|
merci pour le partage |
|
جزاك الله خيرا و كتب لك الاجر
------------------------------------
كان طالب العلم فيما مضى يسمع ليعلم ويُعلم ليعمل ويتفقه في دين الله ، لينتفع وينفع ، فقد صار طالب العلم الآن يسمع ليجمع ، ويجمع ليذكر ، ويحفظ ليغالب ويفخر
وكان المتناظرون في الفقه يتناظرون في الجليل من الواقع والمستعمل من الواضح وفيما ينوب الناس فينفع الله به القائل والسامع، فقد صار أكثر التناظر فيما دق وخفي ، و فيما لا يقع و فيما قد انقرض من حكم الكتابة وحكم اللعان ورجم المحصن، وصار الغرض فيه إخراج لطيفه، وغوصاً على غريبة، ورداً على متقدم
فهذا يرد على أبي حنيفة و هذا يرد على مالك و آخر يرد على الشافعي، بزخرف من القول، و لطيف من الحيل، كأنه لا يعلم أنه إذا رد على الأول صواباً عند الله بتمويهه فقد تقلد المآثم عن العالمين به دهر الداهرين.
و هذا يطعن بالرأي على ماض من السلف و هو يرى، وبالابتداع في دين الله على آخر وهو يبتدع.
و كان المتناظرون فيما مضى يتناظرون في معادلة الصبر بالشكر و في تفضيل أحدهما على الآخر و في الوساوس و الخطرات ومجاهدة النفس وقمع الهوى
فقد صار المتناظرون يتناظرون في الاستطاعة و التولد والطفرة والجزء والعرَض والجوهر ، فهم دائبون يخبطون في العشوات قد تشعبت بهم الطرق وقادهم الهوى بزمام الردى.
الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة/أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)