السخرية فى قصص يوسف السباعى - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية zakharbrahim
zakharbrahim
:: دفاتري فعال ::
تاريخ التسجيل: 17 - 12 - 2007
السكن: agadir
المشاركات: 675
معدل تقييم المستوى: 269
zakharbrahim في إبداع متزايدzakharbrahim في إبداع متزايدzakharbrahim في إبداع متزايد
zakharbrahim غير متواجد حالياً
نشاط [ zakharbrahim ]
قوة السمعة:269
قديم 30-03-2008, 16:06 المشاركة 1   
منقول السخرية فى قصص يوسف السباعى

السخرية فى قصص يوسف السباعى



بقلم : عماد الدين عيسى




تمهيد:

للسخرية فى الأدب أصول وجذور سواء كان إبداعاً عربياً أو باللغات للآداب الأخرى خصوصاً الإيطالية والفرنسية والإنجليزية.

ففى بدايات القرن الرابع عشر أبدع الشاعر والروائى الإيطالي "بوكاشيو- جيوفانى “الديكاميرون”(1) وهى من نوع الكوميديا الساخرة... ويطلق عليها الكوميديا الإيطالية.. وتتضمن مائه قصة يرويها بعض الفارين من فلورنسة، فكل منهم يروى قصة طريفة تتميز بروح الفكاهة والسخرية ومجموعها يقدم صورة صادقة عن الحياة والأخلاق فى ذلك الوقت بأسلوب ساخر.

ويعتبر “جوناثان “(2) أعظم كاتب ساخر فى الأدب الإنجليزى على الإطلاق. ومن أشهر أعماله “رحلات جليفر” التى ظهرت سنة 1726، والتى فيها أرخى العنان للسخرية بالخلق البشرى، والقصة خيالية تحكى أسفاراً وهمية فى بلاد الأقزام والعمالة حيث تتجلى وحشية البشر ودهاؤهم.

ثم ظهرت عبقرية أخرى هى”بلزاك”(3) بإبداعه لما عرف بـ”ألف ليلة وليلة الفرنسية” وهى قصص قصيرة بعنوان “الكوميديا الإنسانية"، والتى صدرت فيما بين 1832 و1847، فى مواجهة مع الكوميديا الإلهية، لدانتى الليجيرى، وتعتبر الكوميديا الإنسانية من القصص الساخرة سخرية لاذعة..

أما فى العصر الحديث فقد انتشرت الكوميديا الساخرة بأقلام “بنيرو"، وشو، ونويل كوارد، والتى كانت جذورها ترجع إلى القرن 16 وذلك كنوع من الملهاة الشعبية التى يختلط فيها النقد والفكاهة بالأغاني والرقص.

أما الكوميديا فى الأدب العربى قديماً.. فمن خلال فن القص كانت تحتمل الكثير من السخرية حتى من المعلومة خاصة، وكانت الخرافة تطلق على القصص، وأيضاً تسمى بالحديث، والخبر، والسمر والخرافة... وهذه الأخيرة تخلط الدهشة بالسخرية، وترددت فى “أخبار النضر بن الحارث وغيره...

ففى “خبر الحياة الأخرى" قال النضر بدهشة وسخرية شديدتين:

"حياة ثم موت ثم بعث لعمرى إن هذا حديث خرافة "

ودون “ابن النديم“ فى "الفهرست” من تلك القصص والحكايات وغيرها الكثير فى العصر العباسى وظهور “ألف ليلة وليلة“ و”كليلة ودمنة". إلى ظهور المقامات وما فى بعضها من مناظر ساخرة.

وفى العصر الحديث كان لعبد الله النديم دوراً بارزاً فى الكتابات الساخرة ومن ذلك ما صدر بعنوان "التنكيت والتبكيت"، ثم ظهر العديد من القصص القصيرة التى اختلطت فيها الكوميديا بالسخرية، أو ما يمكن تسميته بالكوميديا الساخرة، فنجدها عند طه حسين فى قصة “نادى الشياطين”(4) حيث نستشعر فيها نقداً ساخراً لمملكة إبليس، وهنالك يقــرع الشياطين لقلة الغاوين والمنحرفين. “قال إبليس: فأين النساء ؟ “

قال الشخص الماثل (شيطان): “تكبرت، كنا أشجع منا نفوساً وأقدر منا على الاحتمال، فآثرنا البقاء فيما يكتنفهن من ضيق، حتى يبلغهن أمرك أويأتيهن الموت ".

قال إبليس: "ولم يخذكم ما رأيتم من صبرهن واحتمالهن”؟

ثم سكن(إبليس) قليـــلاً، ثم قال: “بـــم يـــدعوك هـــذا الحـــى مـــن قريش ؟ “

قال الشخص الماثل: “يدعوننى هُبل “

قال إبليس: “ويزعمون إنك أكبر آلهتهم، فعد إلى مكانك مدحوراً مخذولا، لأؤمرن عليكم النساء منذ الليلة، ولأعقدن لواءكم للعزى”

ثم نجد مبدعين آخرين ساخرين مثل إبراهيم عبد القادر المازنى (5) الذى اشتهر بسخريته، وأنـه الضاحك من كـل شـئ حتـى مـن نفسه، ويقول أنه يتغلب على كآبته الأصيلة بالضحك ". ثم ها هو نجيب محفوظ نراه ساخراً فى مجموعته القصصية “همس الجنون “(6) بنظرته الفلسفية الساخرة، ثم ها هو الدكتور حسين مؤنس مبدع “إدارة عموم الزير "، التى تسخر من العهد الناصرى، إلى محمود السعدنى صاحب

كتاب “الولد الشقى “و”المتعوس فى بلاد الفلوس“ و”محمد مستجاب“ صاحب سلسلة السخرية من “آل مستجاب"، وغيرهم كثيرون...

جبرتى العصر الساخر

ولقد كان يوسف السباعى بقصصه القصيرة الساخرة من رواد الإبداع الساخر.. حتى لتكاد تجد فى عديد من قصصه القصيرة تعقباً ساخراً لمراحل اجتماعية وسياسية واقتصادية، وكأنه كما وصفه نجيب محفوظ بـ “جبرتى العصر".. خصوصاً موقف السباعى الساخر من الأحزاب.. حتى ليصدق عليه بحق أنه مرآة عصره، وفى كل ذلك لا نستطيع إغفال العديد من رواياته التى لعبت السخرية فيها دوراً كبيراً...

فيوسف السباعى يتغلغل فى أعماق المجتمع الذى يعيشه ويرصد أنماطه البشرية التى يختارها بدقة وعناية، ويسبح فى عوالمها على أرض الواقع وينطلق مع أحلامها وأيضاً وتهويماتها وأوهامها...

ومن هذا المنطلق يعد يوسف السباعى كاتباً متفهماً لروح العصـر الذى يعيشه وعانــاه والتحم به فقد تأثر كثيراُ بالبيئة العامة وعيناه على الأحزاب السياسية وأنها رأس البلاء.. وفى سخرية لاذعة يبدع قصته “نابغـة الميضه“(7) يندد فيها بالانتخابات التى تجعلها “النقود الأكثر تكسب “وإذ بـ “إبراهيم العقب – محور القصة – الذى بدأ بجمع أعقاب السجائر وإلى احتراف جمع القمامة ثم يصبح متعهد للقمامات.. حتى صار مليونير !.. وفى الانتخابات يفوز الفوز الساحق. ولا عبقريات.. ولا علم ولا شئ أبداً سوى النقود... وليحيى العقب وليحيى قانون الانتخاب".

وفى سخرية أشد.. يقدم يوسف السباعى “العقب“ فى البرلمان.. كل ما يشغله أثناء الاجتماعات – وما يحرص عليه ألا يراه أحد وهو يتصيد أعقاب سجائر النواب فوق الأرض وتحت الأقدام !!

ولقد دفع الواقع الاجتماعى فى الثلاثينيات والأربعينيات – أيضاً – يوسف السباعى دفعاً إلى الإبداع الساخر، لقد كان هذا لواقع يسجل طبقتين، الأولى “الانتهازية "، “وطبقة المنسحقين” الذين أفقدتهم تلك الظروف كل القيم.

ويضع يوسف السباعى بحاسة الفنان يده على علة الداء عندما كتب فى عام 1948 مجموعة القصصية بعنوان “يا أمة ضحت “يكشف حقيقة جهل هؤلاء بالأصالة، وانتقال ذلك الجهل للآخرين بالتبعية.. ويتساءل يوسف السباعى بنبرة أسيفة وساخرة: “ألا يمثل هؤلاء الصفوة من المجتمع المصرى بما يملكون من ضياع أموال يسترون جهلهم، ويعيشون فوق السواد الأعظم من المجتمع، الذى لا يملك غير فقره وجهله والمرض أيضاً ".. ؟!

يقول “يوسف السباعى ": وقلت له فى تهكم ظاهر:

- وما هى بضاعتك يا عم أبو جهل ؟

- جهل !!

- جهل ؟! بضاعتك هى الجهل ؟.. أنت تبيع الجهل ؟..

- ماذا يدعوك إلى الدهشة.. أبو جهل يبيع الجهل، ويحمله فى خرجين فارغين فوق الحمار.

- اية غرابة فى ذلك ؟ أنا رجل صريح مكشوف.. أم ترى أنه لا بد من النفاق والمواربة، فأسمى نفسى الشيخ عبد العليم، وأضع بضاعتى فى الصحائف والكتب.

لكن إذا كانت الطبقة المسيرة للأمور يستمر جهلها.. فأين سبيل الآخرين.. وهم المسيرين.. ؟!!

كما نجد الرؤية الاجتماعية الساخرة.. من الوضع الطبقى وأثره السلبى على المجتمع... فيقول يوسف السباعى فى قصته “لو تعلمون “

“ـ لقد ضقت ذرعا يا ميمون لأنه قد مضت أربعة أعوام وأنت تفعل “سلام أسيادك “فما بالك بأسيادك أنفسهم الذين مضى عليهم ستون عاماً وهم لا يفعلون سوى “سلام أسيادهم ".

وكان لسيادة الجهل على مساحة كبيرة من المجتمع المرد الرئيسى لكل العلل التى قد عانى منها المجتمع المصرى.. لأنه لا يعفى هنا جهل الطبقة المترفعة التى تداوى جهلها بالطلاء الزائف والمظهر الخادع فيخدعون أنفسهم ويخدعون أيضا من هم دونهم.. وهؤلاء ينساقون إلى شرك الخداع لأن لديهم نصيبهم من الجهل.

ولا يمكن أن نتحدث عن السخرية فى القصص القصيرة عند يوسف السباعى دون الإشارة إلى روايات هى حجر الزاوية لإبداع السباعى فى الأدب الساخر، وأقصد روايته “نائب عزرائيل “(8) التى صدرت عام 1947 فقد سبقت مجموعة القصصية الساخرة “يا أمة ضحكت “(9) التى صدرت سنة 1948، ثم “أرض النفاق “التى صدرت عام 1941.

وهى أيضاً سبقت العديد من القصص وقد أعقبها العديد من الإبداع المسرحى الذى انطوى على سخرية من تردى البناء الأسرى ”أم رتيبة“ وسوء العلاقة بين الزوجين0(10).. ومن ثم خرجت فى عام 1951 مسرحيته “جمعية قتل الزوجات “التى تنتهى بموقف السخرية من عقول الرجال والتى تمضى إلى فكرة أن يتخلص كل زوج من زوجته.

وكان لنشأة يوسف السباعى دور فى أن يكون الضاحك فى حياته الساخر بإبداعاته، فنجد أن لطبيعة شخصية محمد السباعى – الأب- كبير الأثر فى بناء شخصية السباعى الابن، ويصف يوسف السباعى أباه فيقول: “كان أبى أسطورة بوهيمية (12) “وهذا ما يتيح ليوسف السباعى الشخصية “المنبسطة“(13)، فتجد النكتة سبيلها إلى قلبه الابتسامة عريضة على شفتيه، إلى جانب أثر البيئة الشعبية لتى عاشها وتشيع النكتة فيها مثل التنفس.

ولعل الانطلاقة التى حظى بها يوسف السباعى فى البيئتين الداخلية والخارجية كانتا ذات تأثير كبير على غرس روح المرح والفكاهة بالخط الكوميدى فى أدبه سواء – كما أسلفنا – فى “أم رتيبة “والبحث عن جسد “ورائعته “أرض النفاق “وإن كنت أفضل تسميته بالأدب الساخر.. أو السخرية فى أدب السباعى، فها هى البيئة فى مشاهداته فى حى “السيدة زينب “حيث ينتقل إلى شوارع وحواري الحى، فمن أبو الريش “إلى جنينة ناميش" و"سيد زينهم“ و”المواردى و“البغالة".. كل ما فيها ما يثير فى نفسه موقف الناقد الساخر..ويبدو أن شخصية السباعى الأب المرحة قد انسحبت على كتاباته خصوصاً “كتاب الصور “الذى تأثر يوسف بفكاهته وأسلوبه الذى تميز بالتضمين، وهو أسلوب يحقق التمكن من الأسلوب المبهج، وهو ما يصفه “المازنى“ قائلاً: “وكتاب الصور ثمرة لما يضطرب به صدر السباعى الأب، وتجيش به نفسه ولقد كانت فكاهة حلوة تهون العسير، وتذلل الصعب وتجلو صدأ العيش، وكان كأنما لا يشعر بأى منافسة له فى بابه، لفرط ثقته فى قوله واقتداره "...

ولذلك نجد أن يوسف السباعى قد تأثر بكل ذلك، ففى مكان من أرض النفاق يأتى بوصف ساخر عندما كتب “لا فارق هناك بين لـون وجهها وملابسها والأرض “فهى مثلما يقول أبو العلاء (14): “أديم الأرض من هذه الأجساد “

وفى مكان آخر من “أرض النفاق” يقول:

"إن أكثر ما يحز فى النفس هوأن العلة لا علاج لها، ولا أمل فى البرء منها . لقد قال الشاعر:

لكل داء دواء يستطب به.

إلا الحماقة “أعيت “من يداويها.

إن شخصية يوسف السباعى قد أعانته على الإبداع الذى يعتمد على الموقف الساخر أوالكتابة الساخرة، ولذلك فأننا نجده هذا الثائرعلى الموت والساخر منه أيضاً وهو هنا يؤكد على أن شخصيته من النوع المحققه لذاتها (15).

وهكذا – أيضاً - فإن يوسف السباعى يعمل بكامل طاقته وهاتان السمتان بمثابة حجر الزاوية فى التعرف على دوافع شخصية يوسف السباعى المحققة لذاتها (16) كما يصفها “ماسلو”هى التى تكون ذات “إدراك أكثر فاعلية للواقع وتتيح علاقات مريحة معه، عندها القدرة على التقبل للذات والآخرين والغايات ويخلص “ماسلو” إلى أن لديها التمييز بين الوسائل والغايات والإحساس الفلسفى اللاعدائى للفكاهة..

وهناك أبعاد يراها “روجرز “فى الشخصية المحققة لذاتها (17) وتتلخص فى سمات ثلاث رئيسية لهذا الشخص:

أولاها أن يعمل بكل طاقته وذلك ما تستغرقه شخصية يوسف السباعى

ثانيها: “إن كل لحظة فى الخبرة تعنى شيئاً جديداً “

ثالثها: أن هذا الشخص يوجد فى تركيبه العضوى وسيلة موثوقا بها للوصول إلى السلوك الأكثر إشباعا فى كل موقف وجودى.

وبعد أن وضحت أمامنا هذه الأساسيات فى تكوين الشخصية.. نقف إزاء شخصية يوسف السباعى ممسكين بطرف الخيط، الذى يرجع موقفه الإبداعى فى قصصه ورواياته التى دارت حول البيئة الخاصة، أو عن البيئة العامة، أو بتأثير الموت كفكرة مسيطرة، وقضية أزلية بل حقيقة من الحقائق الكبرى (18). فلم يقل لنا أحد أو يفسر مضاحكة يوسف السباعى للموت الذى أصابه بالجزع وعميق الأسى حين اختطف صديقه الأثير والده ورب الأسرة.. !! ثم يدخل مع ما كتب فى مسامرة لاهية مع الموت !.. فكيف جالس عدوه اللدود، على مائدة واحدة للسمر والدعابة. ؟!

ولعل إطلاق مصطلح “السخرية “على جانب من الإنتاج الأدبى – الروائى والقصصى والمسرحى – عند يوسف السباعى، هو الأكثر دقة فى التعبير بذلك الأسلوب الذى يتبعه، والرؤية التى انتهجها الكاتب، تفضيلا عن استعمال اللفظ السائر “الفكاهة “الذى يعرف أكاديميا بلفظ “كوميديا "، والذى يحلو للبعض تفريعه إلى ألوان من الفن الضاحك.. فالكوميديا بعامة قد تترك فى الانطباع هدف الإضحاك، والتسلية والترويح عن النفس، والإحساس بالبهجة والسعادة.. بينما السخرية تحتوى موقفاً بالدرجة الأولى وهذا الموقف فى المبدأ وفى منحاه تفسير لكثير من السلوك موضوع السخرية.

وبهذا المفهوم يمكن القول أن الكوميديا لا تنتهى بأثر إيجابى أكثر من التسلية أو البهجة، وما عدا ذلك فهو سلبى الأثر أو التأثير.. أما الأدب الساخر فيتجه إلى الإيجابية متعدياً بذلك مرحلة التسلية أو الإضحاك إلى موقف عقلى وحركة ذهنية تطالب فى النهاية بموقف إيجابي إزاء المشكلة أو الأفكار التى يطرحها العمل الأدبى.

وهذا ما اختاره يوسف السباعى، واتسم به أدبه – أى السخرية الإيجابية. وإذا ما تفحصنا البيئة العامة.. نجد أن تأثيرها يشمل الجماعات والأفراد، وتبــرز بينهم وشيجة موحــدة تظهر ذلك التأثير، وبالأدق تتولد لغة مشتركة وأسلوب موحد، أو شفرة خاصة يتناقلونها وليس ببعيد عنا أن تكون “النكتة “دلالة لهذا التوحد، فيتعارف عليها الجميع.. فـ “النكتة “لها دلالتها الهامة لدى الشعب وقل أن يوجد شعب لا يعرف النكتة.. فهى أخطر أساليب السخرية..

أما ونحن إزاء الشعب المصرى.. نجده شعبــاً متفرداً فى فهمه للنكتة، وتعامله معها وتفاعله بها ولذلك شاع تعبير “ابن نكتة” وهو الأدق فى موقعه إذا ما أطلق على المصريين.. ولعلماء النفس تفسير لظاهرة النكته لدى الشعوب. وكيف أنها سبيل من سبل الإفراغ، وهو حجر الزاوية فى تناولنا للأدب الساخر عند يوسف السباعى. وهنا نطرح سؤالاً لا بد منه: لماذا لجأ إلى السخرية ؟! وبصورة ملحه حتى تكاد تسود العديد من كتاباته ؟!.

والهدف من الإجابة على هذا السؤال هو التحقق من مدى الأصالة فى هذه النزعة وهذا التوجه عنده.

... والإجابة التى ندركها.. توحى أن وراء ذلك العديد من العوامل المتعلقة بمقوماته الشخصية، تأثرا بالبيئة العامة بما فيها من حياة سياسية، واجتماعية، وفكرية. كما أنها محصلة لمؤثرات بيئته الخاصة، من حيث النشأة، ومهد الطفولة، الاحتكاك بالبيئة، التأثر بها، والتأثير فيها أو التنفيس عن النفس، فهى وسيلة لتصفية الكبت الاجتماعى الذى يواجهه شعب من الشعوب.. فالقضية العامة التى تحزب الجماعة وتشتد عليهم. ولا يكون الأمر فى يدهم – يواجهونها بالنكتة..

لذلك فهى لدى الشعب المصرى – عملة سائدة – تحمل السخرية فى كيانها.. يواجه بها الشدائد الجسام...

كما أنه يلجأ إلى “النكتة “كشفرة يعبر بها عن سخطه سواء على المستعمر أو الحاكم.. ولذلك فإن “يوسف السباعى “يلجأ إلى أسلوب الشعب “ابن نكتة ".. لأنه أقرب إلى طبيعته.. خاصة إذا ما عرفنا أن مصر ــ فى فترات عديدة ــ قد بلغ فيها فن النكتة الساخرة إلى المستوى المنظم.. وليس بعيدا عن الذكر، ما كان سائداً من هذه الروح.. يبتدعون لها المواقف والأماكن والأسماء..

ولا يغيب عنا “الظرفاء “فى ذلك الوقت ومحافلهم التى تميزت بها مصر بعامة فى مختلف الطبقات، وبخاصة فى البيئات الشعبية التى ينتمى إليها يوسف السباعى، فهذا اللون من الفكاهة يكون لصيقا بالبيئة الشعبية، وميزة من مميزاتها، وعلامة ودليل عليها. وإذا ما عرفنا أن السباعى ربيب تلك البيئات الشعبية التى نشأ فيها: حى الدرب الأحمر – حى السيدة زينب – حى روض الفرج: ففى ذلك تفاسير تضاف، عند مناقشة عوامل تهيئة شخصيته منذ الصبا للروح المرحة.. الطليقة.. الحالمة.. فتكون أرضية خصبـــة عنـــدما تتلقى بـــذرة السخرية فتنبت، وتظهر البادرة فى روايته “نائب عزرائيل “ويستمر النبات يضرب بجذوره فى الأرض وفروعه نحو السماء تفلسف الأمور والأشياء.. فإن عصر “يوسف السباعى “اشتهر بوجود فن “الندامى ".. أى الندماء من الظرفاء يسامرون ويضاحكون.. وكان هؤلاء الظرفاء معروفين ولظرفهم يخالطهم القوم فى مجالسهم. وكانت الأحياء الشعبية بنواديها مراكز لهؤلاء الظرفاء.. والدرب الأحمر كأى حى شعبى به ذلك المقهى، الذى يجتمع إليه الظرفاء: ويقول “أحمد محفوظ “فى كتابه “خبايا القاهرة ": “ومن ظرفاء أولاد البلد فى أوائل القرن العشرين: السيد قشطة الممثل الهزلى، وأحمد فهيم الفار الممثل الهزلى، ومحمد ناجى المضحك. والحاج على. وكان يجمعهم ذلك المقهى يتنادرون بالقافية واشمعنى، فيأتون بالمقارنات الخيالية الغريبة، ومن مثقفى الظرفاء كامل الشناوى، أحمد نجيب، نجيب الهلالى (رئيس الوزراء الأسبق)، أحمد زيور باشا (رئيس الوزاء أيضاً) وداود بركات الصحفى. وتوفيق فرغلى الصحفى، وتوفيق حبيب الصحفى العجوز، والشيخ سيد المرصفى أستاذ الأدب العربى".. إلى طابور كبير منهم. فالنكتة، والسخرية سمة فى البيئة المصرية. وهى بذلك عند يوسف السباعى أصيلة.

وللسخرية عند يوسف السباعى اتجاهان: السخرية الناقدة، والسخرية الفلسفية.

والسخرية الناقدة عند يوسف السباعى هى الأقرب إلى تمثل أسلوب الشعب المصرى، والتى تهدف من ورائها إلى تقييم المجتمع سياسيا، واجتماعيا، وفكريا – وكما أسلفنا - فعندما يواجه شيئا إداً يتخذ موقف السخرية الناقدة..

وعندما يكون فى محل العاجز تماما ً، أمام قوى لا طاقة له بها.. فهنا نجده ينزع إلى السخرية فى موقف فلسفى رائع.. إنه يحول السخرية إلى فلسفة..

وهذا ما استلهمه، وقدمه لنا يوسف السباعى فى أدبه، بحكم انتمائه للحياة العريضة، والتى عاشها الشعب المصرى، خلال الأحداث والمواقف والنوائب عبر سنوات مديدة...

فبلا شك، أن هناك علاقة وطيدة، بين المقومات الشخصية للأديب، وبين اتجاهه نحو هذا النوع من الرؤية.. أى الرؤية الساخرة..

إذاً فالسخرية لدى يوسف السباعى، ليست عابرة على منطلقه الشخصى، أو رؤيته أو المعاناة فى حياته الخاصة.. لأنها قد وسمت العديد من كتاباته وصارت موقفاً أصيلاً، وانعكاسا لمكوناته ومقوماته الشخصية...

ومما يؤيد هذا أن أول رواية كتبها هى “نائب عزرائيل "، فقد جاءت لتعبر عن هذه الرؤية، وهذه المقومات الشخصية، ثم ما تلاها من قصص قصار تحمل عناوين صارخة بالسخرية، ومنها مجموعته القصصية “يا أمة ضحكت "(19)، وباقى الشطرة “من جهلها الأمم”؟: وهذا من شاعر “المتنبى ".

ومجموعة بعنوان “الشيخ زعرب “(20).

ولا تخفى السخرية – هنا – التى بدأ رافعاً لواءها ككاتب جديد – آنذاك – ثم تلاها بعمل جد خطير، فى مجال السخرية، هو روايته “أرض النفاق “(21). وتكاثرت لدى هـــذا الأديب البـــارع، روايات وقصص ومسرحيات ساخرة: أم رتيبة (22) البحث عن جسد(23)، وراء الستار (24) أبو الريش وجنينة ناميش (25)، اثنا عشر رجلا، (26) اثنتا عشرة امرأة (27)، ستة رجال وست نساء (28)، جمعية قتل الزوجات (29).

ولنا أن نتساءل.. كيف نشأ موقف السخرية لدى الكاتب ؟!. ما هى المنابع، والدوافع ؟.. وما مؤدى السخرية فى إبداعاته الأدبية ؟..

إن الرؤية الساخرة والإيجابية، لا تطبع شخصية الفنان، ولا تمثل بصمة حقيقية ألا عندما تكون وليدة تجارب أصيلة، ذات جذور متعمقة فى النفس البشرية..

وما زالت تجربة السباعى مع الحياة، التى بدأت بنشأة وردية، وحياة تمنح ذلك الصبى الآمال العراض، وتجعله يحلق برومانسية فى البيئة المحيطة، بما فيها مـــن أنماط وشخصيات، فما ينفثه والده من مثاليات، وإبداعات فسيحة الأفق والخيال يجعله يحلق مبكراً نحو أحلام المستقبل.. مع الطموح.. مع الآمال.. ويتصور أن الحياة تمضى هكذا رائعة روعة الشعر الذى يقرأه عن أبيه، وعن الشعراء، ثم شاعريته.. فقد نشأ – أيضاً – يقرض الشعر صبياً، ثم الخيال الذى توقد باكتمال المخيلة عنده، وتحرك قدرته علـى رسم الصور، واستعادة الألوان، وبثها مشاعره.. تجلت هذه القدرات من خلال هوايته المبكرة لفن التشكيل.

إن هذه العوامل، قد طبعت هذه الشخصية اللينة الهينة بكل ما هو محيط من لين وهون...

وفجأة.. ينتزع الموت أباه...

واذا بالقصور تنهار، ويصطدم بحقيقة من الحقائق الكبرى.. هى الموت.. الظاهرة الطبيعية الدائمة فى حياتنا البشرية، وفجأة تطير شوامخ أحلامه ويتبدد أمانه، وتتضجر أفكاره وتقلق منامه، وصار الحال غير الحال..

وعندما يبدأ يعيد حساباته.. يجد أنه شتان بين ما كان وما هو كائن

أمام هذا المرار الذى وجب عليه تجرعه شاء أولم يشأ.. ماذا يفعل ؟.. هل يتضخم كالبلونه رويداً رويداً.. حتى ينفجر.. أم يلجأ إلى وسيلة ميسورة، تدفع عن كاهله وطأة وقسوة هذا الأمر .. ولمجرد الإيحاء أنه يملك قدرة المواجهة.. هذه القدرة لا تتجلى لدى هذه النفسية، إلا بتحويلها إلى بسمة عريضة على الشفتين..

إذن لا بد من الابتسام.. الضحك.. لكن ما السبيل ؟.. كيف يتم هذا ؟.. إذن لا بد من إجراء عملية للموقف المريض..

ويبدأ بتجريد الحقائق المنطقية، التى تتلبسها الأشياء، فتبدو قوة خارقة من العسير مواجهتها.. وبهذا التجريد من المقومات مفارقة واضحة، وأمام صورة أقرب إلى الكاريكاتير.. فضلا عن التحول الذى يطرأ على الوسيلة نفسها، فتصير اللفظ المضحك أو التعبير الذى يدفع إلى الضحك، واصطلح على تسميته بـ “النكتة "..

وكل هذه تندرج تحت عنوان منطوقة “السخرية ".. وكل ما هو سابق عليه مفهوم له..

إذاً فالموت هو اللطمة الأولى التى تلقاها “يوسف “الصبي “الحالم .. يؤكد لنا هذا الموقف الساخر – كما بينا – فى روايته الأولى “نائب عزرائيل ".. برغم ما فى منطقها من الاعتراف بالموت كظاهرة طبيعية، وكحقيقة كونية.. يفرضها الإيمان – عند الكاتب – بالقضاء والقدر, إلا إننا نستشعر – فى قراره – بأنه هذا هو العدو الحقيقى، الذى لا قبل له به

إذن فلتسخر منه يا “يوسف ".. ولتمعن فى هذا بمزيد من الاهتمام به. وهكذا نجده يهدى كتابه إلى “عزرائيل “ويخاطبه قائلاً: “هذا الكتاب يا سيد عزرائيل.. أنت بطله فهو منك وإليك.. حاولت فيه بدافع الوفاء أن أظهرك للبشر على حقيقتك – أو على ما أظنه حقيقتك – وأن أزيل من أذهانهم تلك الصورة الشوهاء.. الشنعاء التى يتخيلونك بها. ولست أدرى إلى أى حد نجحت، أو إلى أى حد قد أرضيت..".

وإمعاناً فى السخرية من الموقف أو الشخصية يأخذ فى إلصاق السمات الجليلة – وما ليست عليه قط – وهذا ضرب من الأسلوب يتبع.. فقد تنادى الخفير بـ “الأمير "، وتقول للصعاليك يا ملوك..

فأى سخرية أبلغ وأقسى من هذا !!..

وهكذا يكتب يوسف السباعى فى “نائب عزرائيل ": وأخذت أتأمل السيد عزرائيل من طرف عينى.. واسترق النظر لا فحصه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه.. فوجدته مخلوقا جميلاً.. مهيب القامة، حلو التقاطيع، جذاب الملامح إلخ ".

وقد يحمل البعض هذه العبارات، إلى معنى أبعد من السخرية ونقصد بذلك الأثر الذى يترتب على الموقف الساخر.. أى اكتساب شئ من الثقة والطمأنينة.. عملا بالمثل: “بتعوى ليه يا ديب.. قال خايف وباخوف “



فأيا كانت الدوافع، التى وراء ذلك الموقف الساخر من الموت، وما يتعلق به من قريب أو بعيد.. فإن السخرية من الموت أو مواجهته كما فى “أم رتيبة"، “السقا مات"، “البحث عن جسد"، “على الأرض السلام"، و”أقوى من الزمن“– أو السخرية عامة كما فى “أرض النفاق"، “يا أمة ضحكت "، “وراء الستار "، فهذا مما يؤكد أن السخرية صارت لازمة فى الكثير من أدب يوسف السباعى..

وإذا كان أدبنا العربى، قد عرف الأدب الفكاهى – كما أسلفنا - من خلال كتابات عبد الله النديم، وبيرم التونسى وغيرهما.. ففى مجال القصة قد سبق الى هذا اللون “إبراهيم عبد القادر المازنى “أحد رواد مدرسة التجديد فى أدبنا الحديث(30)

فلقد تميز المازنى بأسلوبه الفكاهى، الذى ضمنه قصته “عود على بدء ".. فكان بذلك صاحب فضل البدء فى ذلك الوقت، بتجديد روح الفكاهة فى الأدب، وهى بحق فكاهة ممتعة، تبعث على البهجة والسعادة..

ثم.. يجئ يوسف السباعى مواصلاً ذلك البعث للأدب الفكاهى ولكن – كما أسلفنا – قد جاء متعديا لهذه المنطقة، ومجاوزا لتلك المرحلة التى بدأت بالمازنى.. إلى لونه الخاص به، وجاء بالأسلوب الذى يجمع، بين الفكاهة والسخرية معا...

فإذا كانت كتاباته تمتع وتثير البهجة ومشاعر السعادة.. فهى أيضا، إلى جانب ذلك، تميزت بالسخرية الناقدة، والسخرية الفلسفية، ومن ثم تحرك العقل، وتنشط الذهن، وتصنع المواقف..

وإذا وقفنا إزاء “أرض النفاق "، هذه المقامة الملحمية الساخرة: نجدها من خلال “تاجر الأخلاق “قد أحاطت بأدواء الناس كافة.. وذلك بتناولها للحياة الأخلاقيـــة، ومـــا افتقدته من قيم “النـــزاهـــة والعفة والمروءة والتضحية.

ويدخل تاجر الأخلاق فى حوار مع “الزبون “الأحمق.. لأنه وقف بباب تجارة الأخلاق.. ويدفعه كيلا يشترى من بضاعته التى بارت وعفى عليها الزمن.. فالأخلاق فى ذلك الزمن بضاعة بائرة.. كسدت أسواقها.. لا بيع ولا شراء..

يقول تاجر الأخلاق: “أوتظن أن هذا هو ما يدفع المرء الى مرتبة الزعماء – (يقصد القيم الأخلاقية) – فى هذا الزمن ؟.. هل تظن أن زعماء هذا الزمن يجب أن تتوفر فيهم هذه المزايا والأخلاق ؟!..

“أنت أبله يا سيدى – ولا تؤاخذنى فى الكلمة – أترى لو كان فى ذلك شئ من الصحة ؟.. أكنت ترى هذه البضاعة مكدسة على الرفوف فى أكياسها لا يقربها إنسان ؟.. هذه بضاعة لا يحتاج إليها المرء فى هذه الأيام ؟.. لقد أصبحت عتيقة بالية.. لقد أصبحت “موضة قديمة “لا تلائم نفوس هذه الأجيال.. ولا تصلح لزعمائهم.. ولا يقبل عليها إلا كل مجنون فقد عقله ".

هذه هى “أرض النفاق “فى وقفة رأى وتقييم للزعامة التى افتقدت النزاهة والعفة والمروءة والتضحية.

والحكومة الحزبية.. هى الأخرى بيت من بيوت الداء فى الدولة.. ان لم تكن هى بيت القصيد.. فيلجأ السباعى إلى السخرية الناقدة حين يقول: “إن أكثر ما يحز فى النفس هوأن العلة لا علاج لها، ولا أمل فى البرء منها".

لقد قال الشاعر:

لكل داء دواء يستطب به

إلا الحماقة أعيت من يداويها

ولكننى أعتقد أن الشاعر لو عاش فى زمننا هذا لا ستبدل بالحماقة الحكومة وقال:

“إلا الحكومة أعيت من يداويها "

ثم ينتقل بنقده الساخر، أو السخرية الناقدة، إلى بغيض من ثالوث الفقــر والجهــل والمــرض.. ويصور أدب السباعى أن مشكلة الشعب ومعاناته ترتكز على “الجهل “أولاً.. ففى قصته القصيرة “يا أمة ضحكت “ يدور هذا الحوار الصارخ:

- وما هو بضاعتك يا عم أبو جهل ؟...

- جهل !..

- جهل ؟!.. بضاعتك هى الجهل ؟.. أنت تبيع الجهل ؟..

- وماذا يدعوك إلى الدهشة !.. أبو جهل يبيع الجهل، ويحمله فى خرجين فارغين فوق حمار.. أية غرابة فى ذلك ؟.. أنا رجل صريح مكشوف.. أم ترى لا بد من النفاق والمواربة، فأسمى نفسى الشيخ عبد العليم، وأضع بضاعتى فى الصحائف والكتب..

وتتصاعد السخرية الناقدة لتشمل الأوضاع الاجتماعية.. وبخاصة الطبقية، ويظهر سخطاً على الطبقة التى يعيش فيها الكلاب عيشة الباشوات..ففى قصة “أبو الريش ".. فى سخرية لاذعة يقول:

“لا تدهش إذا ما رأيت كلبا يطل من عربة بويك تنهب الأرض نهبا.. لا تدهش إذا قالوا لك أن الكلب ذاهب إلى الطبيب لانه تناول من المارون جلاسيه ما أتلف معدته.. ".

ويسخر من الأحزاب، ورجال الحكومة.. الذين يخنعون للمستعمر

أو الحاكم.. فيثور ساخراً فى قصة “نابغة الميضة ":

- (( لقد ضقت ذرعا يا ميمون لأنه قد مضت أربعة أعوام وأنت تفعل “سلام أسيادك “فما بالك بأسيادك أنفسهم الذين مضى عليهم ستون عاماً وهم لا يفعلون سوى سلام أسيادهم "...

خاتمة:

إن “توفيق الحكيم “حين أراد أن يصف أدب السباعى، لم ينس هذا الأسلوب الساخر الذى يتميز به، فجاء وصفه له بقوله: “سهلاً عذباً باسماً ساخراً "..

ويقول “محمد فريد أبو حديد ": “وقد كــان لنا كتاب يملكون أسواطاً لها ألاهيب مثل ألهوب السباعى، كالمازنى – رحمة الله عليـه – وكان مارك توين يكتب بمثل هذا الروح، لكنه بلا شك يختلف عنه كثيرا، فالسباعى لنجده يستطيع أن يكتب بمثل هذه القوة التى تشبه فى نوعها قوة صاحب الهراوة الغليظة، عندما ينزل على زفة ليشتت شمل أصحابها. وان ما فى مجتمعنا المصرى من عيوب فى أشد الحاجة إلى من يصورها كما صورها السباعى، ومن يهوى عليها بهراوته الضخمة مثل ما نزل "..

ويحدثنا يوسف السباعى عن هذه الطبيعة الساخرة المتأصلة فى نفسه حين يقول: “إنى رجل يحب المزاح، وأننى أرى أن المرء لا يربح من حياته إلا ساعات الضحك، واذا علمت أيضا ان الإنسان بطبيعته مخلوق مهرج، وانه لا يغريه شئ كالهزل والتهريج، وأنك إذا أردت أن يستمع أحدٌ إليك فاضحكه أولاً ثم قل له ما تريد.. "(33).















الهوامش

1) جيوفانى، بوكاشيو(1330 – 1375) كاتب قصصى إيطالي.

2) سويفت، جوناثان (1667-1745) كاتب إنجليزى شهير.

3) بلزاك – أونورى دى (1799 – 1850) روانى فرنسى ولدا لأسرة برجوازية فى تولوز.

4) نادى الشياطين – طه حسين – مجلة الأزهر – عدد المحرم 1428 هـ - فبراير 2007 – جزء 1 السنة (80) – (صـ 120، - صـ 123).

5) المازنى – إبراهيم عبد القادر (1989 – 1949) كاتب ساخر من مؤلفاته صندوق الدنيا، خيوط العنكبوت، وحصاد الهشيم، وعود على بدء.

6) همس الجنون – نجيب محفوظ - مجموعة قصص قصيرة – 1938 – القاهرة – مصر.

7) نابغة الميضة قصة قصيرة – يا أمة ضحكت – 1948 – الناشر مكتبة الخانجى – القاهرة – مصر.

8) نائب عزرائيل – رواية للدكتورة بنت الشاطئ صدرت عام 1947 – الناشر مكتبة الخانجى – لقاهرة – مصر يا أمة ضحكت صدرت عام 48 – الناشر والخارجى – القاهرة – مصر.

9) “أرض النفاق “رواية صدرت عام 1949 بمقدمة للدكتوراه بنيت الشاطئ – الناشر مكتبة الخانجى

10) أم رتيبة (مسرحية صدرت عام 1951 – مكتبة الخانجى – القاهرة مصر)

11) أن يكون الشخصية متفتحة متوافقة مع الذات.

12) يعيش هذا الشخص بشكل وجودى بمعنى أن لديه قناعة ذاتية “كل لحظة فى الحياة هى جديدةً "

13) الشخصية “تأليف سدنى، جيرارد. ترجمة د. حسن الفقى، د. سيد خير الله.

14) لمصدر لسابق كاول روجرز – مؤسس مدرسة الإرشاد الأخلاقى

أ) مفيد فوزى – قصيرة هى الحياة لكان الحب طويل “صباح الخير ".

ب) فى علم النفس تتيح لصاحبها أن يكون ضاحكاً على الدوام.

16) المعرى – أبو العلاء أحمد (973) وكاتب جريء التفكير أهم مؤلفاته رسالة “الغفران “وبين النقاد خلاف حول تأثر “دانتى الليجرى “ به فى الكوميديا “المقدسة “

17) وعد على بدء.. عبد القادر المازنى – اقرأ – دار المعارف- القاهرة.

18) أرض النفاق – يسوف السباعى – سلسلة الكتاب القضى – نادى القصة – القاهرة.

19) يا أمة ضحكت مج قصص 1948 مكتبة الخانجى – القاهرة – مصر.

20) الشيخ زعرب – مج قصص 1952 – الفكر العربى – القاهرة – مصر.

21) أرض النفاق – رواية – 1949 – الخانجى – القاهرة – مصر.

22) أم رتيبة – مسرحية -1951 – الخانجى – القاهرة – مصر.

23) البحث عن جسد – رواية – 1952 – الفكر العربى – القاهرة – مصر.

24) راء الستار – مسرحية – 1950 – الخانجى – القاهرة – مصر.

25) أبو الريش وجنينة ناميش – مج – 1952 - الخانجى – القاهرة – مصر.

26) اثنتا عشر رجلاً مج قصص – 1949 – الخانجى – القاهرة - مصر.

27) اثنتا عشر امرأة مج قصص – 1948 – الخانجى – القاهرة - مصر.

28) ستة رجال مج قصص – 1949 – الخانجى – القاهرة – القاهرة - مصر.

29) ست نساء مج قصص – 1948 – الخانجى – القاهرة - مصر.

30) جمعية قتل الزوجات (مسرحية) – 1952 – الفكر العربى – القاهرة – مصر.

31) عود على بدء – إبراهيم عبد القادر المازنى – أراء – دار المعارف – القاهرة – مصر.

32) أرض النفاق – يوسف السباعى – سلسلة الكتاب الفضى – القاهرة – مصر.

33) يوسف السباعى- فلسفة قلم وحياة - عماد الدين عيسى - طـ 1999م – هيئة الكتاب – القاهرة - مصر.



* من أبحاث المؤتمر الأول للقصة القصيرة ( نادي القصة ) يونيو 2007 .









آخر مواضيعي

0 هدية العيد: دفتر النصوص لمادة اللغة العربية
0 هدية العيد: دفتر التنقيط لمادة اللغة العربية
0 القراءة المنهجية للنصوص القرائية في الثانوي الاعدادي في مادة اللغة العربية
0 جذاذة النص الشعري "أفصح الناطقين" الأولى اعدادي كتاب المفيد في اللغة العربية
0 جذاذة نص "الاسلام دين التعايش" الثالثة اعدادي كتاب الاساسي في اللغة العربية
0 جذاذة النص القرآني من هدي القرآن السنة الثالثة اعدادي اللغة العربية
0 دليل المؤسسات الإدارية والتعليمية بجهة كلميم السمارة 2011-2012
0 نتائج تعيينات خريجي مراكز التكوين بكلميم السمارة 2011-2012
0 لائحة باسم جميع مؤسسات التعليم الخصوصي بأكادير
0 **هام للناجحين والناجحات في امتحانات البكالوريا**المرجو الدخول**ضروري**


zakharbrahim
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية zakharbrahim

تاريخ التسجيل: 17 - 12 - 2007
السكن: agadir
المشاركات: 675

zakharbrahim غير متواجد حالياً

نشاط [ zakharbrahim ]
معدل تقييم المستوى: 269
افتراضي
قديم 31-03-2008, 12:52 المشاركة 2   

و لا تعليق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ما خطبكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟


BadrE
:: دفاتري بارز ::
الصورة الرمزية BadrE

تاريخ التسجيل: 30 - 1 - 2008
السكن: قلــ الحزين ــبــي
المشاركات: 94

BadrE غير متواجد حالياً

نشاط [ BadrE ]
معدل تقييم المستوى: 207
افتراضي
قديم 31-03-2008, 13:02 المشاركة 3   

ششكرا اخي على الموضوع ....

السخرية من مششاكل الحياة في القصص قد يرجع بالسلب على الواقع المعاش


أبو المعاني
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية أبو المعاني

تاريخ التسجيل: 24 - 12 - 2007
المشاركات: 1,736

أبو المعاني غير متواجد حالياً

نشاط [ أبو المعاني ]
معدل تقييم المستوى: 374
افتراضي
قديم 31-03-2008, 13:07 المشاركة 4   

بورك فيها من مشاركة
تحياتي الأخوية


zakharbrahim
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية zakharbrahim

تاريخ التسجيل: 17 - 12 - 2007
السكن: agadir
المشاركات: 675

zakharbrahim غير متواجد حالياً

نشاط [ zakharbrahim ]
معدل تقييم المستوى: 269
افتراضي
قديم 31-03-2008, 13:56 المشاركة 5   

شكرا لك اخي badre على مرورك ..........
اتمنى ان تكون لك عودة اخرى وفي موضوع اخر ان شاء الله.

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السباعى, السخرية, يوسف, قصص

« حوار مع الروائي المغربي محمد شكري | هجو النفيس »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
العصا السحرية الكل يدخل يله wadouda دفاتر الترفيه والتسلية 7 10-05-2009 20:46
انتبهوا أيها الآباء، قد يكون كشف النقط مزورا!!! محمد السباعي ابن خلدون دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 4 26-02-2009 11:57
التلميذ بين الحقوق والعقوق بقلم محمد السباعي ابن خلدون الدفتر العام لللتكوين المستمر والامتحانات المهنية 2 01-01-2009 23:17


الساعة الآن 20:01


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة