بيداغوجية الفصل المقلوب أو المعكوس - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



الديداكتيك ومنهجيات التدريس هذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالديداكتيك ومنهجيات التدريس

أدوات الموضوع

الصورة الرمزية nasser
nasser
:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 72,998
معدل تقييم المستوى: 7521
nasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميزnasser في سماء التميز
nasser غير متواجد حالياً
نشاط [ nasser ]
قوة السمعة:7521
قديم 21-05-2021, 02:25 المشاركة 1   
Post بيداغوجية الفصل المقلوب أو المعكوس

بيداغوجية الفصل المقلوب أو المعكوس


مقدمة
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الفصل المقلوب أو المعكوس أو البيداغوجية المعكوسة La classe inversée ou renversée » ويدعى في اللغة الانجليزية (flipped classroom)، عبارة عن مقاربة بيداغوجية تقوم بقلب طبيعة أنشطة التعلم التي تتم في الفصل الدراسي أو البيت، مما يقود إلى تغيير الأدوار التقليدية للتعلم. وما يبرر التوجه نحو هذه البيداغوجية الجديدة، هو التعلم غير النظامي الذي أصبح أكثر فأكثر جزءا من تجربة كل شخص في حياته، خلال القرن الحادي والعشرين، الذي يشهد تغيرات سريعة تتطلب من الفرد التعلم الذاتي، الدائم والمستمر. هذا فضلا عن أن التكنولوجيا الحديثة ما فتئت تغير من أسلوب حياتنا وطبيعة تفكيرنا، مما يفرض عدم الاقتصار على التعلم الرسمي الذي يلقن في المدارس والذي أصبح يعاني، في العديد من الأحوال، القصور وعدم الملاءمة لمتطلبات الحياة الاجتماعية والثقافية الجديدة التي يعرفها هذا القرن.

ومن هنا، اكتسب مفهوم ” الفصل المعكوس” انتشارا واسعا بين المدرسين في العديد من دول العالم، مما جعلهم يحدثون تغييرا في ” تنظيم فصولهم الدراسية “، والانتقال إلى نموذج تعليمي عملي فعال، وأكثر إنسانية واهتماما بالمتعلم. فما هو الفصل المقلوب أو المعكوس أو البيداغوجية المقلوبة؟ وما هو منطلقه الأساس ؟ وما هي المزايا التي يحققها للمعلم والمتعلم ؟



ينطلق هذا النموذج التعليمي من فكرة بسيطة، وهي أن الوقت الثمين المخصص للفصل الدراسي، من الأفضل استخدامه للتفاعل والعمل الجماعي، عوض ترك شخص واحد يتحدث خلاله. إنها مقاربة بيداغوجية مفادها أن ” التلميذ هو الذي يتعلم” ومن ثمة، ينبغي خلق الشروط المشجعة له على التعلم المستدام.

وبعبارة أخرى، فإن الفصل الدراسي المقلوب، يجعل التلاميذ يراجعون دروسهم في بيوتهم حتى تكون الأنشطة التعليمية ـ التعلمية في فصول المدرسة واضحة وملموسة بالنسبة إليهم. وخلال وجودهم في الفصل ” للتعلم” لن يقوموا سوى بإنجاز تمارين تطبيقية والاكتشافات المتعلقة بالموضوع، أي العمل على تعميق الفهم. ولم يعد المدرس هو الذي يحضر المعلومات، ولكنه يقوم بمساعدة التلميذ على استيعاب المفاهيم الأساسية. وسيتاح للمدرس وقت أكبر، لمتابعة حالات كل تلميذ. فالمدرس إذن يقوم بدور المرافق والمرشد خلال تعلمات التلاميذ.

الواقع أنه من السابق لأوانه إصدار حكم عام، بشأن الفائدة التي يمكن الوصول إليها خلال تطبيق هذه المقاربة. فالحكم عليها يختلف باختلاف فئة الطلاب، من الناحية الاجتماعية، وباختلاف مستوياتهم الدراسية، ونوع مدارسهم ومدرسيهم. وترى بعض الأبحاث أن من بين المزايا الأساسية لهذه المقاربة أن البيداغوجية الفعالة التي تعطي الفاعلية للمتعلم في بناء معارفه ترافقها في عمقها.

أولا: مزايا البيداغوجية المقلوبة أو المعكوسة
على الرغم من اختلاف الأحكام حول هذه البيداغوجية الجديدة، إلا أن العديد من الممارسين لها يجمعون على توافرها على مجموعة من المزايا التي لا يمكن إنكارها:



تكسب المتعلمين كفايات مفيدة لمتابعة تعليمهم وتكوينهم مدى الحياة؛
يغدون بفضل التمرس عليها، قادرين على العمل في فريق؛
يتمكنون من القدرة على شرح وتفسير ما فهموه وتعلموه لغيرهم؛
يصبحون قادرين على التعلم الذاتي باستخدام موارد معرفية مختلفة كالكتب أو الانترنت أو أي شيء آخر؛
تعود التلميذ والمدرس على السواء على العمل الفردي؛
إنها طريقة تسمح بتشغيل التلاميذ أكثر من أي طريقة تعليمية أخرى؛
إنها تخفف عبء العمل على المعلم ولا تجعل منه العازف المنفرد في الفصل الدراسي. فهي تنقل مركز النشاط وفاعلية التعلم إلى التلميذ نفسه؛
تحرر المعلم من العمل الروتيني اليومي في إعداد الدروس، وتقلل من أوراق التصحيح لتجعله يبتكر أكثر ويبدع ويستقصي الموارد المعرفية التي يوجه إليها تلاميذه؛
إنها طريقة تجعل المعلم يهتم أكثر بالمتعلمين ويمارس البيداغوجية الفارقية التي تعترف باختلاف المتعلمين وتعدد أساليبهم في التعلم، وفق قدراتهم واستعداداتهم العقلية (أوزي، 1999).
إن النموذج التقليدي للتعليم ينبني على تقديم محاضرات أو إلقاء عروض يشرح المدرس خلالها موضوعا معينا، يليه تكليف التلاميذ بإنجاز الواجبات في البيت. فالذي يبحث عن المعلومات ليس هو المتعلم، وإنما هو المعلم. أما وأن المعلومات والمعارف غدت اليوم في متناول الجميع، بفضل تكنولوجيا الإعلام والاتصال. فإن من المنطقي أن يبحث عنها التلميذ الذي يحتاج إليها وليس المعلم. ومن هنا، فإن نموذج الفصل المقلوب أو المعكوس يركز على التلاميذ ويمكنهم في ” السيرورة التعليمية “. فهي طريقة وأسلوب يمارس البيداغوجية والتعلم الفعال، الذي يتصف بطابع التركيب والتجميع والتنظيم الذاتي. ولا يعتبر المتعلم جهازا مستقبلا ومجمعا للمعلومات، أو نظاما ذهنيا سلبيا، وإنما هو عنصر فعال يساهم مع شركائه ومع الأدوات الذهنية والموارد المعرفية التي يتوافر عليها في البناء الفعال للمهارات والكفايات الضرورية (أوزي، 2015).

في الفصل المقلوب، هناك مرحلتان متتاليتان:

المرحلة الأولى، وخلالها يتعلم التلميذ درسه في البيت، وفق طرائق وأشكال مختلفة:

ـ فقد يتم ذلك عبر الكتاب المدرسي أو بالاعتماد على وثائق مختلفة؛

ـ عرض أشرطة الفيديو أو غيرها؛



ـ استخدام مختلف الأدوات الرقمية؛

ـ القيام بقراءات مقترحة من قبل المدرس أو مجموعة من المدرسين.

المرحلة الثانية، خلالها يحاول التلميذ في الفصل أن يطبق المعارف المكتسبة في البيت بجهده، حيث يقوم بإنجاز تمارين يقترحها المدرس. وفي هذا الوضع التعليمي، فإن الانتباه لم يعد مركزا على المدرس، وإنما على التلاميذ الذين يتفاعلون فيما بينهم، ويساعد بعضهم بعضا. ومن شأن ذلك، أن يجعل المدرس يركز اهتمامه على التلاميذ الذين يعانون بعض الصعوبات.

ومن هنا، فإن دور المدرس سيكون هو مرافقة المتعلم خلال القيام بأعمال معقدة. والوقت المخصص للفصل يمكن أن يستخدم في أنشطة أخرى تنبني على التعلم عن طريق البيداغوجية الفارقية أوالتعلم بطريقة المشروع أو غيرها من الطرائق البيداغوجية التي أبانت عن جدواها. كما يتأتى للمدرس أن ينظم أنشطة مشاريع جماعية تساعد التلاميذ على التواصل فيما بينهم. كما ينمي لديهم الثقة في الذات عبر فرص التعبير عن آرائهم. وتشجيع التفكير الابتكاري عن طريق العصف الذهني الذي تتيحه عرض الآراء ووجهات النظر حول مشكلة تعليمية معينة.



وهكذا، وبمساعدة المدرس سيستطيع التلميذ أن يكون صورة أكثر وضوحا عن المعلومات التي شرع يكتسبها بنفسه.

يرى إيريك مازور (Eric Mazur)، أستاذ الفيزياء بجامعة هارفارد، أنه على عكس الفصل التقليدي، فإن المدرسين، في هذا النموذج التعليمي الجديد، سوف لا يبذلون جهدا ويستنفذون طاقة كبيرة في المرحلة الأولى. فالتلاميذ بوسعهم الاعتماد على أنفسهم للقيام بذلك. إن الوصول إلى المعلومات في القرن الحادي والعشرين، غدا أمرا سهلا، بفضل ما تتيحه الإنترنت أو أقراص خاصة من إمكانيات.

هذا، وسيجعل الفصل الدراسي المعكوس الأنشطة الدراسية أكثر ترفيها. وسوف يتاح للمدرس وقت أكثر للقيام بمختلف الأعمال في الفصل، لتوجيه التلاميذ ومساعدتهم خلال فترة استيعابهم للمعلومات وابتكار أفكار جديدة.

إن هذه الطريقة تسمح للتلاميذ في الفصل الدراسي، إنجاز أعمال تعاونية لحل المشكلات التي يواجهونها. يقول إريك مازور في كتابه (تعليم الأقران، 1997) (Peer Instruction): ” ليس هناك طريقة تساعد على توضيح الأفكار غير اللجوء إلى شرحها للآخرين”. كما يقول: ” أراهن في الفصل على التفاعل، أطرح الأسئلة، وعلى التلاميذ مناقشتها مع زملائهم الموجودين بجانبهم ومحاولة إقناعهم…”.

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

ثانيا: نظرة تاريخية عن مقاربة الفصل المقلوب أو المعكوس
ليست فكرة ” الفصل المقلوب أو المعكوس” فكرة جديدة، فقد تم الحديث عنها في العديد من الجامعات في العالم. وقد تم استخدامها منذ عدة قرون ! ففي السمينار يُـطالب الطلاب عادة بتحضير نص أو قراءة مقال قبل مناقشته في الفصل، ولم يقم الفصل المعكوس سوى بتعميم هذا الإجراء. إن قلب أو عكس فصل دراسي، معناه قلب الطريقة التي يتم بها التعليم عادة. إذ خلال طريقة قلب الفصل يُطالب التلاميذ بالاطلاع على المحتوى الدراسي قبل القدوم إلى المدرسة، حتى يتاح لهم القيام بتطبيقات وأجرأة المفاهيم. وبذلك يستطيعون التأكد من تحقيق الفهم الجيد لمكتسباتهم التعلمية.

تتم عملية التعليم في النموذج التقليدي على مرحلتين: المرحلة الأولى، وفيها يتم نقل المعلومات، بحيث ينقل المدرسون المعلومات إلى التلاميذ، ثم يقوم التلاميذ باستيعابها، وينبغي عليهم أن يتمكنوا من استخدامها في حل التمارين. وأحد المشكلات التي يطرحها هذا النموذج التعليمي، أنه يعطي الدور الفعال للمدرس، والدور السلبي للتلميذ. وبقدر ما يكون المدرس فعالا، فإن التلميذ يكون في وضع سلبي، ولا يشارك في سيرورة التعلم. ويسعى الفصل الدراسي المعكوس إلى قلب هذه الأدوار، بحيث يعطى للتلميذ الفعالية والإيجابية.

تمت التجارب الأولى في هذه المقاربة التعليمية الجديدة، على يد إريك مازور خلال السنوات 1990، كما طبقت المقاربة في كل من أمريكا وكندا، ثم بدأ تجريبها في فرنسا على يد بعض الباحثين. وقد لاحظ كل من برجمان وزميله سامس (J.Bergmann et A. Sams ) أنه بفضل استخدام هذه المقاربة ارتفعت درجات التلاميذ وتحسن تحصيلهم الدراسي.

والواقع أن تطبيق هذا النموذج التعليمي، يجعل الوقت المخصص للدرس لم يعد يركز على تحديد المفاهيم، وإنما تطبيقها. وهدف التعليم هو البحث عما يفيد التلاميذ قبل كل شيء. كما أن هذه الطريقة عرفت انتشارا واسعا في ألمانيا، حيث ألفت حولها العديد من الكتب. ويعود الفضل في ذلك إلى فالكو بيشيل (Falko Peschel) الذي نشر هذه المقاربة.

أما المبادئ الأساسية التي تحكم هذه المقاربة، فهي حسب بيشيل، التعلم من خلال الاكتشاف، وحل المشكلات بالاعتماد الذاتي، والقيام بالأنشطة الموجهة. وبشكل عام، فإن هذه الممارسات تشجع الاستقلال أكثر لدى المتعلمين. وبعبارة أوضح، فإن هذه الطريقة في التعليم تخضع للمبادئ التالية:

تنظيم الوقت المخصص للعمل؛
تحدد أهداف العمل اليومي؛
تمارس أشغال تطبيقية؛
توظف مشاريع تعليمية ـ تعلمية.
هذا وقد توفـق بيشيل في صياغة تعريف أساسي للفصل الدراسي المعكوس غدا واسع الانتشار، يتجلى في الخصائص التالية:

إنه فصل منفتح على المستوى التنظيمي: تنظيم الشروط العامة (المكان، الزمن…).
يوظف منهجية منفتحة: استعداد للتعلم يجعل التلميذ متقدما؛
يتصف بالانفتاح على المضمون: إعداد البرامج على مستوى تعليمي منفتح؛
انفتاح اجتماعي: تحديد الأهداف مثل تدبير الفصول، ومجمل الدروس، ومخطط تعليمي على المدى الطويل، العلاقات الاجتماعية، شروط العمل، وضع قواعد، إلخ.
انفتاح شخصي: العلاقة بين الأستاذ والتلميذ أو بين التلميذ وزميله.
إن النموذج الأصلي للفصل المعكوس والذي يمكن اختصاره في ” الدروس في البيت، والواجبات في المدرسة “، عرف العديد من التعديلات، خاصة لدى الفرانكفونيين، الذين يركزون أكثر على الأنشطة التعلمية، ويعتمدون في المصادر الخارجية على أشرطة الفيديو بشكل خاص.

وبالنظر إلى تنوع الممارسات التي يقوم بها المدرسون خلال تطبيقهم مقاربة الفصل المعكوس، فإن مارسيل ليبرون (Marcel Lebrun)، يقترح التحدث عن الفصل المعكوس، بالجمع” الفصول المعكوسة أو المقلوبة “، نظرا لتعدد واختلاف أنشطة التعلم التي لوحظت في الممارسة الفعلية لهذه المقاربة.

الرسم التالي يوضح الفرق بين بيداغوجية الفصل المقلوب والبيداغوجية التقليدية

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

ثالثا: أبحاث حول الفصل المقلوب أو المعكوس
حاولت العديد من الأبحاث استخلاص الجوانب الإيجابية والسلبية في مقاربة الفصل المعكوس. وقد قام باحثان في علوم التربية بمنطقة الكيبك بكندا وهما (, Steve Bissonnette et Clermont Gauthier) بإجراء دراسة تحليلية على حوالي 250 مقال، تناولت تأثير الفصل المعكوس على تعلمات التلاميذ. وفي غياب بيانات مقنعة، فإن الباحثين ينصحان في هذه الحالة استخدام تسمية” الفصل المستقيم !، عوض المعكوس”، لعدم بروز نتائج مفيدة تذكر. وقام فانسان فايلي (Vincent Faillet) من جهته، وهو مختص في علوم التربية، ببحث خلال عام 2014 حول الفصل المعكوس أثناء تدريس مادة العلوم في المدارس الثانوية بمنطقة باريس الفرنسية. وقد كشفت أبحاثه أن التلاميذ الذين يمتلكون مستوى جيد في هذه المادة في الفصول التقليدية، يبدون بشكل عام أقل كفاءة في الصفوف المعكوسة. في حين أن التلاميذ ذوي المستوى الأدنى في الفصول الدراسية التقليدية، حققوا أداء أفضل في هذا النظام.

إن هذا الانعكاس في الأداء يجب أن يرتبط بتكيف التلاميذ ذوي المستوى الجيد مع النظام التقليدي، ومع نزعة لعمل أفضل لتلاميذ الأقل في المستوى، عندما يوضعون في نظام الفصل المعكوس. فهذا “العقاب” للتلاميذ المجتهدين كثيرا ما تمت ملاحظته، ولا ينبغي أن يحجب عنا الفوائد التي لوحظت لدى التلاميذ الذين يعانون من بعض الصعوبات، فقد حققوا نتائج أفضل في هذا النموذج التعليمي.

ومع ذلك، ففي دراسة أخرى تجريبية قام بها باحثان أحدهما أمريكي والآخر برازيلي عام 2015، ظهرت نتائج مختلفة، فقد قارنا بين مجموعتين كانتا تحضران دورات تكوينية في علم الحياة، الفئة الأولى تتلقى تعليمها بطريقة الفصل المعكوس، والثانية بطريقة الفصل التقليدي. وبينت النتائج عدم وجود أي فرق في تعلمات المجموعتين. ووفق هذين الباحثين، فإن الفوائد التي كثيرا ما تعزى إلى الفصل المعكوس، هي في الواقع تعود إلى توظيف البيداغوجية الفعالة، التي ترافق طريقة الفصل المعكوس، والتي تجعل المتعلم يبني معارفه بنفسه. ولهذا يرى الباحثان بأنه من الممكن تطبيق هذه البيداغوجية في استقلال عن استخدام طريقة الصف المعكوس.

وفي هذا السياق، وبالنظر إلى التناقض الذي لوحظ في نتائج الأبحاث التي تناولت آثار” الفصل المعكوس”، فإن مارسيل ليبرون (Marcel Lebrun) يطرح فرضية بصدد اختلاف النتائج ويرجعها إلى أن مفهوم الفصل المعكوس، يطال إمكانيات كثيرة من الممارسات التربوية العملية. فطريقة الفصل المقلوب أو المعكوس التي كانت تدل أول الأمر فقط على تعلم الدروس في البيت، والقيام بالواجبات في المدرسة، عرفت تغيرا، وذلك حسب مختلف التخصصات العلمية التي تتخذها إطارا لعملها، وحسب الثقافة البيداغوجية الممارسة من قبل المدرسين. فهناك إذن عدة أصناف من الفصول المقلوبة أو المعكوسة[1]، وليس شكلا واحدا.

رابعا: احتياطات في استخدام بيداغوجية الفصل المقلوب
عند الشروع في استخدام هذا النموذج البيداغوجي الذي يعتبر مستجدة تربوية، فإنه سيقابل، بدون شك، بمقاومة من قبل عدة أطراف، وهي:

التلاميذ الذين يكتشفون أن هذه المنهجية تتطلب منهم بذل جهد أكبر في التعلم؛
آباء وأولياء التلاميذ الذين يرغبون، في الغالب، أن يتعلم أبناؤهم بنفس الطريقة التي تعلموا بها؛
الإدارة المدرسية التي تفضل عادة، عدم حدوث أي مشكل يعوق تدبير الشأن التربوي الذي تعودوا عليه في المؤسسة.
ولهذا، وتجنبا لأي سوء فهم يمكن حدوثه، فإن المقبل على استخدام هذا النموذج البيداغوجي، مطالب في البداية أن يشرح لكل الأطراف التربوية المعنية في مؤسسته فضائل هذه الطريقة ومزاياها والدواعي الموضوعية التي دعت إلى اللجوء إليها. وبعد ذلك، يحتاط في الشروع في استخدامها، بحيث يقوم في البداية باختيار فصل دراسي يرتاح إليه ويجري فيه تطبيقه، مبتدئا بدرس سهل التعلم، ثم يتدرج شيئا فشيئا، بقدر ما يحقق نجاحا ملموسا في التطبيق.

خامسا: الفصل المقلوب أو المعكوس، يعتبر فلسفة أكثر منه مجرد طريقة
تتلخص الطبيعة البيداغوجية للفصل المعكوس أو المقلوب في الإجراءات التالية:

يتوصل التلاميذ بالدروس على شكل موارد على الانترنت، تكون في الغالب أشرطة الفيديو يشاهدونها أو وثائق أخرى يطلعون عليها أين ما كانوا موجودين، في المنزل، أو المكتبة، أو الحديقة، إلخ. وهي تحل محل الواجبات. وما كانوا يقومون به في المنزل، أصبح يتم في هذا النموذج في الفصل الدراسي. (ومن هنا جاءت تسمية ” قسم معكوس أو مقلوب”). ويترتب عن هذا الأمر، قيام المدرس باستغلال الوقت المتبقي للفصل الدراسي، في تنظيم أنشطة ومشاريع جماعية ومبادلات تعاونية بين التلاميذ، مما سيعطي معنى حقيقيا للمحتوى الدراسي وللتعاون.

هناك العديد من البدائل يمكن استخدامها، غير أن الغاية واحدة، وهي الانتقال من نموذج تعليمي يركز على المعلم، إلى نموذج يركز على التلميذ، بهدف الاستجابة إلى الحاجات الفردية لكل واحد منهم.

إن نموذج الفصل المقلوب أو المعكوس يعتبر أداة في خدمة المعلم، بوسعه أن يكيفها حسب نوع التلاميذ والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها. لهذا فإن هناك العديد من الأساليب التي يمكن تصورها لقلب الفصل أو عكسه.

إن بوسع المدرس الانتقال التدريجي إلى أنشطة أكثر عملية. اعتمادا على الموضوع الذي يتم تعليمه. فقد يتم اقتراح مناقشات أو لعب الأدوار أو القيام بتطبيقات عملية (ورش العمل والعروض والتجارب)، أو قص أحاجي أو طرح أوضاع ومشاكل تنطوي على المفاهيم المكتسبة حديثا، أو التي سوف تشكل مفاهيم جديدة ينبغي اكتسابها، الخ. يمكن استبدال مقاطع الفيديو التي أعدها المدرس بأخرى، أو يرافق شرائط الفيديو وثائق لطرح الأسئلة، وتوليد المحادثات، أو إعطاء تعليمات لانجاز مشروع، إلخ.

هذا، وإن الدروس المتاحة للتلاميذ يمكن أن تأتي من مصادر مختلفة، بما في ذلك المعلم نفسه، إذا كان يرغب في إنشاء محتوى دراسي خاص به يضعه في شرائط الفيديو. كما يمكن لبعض التلاميذ اقتراح أشرطة ينتجونها بدورهم، مما يفسح المجال أمامهم للتجديد والابتكار والإبداع. وبعبارة أخرى، فإن كل ما يبدو جيدا ومفيدا للمتعلمين يمكن استخدامه.

إن العمل على تطوير الطريقة البيداغوجية للمدرس والانتقال إلى توظيف بيداغوجية ” الفصل المعكوس”، يمكن أن يتم في البداية ببطء. فقد لا يحتاج الأمر سوى إلى تزويد التلاميذ بالموارد على شكل أشرطة الفيديو أو وثائق، إلخ، ثم تقديم التعليمات التي تجعلهم يطلعون عليها قبل مجيئهم إلى الفصل. هذه هي الخطوة الأساسية الأولى التي ترسم نقطة الانطلاق، وهي خطوة بسيطة إذا عرف كيفية استغلالها. أما الخطوة الموالية، فتنحصر في الاستئناس بالتنظيم الجديد الذي يتطلبه استخدام هذه الطريقة، لجعل الوقت المخصص للفصل الدراسي مُحفزا وثريا للتلاميذ وللمدرس.

من الأهمية بمكان، أن يعرف التلاميذ فائدة هذه التجربة البيداغوجية. وبمجرد إدراكهم أن المدرس يمنحهم الاستقلال، فإن هذا يعبد الطريق في الاستمرار في التجربة. وعلى المدرس أن يشرح لهم ما ينتظره منهم ويمنحهم دور مراقبة تعلماتهم، خلال مشاهدة أشرطة الفيديو، قبل المجيء إلى الفصل. وعليهم كتابة ملاحظاتهم وأسئلتهم الأساسية خلال المشاهدة. ويقومون بطرحها على المدرس في الفصل، وأن لا يكتفوا بالمشاهدة وحدها، مما سيتيح للمدرس معرفة التلاميذ الذين تعاونوا واشتغلوا والذين أظهروا قصورا وعدم اهتمام. وإذا كان التلاميذ متعاونين، فإن الفصل سيغدو حيا وممتعا، بالنسبة إلى الجميع، وسيتم آنئذ الاحتفاظ بهذا النموذج التعليمي وتطبيقه باستمرار.

إن بيداغوجية الفصل المعكوس تتيح العديد من الإمكانات والطرائق في الاستخدام، وذلك حسب اختيار المدرس، وحسب سياسة مؤسسته التعليمية. من الممكن للمدرس، على سبيل المثال، أن يستخدم أبسط طريقة الفصل المعكوس، باللجوء فقط، إلى قلب النموذج الكلاسيكي، الذي كان يقوم على تقديم الدرس في الفصل وانجاز الواجبات في البيت. وبوسع المدرس إدراج مفاهيم أخرى تتعلق ببيداغوجية المشروع. كما يمكن العمل بالمجموعات لتحقيق التقدم في البرنامج أو جعل كل تلميذ يعمل حسب إيقاعه في التعلم. فالمقاربة إذن تشكل فضاء تعليميا متسما بالابتكار الذي تتيحه حرية العمل.

سادسا: الفصل الدراسي المقلوب أو المعكوس أكثر إنسانية في التعامل مع المتعلمين
إن مزايا هذا النموذج في التعليم كثيرة، غير أن الشيء الأساسي فيه هو الحرية التي يوفرها. فهو يحرر التلاميذ ولا يجبرهم على الجلوس بصمت ساعات طويلة. فهو يمكنهم من ” العيش” في الفصول الدراسية بشكل يجعلهم يتفاعلون مع المدرس ومع زملائهم. وهذا النموذج التعليمي يحرر المدرس أيضا، فهو لم يعد مجبرا على تكرار نفس الدروس مرارا، مما يسبب الفوضى وصدور المشكلات السلوكية من بعض التلاميذ أو استسلامهم للنوم. كما أنه يوفر الوقت الكافي للمناقشة مع التلاميذ وجها لوجه، فرادى أو جماعات. مما يساعد على اكتشاف التلاميذ وفهمهم بشكل جيد. وبوسع المدرس أن يكيف مساعدته لكل تلميذ حتى يجعل عمله أكثر فاعلية. ويغدو المدرس بهذه الكيفية، في نظر التلاميذ مرافقا لهم، وعلى أتم الاستعداد لتوجيههم، عوض أن ينظر إليه شخصا مستبدا. مما يؤدي إلى تحسين العلاقات معه وبالتالي الوصول إلى تقديم نتائج دراسية أفضل.

ومن الناحية العملية، فإن هذه الطريقة جد منطقية، ذلك أن التلميذ الذي يتوقف أمام مشكلة ما لم يعد مجبرا على التفرج عليها والوقوف مكتوف اليدين بمفرده في البيت. فمثل هذا العمل من الآن فصاعدا ينجز في الفصل الدراسي على شكل ورش تعاونية، تتم فيها المساعدة بين الأطراف[2].

ومن جهة ثانية، فإن التلميذ الذي يشاهد شريطا بوسعه إعادة مشاهدته أو إيقافه للتأكد من بعض المشاهد حتى يستوعبها. كما أن بوسعه تدوين الأسئلة التي يمكن أن يطرحها على المدرس في الفصل. على عكس ذلك في النموذج الكلاسيكي، فهناك فئة قليلة من التلاميذ تجرؤ على توقيف الدرس والاعتراف بأنها لم تفهم شيئا، مما يجعلها تقضي بقية الوقت تائهة لأنها فقدت فهم عنصر من عناصر الدرس. وعندما يصل المدرس إلى نهاية الدرس، غالبا ما لا يجيب على أسئلة التلاميذ، بسبب انتهاء الوقت المخصص للدرس. لهذه الاعتبارات كلها، فإن مفهوم الفصل المقلوب أو المعكوس يستحق الاهتمام.

لقد كان النموذج التقليدي مبررا لعدم وجود وسيلة أخرى لنقل المعرفة إلى المتعلم. غير أن التكنولوجيا حاليا، تسمح لنا بذلك وبطرائق ووسائل عديدة ومختلفة. ولهذا لم يعد هناك مبرر للتعايش مع النموذج التقليدي في التعليم والتعلم. لقد حان الوقت للوقوف وإعادة النظر في أساليب التعليم المتداولة، بعد تراكم مختلف نتائج الأبحاث المتعلقة بالتعلم. وظهور أساليب وطرائق جديدة تتفق والطبيعة الذهنية للمتعلمين وتحقق مردودية تعليمية أفضل. فالتقنيات أصبحت موجودة في كل مكان. فقد دخلت المدرسة والبيت على السواء. لذلك علينا أن نكون عمليين، وبدلا من حظرها في الفصل الدراسي أو البيت، فإنه ينبغي استخدام الإمكانات الإيجابية التي تتيحها، لتحفيز التلاميذ على التعلم وتحقيق الأهداف المتوخاة.

خاتمة

إن المدرسين الذين يطمحون إلى منح تلاميذهم تعليما متسما بالجودة في مختلف مناطق العالم، انتقلوا إلى استخدام بيداغوجية ” الفصل المقلوب أو المعكوس”، لما توفره من دافعية فائقة لدى التلاميذ وما تتيحه لهم من جو المتعة والفائدة. فهي مقاربة أدمجت في ممارستها العملية العديد من البيداغوجيات التي أبانت عن فائدتها وجدواها في التربية والتكوين، مثل البيداغوجية الفعالة، والبيداغوجية الفارقية، وبيداغوجية الذكاءات المتعددة، والتعلم بالاستكشاف، والتعلم بطريقة المشروع، والتعلم الذاتي، إلخ، وهي كلها أساليب فعالة وحديثة في الممارسات التعليمية. ولفهم النجاح الذي تحققه هذه البيداغوجية الجديدة، علينا أن نقارن بين الحياة اليومية للتلميذ في النموذج التقليدي للتعليم مع النموذج الجديد. فالتلميذ في بيداغوجية الفصل المقلوب يقضي ساعات الفصل في حيوية ونشاط ومتعة، فهو يشعر بالحرية، يتحرك ويتواصل ويتعاون. لذلك فهو يغادر المدرسة دون الشعور بالكلل والملل. فلحظات الفصل الدراسي تكون ممتعة ويشعر خلال أنشطتها أنه حقق ذاته. وهذا على عكس الوقت الذي يقضيه في الفصل الدراسي التقليدي، حيث يشعر بأنه مقيد طيلة الوقت، وأن العازف المنفرد في الفصل هو المدرس طيلة الوقت، مما يسبب له الشعور بالسأم والضيق، وأن أسلوب التعليم المتبع كثيرا ما لا يراعي طرائق تعلمه، وأنه مهمش ولا يشارك في الفصل، في غالب الأحيان.



===========================









الحمد لله رب العالمين
آخر مواضيعي

0 مواصلة لقاءات الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام للشغالين بالمغرب يقدم مطالبه
0 الحكومة توافق مبدئيا على الزيادة في الأجور في الوظيفة العمومية
0 منتخب الأردن بقيادة عموتة يحقق فوزا كاسحا في تصفيات مونديال 2026
0 موخاريق بعد استئناف الحوار الاجتماعي: هذه أبرز مطالب الاتحاد المغربي للشغل
0 وزارة بنموسى تتراجع عن شرط يقصي “المتعاقدين” من مباراة لتدريس أبناء الجالية
0 قرار لبنموسى يؤخر المنحة عن الأساتذة المتدربين الجدد (وثيقة)
0 المحكمة الإدارية تُلغي توقيفات بنموسى في حق أساتذة
0 ملف تعاضدية الموظفين.. بلغازي يحصل على 20 مليون درهم قبل البدء في تنفيذ صفقة
0 ​بلاغ إخباري الإثنين 25 مارس 2024 - الإعلان عن اللوائح النهائية للمترشحين الأحرار المقبولين لاجتياز امتحان نيل شهادة التقني العالي (bts) - دورة 2024.
0 نقابات ترفض "استهداف الأجراء" في مخطط إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب


nasser
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية nasser

تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 72,998

nasser غير متواجد حالياً

نشاط [ nasser ]
معدل تقييم المستوى: 7521
افتراضي
قديم 21-05-2021, 02:27 المشاركة 2   

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الحمد لله رب العالمين

nasser
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية nasser

تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 72,998

nasser غير متواجد حالياً

نشاط [ nasser ]
معدل تقييم المستوى: 7521
افتراضي
قديم 21-05-2021, 02:28 المشاركة 3   

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الحمد لله رب العالمين

nasser
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية nasser

تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 72,998

nasser غير متواجد حالياً

نشاط [ nasser ]
معدل تقييم المستوى: 7521
Post بيداغوجيا الفصل المعكوس كمدخل لمأسسة التعليم عن بعد
قديم 21-05-2021, 02:32 المشاركة 4   

بيداغوجيا الفصل المعكوس كمدخل لمأسسة التعليم عن بعد

مقدمة:

أثبتت جائحة كورونا أن التعليم عن بعد ليس نوعا من الترف لكنه ضرورة ملحة لمواكبة تطورات القرن الواحد والعشرين وما رافقه من ثورة تكنولوجيا، حيث أصبح الهاتف الذكي أنيسا للفرد نهارا وسميرا ليلا، ملازما له كظله، فحسب عالمة النفس الفرنسية إلزا غودار ” مفهوم الزمكان أصبح مُنتفيا مع سطوة ‘ السمارتفون’ الذي يسجن وجودنا وطريقة تفكيرنا” [1]، ما يدفعنا للبحث عن كيفية استغلال هذا الطارئ/الحدث لصالح المدرسة والتعلم بدل أن يشكل عائقا يرسم هوة تبعد الناشئة عن الفصل.

موجة التعليم عن بعد التي رافقت الزمن الكوروني كلحظة استثنائية فتحت النقاش بين تيارين مختلفين ينتميان الى نفس المنظومة – المنظومة التربوية -، تيار محافظ رافض بالبث والمطلق يعتبر التعليم عن بعد وسيلة لضرب المدرسة العمومية وتشييء الأستاذ، وتيار مجدد اعتكف من أجل تصوير الدروس وإنجاز الموارد الرقمية التعليمية كانفتاح على البرانم التي تتيحها وسائل التواصل والاتصال للرفع من طرق التدريس.

الإشكالية:

هل مأسسة التعليم عن بعد في صالح المدرسة العمومية أم هو دس للسم في العسل؟
كيف نستغل الرصيد المحترم من الموارد التعليمية الذي خلفته جائحة كورونا لتأسيس تعليم رقمي يشد عضُد التعليم الحضوري؟ ماذا لو قلبنا النظام التقليدي بجعل الدروس في المنزل والواجبات في الفصل؟
هل التعليم عن بعد زحف لاجتثاث الأستاذ وتعويضه بالتقنية أم تجديد لأدواره وتخفيف للعبء؟
هذه بعض الأسئلة التي نتعهد بالإجابة عليها / عنها في هذا البحث

المحور الأول: التعليم عن بعد:

1 – تعريف التعليم عن بعد :
يعتبر استخدام مصطلح التعليم عن بعد في حد ذاته حديثا نوعا ما، ففي 1982 قام المركز الدولي للتعليم بالمراسلة بتغيير تسميته إلى المركز الدولي للتعليم عن بعد خاصة بعد التطور الهائل في استخدام وسائل الاعلام الالكترونية المختلفة من إذاعة وتلفزيون، وسائط متعددة وشبكات المعلومات والاتصال المحلية والدولية والعالمية ونخص بالذكر شبكة الانترنيت [2]

يقصد بالتعليم عن بعد استخدام تكنولوجيا الاتصال وتقنيات الكمبيوتر في عملية التعليم. كما يعرفه الخبراء بنقل التعلم إلى المتعلم في موقع إقامته أو عمله بدلا من انتقال المتعلم إلى المؤسسة التعليمية ذاتها، وعلى هذا الأساس يتمكن المتعلم أن يزاوج بين التعلم والعمل إن أراد ذلك، وأن يكيف المنهاج الدراسي وسرعة التقدم في المادة الدراسية بما يتفق والأوضاع والظروف الخاصة به [3]

2 – مصطلحات مرتبطة بالتعليم عن بعد :
إن القراءة المستفيضة للأدبيات النظرية الغربية و العربية في مجال التعلم عن بعد أسفرت عن وجود العديد من المصطلحات و الهيئات و المنظمات الدولية و الإقليمية و الباحثين في التعبير عنه كل حسب اختصاصه و مجال تطبيقه و استخدامه للمفهوم ، فنجد أن منظمة الأمم المتحدة و التعليم و الثقافة اليونسكو تستخدم مصطلحي التعليم عن بعد l’enseignement à distance و التكوين المفتوح عن بعد la formation ouverte et à distance ، أما مصطلح التعليم المفتوح فاستخدمته الجامعة البريطانية المفتوحة باعتبارها أعرق جامعة في هذا المجال ، و مصطلح التعليم/التعلم الالكتروني e-learning اُستخدم من جمعية الاعلام الالي سيسكو Cisco في الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة الى مصطلح آخر la cyberformation الذي استخدمته منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية ، بالإضافة إلى مصطلح التعليم الافتراضي / الجامعة الافتراضية enseignement virtuel ، و مصطلح التعليم المدمج blended learning …. إلخ [4]

سنحاول أن نبسط بعض المصطلحات المتداولة في هذا المجال مع ترجمة مقترحة لها:
بالعربية بالفرنسية
التكوين عن بعد المفتوح
دروس عبر الانترنيت مفتوحة وموجهة لأعداد ضخمة

التعلم الالكتروني

التعليم عن بعد

التعلم عن بعد

دروس صغيرة وخاصة عبر الانترنيت

Formation ouverte et à distance
Massive open online cources



1969



Small private online cources

FOAD
MOOC

E-learning

EAD

AAD

SPOC



3– كرونولوجيا التعليم عن بعد :
1969 : FAD التكوين عن بعد

1991 : E-learning التعلم الالكتروني

1993 : FOAD التكوين عن بعد المفتوح معدل التسرب منخفض يصل الى عشرين في المئة ، يستطيع تطوير الكفايات العليا ، المتعلم فاعل و منتج ، التعلم التشاركي ، تأطير المتعلمين مع مراعاة الفروقات الفردية ، يوفر منهاج تكوين كامل ، يمزج التعليم الحضوري و التعليم عن بعد

2008 : MOOC دروس عبر الانترنيت مفتوحة و موجهة لأعداد ضخمة : يركز على المحتوى حيث نجد معدل التسرب مرتفع يصل الى خمسة و وتسعين في المئة ، يكون عن بعد حيث المتعلم مجرد متلقي

2013 : Digital-Learning التعلم الرقمي [5]

MOOC يركز على المحتوى في حين أن FOAD يركز على المتعلم

4- مخلفات جائحة كورنا :
حاول المغرب تفعيل التعليم عن بعد بشكل اختياري بالنسبة للأساتذة والمتعلمين، من خلال تأهيل الموارد البشرية للتحكم في المكتبيات MOS، إنتاج الموارد الرقمية لصالح المتعلمين ووضعها في منصة الكترونية، تكوين في المعالجة البيداغوجية عبر مشروع compractice …

لكن التفعيل الفعلي للتعليم عن بعد جاء مع جائحة كورنا، حيث أصبح لزاما على الوزارة الوصية أن تبحث عن طرق بديلة للتعليم الحضوري من أجل استئناف دروس المنهاج الدراسي، هنا طفا إلى السطح هذا المفهوم …



ثلاثة أشهر من العمل الجاد خلف رصيدا محترما من الموارد التعليمية، وفتح أعين الأساتذة والمتعلمين على نوع جديد من التعلم يتيح للفرد اكتساب المعرفة بشكل مرن بغض النظر عن الزمان والمكان. حيث تم انتاج:

أكثر من 3000 درس على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي
تم إنشاء 400 ألف قسم افتراضي
استفاد أكثر من 600 ألف تلميذ من منصة MICROSOFT TEAMS
بث الدروس عبر القنوات التلفزية
إغناء منصة telmidTICE بمئات الموارد [6]
المحور الثاني: بيداغوجيا الفصل المعكوس:

تعريف الفصل المعكوس:
الفصل المعكوس أو المقلوب ليس براديغم ثابت يمكن تعميمه بين جميع الأساتذة بل فلسفة تتكيف مع طبيعة الفصل وطريقة عمل الأستاذ والوسائل المتاحة، كما أنه أبعد من نظرية يمكن ان ننسبها إلى فرد دون آخر هو عمل جمعي مفتوح يتطور باستمرار ويتجدد بتجارب الأساتذة الممارسين الذي يطبقونه في الميدان.

جاء الفصل المعكوس لمعالجة مجموعة من الإشكالات:

كيفية إدخال التكنولوجيا إلى صفوفنا من أجل تعزيز التعلم
كيفية استغلال الوقت الثمين الذي يمضيه الطالب داخل الفصل بشكل فعال
كيفية تجاوز أسلوب المحاضرة الذي يلعب فيه المعلم دور المتلقي / المستمع «يحتاج المعلمون إلى أن يستغلوا هذه الدقائق الثمينة لتحقيق أقصى تعلم، إن التحدث أمام الطلاب كل يوم لا يمثل أفضل استخدام لوقت الصف. يحتاج الطلاب المعلمين إلى أكثر ما يمكن عندما يتعثرون في مفهوم أو مشكلة تكتنفهما صعوبة، وهذا في صف تقليدي، كثيرا ما يتعرض له الطالب في البيت، عندما يكون المعلم غير موجود. فالاستعمال الأفضل للوقت في الصف يستدعي نشاطات تعلم إثرائية وخبرات لها معنى “[7]
جعل الطلبة الذين يتغيبون بسبب بعد المسافة يواكبون الدروس دون أي مركب نقص ” كان الطريق إلى وودلاند بارك عبارة عن ممرات جبلية متعرجة، مما جعل الارتحال إلى النشاطات المدرسية تحديا مستنفدا للوقت، إذ نحتاج 45 دقيقة للوصول …، ما يسبب في غياب متكرر للطلاب وفوات حصص مهمة “[8]
لهذه الأسباب أبتكر الأستاذان: جوناثان بيرجمان وآرون سامز الفصل المعكوس كمحاولة أولية لمعالجة هذه الإشكالات، ويعرفان الفصل المعكوس ” في الحقيقة في غاية البساطة: يتم التدريس المباشر من خلال الفيديو، أو أية وسيلة أخرى يمكن أن يستخدمها الطلاب فرديا قبل مجيئهم إلى غرفة الصف. هذا التحول في التوقيت يتيح للمعلم أن يستعمل وقت الصف لعمل إما أن يفضل القيام به كمجموعة كبيرة، أو أنه يتطلب اهتمام المعلم المتفرد. أي أن الصف المقلوب هو باختصار: تدريس مباشر يعطى للفرد خارج الصف، واستعمال استراتيجي أكثر للوقت داخل غرفة الصف للعمل في مجموعات والعناية الفردية.”[9]

2 – مزايا الفصل المقلوب / المعكوس :

تكسب المتعلمين كفايات مفيدة لمتابعة تعليمهم وتكوينهم مدى الحياة؛
يغدون بفضل التمرس عليها، قادرين على العمل في فريق؛
يتمكنون من القدرة على شرح وتفسير ما فهموه وتعلموه لغيرهم؛
يصبحون قادرين على التعلم الذاتي باستخدام موارد معرفية مختلفة كالكتب أو الانترنت أو أي شيء آخر؛
تعود التلميذ والمدرس على السواء على العمل الفردي؛
إنها طريقة تسمح بتشغيل التلاميذ أكثر من أي طريقة تعليمية أخرى؛
إنها تخفف عبء العمل على المعلم ولا تجعل منه العازف المنفرد في الفصل الدراسي. فهي تنقل مركز النشاط وفاعلية التعلم إلى التلميذ نفسه؛
تحرر المعلم من العمل الروتيني اليومي في إعداد الدروس، وتقلل من أوراق التصحيح لتجعله يبتكر أكثر ويبدع ويستقصي الموارد المعرفية التي يوجه إليها تلاميذه؛[10]
2 – الصف المقلوب تعلم أكثر عمقا :

في النموذج التقليدي يرتكز التعليم على أسلوب المحاضرة، حيث يخصص مجمل الزمن المدرسي للتذكر والفهم وفي أفضل الأحوال يصل المتعلم إلى مرحلة التطبيق، لكن مع الفصل المعكوس يكون التعلم أكثر عمقا لان تذكر الدروس وفهمها يكون في المنزل بينما وقت الفصل الثمين يخصص لمراحل متقدمة في التدريس: التحليل، التقويم، الابتكار …، ” لأن هناك فائضا في الوقت يوفره التعلم المقلوب الصف، تمكن عدة معلمين من تطبيق ما أطلقوا عليه “ساعة العبقرية ” أو وقت “20” في المئة لتشجيع الابتكار في العالم ” [11]

3 – من الفصل المعكوس إلى التعلم المعكوس :

الصف المعكوس هو مرحلة أولية من بيداغوجيا الفصل المعكوس تمهد إلى مرحلة أكثر عمقا هي التعلم المقلوب، ” الصف المقلوب هو نقطة ولكنها ليست الهدف أو المكان الذي نتوقف عنده. إن الانتقال بالتدريس المباشر خارج مكان تعلم المجموعة إلى داخل مكان تعلم الفرد يؤدي إلى موقع عظيم تبدأ عنده رحلتك، ولكنه ليس المصير الذي تنتهي إليه ” [12] فما المقصود بالتعلم المقلوب؟

التعلم المقلوب ينقلنا من التعليم على التعلم، ومن المجموعة على الفرد، ويعلم تعلم التعلم لبناء كفاية الاعتماد على النفس/التكوين الذاتي يدمج الطرق النشطة في التعلم والبيداغوجيات الحديثة (المشروع، الفارقية، التعاقد …)، ” التعلم المقلوب منحى تعليمي يتم فيه يتم فيه الانتقال بالتدريس من مكان تعلم المجموعة إلى مكان تعلم الفرد، ويتحول مكان المجموعة الناتج إلى بيئة تعلم دينامية، تفاعلية يوجه المربي فيها الطلاب وهم يطبقون مفاهيم وينشغلون بجهد ابداعي في مادة التعلم.” [13]



التعلم المعكوس جسر ينقل المتعلمين من النمط التقليدي إلى تعليم معاصر يتم التركيز فيه على عمليات التفكير والتعلم، ومن التركيز على المعلم الى التركيز على المتعلم، تعليم أكثر عمقا يبدأ فيه الطلاب من الابداع والتقويم، ” يقضي الطلاب معظم أوقاتهم مبدعين ومقومين، وعندما تعترض طريقهم عقبة ذات صلة بالمحتوى ينزلون إلى الطبقات الدنى في التصنيف، يحصلون على المعلومات التي يحتاجونها ن ويعودون صعودا إلى الأعلى حيث يكون مشروعهم.” [14]

تحول يحتاج يستغرق وقتا كبيرا ويمر عير مراحل متتالية:

السنة الأولى: نظم ملف محفوظات (أرشيف) بمحتوى فيديو – تحت الطلب.
السنة الثانية: وفر للطلاب فرصا للسير في المنهاج بمعدلاتهم الخاصة، متيحا لهم المحتوى أثناء سيرهم في المنهاج
السنة الثالثة: أعط الطلاب مشاريع يضعها المعلم، موجها الطلاب للمحتوى حيثما كان ذلك مناسبا
السنة الرابعة: دع الطلاب يؤلفون مشكلات ومشروعات بـأنفسهم ووفر لهم الدعم بتوجيههم إلى المحتوى المحفوظ في الأرشيف حيثما دعت الحاجة.
المحور الثالث: نموذج تطبيقي لاستثمار بيداغوجيا الفصل المعكوس لمأسسة التعليم عن بعد:

نموذج الحكاية في المستوى الأول:

خارج الفصل:

يحول الأستاذ الحكاية إلى رسوم متحركة موظفا أصوات المتعلمين.
يقدم الحكاية للمتعلمين لمشاهدها في المنزل وحفظ الحوار مع تقسيم الأدوار
يشرح الكلمات الصعبة عبر لقاء تزامني في نصة تيمز مع تفاعل المتعلمين
داخل الفصل:

العمل بالمجموعات:

كل مجموعة تمثل الحكاية أمام الفصل
تحليل مكونات الحكاية وكل مجموعة تقيم مستوى المجموعة الأخرى
الابداع: تقوم كل مجموعة بإنتاج حكاية جديدة محاكية للحكاية المقدمة

[1] ” ستشمل التبعات الأولى لثورة العصر الرقمي والافتراضية، دون شك، علاقتنا بالزمان وبالفضاء. فابتداء من الان سيكون “الموضوع -الشاشة ” هو الذي يحدد إطار هذه العلاقة. فمع السمارتفون مثلا، نحن متصلون دائما حيثما كنا وفي أية لحظة، إلى حد أن الزمان والفضاء يبدوان وكأنهما انكفئا أحدهما على الآخر، وقذفا بنا داخل تصور للوجود يمكن أن نطلق عليه ” الهنا والآن «. وتقلص، تبعا لذلك، حقل تجاربنا الذي يشكل وجودنا كله.

=====================================

الحمد لله رب العالمين

nasser
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية nasser

تاريخ التسجيل: 26 - 1 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 72,998

nasser غير متواجد حالياً

نشاط [ nasser ]
معدل تقييم المستوى: 7521
افتراضي
قديم 21-05-2021, 02:33 المشاركة 5   

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ




ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الحمد لله رب العالمين
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« المقاربة الديدكتيكية للقراءة المقطعية | تشخيص العجز القرائي »
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفصل المقلوب: دع تلاميذك يتعلمون أكثر في منازلهم العصيمي دفاتر ثقافة تقنيات التعليم 1 08-09-2015 21:42
من بيداغوجية الإدماج إلى بيداغوجية التخراف nasser دفاتر مقالات الرأي والتقارير الصحفية التربوية 0 28-03-2015 22:05
ماهو التعلم المقلوب (المعكوس) ؟ nadiazou دفتر مشاكل وقضايا إصلاح التعليم بالمغرب 0 29-11-2014 22:07
الفصل المقلوب :: Flipped Classroom العصيمي دفاتر التعليم الإلكتروني 0 28-10-2013 22:53
سواء استانفت الدراسة او لا فالنتيجة واحدة : الفشل ثم الفشل ثم الفشل. yassir1973 الأرشيف 3 05-01-2009 23:11


الساعة الآن 11:28


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة