسـكـن و انتـشـار الجـريمـة


يبدو ان التخـطـيط السـكني غير الجيد يؤدي الى ما يعرف بقانون كريشـام Gresham's Law حـيث التصـاميم العمرانية السيئة تطرد الجيدة وتأخذ مكانها . فاذا كانت التصـاميم الحـديثة تؤدي الى المشـاكل . فالمنطـقي العودة الى التصـاميم الاصـل الخـالية من المشـاكل وترك التطور يبدأ من جديد دون الانغلاق عـلى حـلول جـاهـزة وعـدهـا اهـدافا بحـد ذاتها بعد ان تبين انها تسبب المشاكل . فعلى سـبيل المثال ، وبعد اسـتيعاب الشـكل رقم (2) قامت منظـمة تدعـى "لـعـب آمـن لـلاطـفال" بحـملة لانشـاء موجـة جـديدة من ملاعـب الاطـفال . وتبنى المخـطـطون نمط الشـوارع المغلقة النهاية مثال آخر في الاتجاه نفسه . ويتكرر الحـال مع اسـتخـدام هـاتف البوابة واجـهـزة المراقبة المرأية . الاخـيرة وسـيلة غالية لتحـسـين الامن ، وقد تسـتخـدم لمراقبة الشـقق ومعرفة وقت خـلوها من سـاكـنيها ، فهي سـلاح ذو حـدين .

وحتى الوقت الراهـن ، يعالج مقاولو السـكن الجريمة بتحسين شـروط الامان في الوحدات السـكنية دون تحـسين التصـاميم . فالمسـكن الجـديد مزود بالاقفال الكبيرة و السـلاسـل و العيون السـحرية ، حـارمين واجـهات المنازل من الشـبابيك لأنها نقاط واهـنة ينفذ منها المتـطـفلون . وتقع المنازل الجديدة في شـوارع مغلقة النهاية حيث لا تفرق الارصـفة و المماشـي عـن الشـارع ، محـاطـة بجـدران عـالية مع بوابة ومكان للحارس . ان هـذه التحـوطـات الامنية المكلفة ماديا قد تبقي الحي السـكني آمنا الا انها تفرض عـليه وضـعا خـاصـا ، فالشـوارع اشـبه بخـوانق عـميقة ، وعـندما يتعرض المشـاة الى الاعـتداء فليس من سـبيل للهرب الى حـديقة صـديق .

رأي ألـــس كـولـمــــان


ان الملاحظات الاكاديمية ذات الصـلة بالموضـوع (التصـاميم العمرانية ، الجريمة و التفكك الاجـتماعي) قد اوردت براهـين مبعثرة هـنا وهـناك عـن اهـمية اعـادة النظر في التصـاميم العمرانية الحديثة والاسـاليب التخـطـيطية . فاذا امكن حـل مشـاكل سـت مجـمعات سـكنية من خـلال تحـسـين منظـم لتصـاميمها المعمارية ، و تناقصـت المشاكل الاخرى نتيجة ذلك التطوير ، عـندهـا يمكن توسـيع دائرة سـياسـة تحـسـين التصـاميم العمرانية لتشـمل مناطق اخرى تعاني من المشـاكل ذاتها .


ان هـذا اخـتبار عـلمي وليس منهجـا شـكليا كالذي وضـعته دائرة البيئة البريطانية التي صـنفت المناطق السـكنية حـسـب اولويات معتمدة طرقا مختلفة دون الاشارة الى كلف بعـضـها . ان نجاح تجربة برود ووتر فارم Broadwater Farm ، عـلى سـبيل المثال ، راجـع الى عـوامل عـديد ، منها : حـسـن الادارة ، القيادة الجـيدة لجمعية المسـتأجرين ، الاضـافات الخارجية من ديكورات واجـهزة حـماية وابواب وغـيرها . وقد قيل ان هذا كان حـيا سـكنيا مسـتقرا من الناحـية الاجـتماعـية ولأشـهر عـديدة حتى تمكن شـباب طائش تغيير الصورة . بعد ذلك قامت دوريات تضم (16) شـرطيا بمداهـمات للحي مما انقص نسبة الجريمة فيه . وبعد خفض حـجم الدورية الى (8) افراد حـدث اعتداء ضرب افضى الى الموت في هـذا الحي السـكني


لم تثبت التجارب ان أي من الطرق المكلفة ماديا أكثر أمانا ، كما انها تحتاج الى ادامة مسـتمرة وصـيانة . بالمقابل ، فان تحـسين التصـاميم العمرانية يفيد الجـميع وليس سـاكني الوحدة السـكنية فقط . فالتحـسينات العمرانية الجـيدة تسـمح باسـتقرارية المجـتمع ذاتيا دون فرض كلف ، مادية ومعنوية ، اضـافية عاليه و جـني فوائد جـمة ، مع سـهولة ادارة المجمع السكني ، باقل عـدد من رجال الامن ، وضـغط نفـسي اقل ، واقل شـغب واتلاف للمرافق العامة ، وجرائم سرقة اقل ، واقل عـدد من حرائق العمد . ان توفير كلف الادارة قد وردت الاشـارة اليه في مجلس البرلمان البريطاني ، وانه اسـاسـي للمجمعات السكنية الكبيرة من خلال تجزئة الممرات واعـطاء كل مجـموعـة صـغيرة من الوحدات السـكـنية مدخـلآ و ممـشى قصـير و مصـعـد صـغـير و سـلالم .


ان سـلبيات التصـاميم العمرانية رسـالة موجهة الى نظرية الجريمة Crime Theory حيث امكن الموائمة بين الافكار المعروفة عن مزاج المجرم مقابل فرضـيات عـن وضـعه مؤكدة بانهما وجها عـملة واحدة . فمزاج المجرم ليس فطريا ، و وضـعه نتج عـن التعليم الاولي في بيئة تحوي الجريمة ضـمنيا . فالحالة و المزاج يعززان بعـضهما ، فالمعتدون الشـباب ينقـلون الحالات الواهـنة معهم ومـتجنبـين الموضـوعـات ذات الاهـتمام العام . جـيل نشـأ في الشـقق و تعود اثارة المشاكل في المدرسة و سرقة الحوانيت و المحلات التجارية و الشغب في ملاعب الكرة و الخـلاعـة و الاعـتداءات الجـنسية و الجـسدية و ضـرب الزوجـة وسـوء معاملة الابناء . ولعل الجيل الثاني من ابناء الشـقق ، بعمر خـمس سـنوات ، قد بدأ بالانحراف قبل دخوله المدرسـة . ان الاسـوء قادما طالما هـناك من لايزال يتربى في هـذه الاجـواء و التصـاميم العمرانية السـيئة . يعني هذا ، الحاجة الى تعزيز القانون وانقاص تفاقم الجريمة الى الحد الادنى . ومالم يتم تحـسين التصـاميم العمرانية و المعـمارية لاقـتلاع مصـادر الشـغـب فالامر سـيبقى سـيئا .


لا تؤدي التصـاميم العمرانية الجـيدة الى تكوين مجـتمع خال من الجريمة ، فهناك مجرمون قبل موجة الجريمة الحديثة ، وسيبقى هـناك مجرمون بعدهـا . ولكن نسب الجريمة في ما قبل العصر الحديث ضـئيلة قياسـا بمـسـتوياتها هـذه الايام .

تـعـلـيـق الـمـتـرجـــم


أثارت الاستاذة الس كولمان موضوعا جوهريا يمس حياة الناس اليومية ، السكن واثره على تربية الابناء و انتشار الجريمة . موضوع يتحدث عنه الجميع ، في البيت ، مع الجيران ، في المقهى ، في مكان العمل ، في الطريق ، بين الزوج والزوجة ، بين ربات البيوت ، الاصدقاء ، وكل يطرح الموضوع من نقطة محددة و زاوية يعاني منها . ومما يؤسف له ان مخططينا يقلدون كل جديد دون تقيمه موضوعيا على وفق حاجة المجتمع و طبيعته . فـاذا قارنا بين التصاميم العمرانية العربية التقليدية و تلك المستوردة ، من مختلف المعـطيات ، فـلـصـالح مـن سـتكون النتـيجة ؟

البيت هو المدرسة الاولى التي يدخلها الانسان ، منه يتزود بما يغذيه به اهله من معرفة وتعليمات و اوامـر ، وفيه يكـتشف ما يريد معرفته . والتعلم الذاتي ابقى في الذاكرة من كل انواع التعليم . لذا ، للبيـئة المنزلية الاثر الاعمق في حياة كل منا . انها المعرفة التي نقشت في الدماغ عـصـية على الزمن و نوائبه و مغرياته . قـد تثـلم ولكن لا تنـسـى ، تبرز جـليـة للـعيان بين حـين و آخـر .
في الـبيـت الشرقي التقليدي ، حيث الا نفـتاح على الداخل ، على الاسـرة ، ما يجري في أي جزء من المنزل يحس به الجميع و يعيشه . الكل آمن من تطفل الاخرين ، قوة الفرد وثقته بنفسه مستمدة من تماسك اسرته . والمحلة هي امتداد للعائلة ، فالجميع اهل واخوة واخوات ، الصغير يحترم الكبير ، و الاخير يعطف على الصغير ، وبنت الجيران اخت يجب حمايتها و مساعدتها عندما تحتاج . الكل متعاطف متفاهم متماسك بغض النظر عن الخلافات الشخصية واسـبابها . الطفل يتربى في بيئة صحية ، ويتعلم الكثير ، وتنمـو فيه جـذوة الخير و حبه ، تزرع فيه بذرة المواطنة الحقة والايمان بالله الواحد الاحـد .


في البيـوت الحديثة الطـراز ، الانفتاح نحو الخارج باوسع الشبابيك ، التي تفتح اعين الاخرين الى الداخـل لـتغريـهم بكل ما فيه . ما يجري في غرفة قد لا يحس به الاخرون سواء اكان خيرا أم شرا ، وفي كثير من الاحيان يعد امرا خاصا ليس من حق احد التدخل به . يتربى الابناء على الانانية وليس (الفردية) ، تتوطـد علاقاتهم باصدقائهم وتوهن مع الاهل و الجيران . لم يعد الانتماء الى المحلة شيء مقبول الا اذا كانت تمثل شريحة معينة من المجتمع .


وحتى في الاحياء السكنية الخاصة ، حيث البوابة والاجراءات الامنية المشددة ، ليس هناك احساس بالانتماء ، لأن الحركة محسوبة و مقيدة فيها . فيها أطـمـئنان وليس فيها أمان . تضم الكثير من التسهيلات الحديثة ولكنها تفتقد الكثير من المعنوي الجوهري الذي يجعل الانسان يحس بالانتماء و الامان . فالامان ليس أقفال و سلاسل ، انـه في القلب ، انه احـسـاس ذاتي . في مثل هذه المناطق يتربى الابن على الخوف من الجميع عدا ابناء الشريحة التي يعيش بينها .


ان المماشي الفوقية في البناء العمودي تساعد على اختراق حرمة المنازل بطرق شـتى ، فهي مرفوضة اجتماعيا و أمنيا . وترك الفضاء المحيط بالمبنى مفتوحا للسابلة يجعل الوحدة السكنية مفتوحة للناظر من الخارج يراقبها كما يحلو له . الطرازان يفسحان المجال للغرباء و يضيقان على الساكنين . فكـيـف قـبل بـهـما المـهـندس العـربي ؟ هـل سـكن هـو وعائلته باحـداهـا ؟ ومع بداية موجة البناء العمودي ارتفعت اصوات عدة معارضة ، فلماذا خـفـتــت ؟ ولمـاذا لـم تدرس سـلبيـات السـكـن فيـه ؟

يعـد المنزل العامل الرئيسي Key Factor المفسر للامراض الاجتماعية و النفسية و البدنية . فاذا اريد ضمان مـستـقبل البلاد ، الامان الداخلي و الخارجي ، فلنبدأ بالمنزل وننتهي فيه . المنزل بكل مافيه ومن فيه . الدعوة موجهة للتربويين ، والمعماريين ايضا ، لوضع سـتراتيج بحثي معني باثر مختلف التصاميم المعمارية والعمرانية في مدننا على سلوك الابناء و مستقبل البلاد الامني . فاسباب الانحراف كامنة في بيوتنا ، في تصاميمها المعمارية وعلاقاتنا مع بعض كأسـر ، في المحلة والاحساس بما يجري فيها


يؤكد علماء الاجتماع على دور الاسره في توجيه الابناء و سلوكهم ، ولكن الاسره ليست افراد فقط ، بل المكان الذي يعيشون فيه . الاسرة هنا بمعناها الاوسـع (البيـئة الأسـرية) ، بالمنزل و بتصميمه ، موقعه ، موضعه ، علاقات ساكنيه مع بعض ، وعلاقاتهم مع الاخرين ، انها القيم المكتسبة من العائلة و انعكاساتها السلوكية .

ومما يؤسف له ، وجود العديد من المعجبين بسلوك النعامة فيقلدوها في طمس الرأس في الرمال عندما تواجه المخاطر العائله والاهل ، والمجتمع . انها الانانية التي اكتسبها البعض في بيوت بنيت بطرز سـيئة . لهذا السبب لا نتوقع مـسـتقبلآ آمـنا ، لأن الابناء لـن يكونوا اكثر وطنية من آبائهم ، لاسيما وان نسبة كبيرة منهم قـد ترعـرعـت في شـقق سـكنيـة وتشـربـت بكل سـلبياتهـا .
__________________









آخر مواضيعي

0 ورشة التقاسم و التعميق و التصويب في مجال tice
0 مقاربة النوع بمنظومة التربية والتكوين الدورة الخامسة لمسابقة الفن والآداب في خدمة المساواة
0 مشروع دعم تكوين المكونين في اللغة الفرنسية
0 المراسلة رقم 006-15 الصادرة بتاريخ 26 يناير 2015 بشأن تكوين الأساتذة المتدربين في الإسعافات الأولية و الإنقاذ
0 'الدروس الخصوصية' تسقط 18 أستاذا في نيابتي سطات وسلا
0 المراسلة رقم 225-14 الصادرة بتاريخ 10 دجنبر 2014 بشأن تنظيم المسابقة الوطنية الخامسة لفن الخطابة
0 المراسلة رقم 227-14 الصادرة بتاريخ 11 دجنبر 2014 بشأن الاحتفال بأسبوع الساحل
0 المراسلة رقم 226-14 الصادرة بتاريخ 10 دجنبر 2014 بشأن الثقافة المقاولاتية
0 هذه خطة بلمختار لـ«إنقاذ» التعليم في أفق 2030
0 غاز البوتان يتسبب في مقتل معلمة شابة باقليم شفشاون

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مضر, الجـريمـة, الـتـصـامـيم, الـعـمـرانيـة, الكيلانى, انتـشـار, دكتور, سـلبيـات

« الكرامة بين الحق والواجب | توصيات الورشة الثانية لليوم الدراسي حول تنمية السلوك المدني »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
20 مليون مسلم و دكتور أسنان احمد طالبي دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 3 28-02-2009 23:41
كيف يجب أن تدرس الجغرافيا فى المدارس ( دكتور مضر العمر ) التربوية الأرشيف 3 07-12-2008 21:00
مزحة دكتور الفوقى النكــت والطرائف 6 23-11-2008 20:58
مدخل إلى الأدب الإسلامي للدكتور نجيب الكيلاني كتاب الكتروني ابن الاسلام كتب إلكترونية 0 23-11-2008 07:55
دكتور أمريكي اسلم.........,والسبب الحليب!!!!!!! nourhane دفاتر المواضيع الإسلامية 0 31-03-2008 13:46


الساعة الآن 08:42


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة