جمعية مغربية تسعى إلى إدماج ذوي إعاقة ذهنية في سوق الشغل
هسبريس - ماجدة أيت لكتاوي
الجمعة 27 نونبر 2015 -
التربية، الانفتاح على المجتمع، التكوين والعمل وغيرها، من أبرز أهداف جمعية آباء وأصدقاء الأشخاص في وضعية إعاقة ذهنية "هدف" بالرباط، والتي تسعى إلى منح شباب ويافعين يعانون من الإعاقة الذهنية فرصة إنجاز منتوجات ذات قيمة إبداعية، عن طريق إخضاعهم للتدريب والتكوين والعمل على إدماجهم اجتماعيا ومهنيا.
ووعيا منها بأن العمل هو قيمة ضرورية للاندماج الاجتماعي، على اعتبار أنه يمنح الفرد الاستقلالية الحقيقية ويعطيه شعورا بالحرية وينمي لديه الإحساس بالمسؤولية، سعت الجمعية إلى إنشاء مركز اجتماعي مهني يعمل على إعادة تأهيل الشباب ذوي إعاقة ذهنية كالتأخر العقلي والتثلث الصبغي 21 والتوحد، وإدماج هؤلاء الأفراد في سوق الشغل مع مرافقة ومتابعة دائمة.
رئيسة جمعية آباء وأصدقاء الأشخاص في وضعية إعاقة "هدف" بالرباط، أمينة مسفر، أفادت أن الشباب ما فوق 17 سنة، المصابون بإعاقة ذهنية خفيفة إلى متوسطة، يستفيدون من ورشات مهنية للتكوين إلى جانب أنشطة موازية ويتلقون دعما نفسيا واجتماعيا، فيما يتابعون دراستهم، كل حسب قدراته الجسدية والذهنية، طيلة اليوم، سواء التحقوا من قبل بالمراكز الطبية البيداغوجية أو بالأقسام المدمجة أو لم يلتحقوا بأية مؤسسة.
وقالت أمينة مسفر، في حديثها لجريدة هسبريس، إن هدف الجمعية، ومعها مركز التكوين، متمثل في إيجاد فرصة لهؤلاء الشباب من أجل التعايش والاختلاط مع الآخرين، وتمكينهم من التفاعل مع المجتمع وولوج سوق الشغل على الرغم من وجود عدد من التخوفات والصعوبات.
"هناك نماذج من الشباب الذين استطاعوا العمل لدى مخابز وصيدليات والعمل في التجارة واشتغلوا خياطين، ولا زالوا يتابعون عملهم إلى اليوم"، تقول مسفر لافتة كذلك إلى أن المجتمع لا زال لا يتقبل الخدمات المقدمة من ذوي الإعاقة الذهنية في محلات تجارية مثلا، على الرغم من الحملات التحسيسية لتغيير نظرة وسلوكيات أفراده تجاه هؤلاء الأشخاص من سلبية إلى إيجابية.
الخروج إلى المجتمع وتقديم خدمات لأفراده يبدأ من داخل مركز "هدف"، حيث الحركة دؤوبة للعاملين داخله، فيما يخضع اليافعون والشباب ما فوق 17 سنة لبرنامج تكويني ضمن 8 ورشات، تتوزع على الطبخ والخياطة والرسم على الزجاج وتصميم وإنجاز المجوهرات ونحت الخشب وغيرها من الورشات التي تضم أعدادا محدودة من المستفيدين لا تتعدى 10 أشخاص.
ويعمل المستفيدون بين جدران الجمعية - المركز- الذي فتح أبوابه منذ 10 سنوات، على الإنتاج والإبداع وإنجاز منتوجات ذات قيمة إبداعية تعرض للبيع، سواء داخل المركز أو خارجه، من خلال تنظيم معارض وأروقة لتقديم منتوجاتهم وإبداعاتهم.
ويبدو أن المركز نجح في محاولة إدماج ذوي الإعاقة الذهنية، حيث يحرص أبناؤه على إلقاء التحية على الجميع ومنهم الغرباء، كما هو الحال بالنسبة للشابة ابتسام التي تتابع تكوينها داخل جمعية "هدف"، حيث أوضحت المصابة بالتثلث الصبغي 21 أنها تتعلم الصباغة والتلوين على الزجاج وتحب ممارسة المسرح وكذا الإنشاد، مؤكدة أنها سعيدة داخل "هدف"، وفق إفادتها لهسبريس.
هذه الحالة من الرضى يستشعرها الآباء كذلك، وفق ما أكدته والدة أحد المستفيدين من خدمات المركز المصابين بتأخر ذهني، قائلة: "لم يستطع ابني متابعة الدراسة، ترك على إثرها المدرسة وبقي داخل المنزل دون شيء يشغل حياته طيلة 4 سنوات"، مستطردة بابتسامة هادئة: "فرق كبير جدا بين ما كنا عليه سابقا وبين اليوم، ابني غدا أكثر اعتمادا على نفسه وأقدر على الإبداع والإنتاج وتحسنت نفسيته وارتاحت نفسيتنا معه وأصبح أكثر رغبة في الحياة".
وعلى الرغم من أن الجمعية تلزم العائلات بدفع مبلغ 1600 درهم شهريا كحد أدنى، على اعتبار أن الشباب يحتاجون إلى التكوين الدائم والدعم النفسي والاجتماعي، إلا أن جل المستفيدين من الشباب لا يدفعون هذا المبلغ اعتبارا لوضعيتهم الاقتصادية الهشة، ولا تلتزم إلا 6 أو 7 عائلات بتوفير المبلغ المطلوب، فيما تتكفل وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بدفع جزء من المبالغ الخاصة بالحالات الأخرى، ويبقى على الجمعية تكملة المبالغ إلى جانب ما تسمح به قدرة العائلات.