نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم - الصفحة 7 - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفــتــر المواعظ والرقائق تعالو بنا نؤمن ساعة ، دعوة إلى وعظ النفوس و ترقيق القلوب بكلام طيب يقربها من خالقها ..

أدوات الموضوع

الركراكي
:: دفاتري بارز ::
الصورة الرمزية الركراكي

تاريخ التسجيل: 19 - 1 - 2009
المشاركات: 87

الركراكي غير متواجد حالياً

نشاط [ الركراكي ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 27-09-2015, 09:48 المشاركة 31   

merci pour le partage


طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا

تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682

طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً

نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
معدل تقييم المستوى: 225
افتراضي
قديم 06-10-2015, 20:04 المشاركة 32   

جزاك الله خيرا و كتب لك الاجر
------------------------------------
كان طالب العلم فيما مضى يسمع ليعلم ويُعلم ليعمل ويتفقه في دين الله ، لينتفع وينفع ، فقد صار طالب العلم الآن يسمع ليجمع ، ويجمع ليذكر ، ويحفظ ليغالب ويفخر

وكان المتناظرون في الفقه يتناظرون في الجليل من الواقع والمستعمل من الواضح وفيما ينوب الناس فينفع الله به القائل والسامع، فقد صار أكثر التناظر فيما دق وخفي ، و فيما لا يقع و فيما قد انقرض من حكم الكتابة وحكم اللعان ورجم المحصن، وصار الغرض فيه إخراج لطيفه، وغوصاً على غريبة، ورداً على متقدم

فهذا يرد على أبي حنيفة و هذا يرد على مالك و آخر يرد على الشافعي، بزخرف من القول، و لطيف من الحيل، كأنه لا يعلم أنه إذا رد على الأول صواباً عند الله بتمويهه فقد تقلد المآثم عن العالمين به دهر الداهرين.

و هذا يطعن بالرأي على ماض من السلف و هو يرى، وبالابتداع في دين الله على آخر وهو يبتدع.

و كان المتناظرون فيما مضى يتناظرون في معادلة الصبر بالشكر و في تفضيل أحدهما على الآخر و في الوساوس و الخطرات ومجاهدة النفس وقمع الهوى
فقد صار المتناظرون يتناظرون في الاستطاعة و التولد والطفرة والجزء والعرَض والجوهر ، فهم دائبون يخبطون في العشوات قد تشعبت بهم الطرق وقادهم الهوى بزمام الردى.

الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة/أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)


اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا

تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682

طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً

نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
معدل تقييم المستوى: 225
افتراضي
قديم 07-07-2016, 15:22 المشاركة 33   



ما هو سن طلب العلم

قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: وقد تعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كبر سنهم.

وعنه عن ابن حماد قال: قيل لـ ابن المبارك: إلى متى تطلب العلم؟!
قال: حتى الممات إن شاء الله.

وعن ابن معاذ قال: سألت أبا عمرو بن العلاء: حتى متى يحسن بالمرء أن يتعلم؟!
قال: مادام تحسن به الحياة.

ويحدث الإمام ابن عقيل عن همته وهو في عشر الثمانين من عمره فيقول رحمه الله: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين -أي: في العقد الثامن من عمره- أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين.

يقول الشاعر في هذا:
ما شاب عزمي ولا حزمي ولا خلقي--- ولا ولائي ولا ديني ولا كرمي
وإنما اعتاض رأسي غير صبغته ---والشيب في الرأس غير الشيب في الهمم
يعني: كل القضية أنها تحولت صبغة رأسه من الأسود إلى الأبيض، لكن هل همته -أيضاً شابت- واعتراها هذا الشيب؟!

الجواب
كلا، ولذا يقول: إذا كان شاب شعر رأسي ولحيتي فما شابت همتي.

وقال الحافظ الذهبي في ترجمة أبي الفرج بن الجوزي ما نصه: وقد قرأ وهو ابن ثمانين سنة بالعشر.
أي: كان الإمام ابن الجوزي له ثمانون سنة، ومع ذلك قرأ القراءات العشر، فقرأ القرآن الكريم بالقراءات العشر كلها على ابن الباقلاني، فتلا معه ولده يوسف، نقل ذلك ابن نقطة عن القاضي محمد بن أحمد بن الحسن.

وهذا الإمام ابن الجوزي هو الذي يقول في بعض الأشعار معبراً عن هذه الهمة العالية، وأنه كان يستزيد من الطلب ويدعو أن يزيد الله سبحانه وتعالى في عمره حتى يغتنم أقصى ما يستطيع في طلب العلم، يقول:
الله أسأل أن يطول مدتي ---وأنال بالإنعام ما في نيتي
لي همة في العلم ما من مثلها--- وهي التي جنت النحول هي التي
كم كان لي من مجلس لو شبهت--- حالاته لتشبهت بالجنـــــــــــــــة

وذهب الإمام القفال -وقيل له: القفال لأنه كان ماهراً في صناعة الأقفال- يطلب العلم وعمره أربعون سنة -أي: بدأ في طلب العلم وعمره أربعون سنة-، فقال لنفسه: كيف أطلب العلم؟! ومتى أحفظ؟! ومتى أفهم؟! ومتى أعلم الناس؟!
فرجع، فمر بصاحب ساقية يسوق على البقر، وكان رشاء هذا الحبل يقطع الصخر من كثرة ما مر، أي أن الحبل الذي يدور به البقر على الساقية يحتك في أثناء دورانه بصخرة، فلطول الوقت أثر الحبل في الصخرة، حتى قطعها، فالحبل اللين أثر في الصخرة بالمثابرة والاستمرار والمداومة، فاتخذ من هذا عبرة ودرساً، فلما رأى الغشاء يقطع الصخر من كثرة ما مر قال:
اطلب ولا تضجرن من مطلب--- فآفة الطالب أن يضجرا
أما ترى الحبل بطول المدى--- في الصخرة الصماء قد أثرا
أي: أليس الحبل مع المداومة قد أثر على الصخر الصلب؟
وليس هذا فحسب، بل الماء ألين من الحبل بلا شك، ومع ذلك فإن تساقط الماء قطرة قطرة على صخرة يحدث فيها أثراً بسبب المداومة والمثابرة.
واستمر الإمام القفال يطلب العلم، وصار إماماً من كبار الأئمة ومن جهابذة الدنيا.


ويروى أن الإمام أبا محمد ابن حزم رحمه الله تعالى طلب العلم وهو في السادسة والعشرين من عمره، قال أبو محمد بن العربي: وأقام أبو محمد في الوزارة من وقت بلوغه إلى انتهاء سنه ستاً وعشرين سنة، وقال: إنني بلغت إلى هذا السن ولا أدري كيف أجبر صلاة من الصلوات!
وقال في رواية أخرى: أخبرني الشيخ الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة لرجل كبير من إخوان أبيه، فدخل المسجد قبل صلاة العصر والخلق فيه، فجلس ولم يركع، فقال له أستاذه المربي بإشارة: قم فصل تحية المسجد.
فلم يفهم، فقال له بعض المجاورين له: أبلغت هذا السن، ولا تعلم أن تحية المسجد واجبة؟! وهي واجبة في الحقيقة عند أهل الظاهر، أما جمهور العلماء فيقولون: هي سنة.
وكان قد بلغ حينئذٍ ستة وعشرين عاماً، قال: فقمت وركعت، وفهمت إشارة الأستاذ لي بذلك، قال: فلما انصرفنا من الصلاة على الجنازة إلى المسجد مشاركة للأحباء من أقرباء الميت دخلت المسجد -أي: بعدما انتهوا من الجنازة رجعوا إلى المسجد-، وكان الوقت بعد العصر، وحتى لا يتكرر الموقف المحرج مرة أخرى قال: وانصرفنا إلى المسجد مشاركة للأحباء من أقرباء الميت، ودخلت المسجد، فبادرت في الركوع، فقيل لي: اجلس اجلس؛ ليس هذا وقت وصلاة! فانصرفت عن الميت وقد خزيت، ولحقني ما هانت علي به نفسي، فقلت للأستاذ: دلني على دار الشيخ الفقيه المشاور أبي عبد الله بن دحون فدلني، فقصدته من ذلك المشهد، وأعلمته بما جرى، وسألته الابتداء بقراءة العلم، واسترشدته، فدلني على كتاب الموطأ لـ مالك بن أنس، فبدأت به عليه قراءة من اليوم التالي لذلك اليوم، ثم تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام، وبدأت المناظرة.


وكان يحيى النحوي في أول أمره ملاحاً يعبر الناس في سفينته، وكان يحب العلم كثيراً، فلما قويت رويته في العلم فكر في أمره، وقال: لقد بلغت نيفاً وأربعين سنة من العمر، وما ارتضيت بشيء، وما عرفت غير صناعة الملاحة، فكيف يمكنني أن أتعرض لشيء من العلوم؟ وفيما هو يفكر إذ رأى نملة قد حملت نواة تمرة، وهي دائبة تصعد بها.
وأظن أن النمل هو المخلوق الوحيد الذي يحمل أضعاف وزنه، ولكن لا أدري هل ذلك حقيقة علمية أم لا؟ فهو لما نشطت همته لطلب العلم وجد عمره قد جاوز الأربعين بعدة سنوات، وأثناء ما كان يفكر رأى نملة قد حملت نواة تمرة، وهي دائبة تصعد بها، فوقعت منها، فعادت وأخذتها، ولم تزل تجاهد مراراً حتى بلغت بالمجاهدة غرضها، فقال: إذا كان هذا الحيوان الضعيف قد بلغ غرضه بالمجاهدة والمراقبة فأولى بي أن أبلغ غرضي بالمجاهدة.
فخرج من وقته، وباع سفينته، ولزم دار العلم، وبدأ يتعلم النحو واللغة والمنطق، فبرع في هذه الأمور؛ لأنه أول ما ابتدأ بها، فنسب إليها، واشتهر بها فقيل: يحيى النحوي.
ووضع كتباً كثيرة، ويحيى هذا لقي عمرو بن العاص، وأعجب عمرو رضي الله تعالى عنه به.


وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام سلطان العلماء الذي ملأ الأرض علماً وعظمة نفس في أول أمره فقيراً ولم يشتغل بطلب العلم إلا على كبر.

واشتغل الشيخ أحمد بن إبراهيم بن الحسن القنائي في العلم وهو ابن ثلاثين سنة، وتفقه، وقرأ النحو وغيره، حتى مهر، وأم الناس ببلده، وكان يحفظ أربعمائة سطر في يوم واحد، ثم أقبل على الطاعة، ولازم الطاعة حتى توفي سنة (728هـ)، وهذه السنة هي التي مات فيها شيخ الإسلام ابن تيمية.


وعُمِّر الشيخ يوسف بن رزق الله طويلاً حتى قارب التسعين، وثقل سمعه، لكن بقيت حواسه كلها سليمة، وهمته همة ابن ثلاثين، ومات وهو يباشر التوقيع، في صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة من الهجرة.


وطلب الشيخ أحمد بن عبد القادر القيسي الحنفي النحوي العلوم الكثيرة، وبرع فيها، فأقبل على طلب الحديث في آخر عمره، فتكلم بعض الناس عليه، أي أن بعض الناس سخروا منه، وقالوا: إن هذا الرجل الكبير يوشك على الموت، وبينه وبين القبر خطوات قليلة، فكيف يطلب العلم الآن؟!
فأنكر عليهم بأبيات جميلة قال فيها:
وعاب سماعي للأحاديث بعدما ---كبرت أناس هم إلى العيب أقرب
وقالوا إمام في علوم كثيرة--- يروح ويغدو سامعاً يتطلب
فقلت مجيباً عن مقالتهم وقد--- غدوت لجهل منهم أتعجب
إذا استدرك الإنسان ما فات من علا--- بالحزم يعزى لا إلى الجهل ينسب

وروى المعافى بن زكريا عن بعض الثقات أنه كان بحضرة أبي جعفر الطبري رحمه الله تعالى قبل موته، وتوفي بعد ساعة أو أقل منها، فذكر له دعاء من الأدعية عن جعفر بن محمد، فالإمام ابن جرير وهو يجود بروحه في آخر لحظات حياته رحمه الله تعالى استدعى محبرة وصحيفة، فكتب هذا الدعاء الذي سمعه من أحد العواد، فقيل له: أفي هذه الحال؟! أي: أنت الآن تموت، وتأتي بالورق وتكتب هذا الدعاء؟! فقال: ينبغي للإنسان أن لا يدع اقتباس العلم حتى الممات، فكانت همته في طلب العلم قوية إلى آخر رمق في الحياة.

وعن فرقد إمام مسجد البصرة أنهم دخلوا على سفيان في مرض موته، فحدثه رجل بحديث فأعجبه، فضرب سفيان يده إلى تحت فراشه، فأخرج ألواحاً، فكتب هذا الحديث، فقالوا له: على هذه الحال منك؟! فقال: إنه حسن، إن بقيت فقد سمعت حسناً، وإن مت فقد كتبت حسناً.


وعن الفقيه أبي الحسن علي بن عيسى الولوالجي قال: دخلت على أبي الريحان البيروني وهو يجود بنفسه، قد حشرج نفسه، وضاق به صدره، وروحه بلغت إلى الحلقوم، فقال لي في تلك الحال: كيف قلت لي يوماً حساب الجدات الفاسدات؟! يعني: كيف ترث الجدة الفاسدة؟
وهي الجدة التي من قبل الأم؛ فإنها تسمى في اصطلاح علماء الفرائض بالجدة الفاسدة، فقال له: كيف قلت لي يوماً حساب الجدات الفاسدات؟ قال: فقلت له إشفاقاً عليه: أفي هذه الحالة وأنت تموت؟! فقال لي: يا هذا! أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة.
ألا يكون خيراً من أن أخليها وأنا جاهل بها؟! فأعدت ذلك عليه -أي: أعدت عليه المسألة- وحفظه، وعلمني ما وعدني أن يعلمني، وخرجت من عنده وأنا في الطريق فسمعت الصراخ.
يعني: البكاء؛ لأن روحه كانت قد خرجت، فرحمه الله تعالى.

سلسلة علو الهمة/ محمد أحمد إسماعيل المقدم


اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا

تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682

طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً

نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
معدل تقييم المستوى: 225
افتراضي
قديم 15-08-2016, 18:02 المشاركة 34   



نصيحة ذهبية لابن رجب / بيان فضل علم السلف على علم الخلف

وقد فتن كثير من المتأخرين فظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك. وهذا جهل محض. وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كانوا. كلامهم أقل من كلام ابن عباس وهم أعلم منه
وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة والصحابة أعلم منهم وكذلك تابعوا التابعين كلامهم أكثر من كلام التابعين والتابعون أعلم منهم.
فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد.

وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً ولهذا ورد النهي عن كثرة الكلام والتوسع في القيل والقال وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أن اللَه لم يبعث نبيا إلا مبلغاً وأن تشقيق الكلام من الشيطان
يعني أن النبي إنما يتكلم بما يحصل به البلاغ. وأما كثرة القول وتشقيق الكلام فإنه مذموم.

وكانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم قصداً. وكان يحدث حديثاً لو عده العاد لأحصاه وقال أن من البيان سحراً وإنما قاله في ذم ذلك لا مدحاً له كما ظن ذلك من ظنه ومن تأمل سياق ألفاظ الحديث قطع بذلك
وفي الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً أن اللَه ليبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها
وفي المعنى أحاديث كثيرة مرفوعة وموقوفة على عمر وسعد وابن مسعود وعائشة وغيرهم من الصحابة فيجب أن يعتقد أنه ليس كل من كثر بسطة للقول وكلامه في العلم كان أعلم ممن ليس كذلك.

وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين انه أعلم ممن تقدم. فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله.
ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين. وهذا يلزم منه ما قبله لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولا ممن كان قبلهم فإذا كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله كان أعلم ممن كان أقل منهم قولا بطريق الأولى. كالثوري والأوزاعي والليث. وابن المبارك. وطبقتهم. وممن قبلهم من التابعين والصحابة أيضاً.
فإن هؤلاء كلهم أقل كلاماً ممن جاء بعدهم وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح وإساءة ظن بهم ونسبته لهم إلى الجهل وقصور العلم ولا حول ولا قوة إلا باللَه
ولقد صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة أنهم أبر الأمة قلوباً. وأعمقها علوماً. وأقلها تكلفاً. وروي نحوه عن ابن عمر أيضاً. وفي هذا إشارة إلى أن من بعدهم أقل علوماً وأكثر تكلفاً.

وقال ابن مسعوداً أيضاً إنكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه فمن كثر علمه وقل قوله فهو الممدوح ومن كان بالعكس فهو مذموم.
وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن بالإيمان والفقه. وأهل اليمن أقل الناس كلاماً وتوسعاً في العلوم لكن علمهم علم نافع في قلوبهم ويعبرون بألسنتهم عن القدر المحتاج إليه من ذلك. وهذا هو الفقه والعلم النافع فأفضل العلوم في تفسير القرآن ومعاني الحديث والكلام في الحلال والحرام ما كان مأثوراً عن الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى أن ينتهي إلى أئمة الإسلام المشهورين المقتدى بهم الذين سميناهم فيما سبق.

فضبط ما روي عنه في ذلك أفضل العلوم مع تفهمه وتعقله والتفقه فيه وما حدث بعدهم من التوسع لا خير في كثير منه إلا أن يكون شرحاً لكلام يتعلق من كلامهم وأما ما كان مخالفاً لكلامهم فأكثره باطل أو لا منفعة فيه.
وفي كلامهم في ذلك كفاية وزيادة فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلا وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأخصر عبارة ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلا وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمله ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة مالا يهتدى إليه من بعدهم ولا يلم يه.
فمن لم يأخذ العلم من كلامهم فاته ذلك الخير كله مع ما يقع في كثير من الباطل متابعة لمن تأخر عنهم.
ويحتاج من أراد جمع كلامهم إلى معرفة صحيحة من سقيمه وذلك بمعرفة الجرح والتعديل والعلل فمن لم يعرف ذلك فهو غير واثق بما ينقله من ذلك ويلتبس عليه حقه بباطله. ولا يثق بما عنده من ذلك كما يرى من قل علمه بذلك لا يثق بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن السلف لجهله بصحيحه من سقيمه فهو لجهله يجوز أن يكون كله باطلا لعدم معرفته بما يعرف به صحيح ذلك وسقيمه.

قال الأوزاعي العلم ما جاء به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما كان غير ذلك فليس بعلم: وكذا قال الإمام أحمد وقال في التابعين أنت مخير يعنى مخيرا في كتابته وتركه: وقد كان الزُهري يكتب ذلك وخالفه صالح بن كيسان ثم ندم على تركه كلام التابعين.

وفي زماننا يتعين كتابة كلام أئمة السلف المقتدى بهم إلى زمن الشافعي وأحمد وإ**** وأبي عبيد: وليكن الإنسان على حذر مما حدث بعدهم فإنه حدث بعدهم حوادث كثيرة وحدث من انتسب إلى متابعة السنة والحديث من الظاهرية ونحوهم وهو أشد مخالفة لها لشذوذه عن الأئمة وانفراده عنهم بفهم يفهمه أو يأخذ مالم يأخذ به الأئمة من قبله.
فأما الدخول مع ذلك في كلام المتكلمين أو الفلاسفة فشر محض وقل من دخل في شيء من ذلك إلا وتلطخ ببعض أوضارهم كما قال أحمد لا يخلو من نظر في الكلام من أن يتجهم: وكان هو وغيره من أئمة السلف يحذرون من أهل الكلام وأن ذبوا عن السنة.
وأما ما يوجد في كلام من أحب الكلام المحدث واتبع أهله من ذم من لا يتوسع في الخصومات والجدال ونسبته إلى الجهل أو إلى الحشو أو إلى أنه غير عارف باللَه أو غير عارف بدينه فكل ذلك من خطوات الشيطان نعوذ باللَه منه.
ومما أحدث من العلوم الكلام في العلوم الباطنة من المعارف وأعمال القلوب وتوابع ذلك بمجرد الرأي والذوق أو الكشف وفيه خطر عظيم: وقد أنكره أعيان الأئمة كالإمام أحمد وغيره: وكان أبو سليمان يقول أنه لتَمُرُّ بي النكتةُ من نُكَتِ القوم فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة.


اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

طارق دامي تكنولوجيا
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية طارق دامي تكنولوجيا

تاريخ التسجيل: 10 - 6 - 2011
السكن: المغرب/ الدار البيضاء
المشاركات: 682

طارق دامي تكنولوجيا غير متواجد حالياً

نشاط [ طارق دامي تكنولوجيا ]
معدل تقييم المستوى: 225
افتراضي
قديم 17-08-2016, 11:54 المشاركة 35   



بعض علامات العلم النافع من رسالة ابن رجب/بيان فضل علم السلف على علم الخلف

فالعلم النافع من هذه العلوم كلها:
ضبط نصوص الكتاب والسنة وفهم معانيها، والتقيد في ذلك بالمأثور عن الصحابة والتابعين وتابعيهم، في معاني القرآن والحديث، وفيما ورد عنهم من الكلام في مسائل الحلال والحرام، والزهد والرقائق، والمعارف وغير ذلك.
والاجتهاد على تمييز صحيحه من سقيمه أوّلا.
ثمّ الاجتهاد على الوقوف على معانيه وتفهمه ثانياً.
وفي ذلك كفاية لمن عقل، وشُغْلٌ لمن بالعلم النافع عُنِي واشتَغَل.
ومن وقف على هذا وأخلص القصد فيه لوجه الله عز وجل واستعان عليه‎؛ أعانه وهداه، ووفقه وسدده، وفهّمه وألهمه، وحينئذٍ يثمر له هذا العلم ثمرته الخاصة به، وهي خشية الله، كما قال عزوجل: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}

وقال عبد بن مسعود رضي الله عنه: (كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار به جهلاً)
قال بعض السلف ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم الخشية الله
وقال بعضهم من خشي اللَهَ فهو عالم ومن عصاه فهو جاهل وكلامهم في هذا المعنى كثير جداً.
وسبب ذلك أن هذا العلم النافع يدل على أمرين:
أحدهما : على معرفة اللَه وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الباهرة. وذلك يستلزم إجلاله، وإعظامه، وخشيته، ومهابته، ومحبته، ورجاءه، والتوكل عليه، والرضا بقضائه، والصبر على بلائه.

والأمر الثاني : المعرفة بما يحبه ويرضاه، وما يكرهه ويسخطه؛ من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال، فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما فيه محبة اللَه ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه

فإذا أثمر العلم لصاحبه هذا فهو علم نافع، فمتى كان العلم نافعاً ووقر في القلب فقد خشع القلب للَّه وانكسر له. وذل هيبة وإجلالا وخشية ومحبة وتعظيما. ومتى خشع القلب للَّه وذل وانكسر له قنعت النفس بيسير الحلال من الدنيا وشبعت به فأوجب لها ذلك القناعة والزهد في الدنيا

فالشأن في أن العبد يكون بينه وبين ربه معرفة خاصة بقلبه؛ بحيث يجده قريباً منه، يستأنس به في خلوته، ويجد حلاوة ذكره ودعائه ومناجاته وخدمته. ولا يجد ذلك إلا من أطاعه في سره وعلانيته. كما قيل لوهيب بن الورد: يجد حلاوة الطاعة من عصى؟ قال: لا، ولا من هم. ومتى وجد العبد هذا فقد عرف ربه وصار بينه وبينه معرفة خاصة، فإذا سأله أعطاه، وإذا دعاه أجابه

فالعلم النافع ما عرف به العبد ربه، ودل عليه حتى عرف ربه ووحده وأنس به واستحى من قربه، وعبده كأنه يراه
ومن فاته هذا العلم النافع وقع في الأربع التي استعاذ منها النبي صلي الله عليه وسلم: وصار علمه وبالا وحجة عليه، فلم ينتفع به؛ لأنه لم يخشع قلبه لربه. ولم تشبع نفسه من الدنيا بل ازداد عليها حرصاً ولها طلباً. ولم يُسمع دعاؤه لعدم امتثاله لأوامر ربه. وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه

وكان الإمام أحمد رحمه اللَه يقول عن معروف معه أصل العلم خشية اللَه: فأصل العلم باللَه الذي يوجب خشيته ومحبته والقرب منه والأنس به والشوق إليه. ثم يتلوه العلم بأحكام اللَه وما يحبه ويرضاه من العبد من قول أو عمل أو حال أو اعتقاد: فمن تحقق بهذين العلمين كان علمه علماً نافعاً وحصل له العلم النافع والقلب الخاشع والنفس القانعة والدعاء المسموع.


هذا إن كان علمه علماً يمكن الانتفاع به وهو المتلقى عن الكتاب والسنة. فإن كان متلقى من غير ذلك فهو غير نافع في نفسه ولا يمكن الانتفاع به بل ضره أكثر من نفعه.
وعلامة هذا العلم الذي لا ينفع أن يكسب صاحبه الزهو والفخر والخيلاء وطلب العلو والرفعة في الدنيا. والمنافسة فيها. وطلب مباهاة العلماء ومماراة السفهاء وصرف وجوه الناس إليه وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إن من طلب العلم لذلك فالنار النار
وربما ادعى بعض أصحاب هذه العلوم معرفة الله وطلبه والأعراض عما سواه وليس غرضهم بذلك إلا طلب التقدم في قلوب الناس من الملوك وغرهم وإحسان ظنهم بهم وكثرة اتباعهم. والتعظم بذلك على الناس

وعلامة ذلك إظهار دعوى الولاية كما كان يدعيه أهل الكتاب. وكما ادعاه القرامطة والباطنية ونحوهم. وهذا بخلاف ما كان عليه السلف من احتقار نفوسهم وازدرائها باطناً وظاهراً وقال عمرو من قال إنه عالم فهو جاهل ومن قال إنه مؤمن فهو كافر ومن قال هو في الجنة فهو في النار.


ومن علامات ذلك عدم قبول الحق والانقياد إليه، والتكبر على من يقول الحق خصوصاً إن كان دونهم في أعين الناس، والإصرار على الباطل خشية تفرق قلوب الناس عنهم بإظهار الرجوع إلى الحق

وربما أظهروا بألسنتهم ذم أنفسهم واحتقارها على رؤوس الأشهاد ليعتقد الناس فيهم أنهم عند أنفسهم متواضعون فيمدحون بذلك وهو من دقائق أبواب الرياء كما نبه عليه التابعون فمن بعدهم من العلماء ويظهر منهم من قبول المدح واستجلابه مما ينافي الصدق والإخلاص فإن الصادق يخاف النفاق على نفسه ويخشى على نفسه من سوء الخاتمة فهو في شغل شاغل عن قبول المدح واستحسانه.

ومن علامات أهل العلم النافع : أنهم لا يرون لأنفسهم حالا ولا مقاما، ويكرهون بقلوبهم التزكية والمدح، ولا يتكبرون على أحد، قال الحسن: إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة البصير بدينه المواظب على عبادة ربه

ومن علامات العلم النافع أن صاحبه لا يدعى العلم ولا يفخر به على أحد ولا ينسب غيره إلى الجهل إلا من خالف السنة وأهلها فإنه يتكلم فيه غضباً للَّه لا غضباً لنفسه ولا قصداً لرفعتها على أحد.

وأما من علمه غير نافع فليس له شغل سوى التكبر بعلمه على الناس وإظهار فضل علمه عليهم ونسبتهم إلى الجهل وتَنَقُّصهم ليرتفع بذلك عليهم وهذا من أقبح الخصال وأرداها.

ومن علامات العلم النافع : أنه يدل صاحبه على الهرب من الدنيا وأعظمها الرئاسة والشهرة والمدح فالتباعد عن ذلك والاجتهاد في مجانبته من علامات العلم النافع.
فإذا وقع شيء من ذلك من غير قصد واختيار كان صاحبه في خوف شديد من عاقبته بحيث أنه يخشى أن يكون مكراً واستدراجاً كما كان الإمام أحمد يخاف ذلك على نفسه عند اشتهار اسمه وبعد صيته.



وأهل العلم النافع : يسيئون الظن بأنفسهم، ويحسنون الظن بمن سلف من العلماء ويقرون بقلوبهم وأنفسهم بفضل من سلف عليهم وبعجزهم عن بلوغ مراتبهم والوصول إليها أو مقاربتها

ومن علمه غير نافع إذا رأى لنفسه فضلا على من تقدمه في المقال وتشقق الكلام ظن لنفسه عليهم فضلا في العلوم أو الدرجة عند اللَه لفضل خص به عمن سبق فاحتقر من تقدمه واجترأ عليه بقلة العلم ولا يعلم المسكين أن قلة كلام من سلف إنما كان ورعا وخشية للَّه، ولو أراد الكلام وإطالته لما عجز عن ذلك
فمن عرف قدر السلف عرف أن سكوتهم عما سكتوا عنه من ضروب الكلام وكثرة الجدال والخصام والزيادة في البيان على مقدار الحاجة لم يكن عياً ولا جهلا ولا قصوراً وإنما كان ورعا وخشية للَّه واشتغالا عما لا ينفع بما ينفع

اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لطلبة, العلم, العلماء, وصايا, نصائح

« سياط القلوب قبل لقاء علام الغيوب | قصائد و أبيات في الزهد و الوعظ و الرقائق »
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وصايا طفل لأمه أم حمزة دفاتر التربية الصحيحة 2 24-06-2009 07:43
من وصايا الأم أشرف كانسي السعادة الزوجيـة 6 18-02-2009 18:43
موقع جامع لمواقع العلماء وطلبة العلم: الاستاذ المتدرب مواقع تربوية 1 14-12-2008 16:54
وصايا لكل أب... نجيب محفوظ دفاتر المواضيع الإسلامية 1 04-12-2008 21:01
نصائح نصائح نصائح تهمك أم علاء دفاتر الصحة والتغذية 11 05-11-2008 23:00


الساعة الآن 06:58


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة