نص الحوار الذي أجرته المنعطف مع محمد هاكش، عضو المكتب الوطني - إ.ن.م حول استئناف الحوار الاجتماعي
كيف ترون الدخول الاجتماعي في ظل الوضعية الراهنة؟
قبل الإجابة عن سؤالك اسمح لي أن أسجل تحفظي على مصطلح "الدخول الاجتماعي" الذي دأبنا على استعماله وكأن هناك "خروج اجتماعي " أو توقف الحركة الاجتماعية رغم ان الاحتجاجات النقابية والاجتماعية مستمرة ولم تعرف أي توقف او عطلة ولنا في احتجاجات العمال الزراعيين وساكنة افني خير دليل.
إن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها الشعب المغربي بصفه عامة، والطبقة العاملة بصفة خاصة، والمتميزة بانخفاض كبير في القدرة الشرائية وتدهور ملحوظ في الظروف المعيشية نتيجة الزيادات المتتالية والمهولة في الأسعار والتقاء الدخول المدرسي وشهر الصيام وما يتطلب كل هذا من مصاريف ضرورية مقابل استمرار تفشي البطالة وضعف المداخيل والأجور، بالإضافة الى هضم الحقوق النقابية وعدم احترام قانون الشغل واستمرار التسريحات الجماعية للعمال، يدفعنا الى أن نتنبأ ب "دخول اجتماعي " ساخن ورد فعل اجتماعي ساخط على هذه الأوضاع وسيتم ترجمة ذلك عبر إضرابات واحتجاجات على مستوى مجموعة من المناطق والقطاعات ومن الملاحظ ان بعض القطاعات قد أعلنت عن إضرابات خلال هذا الشهر كما ان هناك قطاعات لم تتوقف حركتها ونضالاتها وخاصة في القطاع الخاص و العمال الزراعيين. وكل ما نتمناه هو ان تكون الحكومة في مستوى هذا التحدي وان تعبر خلال محاورتها وتفاوضها مع الفرقاء الاجتماعيين عن إرادتها الحقيقة في حل المشاكل العالقة والملحة
ما هو تقييمكم لاستئناف الحوار الاجتماعي؟ أفاقه و شروطه؟
إذا استأنفنا الحوار بنفس الشكل والطريقة التي يتم بها الى حد الساعة يمكن أن نقول انه سيكون بدون جدوى وسوف لن يقدم حلولا ناجعة للأوضاع الاجتماعية الحالية . إننا نعتبر انه حان الوقت لنأسس لتفاوض اجتماعي، وليس حوارا يتم فيه الاستماع للنقابات وبعدها تتخذ الحكومة قراراتها لوحدها عملا بالمثل الدارجي القائل "شاورو ومديرش بريو" ، إننا نريد تفاوض اجتماعي حقيقي جدي ومسؤول ودائم يسفر عن اتفاقات والتزامات واضحة تأخذ بعين الاعتبار المطالب الأساسية للشغيلة ويتم الوفاء بها. وفي هذا الصدد يمكن للمجلس الاجتماعي والاقتصادي أن يلعب دورا أساسيا في هذا المجال إذا تم إنشائه على أسس متفق عليها بين الفرقاء الاجتماعيين ووضع اليات تمكنه من تتبع واحترام الالتزامات والقرارات الصادرة عنه.
إن التفاوض الاجتماعي الحقيقي يجب أن ينطلق أولا على مستوى القطاعات قبل أن يتوج بلقاء المركزيات النقابية مع الحكومة الباطرونا.
كيف ترون دور النقابات في الدفاع عن مصالح الشغيلة الاجتماعية ؟ في ظل التراجعات المسجلة مع تدني الأجور وغلاء المعيشة؟
إن النقابة تنظيم دائم ومستمر جوهره التضامن وقوته الوحدة وهدفه الدفاع عن المصالح المادية والمهنية والمعنوية للطبقة العاملة .ورغم الضعف والتشتت لا يمكن أن تعوض النقابة بأي حركة أو مؤسسة اجتماعية بديلة. لهذا فإن النضال ضد غلاء المعيشة والزيادات المهولة في الأسعار والتراجع عن الخدمات الاجتماعية هو من صميم مهامها وبالتالي فهي من واجبها الانخراط في كل النضالات الاجتماعية المتعلقة بالدفاع عن مصلحة الشغيلة واتخاذ مبادرات نضالية للضغط على المسؤولين من اجل الاستجابة لمطالبها المشروعة.
كيف تقيمون حصيلة الحوار الاجتماعي؟
يجب الإشارة أولا الى أن الحوار الاجتماعي الأخير تمحور أساسا حول مشاكل ومطالب الوظيفة العمومية أما المشاكل الجوهرية التي يتخبط فيها القطاع الخاص والمتعلقة باحترام مقتضيات قانون الشغل فان الحوار لم يتمخض عن نتائج ملموسة إذا استثنينا، طبعا، الزيادة في الحد الأدنى للأجور والذي يطبق بنسبة ضئيلة جدا وتعميم الاستفادة من التعويضات العائلية على العمال الزراعيين والذي يحتاج الى اجراءت مصاحبة لتطبيقه على ارض الواقع خاصة وان التصريح بالعمال في القطاع الفلاحي لا يتجاوز 10% على اكبر تقدير.
أما موقفنا من حصيلة الحوار الاجتماعي فقد عبر عنه الاتحاد المغربي للشغل في حينه برفضه الواضح والصريح لعرض الحكومة والباطرونا معتبرا أن نتائجه لم ترق الى مطالب الشغيلة بجميع فئاتها .
إن هذا الحوار لم يتم في شروط عادية حيث جاء على مشارف فاتح العيد الاممي الذي خلدته الطبقة العاملة في غضب اسود وعلى وقع الفاجعة الكبرى لمحرقة معمل روزامور التي حولت 60 عمل وعاملة الى رماد بالإضافة الى عشرات الجرحى مما كشف للرأي العام مدى استهتار الباطرونا بأبسط الحقوق وشروط السلامة على مرأى ومسمع السلطات كما أن الحوار كان مرطونيا بامتياز انطلق يوم 7 ابريل وانتهى يوم 29 ابريل أي 20 يوما لتدارس ومناقشة عدة مشاكل متراكمة وكثيرة مع خمس نقابات.
هل هناك بوادر توحيد الحركة النقابية المغربية؟ وهل ترون أن الشروط متوفرة الآن لتجاوز هدا التشردم ثم قدرة هده الحركة على التأثير على هدا الواقع المتأزم ؟
إن الوحدة النقابية وتوحيد الحركة النقابية المغربية شرط أساسي وضروري لتتمكن الطبقة العاملة من فرض حقوقها والحفاظ على مكتسباتها أمام وحدة الباطرونا المدعمة من طرف مختلف السلطات، التنفيذية والقضائية والشغلية والأمنية والمحلية.
في الظروف الحالية يمكن أن نستشف بعض البوادر المتمثلة في الوحدة النضالية والتحالفات النضالية بين النقابات على مستوى مجموعة من القطاعات والمواقع لكن ما يجب تسجيله بقوة هو إن الطبقة العاملة بجميع فئاتها أصبحت أكثر من أي وقت مضى تحمل هم الوحدة وتعبر عن اقتناعها بضرورة توحيد الحركة النقابية وتضغط في كثير من الحالات لتفرض التنسيقات والتحالفات النقابية . ان طبيعة وتركيبة الطبقة العاملة التي أصبحت تضم مستويات ثقافية متقدمة يمكن اعتبارها من الشروط الموضوعية المهمة التي ستساعد على تحقيق هذه الوحدة المنشودة بالإضافة طبعا الى الأوضاع الاجتماعية التي تزيد تدهورا كلما زاد عدد النقابات. ويبقى على المناضلات والمناضلين النقابيين أن يتحملوا مسؤولياتهم ويعملوا على توفير الشروط الذاتية وان يتوقفوا عن تشتيت الطبقة العاملة وخلق نقابات جديدة.
موقفكم من وحدة اليسار؟ وتجميع القوى الديمقراطية التقدمية؟
ليس بالخبز وحده حيا الإنسان. إن الطبقة العاملة كفئة منتجة ومساهمة بامتياز في التنمية تتوق الى وطن حر تقدمي وديمقراطي يضمن الكرامة والعيش الكريم لمواطنيه والتوزيع العادل للخيرات على أفراد شعبه وتمتيع الجميع بحقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. هذا الهدف، بالنسبة لي، لا يمكن أن يتحقق إلا عبر وحدة اليسار وتجميع القوى الديمقراطية التقدمية المؤمنة بحق الشعب في اخذ أمره بيده والمناضلة من اجل دستور ديمقراطي ومن اجل القضاء على الرأسمالية المتوحشة على المستوى الاقتصادي ومواجهة الامبريالية على المستوى السياسي.
جريدة المنعطف / الثلاثاء 22 شتمبر 2008