العنف بالمؤسسات التعليمية - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



مكتب المدير هذا الركن بدفاتر dafatir خاص بمكتب المدير

أدوات الموضوع

education
:: دفاتري ذهبي ::
تاريخ التسجيل: 18 - 9 - 2008
السكن: ورزازات
المشاركات: 1,277
معدل تقييم المستوى: 319
education على طريق التميزeducation على طريق التميزeducation على طريق التميز
education غير متواجد حالياً
نشاط [ education ]
قوة السمعة:319
قديم 02-04-2009, 22:18 المشاركة 1   
افتراضي العنف بالمؤسسات التعليمية

انتشار العنف بالمؤسسات التعليمية
خالد الطويل


إذا كانت ظاهرة العنف حاضرة بامتياز بالوسط التربوي المدرسي كسلوك عادي، فإنها في الآونة الأخيرة أصبحت تمثل قلقا اجتماعيا حقيقيا وتربويا خاصة وأن مساحة الانحراف والإجرام وتعاطي المخدرات انتقلت من المناطق والأحياء الهامشية وامتدت إلى محيط المؤسسات التربوية، بل حتى داخل فضاءاتها، بل تنوعت كذلك الأدوات والوسائل المستعملة في ذلك حيث أصبحنا نسمع عن الاعتداءات بين التلاميذ بمواد كيماوية كـ «الماء القاطع» كما وقع بفاس أمام مؤسسة الإمام مالك. ناهيك عن الأسلحة البيضاء، حيث ضبط العديدمن التلاميذ خاصة في المؤسسات التعليمية الموجودة بالمدينة القديمة خارج الصور سهب الورد، صهريج كناوة وغيرها. وأغرب ما سمعناه أن تلميذا هدد أستاذه بالسلاح الأبيض داخل الفصل. ولما دخل معه في مشاجرة، وجد في انتظاره بباب المدرسة مجموعة من أهل وأصحاب التلميذ الذين أشبعوه ضربا وركلا.
السؤال الذي يطرح نفسه أمام هذا الواقع هو: لماذا هذه الفوضاوية والتسيب داخل المؤسسات التعليمية العمومية منها والخصوصية خاصة وأننا أصبحنا كل يوم نسمع عبر القنوات التلفزية أو من خلال الجرائد أحداث عنف واتجار في المخدرات أمام وداخل الأقسام.
في الحقيقة ذلك راجع بالأساس إلى عامل رئيسي يتجلى في كون المدرسة والمؤسسات التعليمية المغربية فقدت قدسيتها وسقطت هالة المعلم والأستاذ ولم يعد لديهما تقدير واحترام. وتعود أسباب العنف حسب بعض المستجوبين إلى عدة عوامل نذكر منها: المشاكل الاجتماعية، انتشار البطالة، الفقر، تعقيد الحياة الدراسية، ركود النمو الاقتصادي، تغيير القيم التقليدية، تغيير نظرة المجتمع بالنسبة لدور المؤسسة التربوية، الإحباط، الاكتظاظ المهول، انعدام التسامح واحترام الغير، الظروف السكنية غير اللائقة، توفر المخدرات بمحيط المؤسسة، المشاكل العائلية، تراخي مراقبة الآباء، تنامي مشكلة الأبناء المدللين، ارتفاع وتيرة التفكك الأسروي، الطلاق، عدم التواصل. مشاكل تربوية، ضعف المصداقية في المدرسة وفي وظيفة التعليم، سوء تصرف ونقص التكوين لدى بعض أفراد هيئة التعليم وخاصة في المناطق الحساسة والمهمشة، فشل المؤسسة في تطبيع الأطفال اجتماعيا، صعوبة التواصل بين المدرس والتلميذ، تأثير واضح للتلفزة، السينما وأفلام العنف والجريمة، التقليد الأعمى من طرف التلاميذ لما يشاهدونه عبر القنوات التلفزية، عوامل فكرية، ازدياد نسبة الأمية والتخلف في المجتمع كبح الحريات تحد من التفكير السليم لدى الطفل وبالتالي اكتساب ثقافة العنف.
كل هذه العوامل تفاعلت فيما بينها وأفرزت وضعية جد صعبة داخل وخارج المؤسسة التعليمية. وإذا كان الجميع يقر بأن السياسة التعليمية لم تعد فاعلة، ففي اعتقادي يجب تظافر مجهودات كل الفاعلين داخل المجتمع من مجتمع مدني، إعلام، أحزاب سياسية، جماعات محلية، حيث لايمكن الاعتماد على المقاربة الأمنية وحدها بالرغم من أهميتها دون تحميل المسؤولية لمختلف الأطراف والفاعلين، لأن ظاهرة تعاطي فلذات أكبادنا للعنف والمخدرات داخل المؤسسات يقض مضاجع الساهرين على قطاع التربية والتكوين. إذ صاحبت التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتسارعة التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة تغيرات في سلوكات وممارسات التلاميذ كاستهلاك السجائر والمخدرات. لقد أصبح مشهد تلاميذ يافعين ومراهقين أمام أبواب المؤسسات التعليمية وهم يمسكون سجائرين أصابع أيديهم منظرا مألوفا في الوقت الحاضر، بل هناك ماهو أخطر من ذلك وجود مقاهي ومحلات لتدخين الشيشة بجانب المؤسسات التعليمية مما يجعل منها أوكارا لهؤلاء المراهقين في أوقات الفراغ والغياب عن الدرس. كما أن تواجد بائعي السجائر والمخدرات أمام المؤسسات التعليمية يسهل على المراهق التعامل مع كل شيء. وعن العنف مرة أخرى نسوق المثال التالي الذي وقع السنة الماضية أمام موسسة ثانوية الأدارسة بفاس، حيث كانت مجموعة من التلميذات بباب المؤسسة وحضرت شردمة من المراهقين قاموا بمعاكسة التلميذات وتبادل الكلام معهن الذي تحول إلى شتم وقذف، فأخذ أحد هؤلاء المراهقين يهدد بالسلاح الأبيض مما جعل أحد التلاميذ يتدخل من أجل حماية الزميلاته، فكان نصيبه طعنة سكين لم تمهله كثيرا ليفارق الحياة. مثل آخر تجلى في كون تلميذ ضربه زميله بمقلمته فأصابه على مستوى عينه اليمنى ففقأها. ناهيك عن الضرب والجر ح بالسلاح الأبيض واعتراض سبيل الأساتذة والمعلمين وضربهم وتهديدهم.
أمام هذا الوضع المؤلم، يجب على جميع مكونات الحقل التربوي وفعاليات المجتمع المدني والمنتخبين والأمن أن يتخذوا التدابير اللازمة من أجل إيقاف هذه الظاهرة غير الصحية واللاأخلاقية في حقل تربوي تعليمي كان من المفروض أن يلعب دوره التاريخي.

جريدة الاتحاد الاشتراكي
2/4/2009









آخر مواضيعي

0 تربية أنفو : موقع تربوي جديد و متجدد،متخصص في أخبار التربية و التعليم و العمل الجمعوي
0 النادي الصحي بثانوية بدر الإعدادية بورزازات يشارك في حملة محاربة التدخين بالوسط المدرسي
0 الأنشطة التربوية بثانوية بدر الإعدادية بورزازات ( فيديو)
0 تلميذة تستحق كل الثناء و التشجيع
0 قصص قصيرة بصيغة المؤنث
0 نماذج امتحانات الموحد المحلي للسنة الثاثلة اعدادي : ورزازات 2014/2013
0 موقع ثانوية بدر الإعدادية بورزازات
0 بحث عن بطاقة التعاضدية (ضائعة)
0 ثانوية بدر الإعدادية بورززات تحتفل باختتام الموسم الدراسي 2012/2011
0 مهرجان تموايت في طبعته السادسة بورزازات


education
:: دفاتري ذهبي ::


تاريخ التسجيل: 18 - 9 - 2008
السكن: ورزازات
المشاركات: 1,277

education غير متواجد حالياً

نشاط [ education ]
معدل تقييم المستوى: 319
افتراضي
قديم 02-04-2009, 22:21 المشاركة 2   

العنف المدرسي ظاهرة اجتماعية ونفسية ينبغي التصدي لها عبر التربية والتنشئة الاجتماعية
عبداللطيف الكامل



أجمعت عدة دراسات سوسيولوجية ونفسية أن العنف بنوعيه الرمزي والمادي، ظاهرة اجتماعية لها أسباب ومسببات نفسية واجتماعية من أبرزها القهر الاجتماعي والاقتصادي، وأن التصدي لها رهين بالتربية والتنشئة الاجتماعية القائمة على تكوين النشء الصاعد على التسامح والتفاهم والحوار ونبذ العنف بأشكاله المتعددة.
وتعد المدرسة، باعتبارها فضاء مصغرا وصورة عاكسة لتمظهرات المجتمع، من الفضاتءات التي لم تنج هي الأخرى من بعض أشكال العنف، حيث شهدت في السنين الأخيرة أنواعا من العنف سواء أكان ماديا من خلال تكسير ممتلكات المؤسسة التعليمية بدءا بتكسير زجاج النوافذ ومصابيح الأقسام وسرقتها وكتابة خربشات وكلمات على طاولات القسم بعضها مخل بالأخلاق، وكذا الكتابة على جدران المراحيض وأبوابها وتكسير صنابيرها وسرقتها، أو كان عنفا رمزيا من خلال السب والشتم في حق الأستاذ أوالتلميذ معا.
ولعل ما سجل في السنتين الأخيرتين من حالات ببعض النيابات التعليمية التابعة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة درعة، كغيرها من الحالات المسجلة بالمؤسسات التعليمية بباقي الجهات، يبين مدى انتشار ظاهرة العنف في الوسط التعليمي، بالرغم من أنها تبقى استثنائية، لكن تؤشر على تزايد الظاهرة بالثانوي والإعدادي والإبتدائي، التي تحتاج إلى معالجة من جميع المدتخلين في القطاع، وإلا سينعكس تأثيرها السلبي على المردودية والتحصيل الدراسي ويساهم تكرارها في عرقلة السير العادي للدروس.
العنف الرمزي المسلط على المدرس من قبل بعض التلاميذ وبعض الغرباء على المؤسسة
هناك حالات سجلت السنة الماضية، كان ضحيتها بعض الأساتذة والإداريين، بخصوص ما تعرضوا له من عنف سواء من قبل التلاميذ داخل القسم، كما حدث في بداية الموسم الدراسي الحالي، حين تعرضت أستاذة بالثانوية الإعدادية عبدالكريم الخطابي بأكَََادير (ف. ر) من سب وشتم داخل القسم وأمام التلاميذ من قبل تلميذ مفصول، كان قد ولج القسم دون علم الإدارة، وخلق الشغب والضجيج مما عرقل الدرس، ولما أرادت الأستاذة إخراجه انهال عليها بالشتم والسب والقذف أمام التلاميذ.
وبذات الثانوية الإعدادية تعرض أستاذ، قبلها بيوم واحد، بذات المؤسسة لعنف مماثل من طرف أحد الغرباء الذي ولج المؤسسة عبر أسوارها، وحاول اقتحام القسم بالقوة، فلما منعه الأستاذ من ذلك أشهر في وجهه سكينا. وعند التحريات تبين بعدها أن الشخص المقتحم للمؤسسة من ذوي السوابق العدلية وأحد تجار بيع المخدرات، اقتحم القسم أثناء الدرس بحثا عن أحد زبنائه من التلاميذ.
وتعد إعدادية عبدالكريم الخطابي بأكادير، مثالا صارخا للعنف نظرا لوجودها في محيط وحي شعبي ينتشر فيه بيع المخدرات والقرقوبي. والدليل أن عملية اقتحام غرباء للمؤسسة تكررت السنة الماضية حين حاول أحد مرجي المخدرات اقتحام قسم أثناء الدراسة فمنعته أستاذة من ذلك، فانهال عليها بالسب والشتم.
العنف المادي الذي يتعرض له الأساتذة خارج المؤسسة من قبل بعض التلاميذ بأولاد تايمة والكَردان بتارودانت
في السنة الماضية، نشرت الإتحاد الاشتراكي، عدة حالات من العنف المادي تعرض لها أساذ بأولاد تايمة من قبل بعض التلاميذ المشاغبين خارج المؤسسة من خلال رميه بالحجارة أو اعتراض سبيله أو إشهار سكين في وجهه. وقد أصيب جراء ذلك أستاذان بأولاد تايمة وحارس عام بالكَردان بجروح متفاوتة الخطورة نقلوا على إثرها إلى المستشفى، وقدموا شكايات لوكيل الملك لدى ابتدائية تارودانت في الموضوع.
الحالات التي عرضت على القضاء كثيرة لايمكن حصرها، قدم من خلالها المدرسون والإداريون شكايات بشأن ما تعرضوا له من ضرب وجرح سواء من قبل التلاميذ أوآبائهم وأوليائهم، كما حدث بمدرسة ابتدائية بأيت ملول قرب القنطرة سنة 2007، حين اقتحمت أم أحد التلاميذ القسم وأشبعت المدرس سبا وشتما وحاولت خنقه، فكانت هذه الحادثة السبب في وفاة المدرس بعد ساعات من ذلك بعد نقله إلى المستشفى على إثر نوبة قلبية ألمت به جراء ما حدث له.
العنف المسلط على التلميذ من قبل تلميذ آخر
الاصطدامات والشجارات التي تقع بين الفينة والأخرى لأتفه الأسباب، بين التلاميذ مع بعضهم البعض أو بين التلميذات، أشياء عارضة قد تحدث في بعض الأحيان سواء داخل القسم أو داخل المؤسسة أو خارجها، لكن الأفظع هو أن تتطور الأمور إلى ما لاتحمد عقباه كتبادل الضرب والجرح ونتف الشعر والتمرغ في الأرض، كما حدث بين تلميذة وأخرى منذ أربع سنوات خارج الثانوية التأهيلية بدرب بنسركَاو، أمام التلاميذ الذين عاينوا الحادث. وقد ظهرت الخدوش وأثار الندوب والجروح على وجهي التلميذتين.
وحدث أن تبادل تلميذان اللكمات والضرب داخل المؤسسة ذاتها في السنة الماضية، لأسباب بسيطة. كما حدث الشيء نفسه بالعديد من المؤسسات، حيث يتجاوز المتخاصمون حدود السب والشتم إلى العراك والتشابك بالأيدي والركل بالأرجل والرمي بالحجارة أو استعمال السلاح الأبيض وتسديد طعنات قاتلة، كما حدث في الموسم الدراسي الحالي ببعض جهات البلاد.
ظاهرة العنف وسط التلاميذ وداخل القسم أيضا، ازدادت مع ظاهرة القرقوبي والمخدرات التي غزت بعض المؤسسات التعليمية، وساهمت في إذكاء العنف لدى التلاميذ، خاصة أن القرقوبي من العقاقير المهيجة والمدمرة لحياة متناولها، لأنها تؤثر على توازنه النفسي، وتحول التلميذ الهادئ بطبعه إلى وحش هائج متعطش للعراك والشجار، الذي ينتهي في الغالب بارتكاب جرائم فظيعة، والحالات من هذا القبيل كثيرة لايسع المقال لذكرها.
العنف المسلط أحيانا على التلميذ من قبل المدرس
صحيح أن دور المدرس لايقتصرعلى التكوين والتلقين للدروس، بل يتعداه كذلك إلى التربية، فهو المثال والقدوة بالنسبة للتلاميذ، فهم ينظرون إليه على أنه بمثابة الأب. لكن هذه الصورة قد تتزعزع أحيانا ليس لدى جميع التلاميذ وإنما لدى بعضهم، خاصة إذا وقع اصطدام طارئ بين التلميذ ومدرسه لسبب من الأسباب.
فغالبا ما يفهم التلميذ الحرية بشكل مغلوط، حين يعتبر تكلمه في القسم بدون إذن، أو إحداث الفوضى في القسم أو عدم إنجازه للتمارين وما يترتب عنها من زجر أو عقوبة أو لوم من طرف مدرسه، تجاوزات من قبل الأستاذ، فيقع الاصطدام بينه وبين التلميذ، وقد يتطور ذلك إلى السب والشتم والضرب المتبادل.
صحيح أن العلاقة بين المتعلم والمعلم، قوامها الاحترام المتبادل، لكن في بعض الأحيان قد يعنف المدرس بعض التلاميذ المخلين بالسير العادي للدروس والمشوشين على باقي التلاميذ.
وهناك بعض الأساتذة من يتجاوز حدود اللوم إلى الضرب المبرح إلى حدود إحداث عاهة مستديمة للتلميذ إما عن قصد أو عن غير قصد، كما حدث منذ عشر سنوات بمدرسة المطار ببنسركَاو، حين أرادت معلمة تأديب تلميذة في القسم الأول ابتدائي، فأرادت ضربها على يدها بالعصا، فأخطأت التصويبة، فلامستها في عينها اليمنى فأصيبت بعدها التلميذة/الطفلة بعاهة مستديمة فقدت على إثرها البصر، فانتقلت المسألة إلى القضاء.
القضاء على العنف داخل المؤسسات
التعليمية مسؤولية الجميع
مما لاشك فيه أن ظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية بجميع الجهات وبدرجات متفاوتة، في حاجة إلى تظافر عدة جهود من لدن المتدخلين في قطاع التربية والتكوين، من أجل الحد منه، فجمعية الآباء وأولياء التلاميذ باعتبارها الشريك الرئيسي للمدرسة، عليها أن تلعب دورا كبيرا في التحسيس ومعالجة أشكال العنف بين التلاميذ أنفسهم وبينهم وبين مدرسيهم، وتحسيسهم بواجباتهم وحقوقهم. مثلما على المؤسسات أن تبرمج في أسابيعها الثقافية، ندوات فكرية عن ظاهرة العنف، كظاهرة اجتماعية ونفسية، للوقوف عند أسبابها ومسبباتها، وتأثيرها على السير العادي للدروس، وعلى تفكك العلاقة بين المدرس والتلميذ، وعلى الجو العام للقسم المفروض فيه أن يسوده جو العمل والاجتهاد والتنافس الشريف بين التلاميذ من أجل التحصيل الدراسي.
التحسيس كذلك بمسببات العنف وخاصة تناول الأقراص المهلوسة من قرقوبي وغيره، الذي يسبب كثيرا في التهيج وإثارة الأعصاب، والدفع بالتلميذ إلى ارتكاب أفعال وأعمال غير واع بها، عند اقترافها، إلا بعد صحوه.
إشاعة ثقافة التسامح والحوار والاختلاف في المقررات المدرسية، والتعريف بالحقوق والواجبات، وثقافة الدفاع عن المصلحة العامة هي المدخل الحقيقي لنبذ العنف بأشكاله المادية والرمزية، بالإضافة -طبعا- إلى البحث عن إيجاد حلول أخرى لعدة مشاكل يعيشها التلميذ والأستاذ معا خارج المدرسة وخاصة المشاكل الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالعائلة عموما.
السؤال الذي يطرح نفسه أمام هذا الواقع هو: لماذا هذه الفوضاوية والتسيب داخل المؤسسات التعليمية العمومية منها والخصوصية خاصة وأننا أصبحنا كل يوم نسمع عبر القنوات التلفزية أو من خلال الجرائد أحداث عنف واتجار في المخدرات أمام وداخل الأقسام.
في الحقيقة ذلك راجع بالأساس إلى عامل رئيسي يتجلى في كون المدرسة والمؤسسات التعليمية المغربية فقدت قدسيتها وسقطت هالة المعلم والأستاذ ولم يعد لديهما تقدير واحترام. وتعود أسباب العنف حسب بعض المستجوبين إلى عدة عوامل نذكر منها: المشاكل الاجتماعية، انتشار البطالة، الفقر، تعقيد الحياة الدراسية، ركود النمو الاقتصادي، تغيير القيم التقليدية، تغيير نظرة المجتمع بالنسبة لدور المؤسسة التربوية، الإحباط، الاكتظاظ المهول، انعدام التسامح واحترام الغير، الظروف السكنية غير اللائقة، توفر المخدرات بمحيط المؤسسة، المشاكل العائلية، تراخي مراقبة الآباء، تنامي مشكلة الأبناء المدللين، ارتفاع وتيرة التفكك الأسروي، الطلاق، عدم التواصل. مشاكل تربوية، ضعف المصداقية في المدرسة وفي وظيفة التعليم، سوء تصرف ونقص التكوين لدى بعض أفراد هيئة التعليم وخاصة في المناطق الحساسة والمهمشة، فشل المؤسسة في تطبيع الأطفال اجتماعيا، صعوبة التواصل بين المدرس والتلميذ، تأثير واضح للتلفزة، السينما وأفلام العنف والجريمة، التقليد الأعمى من طرف التلاميذ لما يشاهدونه عبر القنوات التلفزية، عوامل فكرية، ازدياد نسبة الأمية والتخلف في المجتمع كبح الحريات تحد من التفكير السليم لدى الطفل وبالتالي اكتساب ثقافة العنف.
كل هذه العوامل تفاعلت فيما بينها وأفرزت وضعية جد صعبة داخل وخارج المؤسسة التعليمية. وإذا كان الجميع يقر بأن السياسة التعليمية لم تعد فاعلة، ففي اعتقادي يجب تظافر مجهودات كل الفاعلين داخل المجتمع من مجتمع مدني، إعلام، أحزاب سياسية، جماعات محلية، حيث لايمكن الاعتماد على المقاربة الأمنية وحدها بالرغم من أهميتها دون تحميل المسؤولية لمختلف الأطراف والفاعلين، لأن ظاهرة تعاطي فلذات أكبادنا للعنف والمخدرات داخل المؤسسات يقض مضاجع الساهرين على قطاع التربية والتكوين. إذ صاحبت التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتسارعة التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة تغيرات في سلوكات وممارسات التلاميذ كاستهلاك السجائر والمخدرات. لقد أصبح مشهد تلاميذ يافعين ومراهقين أمام أبواب المؤسسات التعليمية وهم يمسكون سجائرين أصابع أيديهم منظرا مألوفا في الوقت الحاضر، بل هناك ماهو أخطر من ذلك وجود مقاهي ومحلات لتدخين الشيشة بجانب المؤسسات التعليمية مما يجعل منها أوكارا لهؤلاء المراهقين في أوقات الفراغ والغياب عن الدرس. كما أن تواجد بائعي السجائر والمخدرات أمام المؤسسات التعليمية يسهل على المراهق التعامل مع كل شيء. وعن العنف مرة أخرى نسوق المثال التالي الذي وقع السنة الماضية أمام موسسة ثانوية الأدارسة بفاس، حيث كانت مجموعة من التلميذات بباب المؤسسة وحضرت شردمة من المراهقين قاموا بمعاكسة التلميذات وتبادل الكلام معهن الذي تحول إلى شتم وقذف، فأخذ أحد هؤلاء المراهقين يهدد بالسلاح الأبيض مما جعل أحد التلاميذ يتدخل من أجل حماية الزميلاته، فكان نصيبه طعنة سكين لم تمهله كثيرا ليفارق الحياة. مثل آخر تجلى في كون تلميذ ضربه زميله بمقلمته فأصابه على مستوى عينه اليمنى ففقأها. ناهيك عن الضرب والجر ح بالسلاح الأبيض واعتراض سبيل الأساتذة والمعلمين وضربهم وتهديدهم.
أمام هذا الوضع المؤلم، يجب على جميع مكونات الحقل التربوي وفعاليات المجتمع المدني والمنتخبين والأمن أن يتخذوا التدابير اللازمة من أجل إيقاف هذه الظاهرة غير الصحية واللاأخلاقية في حقل تربوي تعليمي كان من المفروض أن يلعب دوره التاريخي.

جريدة الاتحاد الاشتراكي

2/4/2009


education
:: دفاتري ذهبي ::


تاريخ التسجيل: 18 - 9 - 2008
السكن: ورزازات
المشاركات: 1,277

education غير متواجد حالياً

نشاط [ education ]
معدل تقييم المستوى: 319
افتراضي
قديم 02-04-2009, 22:25 المشاركة 3   

في حوار مع الأستاذ المصطفـى تكانـي، نائب وزارة التربية الوطنية بالدارالبيضاء-أنفا، للاتحاد الاشتراكي: العنف من المظاهر اللامدنية
حاورته: نجاة بطل



- ما مدى تأثير الأسرة والمدرسة على تهذيب سلوك الطفل؟ وهل الطفل العنيف نتاج قصور في دور كل منهما؟
- تعتبر الحياة المدرسية صورة مصغرة للحياة الاجتماعية محددة في الزمان والمكان (الزمن المدرسي/فضاء المؤسسة ومحيطها)؛ وتكاد الحياة المدرسية الزمنية التي يعيشها التلاميذ داخل المؤسسة التعليمية تشابه إلى حد كبير الحياة الاجتماعية في تفاعلاتها وانجذاباتها وتأثيراتها السلوكية والاجتماعية والثقافية على نفسية الفرد المتعلم في علاقتها بالآخر، والمحيط، والواقع المعيش.
والمدرسة باعتبارها امتدادا طبيعيا للتربية التي يتلقاها الطفل داخل الأسرة، وفي المسافة المكانية الفاصلة بينهما تتأثر بالعوامل الفاعلة في المجتمع سلوكا وممارسة، ويعيش الطفل/المتعلم حالات تجاذب بين ذاته من جهة، وبين الأوساط الأسرية والمجتمعية والمدرسية التي يعيشها من جهة أخرى، والتي تبلور شخصيته وفق القيم والمبادئ والمواقف التي يحياها. دون إغفال حالات التطور والنمو الفيزيولوجي والنفسي والعقلي التي يعيشها الطفل عبر مراحل نمائه.
وكثيرا ما تتشكل بنيات شخصيات الطفل/المتعلم بإيجابياتها وسلبياتها، في مدها وجزرها، بفعل هذه المؤثرات التي تظهر واضحة لدى البعض في حالات حياته اليومية بين الأسرة والشارع والمدرسة، أو قد تفتر في حين وتطفو في أحيان أخرى بفعل العوامل المؤثرة في نفسيته وسلوكه.
وأدوار الأسرة والمؤسسة هي تأطير هذه السلوكات وتوجيهها بكيفية مستدامة لبناء مشروع مواطن الغد، وكل تخل أو فتور أو تراخ في أداء كل طرف لمسؤوليته يترك للجوانب السلبية والسلوكات اللاتربوية فرص الظهور والاستفحال؛ سواء أكانت تلك السلوكات السلبية تأخذ مظاهر العنف، أو الانحراف، أو الانحلال، أو غيرها من أشكال السلوكات التي تعد منافية لمسلكيات التحضر والمدنية وفق المتعارف عليه داخل هذا المجتمع أو ذاك.
وقد يبدو لأفراد هذا المجتمع أن ما يعتبرونه سلوكا غير مقبول يصل إلى حد الانحراف، يظهر لدى أفراد مجتمعات أخرى سلوكا عاديا غير ذي بال، بل لا يعيرونه أدنى حالات الاهتمام والانتباه؛ لأن الدلالات السلوكية للحالات تأخذ أبعادها ومفاهيمها في ضوء المتعارف عليه داخل قاموس قيم هذا المجتمع أو ذاك. ومظاهر العنف التي تعرفها بعض المؤسسات التعليمية في الغرب مثلا، والتي تصل إلى حالات القتل، واستعمال الرصاص؛ هي تحصيل حاصل لما يظهر من مثل هذه السلوكات في الشارع عامة.
ولا مجال البتة لمحاولة الإنكار أو التعتيم والقول إن أي مجتمع لا تخلو مؤسساته التعليمية من حالة من حالات العنف التي يعرفها المحيط والشارع؛ فالمدرسة في قلب المجتمع، والمجتمع في قلب المدرسة.

- ما هو الوضع في المدرسة المغربية من حيث انتشار العنف بها؟ وماهي أشكال الاعتداءات التي تحدث في المؤسسات التعليمية سواء بين التلاميذ بعضهم البعض أو بين التلاميذ والأطر التربوية؟
- تبذل المؤسسة التعليمية بكل أطرها والفاعلين في حقلها جهودا قوية لتكريس القيم الأخلاقية والسلوكات المدنية الإيجابية ولنبذ كل أشكال العنف والانحراف والانحلال التي تمس المجتمع، كما تعمل على الحد من آثارها على الأفراد والجماعات؛ مستهدفة في ذلك تكريس ثقافة الحوار، وتقبل الاختلاف، واحترام المبادئ والحقوق، من خلال البرامج والمناهج الدراسية وأنشطة الحياة المدرسية في كل تجلياتها.
كما أنه لا يمكن حصر مدلول العنف داخل المدرسة والمجتمع في شقه الجسدي؛ بل يتجاوزه إلى طبيعة السلوكات النفسية التي يمارسها الفرد تجاه الآخر (تلميذ-تلميذ/أستاذ-تلميذ...)، ويأخذ العنف أشكالا أخلاقية أخرى شفهية أو غيرها، في ضوء التمثلات السلوكية التي تسم هذا عن الآخر، سواء داخل الفصل الدراسي أو خارجه.
ويعتبر بعض المربين أن ممارسة الغش في الامتحانات نوع من العنف المدرسي الذي يزاوله الغاش تجاه التلاميذ الممتحنين غير الغاشين. وقد يتأثر التلميذ المشاهد لحالات الغش بذلك فيعمد إلى تقليد حالة الغاش؛ وكأنه يقلد بطلا يتحدى بعنفه الآخرين لإثبات الذات؛ فيصبح الغش في هذه الحالة ظاهرة نفسية مرضية تحتاج إلى الكثير من العناء لحمل الغاش على الإقلاع عن هذه العادة وعن الإدمان عليها. ويلزم في هذه الحالة أن تتم حماية الغاش من نفسه بمراقبته وتأطيره من قبل مربيه أولا، ومن قبل زملائه ثانيا، لإرجاعه إلى حالته الطبيعية الأولى؛ حالة التلمذة. وإشفائه من علة الغش التي انتابته كي لا يداوم عليها.

- ماهي، في نظركم، أسباب تفكك العلاقات بين أطراف العملية التربوية، أي التلاميذ والأطر التربوية؟
- تتمحور مختلف الأنشطة التربوية التي تقوم بها المؤسسة حول المتعلم؛ ليس باعتباره مستهدفا فحسب؛ بل لكونه طرفا في تحقيق الأهداف التي تسعى المؤسسة التعليمية إلى إقرارها.
والحديث عن العلاقات التفاعلية بين التلميذ والمدرسة ليس حديثا عن تفاعل ثنائي (تلميذ-مدرسة)؛ بل هو خليط من التفاعلات والحمولات السلوكية لكل فاعل في الحياة المدرسية: تظهر من خلال علاقة التلميذ بأفراد أسرته وعلاقاتهم التفاعلية فيما بينهم وأثرها في سلوكه الشخصي. وفي علاقة التلميذ برفاقه في الحي والشارع والمدرسة، وفي علاقة التلميذ بأساتذته وبالأطر الإدارية للمؤسسة.
إنها علاقات متعددة الروابط يصعب تحديد وجهة مسار كل علاقة تحديدا مضبوطا أو نمطيا.
وكل تفكك يظهر في هذه الروابط يؤثر -لا محالة- على شبكة العلاقات التي تربط الطفل/التلميذ/ المراهق بالعوالم التربوية والاجتماعية المحيطة به، وتحدد في الأخير القيمة الأخلاقية لكل فعل وسلوك لديه. كما لا يمكن الحسم بتوقع نتائج هذا التفكك، بتحديد السبب للنتيجة؛ فنقول: إذا افترضنا مثلا أن أسباب توتر العلاقات بين التلميذ وأطراف العملية التربوية الأخرى (تلاميذ/أساتذة/إداريين) يرجع بالأساس إلى تفكك الأسرة أو مشاكلها الاجتماعية، وحاولنا تعميم النتيجة القائلة إن كل تفكك أسري يؤدي حتما إلى توتر في علاقة التلميذ بالمدرسة؛ يجعلنا هذا الأمر نجانب الصواب بهذا التنميط إذا جابهتنا حالات تلاميذ تعاني أسرهم من التفكك ومع ذلك استطاعوا تحقيق أعلى النتائج الدراسية ولم تظهر عليهم حالات العنف أو الإنحراف. فالأمر هنا يرتبط بدراسات لحالات إنسانية يصعب معها الحسم والتقرير.
فالجزم بتحديد السبب قد يعتريه بعض النقص. كما أننا لا نتوفر على إحصائيات دقيقة حول عدد حالات العنف بين التلاميذ من جهة، وبينهم وبين الأطر الإدارية والتربوية من جهة أخرى. ولا نتوفر على دراسات تشخيصية موضوعية تحدد الأسباب بدقة، وتوضح المؤثرات المرتبطة بها توضيحا يمكن معه الحسم بالقول إن من أسباب تفكك العلاقات بين أطراف العملية التربوية تفكك العلاقة الأسرية للتلميذ، وما أثر ذلك في تحصيل التلميذ الدراسي، وسلوكه التربوي داخل المؤسسة؛ وهل لحالات النمو الفيزيولوجي والنفسي للطفل المراهق أثر في علاقته برفاقه وأساتذة وأهله؟
أعتقد أن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه بحدة هو ما مدى قيام كل طرف بدوره التربوي داخل المجتمع كلا؟ أليس للجار وصاحب الدكان، وللرجل الكبير في الحي والشارع الفاصل بين البيت والمدرسة دور في تربية الطفل/المراهق وتشكيل الضمير الجمعي له في سلوكه وممارساته؟ ألا يحق لنا القول إن الأسرة تخلت عن أدوارها التربوية وتنازلت عنها قهرا للآخر (قد يكون الآخر عابرا بالشارع أو مقيما به، كما قد يكون معنيا بالتربية والتكوين)؟!

- هل برامجنا ومناهجنا الدراسية وأنشطتنا التربوية داخل المؤسسة التعليمية قادرة على الوقوف في وجه تيارات الشارع؟ ما دور القنوات الإعلامية والتواصلية الحديثة في تشكيل مواطن الغد وفق قيم المجتمع وغاياته؟!
- إنه سؤال التربية الحالي في كل المجتمعات.

- إلى أي مدى تخضع الاعتداءات بين المتمدرسين للقانون الداخلي للمؤسسات التعليمية؟ ألا ترون أن بعضها يرقى إلى مستوى الجنح والجنايات أحيانا؟ كيف يتم التعامل مع مثل هذه الحالات؟
- تتطلب الحياة المدرسية التي يعيشها التلاميذ والأطر التربوية والإدارية باعتبارها حياة جماعية مشتركة بينهم الاحتكام إلى ضوابط تسعى إلى ترسيخ ثقافة الحقوق والواجبات والمسؤوليات من خلال النظام الداخلي الذي يجسد الإطار التعاقدي بينهم، ويحدد الجوانب التربوية والأخلاقية والصحية والإدارية للمتعلمين في علاقتهم بالمؤسسة؛ سواء داخل فصول الدراسة، أو في مختلف فضاءات المؤسسة، بما فيها مرافق الداخليات. ويقوم كل إطار وفق الاختصاصات المخولة إليه إداريا بإنجاز مهامه وأداء واجباته. ومتى تبين أن هناك انحرافا عن ثوابت النظام الداخلي للمؤسسة يتم البث في حالات ذلك بناء على المرجعيات المخولة إلى مجالس المؤسسة والإدارة التربوية. وفي حال تجاوز الخطوط التربوية المحددة لتدبير الحياة المدرسية في إطار التشريعات المعمول بها بما يفيد انتقال الحالة من إطارها التربوي إلى الجنحي أو الجنائي فلذلك مساره القانوني وأبعاده الإدارية المعمول بها.

- هل هناك إجراءات مرتقبة للحد من انتشار العنف في الوسط المدرسي؟
- إن الدور الأساس للمدرسة يتمثل في توفير المناخ التربوي والاجتماعي المناسب للتنشئة المتكاملة والمتوازنة للمتعلمين، وإكسابهم الكفايات والقيم التي تؤهلهم للاندماج الفاعل والإيجابي في الحياة، وترجمة تلك القيم والاختيارات إلى ممارسات سلوكية في حياتهم العادية؛ سواء داخل فضاء المؤسسة أو خارجها.
وحينما نتحدث عن مواجهة التربية للمظاهر اللامدنية كالغش أو العنف أو غير ذلك، فإن تلك المواجهات يجب أن تتخذ أشكالا متعددة ومتنوعة يساهم الطفل/المراهق/المتعلم فيها للتصدي لتلك المظاهر؛ من خلال إشراكه في مختلف أنشطة الحياة المدرسية من حيث الإعداد والتنظيم والمساهمة؛ سواء أكانت هذه الأنشطة رياضية أو ثقافية أو فنية؛ لتمكينه من بناء شخصيته معرفيا ووجدانيا ومهاريا، ومن إظهار ميولاته وقدراته وإمكاناته وإشباع حاجاته، وتعريفه بواجباته ومسؤولياته، وترسيخ السلوك السوي لديه، والتصدي للسلوكات اللامدنية.
ولعل التجارب أثبتت أن إشراك المتعلمين في أنشطة الحياة المدرسية والاستماع إليهم وتعرف على حالاتهم وحاجاتهم من خلال مكاتب الإنصات والاستماع، ومنحهم الحرية الكافية لاختيار الأنشطة الملائمة لهم، وتمكينهم من حسن تدبير أوقات فراغهم، وتحسيسهم بأسس ومبادئ الديموقراطية، وتعويدهم على ممارستها في الحياة المدرسية. كفيل بأن يحد من انتشار مظاهر العنف في الأوساط المدرسية وفي محيطها. كما لا ننسى أن دُور الثقافة، والأندية الرياضية، والاجتماعية، تلعب أدوارا أساسية في تجنيب الأطفال عامة، والمراهقين خاصة العديد من حالات التفسخ والانحراف، وتمكنهم تلك البرامج وغيرها من المؤثرات التربوية لوسائل الإعلام البصرية من تحديد جوانب شخصيتهم الإيجابية وتعدهم للحياة الاجتماعية بشكل أكثر اتزانا ومسؤولية.
إن الحد من الظواهر السلبية في المجتمعات عامة لا تتحمله المدرسة وحدها؛ بل هي مسؤولية يشترك فيها كل المعنيين بتدبير الحياة العامة والشأن التربوي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتنصل منها أحد ليرمي بثقلها على الآخر.. إنها مسؤولية الوطن، مسؤولية الآن والمستقبل.

جريدة الاتحاد الاشتراكي

2/4/2009


education
:: دفاتري ذهبي ::


تاريخ التسجيل: 18 - 9 - 2008
السكن: ورزازات
المشاركات: 1,277

education غير متواجد حالياً

نشاط [ education ]
معدل تقييم المستوى: 319
افتراضي
قديم 02-04-2009, 22:29 المشاركة 4   

ظاهرة العنف في المدرسة
محمد تامر


كيف يمكن للمدرسة كمؤسسة للتربية والتعليم أن تتحول إلى آلة لإنتاج العنف وساحة لممارسته؟ وما علاقة هذا التحول في السلوك التربوي بتغيير القيم الاجتماعية وتراجع مكانة المدرس والتعليم عموما؟ وما دور وسائل الإعلام في خضم هذه التحولات الانحرافية؟
شغلت هذه الأسئلة بال المختصين في التربية على الصعيد العالمي وأجريت العديد من الدراسات لفهم هذه الظاهرة التي أثرت على العلاقة بين مكونات العملية التعليمية (عنف بين التلاميذ والأساتذة، عنف التلاميذ فيما بينهم...).
ففي فرنسا مثلا كلفت وزارة التربية الوطنية سابقا المفتش العام السيد باري barret للقيام بدراسة حول هذه الظاهرة، فقدم خلاصة بحثه في تقرير عنونه بـ «السلوكات العدوانية في الثانويات والإعداديات»، فكانت النتيجة أو النتائج التي وصل إليها والتوصيات التي رفعها مذهلة حقا ومثيرة للجدل.
فالسيد باري ينظر إلى العنف المدرسي كزحف لعنف الشوارع والأحياء الشعبية خاصة، لهذا يستنتج أن المحل الأمني والقانوني ضروري لردع بعض التجاوزات التي تتجاوز النطاق التربوي وتتجاوز اختصاص المؤسسة التعليمية وتصبح فعلا إجراميا بكل عناصره ومحدداته، فلا يجب على المؤسسة التعليمية أن تبقى خارج القانون، بل يجب على رجال الأمن والعدل التدخل في الوقت الحاسم لرد الأمور إلى نصابها.
هذه النتيجة التي خلص إليها السيد فيليب باري barret هي التي أثارت جدلا حادا بين مؤيد وعارض. ويتخذ العنف في المدرسة الفرنسية حسب السيد باري عدة أشكال وإن كان الاعتداء الجسدي هو الغالب، فقد تتجلى السلوكات العدوانية في شكل سرقات أو تخريب للتجهيزات المدرسية ولسيارات الأساتذة كذلك، هذا بالإضافة إلى مختلف الإهانات المعنوية وأنماط عرقلة الدرس.
ويمارس العنف أساسا من طرف التلميذ - أحيانا بمساندة أسرته - ضد المدرس. كما أنه يمارس بين التلاميذ ورجال الإدارة بالإضافة إلى التلاميذ فيما بينهم.
إن العلاقة بين انعدام الأمن داخل المؤسسة التعليمية وخارجها علاقة جدلية، لهذا يدعو صاحب الحل الأمني إلى فتح المجال لرجال الأمن للتدخل قانونيا في اللحظة الحاسمة، فالمدرسة حسب المفتش العام باري barret ليست مؤسسة مختصة في إعادة تربية الأحداث المنحرفين، فبناء على سن الإجبارية لكل طفل مقعده في المدرسة، لكن المدرسة لها الحق في قبول من ينضبط لقوانينها فقط. إن المؤسسات التعليمية أصبحت كمحميات للمنحرفين ومروجي المخدرات، لأن السلطة الوحيدة السائدة داخل جدران المدارس هي سلطة رجال التربية الذين لا حول لهم ولا قوة أمام زحف العنف، ولهذا يرى «باري» أن رجال الأمن هم المؤهلون للتدخل عند الضرورة.
وإذا انتقلنا من فرنسا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فسنجد أن المدارس قد تحولت هنالك إلى ساحة حرب، فالأخبار الواردة من البلد الصناعي رقم «1» في العالم تبعث على الذهول بخصوص ما يجري في المدارس والثانويات الأمريكية من أعمال عنف وقتل يذهب ضحيتها تلاميذ ومدرسون على يد تلاميذ مسلحين بالخناجر والمسدسات. فلا يمر يوم دون أن تتحدث الصحف عن ضبط أسلحة مع تلاميذ يحاولون الانتقام من أساتذتهم وزملائهم، بل أكثر من ذلك سقط العديد من الأساتذة والإداريين والتلاميذ كضحايا لحرب العنف هاته.
وقد أوردت «الجمعية الوطنية للتربية» بالولايات المتحدة الأمريكية أرقاما مخيفة مستقاة من ملفات وزارة العدل وهي على الشكل التالي:
- هناك 100 ألف تلميذ يتوجهون إلى مدارسهم وهم يحملون معهم يوميا سلاحا.
- وهناك 160 ألف تلميذ يتغيبون يوميا عن دروسهم خوفا من الملاحقة والاعتداء.
وحسب آخر دراسة أنجزها «مركز مراقبة الأمراض» بأطلانطا، هناك أكثر من واحد من خمسة تلاميذ في الثانوية يعترفون أنهم حملوا سلاحا مرة واحدة على الأقل داخل الثانوية.
وبخصوص الاعتداءات على الأساتذة، تقول الجمعية الوطنية للنفسانيين المدرسين: إن 125 ألـف مدرس في الثانوية (12% من المجموع) يهددون شهريا بالاعتداء الجسدي وأن 5200 منهم يتعرضون فعليا للاعتداء.
هكذا بدأت الثانويات في مدن أمريكة كبرى تلجأ إلى اقتناء وسائل رصد الأسلحة عند دخول التلاميذ.
وأمام هذه الوضعية ترتفع أصوات الآباء والمدرسين والسوسيولوجيين بانتقاد ما يبثه التلفزيون من مشاهد العنف التي تؤثر سلبا على المراهقين.
إذا كانت المدرسة في الدول المتقدمة قد بلغت هذا المستوى من التفكك على صعيد العلاقات بين أطراف العملية التعليمية، فما هو الوضع في المدرسة المغربية؟ وما هي طبيعة العنف السائد فيها؟

العنـف فـي المدرسـة المغربيـة:
يلاحظ المتتبع لما تنشره الصحافة الوطنية، خلال السنين الأخيرة، ارتفاع العنف في المؤسسات التعليمية المغربية ـ وإن لم تصل إلى مستوى العنف في المدارس الغربية ـ وتتزايد أعمال العنف ضد المدرسين خلال فترات الامتحان وفي ارتباط مع ظاهرة الغش في الاختبارات كمؤشر على تفكك العلاقات التربوية بين شركاء العملية التربوية (أساتذة، إداريين، تلاميذوأولياءهم).
يقول أستاذ باحث بكلية علوم التربية في دراسة هامة له حول الموضوع: «... يعبر هذا السلوك عن تناقص واضح، وهو أن المدرسة التي تقوم بدور أساسي في تقويم سلوك المتعلمين وتعديل اتجاهاتهم وإعدادهم أخلاقيا ونفسيا واجتماعيا من أجل الاعتماد على أنفسهم وضبط غرائزهم وتطوير شخصيتهم، أصبحت مصدرا للعنف ومجالا للصراع ومؤسسة لتعلم العنف والاعتداء».
وقد ربط هذا الباحث في دراسته بين ظاهرة العنف ونظام الامتحانات الجديد (نظام الأكاديميات) ولاحظ من خلال إحصائه لـ 65 حالة عنف، أن الاعتداء يقوم به، في الغالب، المتمدرسون الذكور. وقد يتخذ الاعتداء شكلا جماعيا يشارك فيه أهل التلميذ ضد الأستاذ والإدارة. فالتلاميذ الذكور هم الأكثر ميلا إلى العنف الجسدي بينما يقتصر رد فعل الإناث على العدوان اللفظي الانفعالي.
أما عن أسباب العنف، فيقول الأستاذ الباحث:«... ويتبين من خلال تحليل البيانات أن هذه الظاهرة مرتبطة - إلى حد كبير - ومتلازمة مع مهمة المراقبة التي يقوم بها الأستاذ أثناء فترة الامتحانات، إذ أن تدخل رجال التعليم لحماية السير الموضوعي للامتحانات، الدورية والنهائية في الغالب إلى الحد من تصرفات التلاميذ لممارسة الغش، هذا الغش الذي يعتبره بعض التلاميذ حقا مشروعا: هكذا فنظام الامتحانات وظاهرة الغش من الأسباب الرئيسية للعنف في المدرسة المغربية، لكن هل يمكن عزل هذه الظاهرة عن سياقها الاجتماعي العام؟ فما دور التحولات البنوية والقيمية التي يعيشها المجتمع المغربي في تشكيل شخصية التلميذ؟ وما دور وسائل الإعلام في كل هذا؟
خضع المجتمع الغربي خلال العقدين الأخيرين لمجموعة من التحولات الأساسية على صعيد النسق القيمي وترافق ذلك مع تنامي تأثير وسائل الإعلام أو ما يسمى بـ «حضارة الصورة» وهيمنت صورة وقيم الشباب الغربي - الأمريكي خاصة - وتراجع المستوى الدراسي العام، كما تراجع الاهتمام بالمعرفة وبكل ما هو مكتوب (هيمنة الصورة على حساب المطالعة التي تراجعت بدورها).
كما أن الاتهام بدأ يتوجه نحو صور العنف التي توجهها التلفزة يوميا إلى الأطفال والشباب ودعت العديد من الجمعيات الخاصة، بل المختصة إلى ضرورة التقليص من المشاهد العنيفة خاصة الموجهة منها إلى فئة الأطفال والشباب.
غير أن هناك من الباحثين من يرجع السبب الرئيسي للعنف إلى المدرسة ذاتها وإلى النسق التعليمي نفسه، باعتباره عنفا رمزيا وسلطة تمارس على المتعلمين. فقد أصبح العديد من التلاميذ يعتبرون التمدرس شكلا من أشكال العنف المناقض لطبيعتهم ولرغباتهم: الححص الدراسية المكرسة طيلة اليوم وكثرة القوانين التي تحد من حرية التحرك وسلطة المدرسين والإداريين وطبيعة الواجبات التي تشغل وقت التلميذ خارج المدرسة... إن هذا العنف المدرسي الرمزي، يولد رد فعل عنيف لدى العديد من التلاميذ. لهذا يبقى التساؤل مطروحا: هل تقوم المدرسة فعلا بوظيفتها التربوية؟ ألا يعتبر النسق التربوي نسقا كلاسيكيا متجاوزا؟
إن التلاميذ في حاجة إلى تواصل حقيقي وفي حاجة إلى من يفهم مشاكلهم وحاجاتهم التي لايجدونها في المقررات الدراسية، وهذه مسؤولية الأسرة ووسائل الإعلام والمدرسة... وبدل أن تتحول المؤسسات التعليمية إلى مراكز سلطوية وسيلتها الوحيدة هي مجالس التأديب والانضباط وعرض التلميذ على الشرطة والقضاء. لهذا وجب التعجيل بتفعيل مكاتب الإنصات، تتكون من الأخصائي الاجتماعي والأخصائي النفسي وسيوكل لهذه المكاتب التركيز على الوقاية وتتبع المشاكل السلوكية والأخلاقية الجماعية والفردية وتصنيفها حسب خطورتها وطبيعتها مع توفر الأساليب العلاجية بالوسائل المهنية الحديثة وكل ذلك في إطار التنسيق مع الهيئات التربوية الأخرى ومع أسر المتعلمين وذويهم».


جريدة الاتحاد الاشتراكي

2/4/2009


education
:: دفاتري ذهبي ::


تاريخ التسجيل: 18 - 9 - 2008
السكن: ورزازات
المشاركات: 1,277

education غير متواجد حالياً

نشاط [ education ]
معدل تقييم المستوى: 319
افتراضي
قديم 02-04-2009, 22:33 المشاركة 5   

حكاية عنف..
عبدالعزيز بلبودالي



عندما توصل «ابراهيم» برسالة مستعجلة من مدير المؤسسة التعليمية التي يتابع فيها ابنه «سمير» دراسته في المستوى الإعدادي، تدعوه للقدوم لأمر يهم ابنه، عادت به ذاكرته لأيام الصبا والطفولة، وحجرات الدرس ومشاغباته وزملاءه، وكل «العقوبات» التي كان يتلقاها نتيجة ذلك، بكل أنواعها من «الفلقة» والضرب على أظافر الأصابع، و«النتيف والقريص»، والجلد بالسوط.. إلى غيرها من تلك العقوبات التي يتذكرها اليوم، فيقشعر بدنه، ويتملكه الرعب وكأنه محمول من جديد إلى «زنزانة العقاب» أيام الدراسة وأيام «التشيطين» كما يقول.
تردد في الاستجابة لطلب إدارة المؤسسة التعليمية، خصوصا أنه أدرك بعد أن استفسر ابنه، أن الأمر يتعلق بشكاية ضد سلوك غير قويم .. أدرك ذلك، وهو الذي لاحظ في كثير من المرات كيف كان ابنه يعود مطأطأ الرأس وكأنه خارج لتوه من حصة عقوبة، ولم يكن يجرؤ على سؤاله خوفا من استرجاع صور غير جميلة كان يتفادى الرجوع إليها!
بالمؤسسة التعليمية، قابله المدير بنبرة سلطوية حادة، موجها له كل عبارات اللوم والعتاب.. آخذه المدير على عدم اهتمامه بوضعية ابنه الدراسية.. وحكى له كيف أنه لم ينفع لإصلاح سلوكه غير القويم، كل الطرق التربوية بما فيها «الضرب» والعصا.. «التربوية»!
لم ينبس بكلمة.. لم يحتج، ولم يطرح أدنى استفسار أو سؤال.. أحكم بقبضة يده على يد ابنه.. وغادر مكتب المدير.. أخذ قرارا لارجعة فيه.. سيسجل ابنه في مدرسة للتعليم الخصوصي كيفما كانت التكلفة.. مدرسة لاتعتمد على «العصا» كوسيلة للتربية!
أعاده كل ذلك إلى أيام صباه، حين عاقبه أحد المعلمين بطريقة وحشية قاسية.. بدون أن يرتكب أي ذنب. يومها، كان كعادته منهمكا ومركزا على إيجاد الأجوبة عن أسئلة الاختبار، حين طلب منه زميل له مده بالمساعدة.. ضبطه المعلم.. فكان العقاب بدون رحمة: الضرب على اليدين بعصا حديدية، ثم الخضوع لعملية «الفلقة».. تأثر كثيرا في ذلك اليوم.. خسر نقطته التي يستحقها، كما خسر احترام زملائه له.. كانت جلسة العقاب تلك.. آخر خيط له مع عالم التعليم والتحصيل الدراسي!


جريدة الاتحاد الاشتراكي

2/4/2009

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التعليمية, العنف, بالمؤسسات

« getab | مشروع مؤسسة حول التكوين المستمر »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العنف بالمؤسسات التربوية آثار على الرمال دفـتـر التشريع الإداري و التسيير التربوي 0 16-04-2009 07:38
انتشار العنف بالمؤسسات التعليمية...+ حكاية عنف آثار على الرمال دفتر مشاكل وقضايا إصلاح التعليم بالمغرب 3 03-04-2009 14:53
ظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية rochdi07 دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 0 22-01-2008 19:46


الساعة الآن 09:56


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة