المدير العام للإيسيسكو يدعو إلى إحداث "منظمة الحضارات المتحدة" للسلام وتحالف الحضارات
الرباط 17-06-2009 دعا السيد عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، مساء أمس الثلاثاء بالرباط، إلى إحداث "منظمة الحضارات المتحدة" لدعم السلام العالمي وتحالف الحضارات.
وأوضح السيد التويجري، خلال لقاء نظمه المركز الثقافي المصري لتقديم كتابه الجديد "على طريق تحالف الحضارات" ضمن سلسلة "كاتب وكتاب" الثقافية، أن هذه المنظمة يمكن أن تشكل رديفا لمنظمة الأمم المتحدة في دعم جهود السلام والأمن الدوليين واحترام التعدد الثقافي.
واستعرض الجهود التي بذلت من أجل تجسيد فكرة الحوار بين الحضارات قبل أحداث 11 شتنبر التي غيرت مسار التاريخ، ونقلت العالم الإسلامي إلى صلب المواجهة مع الغرب، قبل أن تخرج إلى الوجود فكرة "صراع الحضارات" مع الأمريكي هنتنغتون وأخرين قبله.
واستحضر السيد التويجري بالمناسبة، عناوين عدد من كتاباته التي تصب في السياق ذاته من قبيل "الحوار من أجل التعايش " (دار الشروق المصرية- 1998)، و"تأملات في قضايا معاصرة"، و"أفكار للحوار"، و"الحوار مع الذات والآخر" الذي سيرى النور قريبا.
ورأى المدير العام للإيسيسكو أن التحالف بين الحضارات ثمرة للحوار، وأنه لا تحالف دون حوار في إطار الاحترام المتبادل معربا عن اعتقاده أن التحالف القائم اليوم ما زال هشا، وأن الفجوات كثيرة بين الحضارات، ولم يتم بعد الحسم في قضايا عديدة كالقضية الفلسطينية.
وأكد أن تحالف الحضارات رصيد مشترك بين الشعوب والأمم مستشهدا في هذا المضمار بابن رشد وتأثيره في الفكر الغربي، وكذا بتأثير الفقه المالكي في الدستور والقوانين الفرنسية الأخرى لا سيما بعد ترجمة مختصر الشيخ خليل إلى اللغة الفرنسية.
وتحدث عن نص الإسلام على الاختلاف، وتركيزه على العقل والاقتناع ورفع التكليف عن غير العاقل، وانتشار الدين الحنيف في أجزاء واسعة من آسيا كالصين وماليزيا وكذا جنوب الصحراء بواسطة الدعاة والتجار والطرق الصوفية، موضحا أن الفقه نفسه عمل عقلي يقوم على استنباط الأحكام كالقياس والاستحسان والمصالح المرسلة.
وفي كلمة بالمناسبة، ركز السيد عباس الجراري مستشار صاحب الجلالة على مسألة اصطلاحية تتعلق بلفظي التحالف والحضارات بالرغم من اتفاقه مع معظم ما ورد في كتاب السيد التويجري، "الفقيه المتمكن" و"الشاعر المبدع" و"المحاور من طراز رفيع"، من أفكار.
فبخصوص التحالف، الذي يجيء بمعنى التعاون والتآزر، تساءل السيد الجراري هل أن التحالف، الذي يسبق الحوار، قائم أم يمكن أن يقوم. وأوضح أن الحوار يقبل الاختلاف مع الآخر فيما لا يمكن أن يكون هناك تحالف مع وجود خلاف، وأنه تم طي الحديث عن الحوار ليبدأ الحديث عن التحالف متسائلا كيف يتصور أن ينجح التحالف إذا كان الحوار لم ينجح.
وبخصوص الحضارات، اعتبر أنها الماديات المستعملة في الحياة اليومية (الحاسوب، الطائرة...) التي لا تحتاج إلى حوار أو تحالف بل هي تتسرب تلقائيا وتفرض نفسها كالحضارات العربية الإسلامية، والآشورية، والفرعونية أوالغربية فيما أن الثقافة تتمثل في ما يشكل الهوية من لغة ودين وقيم وغيرها التي تتطلب الاتفاق حولها.
وأضاف السيد الجراري أنه حين يتم الحديث عادة عن التحالف والحضارات يتم الاقتصار على الحديث عن علاقات الإسلام بالغرب فيما أن "هناك حضارات أخرى تتقاطع مع حضارتنا وقد تنضم إلينا لإيجاد حلول" كالبلدان الأسيوية وبلدان أمريكا اللاتينية والقارة الإفريقية "ذات العناصر الثقافية المتشابهة مع ثقافتنا".
وخلص السيد الجراري إلى أن كتاب "على طريق تحالف الحضارات" مليء بالمعطيات التي "ما أحوجنا إلى مراجعة أنفسنا على ضوئها لأننا نحاور الآخر، ونحن لم نحاور أنفسنا، ولم نستخلص جوانب القوة والضعف فينا".
وكان المفكر والباحث سعيد بنسعيد العلوي تحدث في كلمة، تلاها بالنيابة عنه شقيقه السيد إدريس بنسعيد العلوي أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، عن أبعاد أساسية في شخصية السيد التويجري تتمثل في الجهود المتميزة التي بذلها لمد جسور الحوار الداخلي بين المذاهب الإسلامية الكبرى كالسنة والشيعة والأباضية، وجهوده من أجل تنقية صورة الإسلام وتصحيحها، دينا وحضارة ورجالا، كما تمثلت في الوعي الثقافي العربي.
كما تحدث عن تحرير السيد التويجري مصنفات تعريفية بالإسلام، بلغات متعددة، تجمع بين العمق والبساطة، وحرصه على المظان والمصادر الأساسية والاستشهاد بالحقائق التاريخية، دون تمجيد أعمى أو انتقاد مجاني، واهتمامه بقضايا الساعة مع إرساء نظرة تصالحية، فهو "يمتلك مشروعا متكاملا لنهضة الأمة تتفاعل فيه عدة مقومات" سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية وغيرها.
يشار إلى أن المركز الثقافي المصري احتضن أيضا، على هامش هذا اللقاء المنظم في إطار الاحتفال بيوبيله الذهبي، معرضا لأعمال الفنانة العصامية للانزهة العلوي التي تتضمن بالخصوص رسوما على الزجاج بأبعاد متنوعة، وتنسيقا فنيا للزهور، ورسومات تشكيلية، ومنحوتات خشبية (أبواب تقليدية ...) وغيرها.
map وكالة المغرب العربي للأنباء