رواية*زليخة* 12 - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

ميمون بوجنان
:: دفاتري فعال ::
تاريخ التسجيل: 29 - 11 - 2008
المشاركات: 545
معدل تقييم المستوى: 242
ميمون بوجنان على طريق الإبداع
ميمون بوجنان غير متواجد حالياً
نشاط [ ميمون بوجنان ]
قوة السمعة:242
قديم 03-03-2009, 23:46 المشاركة 1   
Movies رواية*زليخة* 12

النظرة الأولى


لم تمض سوى أيام قلائل على الاحتفال بعيد الأضحى، عيد المسلمين الأكبر ،حتى بدأت بوادر الكدر تلوح في أفق حياة أهل هذه القرية النائية.


القرية هي حصن من حصون الغرباء القديمة تبعد عن أقرب مركز حضري بمآت الكلوميترات. يعرف "السي امحمد".سكانها كلهم بسنه المناهز للسبعين يتذكر ولادة أبناء كل العائلات التي سكنت وتسكن قريته يعرف "المعطي" وأبناءه وحفدته يعرف "العياشي" وزوجاته وأبنائه يعرف... يعرف ....يعرفهم كلهم فردا فردا.


في ضحى هذا اليوم بعد صلاة العيد ب"الدويرة"النائبة عن المسجد و المصلى تفرق الأهالي بعد تهاني العيد لم تكن لتخلو من شوائب العلاقات الدنيوية فهذا حاقد على جاره لأنه استغل تواجده بالمدينة فوشى به عند صاحب الفدان لأجل حرثه واستغلال ثمار أشجاره بالمناصفة مع صاحبه وهذا لم يتمالك نفسه حين ارتعت غنم جاره حول الحمى فتبادلا تهما ثم لكمات ولما يزال يتحاشى الظهور أمام شيخ القبيلة السيد "المعطي" وغير ذلك كثير.


عند دنو بعضهم ب"السي امحمد" مهنئا بالعيد لم يكن ذو عين ثاقبة لكي تخفى عليه بوادر الكدر وآثار الحياة الصعبة التي عاشها ويعيشها موشومة على محياه وهذه النظرة المنطفئة التي يبدو أنه بها يودع الجميع ،بعد أيام استفاق الأهالي على صيحات" للا خدوج" وبناتها السبعة هرعوا إلى المنزل متسائلين رغم أن أغلبهم تبادر إلى ذهنه شيء واحد وهو بالفعل ما حدث. لقد هلك "السي امحمد" .


بعد القيام بعمليات غسل وتكفين المرحوم انتقل الموكب الجنائزي اتجاه ضاحية الجبل الصغير أين سيوارى جثمان الفقيد التراب.


تمالكت "للا خدوج" نفسها بعد الصعقة الأولى فبدأت في مواساة بناتها محتضنة" زليخة" بخاصة التي أتمت بالكاد عامها العاشر تربت على خدها ،على ظهرها، تمسح دموعها وهي في حالة يرثى لها، تتنفس بصعوبة كبيرة ،أبوها رفيق أيامها طالما جلست على فخديه الساعات الطوال تناجيه.. يحدثها عن كل



النظرة الثانية


شيء.. عن كل شيء رغم صغر سنها أدركت أنها أصبحت وحيدة وسط جمع من الأخوات . -"للاخدوج".كفكفي دمعك ياابنتي فهذا قدرالله -"زليخة".قدر الله؟قدر الله،ولكن لماذا أبي ؟ لماذا؟


احتضنتها أمها بقوة وهي تجيب أحد جيرانها عن سِِؤاله عن موعد تقديم الطعام للحضور الذي أتم إنجاز مهمة الإقبار،وعاد إلى المنزل ،البعض حزين والبعض الآخر يتظاهر بالحزن ويتفوه بكلمات التعزية والمواساة متحينا فرصا قد تتاح لحاجات في أنفسهم وما أكثر حاجات أنفس أهل القرية.


انفض الناس من حول العائلة ،بقيت "للاخدوج" وحدها مع بناتها البادي عليهن الحزن الشديد.


بدأت الألسن تلمز وتغمز وتهمز منذ اليوم الأول من رحيل "السي امحمد"."للا خدوج"تعرف هذا حق المعرفة لذلك فهي تفكر وتفكر بعمق في ما يستقبل من أيامها ،من أيام أسرتها كيف لها أن تعيلها؟


في اليوم الرابع حضر من المدينة السيد "حسن"ابن شيخ القبيلة و الأستاذ الكبير بالمدينة، هكذا يعرفه أهل القرية، يقارب الخامسة والثلاثين من عمره ،طويل القامة، ذو شارب كث حليق الذقن وفي عينيه السوداوين تبدو إشارات الفطنة وبريق الذكاء الذي أوصله إلى ما هو عليه وهو بالفعل أستاذ لمادة الفيزياء بمدينة "الحسيمة" أتم دراسته الثانوية بمدينة "الناظور" ومن ثم إلى التعليم مباشرة .


أقبل معز مواس" للا خدوج" فمن عادات ومن تقاليد أبناء القرية الأقحاح وإن هجروها أن يلتحقوا بها في مثل هذه الحالات وغيرها.


فتح الباب باب سيارته ترجل ليستقبله أهل الدار،حيى الجميع ثم سلم. بعد كلمات التعزية المألوفة أردف


-إنا لله وإنا إليه راجعون... ردد الجميع ذلك. " زليخة" لصيقة بأمها لا تفارقها .


-آسي "حسن" الآن أصبحت وحيدة.....





النظرة الثالثة


-الله باق يحفظ كل إنسان ويعين الجميع...


سكتت "للا خدوج" بعد أن فهمت مغزى كلامه ، لا أمل...لكي يجتازوا لحظات السكوت الحالي سارع السيد "حسن" إلى تغيير مجرى الحديث فأثار مواضيع شتى قبل أن يصل مراده من هذا اللغو كما قيل فيما بعد .


-تعلمين أني سيدتي مستقر في المدينة وأسكنها منذ مدة ويعز علي أن أراك في هذه الحال لذلك فإني أقترح عليك أن أتحمل تربية " زليخة" بدلا عنك فتساعد زوجتي مقابل مبلغ أصرفه لك آخر كل شهر


-"زليخة"؟ولكنها صغيرة كما ترى ولا تعرف من أشغال البيت سوى القليل القليل فأنا موافقة على الفكرة لكن ليس "زليخة" فلتختر مثلا فاطمة فهي .....


لا لا لا لا مجال للمناقشة يا إما" زليخة" وإلا .....أنت تعرفين جيهان زوجتي جيدا ...وللفتاة توجه فقال :


-سترين كبر الشوارع، تتفرجين على التلفاز وستلعبين أيضا مع الحسين ونسرين.....


-قلت" زليخة" صغيرة ويمكن لجيهان أن تتعامل معها بسهولة ففي الحقيقة هي من أوصت بذلك أما بالنسبة لفاطمة فلا أظن جيهان تقبلها معها....


-للا خدوج:.............


-"زليخة": ميييييييي لا أريد أن أتركك أمي أمي


اقتنعت" للا خدوج" أن خلاصها مرسوم على جبين الصغيرة .


سيشتري لك عمك" حسن" لعبا كثيرة و لباسا جديدا وحذاءًَََا وسيشتري لك أيضا سوارا وخواتم، أليس كذلك آسي "حسن" ؟


-بلى بلى وأكثر من ذلك أشياء أخرى لم تخطر على بال ....


-لا أريد ...لا أريد أبتغي فقط أن أبقى جنبك أمي وأنتظر الصباحات كي ألعب مع الصغار عند قدم الجبل الصغير .



النظرة الرابعة




ودع السيد" حسن" "للا خدوج "بعد أن ضرب لها موعدا السبت المقبل يومها سيمر من هنا فإن أقنعت الصغيرة فذاك وإلا ذهب لحال سبيله مودعا إياهم.


لم تكن "للا خدوج" متأكدة بأن اليوم يوم أربعاء لذلك هرعت إلى بناتها .سألت... سألت ....أجيبت ...تيقنت...يومان.. يومان.. يومان فقط.


تلك الليلة نامت"زليخة" على بكاءاتها نومة متقطعة أفاقت مرات ومرات كلما عاودها الحنين إلى لمسات أبيها إلا وبكت.


في هزيع الليل الأخير. الكل نيام تنتحب في فراشها هي لا تريد فراق هذا المنزل الذي ألفته وألفها فهو جزء من عالمها تعرف كل زاوية بمحتوياتها كل ركن لمل هو مستعمل .أمها باتت تندب حظها الذي عاكسها منذ طفولتها. تأملت حاضرها الذي لا يمكن إلا أن يكون بين السندان، سندان الحاجة ومطرقة التكالب الإنساني الذي تعرف حيثياته وعواقبه . فكرت، دبرت ثم أدركت أن المخرج قد يكون استغلال سذاجة ابنتها رغم أن روحها كانت تحز من جراء ذلك ويؤلمها أشد الألم أن تراودها ثم تمنيها أكثر فأكثر وهي متأكدة أنها ستحصل على ما تيسر من دراهم تعيل بها نفسها وباقي البنات .............


استثنتها منذ الآونة هاته من حساباتها، ففاطمة ستحضر الماء من بئر" سيدي المعطي" وكذا الحطب من الجبل الصغير أما" فاطنة" فستقوم بالأشغال المنزلية أما" فريدة" المسكينة فلا مهمة لها سوى أن تتمالك نفسها ولا تبكي أمام الملأ علاتها فهي منذ ولدت مكفوفة لا تكاد تغادر مكانها إلا لماما مستعطفة إحدى أخواتها لكي ترشدها إلى مبتغاها .....





النظرة الخامسة



"مبروكة" و"سلام" توأمان صغيرتان تعرف" للا خدوج"أنه عبؤها الكبير في الحياة اليومية تبقى الآن "امحيجيبة" المحجوبة تماما عن أنظار الغير ممنوع عليها الخروج من المنزل منذ علم بما يشاع من أن "عباس" قد يخطبها لنفسه هذا أمر الأم وأمر الأم مطاع خففت أعمالها لا تدعى إلا خطيبة "عباس"


الرابعة صباحا صراخ ...أوه استفاقت الصغيرتان صراخ متناغم لا شك أنهما جائعتان قامت " للا خدوج" لتحضير فطورهما ......


اللهم الطف بي ..انتظرا انتظرا فقط سأحلب الشاة ثم.....صراخ.. صراخ.. صراخ....


اللهم يسر أمري واعطف على حالي أنت تراني من حيث لا أراك ، اللهم ارزقني صبر أيوب ، اللهم ... أيوب؟هذا الاسم الذي تبادر إلي ذهنها الآن، من أنبأها به ؟آه ذكرى ،تذكرت من قال عن أيوب وأين و لماذا أو كيف؟ أوه، دوما أعود للماضي.وحاضري؟ حاضري يضيق الخناق حول عنقي وعنق أهلي .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .حملت إناء ابيض ألون ، اتجهت صوب الزريبة المحيطة بالمنزل،تاركة وراءها صرخات وصراخات، لم تكد تخطو خطوات حتى لحقت "امحيجبة" بالصغيرتان ربتت على ظهرهما هدهدتهما.. سكتتا.الحمد لله رب العالمين الرحمان الرحيم ملك يوم الدين أيا..أعوذ بالله من الشيطان اللعين هي في حالة لا تحسد عليها، الأحزان التي تتخبط فيها والنوم الذي جافاها فجافته ، ثقيلة أجفانها .لاتدري كثيرا ما تقول دخلت الزريبة أمسكت بشاة أولى حلبتها ، انتقلت للثانية فالثالثة امتلأ الإناء عادت أدراجها متمتمة بأشياء لاتفهم ،هيأت فطورا،أطعمت الصغيرتان.عادتا للنوم ،بقيت مع "امحجيبة" .أي ربي ماذا كنت أقول آه ."امحجيبة" اسمعيني


ساعدني على استمالة الصغيرة لقبولها مرافقة السيد "حسن" وإلا فسنقضي على ما بقي من آمال ونعيش المذلة و..الحرمان..


-ألا ترين أن" زليخة" صغيرة و.. لكن ولا هم يحزنون .قلت ساعدني ،يعني ذالك ساعدني أفهمت؟



النظرة السادسة



-حاضر ...


مر اليومان كلمح البصر ، ها يوم السبت .أفلحت بحيل شتى إقناع" زليخة" بمرافقة السيد "حسن" إلى المدينة .في الصباح الباكر استيقظت أيقظت البنات كلف الكل بإعداد" زليخة" لمغادرة المنزل ،الكل مستبشر بمستقبل أختهن بالمدينة أمي هل ستزورينني هناك؟ هل ستأتين؟


- أي نعم كل يوم سبت سآتي و..


وهي تتفوه بما قالت تلعن نفسها لعن كثيرا،لأنها تعلم علم اليقين أنها لم ولن تصل إلى هذه المدينة .


- سوف أعود ولا بد من أن أجد شاتي المزركشة وقد كبرت ،وأيضا صغارها .


صاحت إحدى الأخوات مقاطعة أنها سيارة السيد... أمي..أنظروا هناك ..أمي أوصيه خيرا بزليخة. انصرفن ليتلصصن من كوات الأبواب ويسمعن ما يدور من حديث بين أمهن وهذا الغريب ويستمتعن أيضا برؤية السيد الكبير ذي الشارب الكث .


توقفت المرسيدس" 240 "أمام البوابة الكبيرة للمنزل ترجل السيد"حسن" فتقدمت نحوه"للاخدوج"


- أنعم الله صباحك آسي" حسن" .


- صباح الخير.


- أدعو اللهم أن يحفظك يا ولدي لتحملك مشقة المجيء إلينا ومن أجل مصلحتنا. اللهم يسر أمرك وأكثر رزقك واحفظ ذريتك و..


- "للاخدوج" هاأنذا هل الصغيرة مستعدة ؟


-أي نعم أتمنى من العلي القدير أن تكون عند حسن الظن طائعة لكم مطيعة .


- سيصلك المبلغ الذي سأرسله آخر كل شهر مع"السي المعطي" .




النظرة السابعة



-اللهم يسر أمرك و احفظ ذريتك وأكثر رزقك…


تدخل إلى المنزل بعد عدم تلبية دعوة السيد للدخول وتخرج بعد هنيهة ومعها "زليخة" تجر الزي الذي أدخلت فيه جرا من ينظر إلى عينيها العسليتين، إلى قدها الأهيف، إلى ضفائرها الذهبية تداعبها نسمات هذا الصباح يأخذه الحنين للبكاء الكل يبكي.. اغرورقت عيناها.. نزلت دمعتان ساخنتان على وجنتيها وهي تعانق أمها عناقا حارا.قبلت يد السيد" حسن "بحنان، أخد راحتها المحناة وأسلمها لراحته وهو يقول:


- اتفقنا " للاخدوج" إلى اللقاء القريب .


-اللهم ارض عنكما.....


دلفت" للاخدوج" إلى المنزل، ذرفت من الدمع ما شاء الله لها أن تذرف ،دمعا حارا ما ذرفت مثله حين وضعت"فريدة"ولا يوم فقدت ابنها الوحيد بعد يوميات من ولادته ولا يوم فقدت رمز أسرتها"السي امحمد" كفكفت دمعها راحت في شبه غيبوبة تسترجع ذكرياتها الحلوة منها والمرة.


ترائى لها ولأول مرة ،موكب زفافها وهي متشبثة بالسي امحمد مردفة له على فرس أدهم لابسة البياض وإياه ، الكل من حولها يزغرد ويتصايح بتحايا مختلفة لم تشك لحظتها وهي ترمق الجمع أن شابا أو شبانا من المرافقين يتتبع خطوات إحدى أو أكثر الفتيات، يبسم في وجهها ، يرسمها في مخيلته صورة تعرف الفتيات المسكينات في أحسن الأحوال كما ولدتهن أمهاتهن وهن مبتسمات ضاحكات، ضاحكة من نفسها.


لكنها استملحت ذلك فعادت لاستحضاراتها لاحت لها صورة اللحظة اللحظة الرهيبة لحظة الدخول "الذهبي" بها كما يقال :


"السي امحمد":- السلام عليكم يا غزالة.. غزالي الغالي.. ها....ها


-وعليكم السلام .



النظرة الثامنة



تتذكر جيدا أنها كادت تتقطع أنفاسها قبل أن تتم السلام ....


تقدم منها أزاح عنها الخمار الأبيض الذي اتشحت به ككل العرائس جلس جنبها على الكنبة و أخذ يتأملها.هي تعرف الآن مدى جهلها آنذاك بالحياة الزوجية بالحياة الثنائية ترى بوضوح صورتها وهي تتصبب عرقا رانية إلى الأرض ومع أنه كان محنكا في مسائل النساء فقد تعمد إطالة مدة الصمت والتحديق في وجهها حتى أحست أن خلجاتها كلها ترتجف وهي تدعو الله من كل أعماق قلبها أن يحنو بقلبه ويطفئ النور .


إطفاء هذا الفانوس الشيطاني الذي يضيء كل أرجاء هذا البيت لماذا إطفاء الفانوس ؟ هذه اللحظة تتذكرها أكثر من غيرها. رفع نحوها يدا تعرفت عليها جيدا فيما بعد، تعرفت على كل تجاعيدها التي كانت تبدأ في الظهور ، وضعها تحت ذقنها وحول وجهها كاملا حتى أصبح كلاهما يحدق في الآخر أرادت أن تشيح عنه بنظرها لكنه تمايل معها مانعا إياها من ذلك . أحست أنها بدأت تصبح إنسانة أخرى أحست أن كيانها كله يستجيب لمداعباته للمساته لم تكن قد قابلته من قبل ، انحنى نحوها ،لثمها في قبلة متعثرة هكذا أحبت دائما أن تسميها . تفقد رويدا رويدا سيطرتها على جسمها .......ينفلت منها .


ضمها بكلتا يديه العريضتين ضمة أيقنت بعدها أنها حرة طليقة ترفرف روحها بعيدا ، في جسدها تسري قشعريرة غريبة عنها كل سنينها الستة عشرة الماضية لم تحس بمثلها قبلها قبلة فيها من الحنو ما جعلها تستعجل رد الصاع صاعين وتعجب من أمرها ما لبثت أن راحت في تقبيله كرة وكرتين وهو برزانة سيد الخامسة والأربعين يتفنن في تحقيق انفلاتها التام غابت عن الأرض، عن السماوات السبع، تحس فقط أنها تسعد.. أنها ترفرف، لم تدر كيف تخلصا من أزيائهما ، لم تدر كيف ضاجعها ، أفاقت فقط لما ألم ألم بها ندت عنها صرخة الولادة الأولى صرخة لم تدر أكانت ممزوجة ببكاء قرح أم بكاء فرح


أعاد تقبيلها .. انسحب بعد أن لبس جلبابه الأبيض بسلام .



النظرة التاسعة




تحسست فخداها المكتنزتان، ثابت على رشدها، لمت أشياءها اتقت شر دخول النسوة تدثرت .... زغرودة أولى.. زغاريد.. زغاريد نساء.. نساء .. سيل نسوي إلى البيت


آه لعنة الله على الوسواس قالت . فتحت عينيها محملقة فيما حولها ثم استعاذت بالله من الشيطان الرجيم مرات ومرات وحمدت الله أكثر قامت متثاقلة وبسمة اعترتها للتو لم تدرك كنهها ومع ذلك تنهدت وحاولت أن تنسى :


"امحيجيبة " هل أفاقت الصغيرتان؟


-تكومت" زليخة" في المقعد الخلفي حول نفسها لا تكثر الحركة، حتى تنفسها خفيض وترنو بمقلتيها إلى ما حولها ،كل شيء يتموج تموجا أخافها لم تسأل السيد"حسن" عن أي شيء ،حاول هو استمالتها للحديث مرات ومرات كانت كل مرة تفلح في الإجابة إجابات مقتضبة :نعم...لا...مرة واحدة.....ولا مرة ..........في مرات أخرى اكتفت بهزات من رأسها الصغير


تبسمت ،لم تدر لاهي ولا هو أيضا سبب تبسمها بيد أن خيالاتها كانت سارحة عند قدم" الجبل الصغير" هي تحثو حثيات من تراب تنثرها على رفيقها الجالس قبالتها ورجلاهما اليمنيتان متعاضدتان كانا شغوفين بهذه الحركة كلما اختليا إلا وغمرتهما السعادة تتذكر جيدا أنه كان يحدثها في أمور شتى حين علم بمغادرتها القرية التقيا كالعادة كانت السعادة ناقصة كما قالا معا حين الوداع بكى وبكت..هل ستعودين ؟قال: عودي، لابد أن تعودي يوما......سأتزوجك ألا تعلمين أني سأتزوجك.. تتذكر راحته التي وضع على وجنتيها لأول مرة.. تتذكره أكثر بعينيه الكحلاوين وقده الممشوق" أحمد "أين أنت الآن؟ أحمد يا أحمد يا أحمد


-ماذا؟



النظرة العاشرة


-لا لا لاشيء.....


عاد إلى السير بسرعة كأنه يستعجل قدرها في المنعرج الأخير الانعطاف إلى مدخل المدينة قفزت من مكانها خيل إليها أن السيارة تهوي في واد سحيق .. طمأنها :


-لا يفصلنا عن المنزل سوى بضع دقائق فافرحي واضحكي فقد تبسمت لك الدنيا ......


تعلمت،هي أيضا رغم صغر سنها التصنع تبسمت.. بدا الاندهاش على محياها كلما توغلت في الشارع الكبير ،شارع لم تستوعب كيفية انبجاس هذه المباني الشاهقة التي تجثم علي جوانب الطريق كأنها "الغوريلات"التي روت عنها أمها الأعاجيب.


همت أن تطرح العديد من الأسئلة،لم تفعل.. تمهلت، تجلدت كيلا تبدأ بخزعبلات وثرثرات لا طائل من ورائها هي لا تعتقد ذلك ولكن هذه وصايا الأم والأخوات وما أكثر وصايا الأم والأخوات:


- لا تجلسي حتى يطلب منك ذلك فأنت في منزل الشرفاء.


-لاتزعجي منام " للاك "


-كوني ذكية و أسرعي في تلبية الطلبات.


-لاتردي طلبا لأحد.....


-حذار أن تتطاولي على أحد أبنائها فيحيق بك كذا وكذا....هذه الوصايا حفظتها عن ظهر قلب وأخرى ستتذكرها كما قلن أثناء أدائها لعملها... عملها؟أي "زليخة" أكبري في نفسك ضعي شالا على كتفيك نومي كل آلامك وآمالك قالت لنفسها بعد ما أحست بسرعة السيارة تنخفض .أخيرا توقفت وصلنا هه..؟.........وصلنا .


فتح السيد "حسن" باب السيارة أنزلي.. أنزلي هيا بسرعة.......... آ...لا ليس كذلك هكذا رجلاك أولا .. هكذا..




النظرة الحادية عشرة


أغلق الباب أ خذ راحتها أحست بقشعريرة تسري في عروقها كادت أن تقف لتتأمل هذه المنازل الكبيرة التي حشرت في كل مكان في أماكن ضيقة حشرت، يزاحم بعضها البعض الأبواب كلها من حديد ذوات ألوان مختلفة والنوافذ؟آه النوافذ ؟أيمكن أن تعدها.


توقفا عند أحد الأبواب لونه أسود هي لا تحب الأسود تكره الظلام تكره الخروف الأسود خروف أختها و"عمر" أيضا تكرهه يتلصص عليها في أحايين كثيرة حين تختلي مع"أحمد"عند قدم "الجبل الصغير" ورغم كل هذا فهذا الباب أسود وأسود داكن ....وهو باب المنزل الذي ستعيش فيه.انتظرت أن يخرج مفتاحا لم يفعل ضغط زرا من لأزرار الثلاثة الموجودة جنب إطار الباب حدقت فيه اقتربت منه أكثر تأملت كل حركاته وسكناته بعد هنيهة سمعت صوتا ينبعث من الزر ارتعشت فرائصها التصقت به تبسم هو وهو أعلم بحال أهل بلدته.


-من بالباب؟


"زليخة" قالها مقهقها ....


-أنت أبي ...نسرين نسرين أبي بالباب والخادمة معه ......


يهرع الاثنان لاستقبال البابا العزيز بعد فتح الباب لاحظت... بل حاولت أن تنظر وراء الباب ضحك منها تملكتها الدهشة أكثر تعثرت في مشيتها حتى كادت تسقط أرضا أمسك بها وقال:


- لا لا يجب أن تبدئي بالسقوط..


أعادت" للا خدوج"سؤالها وهي تهم بالخروج :هل استيقظت الصغيرتان؟ أجابتها "امحجيبة" بأن نعم بصوتها الجهوري الذي يجعل أخواتها يتغامزن حين تتكلم ويخفين ذلك طبعا لأنها سليطة اللسان، شديدة


العناد، تحمر أوداجها حين الغضب ، تفقد عيناها البراقتان بريقهما وتنط من مكانها إن كانت جالسة متحفزة لإسكات الغير بكل الوسائل لذلك فإنهن يحتطن منها ولا يبدين ما يردن قوله حتى تتولى عنهن




النظرة الثانية عشرة


ويرين أردافها المكتنزة ، الإرث الوحيد من أمها ، وهي تبتعد.ومع ذلك فهن لا يخفين إعجابهن بشعرها الطويل الملامس لخصرها.


عادت "للا خدوج" ربتت على ظهري الصغيرتين، قبلتهما جلست لهما فيما جلست "امحيجيبة" بمحاذاة الباب وفي نظرتها خبا مجموعة آمال ، نظرها منكسر هكذا قررت أمها أن تفهم وسارعت للاستفهام عن سبب هذا الامتقاع الذي رسم على محياها، تهربت بدءا ثم لم تجد بدا من الإفصاح عن ألمها الداخلي عن طول انتظارها للذي سيأتي أولا يأتي عن فقدان العزيمة مع مرور السنوات، عن نفاذ الصبر، حاولت أمها أن تهدئ من روعها فشلت أزاغت عن الصواب؟بكت"امحيجيبة" بكت الأم كلتاهما تعرف الأخرى أكثر من الغير حدقت أمامها.. لا شيء ...بساط أحمر وطأته أقدام جند مهزومين خرجت بتثاقل ..سيئت حالتها كثيرا خصوصا بعدما أشيع عن خطبة"عباسها "المنتظر لحفيدة "العياشي" ذات الخامسة عشرة سنة " نبيلة" كرهت نفسها ،كرهت نبيلة، كرهت "عباس"الذي اختار هذه النزقة بعينيها الخضراوين بدلا منها، اختارها هي ألها نهدان؟ ألها شفتان؟ألها..شفتان؟ ربي ارحمني.. الشفتان.. النهدان.. نبيلة عباس.. تحسست شفتيها تأوهت زمتهما ..ظنت بنفسها شرا..تهاوت أرضا ككومة ملابس رثة..سقطت..أسرعت إليها أمها ..أسرع إليها الكل أسندوها ..رشوها بماء بارد .الماء.. الماء..


تسابقا نحو أبيهما " نسرين" تبدو كقطة متحفزة شعرها الأشقر المقصوص يتماوج بفعل استعجالها عناق الأب العزيز عيناها فيهما بريق ملهب ذات بشرة لبنية ملساء ،ثدياها بدءا في البروز يبدوان كتفاحتين تكملان الطزاجة كل ما فيها يوحي برشاقتها حتى خصرها النحيل يشكل مع كليتها لبنة التوافق


و التراضي أما "الحسين"فقد تقدم نحو أبيه وعانقه الأول لأنه كان الأطول والأسبق إليه ، احتفل بإطفائه الشمعة الخامسة عشرة منذ شهر فقط يتباهى كثيرا أمام أخته بثنائية السنين الفاصلة بينهما تظهر عليه علامات الفطنة والذكاء شديد سواد الشعر كثيفه مسدل على كتفيه وهو على كل حال أطول من شعر أخته بطيء الخطى حين مشيه العادي كأنه سلحفاة تقول"نسرين" لا يبالي بل يتدلل بذلك أكثر المرات .



النظرة الثالثة عشرة


أخبرهما أبوهما بكل ما حدث أثناء إقامته في القرية أخبراه بدورهما بكل صغيرة وكبيرة حدثت أثناء غيابه عن هلاك الإوز الأربد الذي يلاعبانه فوق السطح . عن حضور "جمال"صديقه القديم بسيارة


فارهة أحسن من سيارتهم ومرافقتهما له إلى المركب التجاري حيث اشترى لكل منهما ساعة مذهبة ، عن انسحاب الجند الذين حاصروا المنزل المقابل لمدة الثلاثة أيام الماضية ...عن وعن ...........


تجاهلاها كأنهما لم يبصراها أخيرا التفتت "نسرين" نحوها توقفت فجأة نظرت نحوها مليا لم تقرأ أي شيء في عينيها فبما يبدو:


-ما اسمها؟ قالت مخاطبة أباها . حز في نفس "زليخة" أن يسأل عنها وهي معهم ، لم تظهر ذلك..


طأطأت رأسها ، نظرت إلى الفسيفساء التي بلطت به الأرضية وما يقارب نصف الجدران ألوانها زاهية أوه بها مربعات سوداء ..هذا الأسود يلاحقها ...


حدث الأب "نسرين"عن أصلها وفصلها واسمها فيما ظلت هي رانية إليهم تهوي في هوة سحيقة هكذا أحست حاملة معها ذكرى تراب ينثر حثيات ورجل يمنى لرجل يمنى وألف كلمة معلقة وأخرى مرسلة في فضاء الله وعدد من الهمسات والبسمات والضحكات العالية عند قدم "الجبل الصغير"


تأملها "الحسين"لوهلة ثم قال متهكما:


-هل تحسن تحضير"الكلامار بالتوت "ها ها ها


حدجه أبوه بنظرة فما كان منه إلا أن ابتسم في وجهها ابتسامة بدون عنوان صعدوا جميعا نحو الطابق الأول، يتوسطه صحن واسع به أرائك جلدية تبدو شديدة النظافة، ملساء بحمرة قانية أمامها وضعت مائدة مستديرة من زجاج أخضر كانت بالمحاذاة تتوزع أربع غرف تكاد تكون بنفس الهندسة والأبعاد مستطيلة الشكل.. أدخلوها إلى كل البيوت في كل منها ثريا سرير مرتب أحسن ترتيب على الجانب الأيسر لكل منها شراشف بيضاء ووسادتان ناعمتا الملمس في الجانب الأيمن مباشرة بعد الدخول إلى الطابق الثاني..ومرحاض يبدو وكأنه مشترك غير أنه واسع فيه مغسلان اثنان فوق كل منهما مرآة كبيرة



النظرة الرابعة عشرة




على طاولة المغسل وضعت كل أنواع الصابون الجيدة المستعملة والمهربة من" مليلية "أما المطبخ فقد اختير له مكان في أقصى الطابق شبه مطبخ متنقل عبارة عن آلة كبيرة فيها كل من


الثلاجة ، الفرن، أماكن وضع الأواني التي من "البلار" كما تتباهى "جيهان"في كل المناسبات...


يحرك كل شيء بأزرار لا يتراءى للداخل إليه سوى الجزء المستعمل آنيا في حين بقيته تبدو و كأنها جزء لا يتجزأ من جدران المطبخ نفسه هكذا رسمت" زليخة" ما رأته في مخيلتها كل شيء بنظام لا يفوتها من الأمر شيء " زليخة" ساذجة؟؟ أهي ذكية وفطنة؟؟أتسعد في هذا المنزل ؟من أنا؟قالت وكررت من هؤلاء ؟؟أين أنا ؟؟أين" أحمد"آه يا أحمد لو ترى ما أراه آه آه آه ......


ذاع خبر تزوج "عباس"بنبيلة في القرية كلها و كيف لخبر مثل هذا أن لا يذاع ؟عباس معروف بتدينه الشديد لا يكاد يفارق "الدويرة" بجلبابه الفضفاض الأبيض الجوانب يبدو في غدوه ورواحه إليها ومنها كأنه شيخ لم يكمل بعد الثامنة والعشرين من عمره ذو شارب ، ملتح، مفتول العضلات، طويل القامة لا تفارقه أبدا بلغتة الصفراء ، يضع على رأسه قبعة حمراء هي آخر ما تبقى معه مما حمله حين قرر أن يقطع صلته بمدينة "فاس "ويعود ليستقر في قريته ويسير على درب أسلافه فلاح ابن فلاح هكذا يقول دائما بل ويعتز بذلك أيضا، ترك وراءه مجموعة تساؤلات . ما هو يا ترى سبب قراره في المغادرة ؟لماذا جاء هكذا بشكل فجائي ؟وذهب أيضا كذلك؟حتى أقرب المقربين إليه في المدينة والذي كان ممتهنا لنفس المهنة وإياه كتاجر متجول لم يكن ليتبادر إلى ذهنه فكرة كهذه مغادرة المدينة بعد عهده بها كان شغوفا بها رغم شظف العيش و سهاد الروح ليل نهار . فما الذي جرى يا ترى ؟ لا أحد يعلم شيئا إلاه..........


هذه الأسئلة كانت أكثر إلحاحا على ألسنة الجماعة التي تمكنت من استدراجه إلى صفوفها "جماعة المأساة الأمازيغية "التي تتخذ من إحدى القرى المجاورة للمدينة مقرا لها، هو بشهادته الابتدائية اعتبر عنصرا



النظرة الخامسة عشرة


فعالا في الجماعة ،حريص دوما على جمع كل المعلومات الخاصة بمواضيع المناقشة الأسبوعية يوم الجمعة بعد صلاة العشاء ، يتهيأ بكل جدية ، تراه نشوانا منفرج الأسارير إن هو تمكن من الحصول على أكبر قدر من المعلومات في حين يمتقع لونه أياما أخرى وأثناء الاجتماع لا يرد إلا باحتراز وتدبر واقتضاب ...


قيل الكثير عن حفلة الزفاف التي أقيمت فيها المدائح الدينية بكثرة أثارت حفيظة إخوة العروس خاصة "جلال"و "أمزيان" اللذان يتابعان دراستها بمدينة "وجدة"....إلى حد كادت الأمور تتحول إلى ما لا يحمد عقباه لولا تدخل" نجية "أخت عباس لأبيه والتي تقع موقعا حسنا في عين كليهما استجابا على مضض لإلحاحاتها المتكررة للتروي وضبط النفس وعدم تمكين الأعداء وأقل الأصدقاء...من فرص يبتغونها لأخذها سانحة لتنغيص جو الفرح هذا السائد بين العائلتين .


حاولت أم وأخوات "امحيجيبة" التخفيف من حزنها الشديد البادي عليها للعيان إخراجها من تقوقعها على نفسها لم يستطعن أن يقنعنها بالأكل المنتظم ظل وجهها كالحا تبكي لياليها وحيدة تندب حظها التعس تدعو الثبور على عباس و زوجة عباس ..على القرية ...على نفسها وعلى الكل .


جلس السيد "حسن " حوله ابنيه يروي لهما لحظات ابتعاده عنهما وعن أهل القرية "زليخة" وهي تصغي جالسة متجهمة أحست بالقرف من بعض ما يسرده ،كان ذلك كذبا خالصا في حق القرية وأهلها بيد أنها


بقيت ساهمة تبدي إعراضها عنهم في حين كانت في حقيقة الأمر متتبعة الحديث كلمة كلمة حاولت فعلا أن تدعهم وشأنهم أن تبتعد عن مجالهم ، لم تفلح كل


ما حولها يربطها بهم أوه هذا الجو غريب أمره ..هذا المنزل ..من هؤلاء الذين يتحدثون عن آلها باستهزاء.......


سمع الجميع صوت انفتاح الباب انتظم الجميع في جلوسهم تهيئوا للاستقبال شعرت بشيء غريب يدب في أوصالها لم تدر له سببا ما أن بدت القادمة بقامتها القصيرة في الباب حتى ازداد ارتباكها ارتجفت



النظرة السادسة عشرة



ساقاها ما كانت تتصور أن تكون هكذا هذه "اللالا" هذه "الجيهان" تكاد حلمات ثدييها أن تنبجسا من زيها هذا انبجاسا وساقاها؟؟ ساقاها عاريتان تماما تنورتها أقصر من أقصر الثياب التي رأتها إلى يومها هذا لم تتجرأ أن ترفع عينيها في القادمة ...


-بونيس تارضيس..........


شكت فيما ذهبت إليه مخيلتها ضانة أنها أخطأت في كل حساباتها وبأن القادمة زائرة لهم ليس إلا وليست اللالا المنتظرة لكنها ما إن رفعت عينيها حتى خابت ظنونها ثانية لأنها تأكدت فيها سمات اللالا التي حدثت عنها بإسهاب قبل مجيئها .


بقيت مشدوهة فيما ترى.ما معنى بونيس تارضيس ؟


أهذه هي "للاجيهان" التي تحبب في كل الأحوال أن تكون في رمشة عين حاضرة أما مها ،ملبية لطلباتها منقذة لأوامرها ؟هذه المرأة القصيرة إلى حد القزم ؟الحاملة لهاتين النظارتين بإطار مذهب. ذات الوجه المحمر أكانت تجري؟


ألقت تحيتها وهي تتقدم نحوهم ،ردت" نسرين":


-بونيس تارضيس مامي


رد" الحسين"وأبوه بصوت خافت لم يكد يسمع ،قام بعدها السيد قياما رسم في مخيلة "زليخة"


ثم قبلها أمام الجميع ،خفضت" زليخة "عينيها ، لملمت أطراف ثوبها ...


تعلقت"نسرين"بأمها ،تحية محفوظة عن ظهر قلب ،أربع قبلات على الوجنة اليسرى وثلاث على اليمنى مع ترديد هذا البونيس تارضيس إن كان المساء أو البونيس ضياس إن كان صباحا .قبل "الحسين" راحة أمه كالعادة بكل حنان ، جلس.استدارت استدارة آلية سريعة أصبحت مقابلة لزليخة وقفت هذه


الأخيرة ،حاولت تقبيل يدها ،لم تمكنها من ذلك :



النظرةالسابعة عشرة


-ما اسمك؟


-ز..زليخة..


-اجلسي


خطت "جيهان" خطوات ثلاث،جلست بالقرب من السيد:


-كْراسيا


اليوم خميسا،الساعة حوالي السادسة والنصف صباحا،لوحظت حركة غير عادية في منزل"السي امحمد "


للا خدوج تخرج وتدخل ثانية بسرعة غير معهودة ،ترفع راحتيها إلى جبهتها ،تتأمل الطريق الملتوي الممتد أمامها كأنها تنتظر أحدا ما سيقدم من هذه الجهة أو تلك،صراخ


الصغيرتان ،دخول فاطمة ،خروج"فاطنة " ،كل من رآهن في هذا الوقت ،والكل رآهن طبعاًََ لا تداخله أدنى الشكوك بأن حادثا ما قد حدث.


اختفت "امحيجيبة"على غير سابق إنذار ولا تلميح .فقد كل أثر لها .ترجت للا خدوج كل رجال القرية ونسائها للبحث عنها دون جدوى ،بدأت الغمزات،بدأ الكلام ...ما أقسى الكلام في هذه القرية..


يحز ذلك في نفس للا خدوج ..تصبر .. تتجلد . بحث عنها في كل مكان ،عند خالتها" زبيدة" في القرية ذاتها،عند عمها "عبد الجليل"الذي تكرهه في أحد الدواوير القريبة من القرية ..دون جدوى


بعد بحث في كل الأماكن ،عند قدم "الجبل الصغير"في الآبار المجاورة، أتتنتحر"امحيجيبة"؟..لا أثر


استسلمت للا خدوج للبكاء في لياليها،ندبت حظها العاثر الذي قذفها بوابل الرزايا في أقل من ثلاثة أشهر،بعد وفاة الزوج وفراق الصغيرة .ازدان فراش حزنها بمصيبة جديدة: مغادرة "امحيجيبة"للمنزل وفي اتجاه مجهول .


-رباه.. ارحمني رباه. استرني رباه تردد البسملة باستمرار،السبحة لا ترافقها تناجي




النظرة الثامنة عشرة


ربها ؟تدعوه أن يهدي ابنتها سواء السبيل أن تعود لها سالمة معافاة بعد زواج"عباس"من "نبيلة"،خططت لهذا الفرار إلى اتجاه معلوم إلى غير هذه القرية إلى غير هؤلاء


الناس...قررت أن تهجر أهلها أجمعين،تتذكر جيدا الطريق المعبدة البعيدة بمسافة ثلاث ساعات مشيا على الأقدام المؤدية إلى المدينة ،تتذكر السبيل رغم مرور زمن غير يسير على المرة الأولى والأخيرة التي رأته فيها حين رافقت أباها لزيارة "كنزة"،إحدى قريباتها.


لم تحمل من ملابسها التي فقد لونها وأصبحت رثة إلا ما خف.ملابسها ؟ملابس أمها؟الملابس في القرية تشهد عملية تداول محكمة ،من الأنثى الكبرى إلى الأصغر فالأصغر .


ربطتها في إزار أبيض بتستر كامل .بما أنها كانت تعرف جيدا أن أمها تملك مدخرا متوسطا من الأوراق المالية،هي من أطلعها وقالت :


-هذه [البركة]جمعتها درهما درهما ،احتفظي بها أكثر من احتفاظك بأي شيء ،حافظي على سرية مكانها .قد تأتي يوميات عسيرة ،لاشك في ذلك ،ستكون ملجؤنا


الكل منهمك في عمله اليومي ،انسلت إلى حيث الصندوق الصغير في الركن


المنزوي ،أخذت منه ورقتين من فئة خمسين درهما ،وضعتهما في قطعة قماش أحضرتها للغرض نفسه ثم عقدته عقدتين اثنتين،وضعته من أعلى صدرها من فتحة الزي التقليدي ،انساب حتى لامس ثدييها ،اعترتها قشعريرة طفيفة ،حكت على القماش ،كي يستقر بينهما بالذات .أكانت خائفة من مصير مجهول ؟أكانت في طريقها إلى فقدان السيطرة على قدرها؟من يراها وهي تجمع ثدييها كي يتكورا على قطعة القماش ،لا يشك أبدا أنها فعلا في طريقها إلى الانفلات ....


على الساعة الرابعة صباحا ،وكما اعتزمت بالفعل ،حملت حزمة ثيابها ،فتحت باب المنزل بتؤدة ،سمع له صوته المعهود رغم احترازها ،كان بابا قديما من أقدم منازل القرية ،حمل أثناء هزيمة الدخلاء في" جبل عروي"لم يعاكسها الحظ هذه المرة ،لم يستيقظ أي أحد من أهلها....



النظرة التاسعة عشرة



نامت" زليخة"ليلة ولا كل الليالي ،تلذذت فيها بأحلام رغم الفراش الرث الذي خصت به وأيقنت لأول مرة أن خيوط الظلام لا تتلفع بغوريلات فقط وإنما أيضا بكلاب مسعورة تحل كسيل من خيوط بيضاء ،ذلك أنها وقبل أن تسبل أجفانها وتستكين لسبات عميق،رأت ذلك بأم عينيها ارتعدت فرائصها ،اضطرت إلى إنارة المصباح مرات ومرات وانسلت من المطبخ أين تنام على أصابع رجليها تسير الهوينى تتلفت يمنة ويسرة كي تصل إلى المرحاض دون إيقاظ أحد .بهرها المرحاض من أول مرة دلفت إليه ،كل ما فيه يخلب لبها ،خاصة تلك المرآة الكبيرة المرصعة الأطراف بإطار مزركش،رابضة أعلى المغسل مباشرة.


تحدق فيها ،تعيد التحديق .الكل نيام ،الباب موصد .فتحت فيها ،ترنحت للوراء كأنها لتتأكد من أنها هي .


ضحكت من نفسها ،وضعت يدها أسفل بطنها ،انتقلت إليه هذه المرة متوجسة ،أخوف ما تخاف أن يصبح


فراشها مبللا حيث تعاودها عادة الطفولة الأولى خاصة هنا ،وعند من؟ عند "جيهان" هذه الجيهان


-اللهم استر ويسر..قضت حاجتها ،وقفت أمام المرآة ،مسحت على حاجبيها الكثين ،تحسست وجنتيها كانتا محمرتين،ساعد على ذلك دون شك جو المطبخ،فتحت الصنبور ،سال الماء أبرد مما كانت تتوقع رشت وجهها ،نظرت في المرآة ،تبسمت ،انسابت قطرة ماء باردة من عنقها ،شقت طريقها


توقفت وهي متتبعة طريق القطرة بأناة ،بنشوة كبرى،انتابها شبق لم تعهده بنفسها ،وضعت يديها حول خصرها ،ضغطت بحنو في الوهلة الأولى ،فتحت عينيها، نظرت في المرآة.. المرآة ..ما أجملك قالت.


لمست الثوب الحريري الذي أعطته إياها "جيهان"وقت النوم، بعد أن عرتها في المطبخ وألبستها إياه ألقت بثوبها الرث في القمامة أمامها ،حاولت أن تقول شيئا، لم تتمكن من أن تنبس ببنت شفة ،وعدتها بشراء ألبسة أخرى جديدة.ألبست كذلك ثبانا نظيفا ،أصفر اللون ،وضعت حينها الرجل اليمنى أولا كما تعلمت لبس السراويل الخشنة التي كانت لأخواتها من قبل ..بعدها الرجل اليسرى .يدا" جيهان"لم تتركا الثبان ولا الفرصة لزليخة لتقوم بذلك .واصلتا رفع الثبان ،"جيهان"منحنية ،تجرأت"زليخة"،وضعت يديها على



النظرة العشرون


أكتاف اللالا،هذه الأخيرة كلما رفعت الثبان إلا وتحسست مسارها الصاعد ،وصلت الفخذين اللذان بدءا في الاكتناز ،تباطأت في الرفع ،أكثرت من لمسها ،أحست زليخة بذلك ،لم تبد حراكا ..شعرت بشيء غريب يسري في جسدها ،أغلقت جفنيها ،قامت "جيهان"منتفضة كأنها من حلم


أفاقت ،قالت:


-زليخة ،أتممي لبس ثيابك ثم نامي فغدا ينتظرك صباح آخر ...خرجت ولم تعد.


أعادت تلمس هذا الثوب ،رفعته من تحت برقة ،واصلت وهي محدقة في المرآة ،تراجعت للوراء كي ترى جسدها في كليته،بدا في عينيها يتلألأ،تخلصت منه كلية ،لا تفكر في


شيء ،لا تحمل إلا الثبان الأصفر ،وضعت يدها على منبت ثديها الأيمن فالأيسر ،تتبعت مسار دائرتيهما ،ضغطت مرة بعد مرة ،أعادت الكرة لما شعرت بدمائها وكأنها تغلي في جسدها على غير العادة ،تتبسم.. اشتدت حركتها ،رأت وجنتها تزداد حمرة وهي تزيد ضغطا على أعضائها .أنزلت يديها فجأة حول بطنها أولا ثم أدخلتهما الثبان دعكت عجيزتها ،يممت نحو الأمام ...الأمام ..الله..الأمام ..أوه..


انتفضت ،أيقنت أنها مكثت كثيرا في هذا المكان الجميل ...بعد تسمع ،تأكد لها


الخطى ،اقترب الوقع، أخذت ثوبها الحريري بسرعة، كان مرميا كيفما اتفق ،لبسته بسرعة،لم تنتبه معها أنها لبسته مقلوبا، همت بالخروج، فتح الباب ألفت "جيهان" لدى


الباب :


-لم تنامي بعد؟


-لقد..لقد..كنت في المرحاض ..


-إلى الفراش.. بسرعة..فقد جاوزت الساعة الواحدة...






النظرة الواحدة والعشرون



مر أسبوع على اختفاء "امحيجيبة"،لم يعثر لها على أثر ،اقتنعت" للا خدوج"بأن تستسلم للأقدار ،تحب ابنتها ،هذا مؤكد ،ولكن ما باليد حيلة كما تقول وتعيد،رغم إلحاح الأخوات على مواصلة البحث .


أعلنت أمام الجميع:


-لقد أمضينا أسبوعا كاملا في البحث عن هذه العاقة ـتؤمن بعكس ما تقول تماما ـواليوم فإني أقسم أني لن أواصل البحث عنها ومنزلنا والحمد لله معروف العنوان لمن شاء أن يعود ...


غمغمت"فريدة"بكلمات غير مفهومة ،أعز الأخوات إلى "امحيجيبة"،تعلم رد أمها السريع إن أفصحت،صفع وركل وجر من شعر ،وحبس في بيت منفردة ،تكره أمها أشد الكره من أجل ذلك .فاطمة،هي،غطت وجهها براحتيها ،خرجت من البيت....


حدجت الأم" فريدة"بنظرة وضعت فيها كل ما تحمله على هذه الأقدار من استنكار .أمرت الجميع بالخروج ،هرولت الصغيرتان مفزوعتان خارجا.قبعت" فريدة"في الركن الذي كانت فيه ،منزوية وضعت رأسها بين ركبتيها ،انحنت ،انسابت دمعتان على خديها ،لم يفارقها قط صوت أختها ،همساتها ،ضحكاتها بصوتها الجهوري ،تنكيتها،كانت بمثابة الشراع الذي تقود رياح الأيام به سفينتها ،ذكرى ..ذكرى ..


تعرف بحدسها أن أمها تنظر إليها وباشمئزاز ..ترى لماذا ؟ما خطيئتي يا ربي؟ تكرر دائما .


تعاقبها لأتفه الأشياء ألأنها كفيفة ؟ألأنها بكماء؟ ألأنها خطيئة ؟


تكره هذا المخلوق وتعرف أنها أمها..هذا مؤكد .


في هذه المرة لم تقل للاخدوج كلماتها الجارحة ،لم تصفع ذلك الخد المورد على الدوام ،لم تجر ذلك الشعر الطويل ،كانت بعيدة كل البعد عن لحظتها ،فاتحة فمها مستندة إلى الحائط المهترئ،جيره يتساقط




النظرة الثانية والعشرون


وإن لم يمسسه أحد ،كانت كلما عاقبت "فريدة" تنقم على نفسها وعن آلها ،يحز في نفسها أن تفعل..لكنها تفعل..تشمئز لرؤيتها ،تعرف لماذا؟ هي ذي الخطيئة مجسدة أمامي تقول لنفسها


استرجعت،في وقفتها هاته،أيامها الخوالي ،أيام كان "السي امحمد" مجندا ،بعد أربع سنوات من زواجهما بالضبط ،اندلعت حركة ـ عنف ـ شديدة في كل المناطق المجاورة ،أبطالها كل من هب ودب وقادر على حمل السلاح ...بالغ للرابعة عشرة..


حضر يومها شيخ القبيلة مرفوقا بعساكر بألبسة متناسقة الألوان ،أمروا أولا أن يحضر كل ذكور القرية إلى" الدويرة" ،وفيما هم مجتمعين هناك والشيخ يعدهم ويمنيهم ..بما لقن وحفظه عن ظهر قلب ،لاحت


شاحنتان ،اقتربتا محاطتان بهالة من غبار ،الطريق لم تذق حلاوة نفاذ قطرات الماء منذ مدة ، وصلت الشاحنتان :


-لا أهد يتهرك؟..قالها أحد النازلين من الشاحنة الأولى ،أصلع الرأس ،كبيره،عليه نفس الملبس ،يبدو أنه كبيرهم إذ سرعان ما اصطف الآخرون رافعين أيديهم إلى الجباه تحية له..


-شيخ..


هرول إليه بمشيته الطاوسية التي تسرعت فأصبحت مثيرة للضحك ،وهؤلاء الشيوخ مثيرون للشفقة منه للضحك ..في مثل هذه المواقف.


-سي.. سيدي.. سنيور..


تمتم مع الأصلع ،رفع يده ،مقلدا العساكر،أخطأ في الحركة ،ضحك منه الجميع ،أدبر نحو القوم:


السي المخزن ..يقول لكم أن الدولة في حاجة ماسة إليكم لذلك سترافقون العساكر إلى الجبهة ...


علت الهمهمات ،الكلمات ..ما معنى الجبهة؟


-أخويا المخزن خطار ..على كل لسان هذه الجملة اللعينة ...




النظرة الثالثة والعشرون



ما معنى هذا الفصل الإجباري عن الأسر؟ عن القرية؟ لا يريدون أجورا شهرية ،وهذا ما كان يردده الشيخ..و..إيه أجورا شهرية ،استشهاد في سبيل الحق .. مقاومة المرتزقة ..


من هم الأعداء؟من هم المرتزقة؟هكذا استفسر صغار السن ..


أعاد الأصلع :


-لاأهد يتهرك..


بعد لحظات أمر الجميع بركوب الشاحنتين ،وكان السي امحمد أول من ركب قائلا :


يا الله ..يا رجال .زهيا بنا فهذا قدرنا ...


من بين هذا الطابور ،كان أحمد ،أكمل بالكاد الرابعة عشرة من عمره ،ركب الجميع ،ابتعدت الشاحنتان


أفرغت القرية من ذكورها ،مر الشيخ بكل منازل القرية يحمل الخبر إلى النسوة ،وجهه كالح ،نساء القرية تحلقن حوله ،يستفسرنه عن مصير الأزواج والأبناء ..منهن المنتحبات ..منهن المتجلدات ،الصابرات..


نجا من هذا الإخلاء رجلان لم يكونا حاضري القرية في هذا اليوم الموعود :"برحيل"و"اعمرو".


"برحيل"أكثرهما فرحا بلعبة القدر هذه ،حمد الله وأثنى عليه كثيرا.فمنذ اليوم الثاني بدأ في تحركاته الملحوظة حول دار" السي امحمد"وخول حماه،"للا حدوج"تعرفه قبل زواجها من "السي امحمد"فلطالما بقيا معا في حديث يحسبه كل منهما حديث العمر ،حين توجههما لجلب الماء من بئر"السي المعطي"،تجده


دائما في طريقها ،يرافقها لجلب الماء من البئر .الكل ظن أنهما سيتزوجان بدون شك فيما قريب .


"السي امحمد"وحده خلط الأوراق حين أقدم على خطبة "للا خدوج"لنفسه من أهلها .ظل "برحيل"مغموما لشهور ،لا يدعو الله إلا دعا دعوة تفوه بها بصوت رخيم :أن يقضي "السي امحمد"نحبه في أقرب الأوقات ...رماه القدر فجأة بفرصة كهذه ،فهل يقبل أن تفوت عليه؟؟هيهات...هيهات .


حكت هي رأسها ،حاولت أن تمحو عنها الظنون ،أن تبعد هذه الذكرى ،لم تقدر على شيء من ذلك ..



النظرة الرابعة والعشرون


كلمها في اليوم الثالث ،ردت أولا بامتعاض مصطنع ..تشعر بانجذاب نحوه رغم أنفها ،كلمها عن العساكر


عن المرحلين،عن الشيخ،تنظر إليه كالبلهاء ..تجيب..أيوه ..نعم..إيه..


ودعها بعد حين ،ضغط على راحتها ،تحين فرصة وجود "سلام"آنذاك على ظهرها ،رفع يمناه ،مسح على رأس الصغيرة .


-آه تشبهك إلى حد كبير ،لها لون عينيك..


سرت فيها رعدة من نظراته ،تعمد وهو يسحب يده عنها أن يلامس كتفها ،أدار ظهره كأنها حركة عفوية


تولى عنها ،تبسمت ،غادرت المكان وهي تعلن أمام الله أنها سائرة في طريق الخيانة والخطيئة .


راح هو في طريقه يحمد الله كثيرا ويثني عليه.. متأكد من إصابة سهامه لمرماها.


تعرف أن القدر عاكسها والله قد عاقبها ،لذلك تحقد على نفسها ،تعاقب خطيئتها المتجسدة أمامها ،حركت رجليها تناثرت حبات الجير على الأرض ،اتجهت نحو "فريدة"لا لتلطمها ولا لتجرها إلى محبسها هذه المرة بل ربتت على كتفيها وقالت بحنو غير معهود:


-لا تبكي ،صغيرتي،فستعود "امحيجيبة" يوما ...


صغيرتي ..لم تصدق أذنيها ،فغرت فيها،تشتتت أفكارها ،قبلت اليد التي ربتت على كتفيها ولم تنس أبدا أنها للبغيضة أمها..........


أسرعت "زليخة" خطاها ،تأملتها "جيهان" وهي تتجه نحو المطبخ ،نحو المرقد.. ترددت للحظة،دلفت إلى المرحاض.حلمت في نومها الأول خارج المنزل العائلي أحلاما مفرحة ،ما عكر عليها صفوها إلا تلك الهزة العنيفة على الساعة السابعة إلا ربعا ،الجو داخل المنزل ينبئ بيوم قائظ ،أشعة الشمس تسللت عبر النوافذ ،لا حركة داخل المنزل تدل على استيقاظ الغير ،لابد وأن الكل ما زال يغط في نوم هادئ .


-تعالي...خذي هذا الفراش من هنا ...ماذا؟؟؟مبلل؟؟لعنة الله على أصل أبيك الذي لم يحسن تربيتك ..وعلى هذه الخدوج التي طوحت بك عندي ...لع...









ميمون
آخر مواضيعي

0 الاستاد ....ملك القسم
0 تؤدة
0 مسار
0 شرود
0 سراب .
0 محطة بلا عنوان
0 أهفو لمحراب عينيك .
0 زمن المرايا
0 ابحث عن عبد الرفيع من تاونات
0 رواية*زليخة*27


التعديل الأخير تم بواسطة mahdar ; 04-03-2009 الساعة 09:31

mahdar
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية mahdar

تاريخ التسجيل: 27 - 12 - 2007
السكن: خريبكة
المشاركات: 2,140

mahdar غير متواجد حالياً

نشاط [ mahdar ]
معدل تقييم المستوى: 419
افتراضي
قديم 04-03-2009, 09:39 المشاركة 2   

قمت بتكبير الخط حتى يتمكن الجميع من قراءة نظراتك....الواقع انني قرأت بعضها وساكملها فيما بعد لطول النص....اشكر لك طول النفس ...والقدرة على التحكم في ادوات السرد والبناء ...طبعا هناك صور وصفية وتقريريية وكذلك حوارات واسترسال منولوجي وهذا يكشف عن نوع من الالمام بقواعد القصة والرواية شكرا

[SIGPIC][/SIGPIC]rs5 mahdar rs5

نورالدين شكردة
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية نورالدين شكردة

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 2,702

نورالدين شكردة غير متواجد حالياً

نشاط [ نورالدين شكردة ]
معدل تقييم المستوى: 465
افتراضي
قديم 04-03-2009, 19:31 المشاركة 3   

هكذا أحسن أخي ميمون...لي عودة بإذن الله لنظرات زليختك...حياك الله


ميمون بوجنان
:: دفاتري فعال ::


تاريخ التسجيل: 29 - 11 - 2008
المشاركات: 545

ميمون بوجنان غير متواجد حالياً

نشاط [ ميمون بوجنان ]
معدل تقييم المستوى: 242
Arrow
قديم 04-03-2009, 22:03 المشاركة 4   

قمت بتكبير الخط حتى يتمكن الجميع من قراءة نظراتك....الواقع انني قرأت بعضها وساكملها فيما بعد لطول النص....اشكر لك طول النفس ...والقدرة على التحكم في ادوات السرد والبناء ...طبعا هناك صور وصفية وتقريريية وكذلك حوارات واسترسال منولوجي وهذا يكشف عن نوع من الالمام بقواعد القصة والرواية شكرا
اشكرك على المرور ...على التشجيع....على التعديل....رغم اني قمت بتكبير الخط في المرو السابق..

ميمون

ميمون بوجنان
:: دفاتري فعال ::


تاريخ التسجيل: 29 - 11 - 2008
المشاركات: 545

ميمون بوجنان غير متواجد حالياً

نشاط [ ميمون بوجنان ]
معدل تقييم المستوى: 242
Arrow
قديم 04-03-2009, 22:16 المشاركة 5   

هكذا أحسن أخي ميمون...لي عودة بإذن الله لنظرات زليختك...حياك الله
بالفعل اخي نورالدين بيد ان طريقة التكبير افقدها التوازن....النظرات السابقة كلها مكبرة بطريقة صحيحة في ...رواية *زليخة*11
اشكر لك اخي اهتمامك...اعتز بملاحظاتك...

ميمون
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
روايةزليخة

« قصة مصورة | قصة فتى مع الحجاج »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية*زليخة* 9 ميمون بوجنان القصص والروايات 4 31-03-2009 12:00
رواية *زليخة*14 ميمون بوجنان القصص والروايات 2 29-03-2009 11:15
رواية *زليخة*13 ميمون بوجنان القصص والروايات 2 15-03-2009 18:08
رواية *زليخة*11 ميمون بوجنان القصص والروايات 2 26-02-2009 22:06
رواية*زليخة*10 ميمون بوجنان القصص والروايات 2 20-02-2009 10:51


الساعة الآن 00:13


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة