المردودية أعجل ما يستعجل في الخطة الاستعجالية 14/10/2008
من المعلوم أنه لا يكون الاستعجال في أمر من الأمور إلا حيث تكون الحاجة ماسة إلى ذلك. فأقسام المستعجلات في المستشفيات مثلا إنما وجدت للتعاطي مع الحالات الصحية الحرجة. وعندما تقرر وزارة التربية الوطنية خطة استعجالية فمن المفروض أن تكون هذه الخطة من أجل مواجهة وضعية حرجة. وليست الوضعية الحرجة في منظومتنا التربوية سوى اختلال المردودية التي تقاس بالمقارنة بين الجهد المبذول ونتائجه. ولقد شملت الخطة الاستعجالية عدة إجراءات ـ على الأقل نظريا في انتظار تفعيلها التفعيل الأمثل أو الأنسب أو في أسوأ الحالات الحد الأدنى من التفعيل ـ وهي إجراءات منها ما هو معنوي تنظيمي ، ومنها ما هو مادي. وكل هذه الإجراءات تقاس فاعليتها بمؤشر المردودية.
ولهذا يكون أعجل ما يستعجل في الخطة الاستعجالية موضوع رهان الوزارة الوصية هو المردودية. ولقد واجهت المردودية وهي أعجل المستعجل نكسة مع انطلاق الموسم الدراسي الذي تزامن مع شهر الصيام المبارك ، والذي اتخذ شماعة لتعطيل التحصيل أزيد من ثلاثة أسابيع بالنسبة لبعض المستويات الدراسية مما سينعكس سلبا على المردودية التي تتأثر بشكل مباشر بالتحصيل ،وترتفع وتنخفض بارتفاعه وانخفاضه. ولقد بات من اللازم البحث الجاد والعلمي عن السبل الكفيلة بصيانة مؤشر المردودية ووقايته مما يتهدده من عوامل سواء تعلق الأمر بتعثر الدراسة بسبب الغياب في أشكال الالتحاق المتأخر بالدراسة أم الانصراف المبكر عنها ،أو التلكؤ في الالتحاق بالفصول الدراسية على رأس كل ساعة بالنسبة للمتعلمين ،أو في أشكال الغياب و التأخر المبرر وغير المبرر بالنسبة للمدرسين، أو بغياب الكتب واللوازم المدرسية ، أو باختلال تكافؤ الفرص بين الأقسام حيث تنتشر ظاهرة الأقسام النموذجية عن قصد أو عن غير قصد من خلال تجميع المدرسين من ذوي الخبرة في تدريس بعض المواد في بعض الفصول مما يسبب قلقا للمتعلمين فيصير مطلب الجميع داخل مؤسسة تربوية هو الالتحاق بفصول بعينها دون غيرها نظرا لسمعة مدرسيها ، أو بتنامي ظاهرة الحصص الدراسية الموازية للحصص الدراسية الرسمية المؤدى عنها والتي لا تتأتى للجميع فيكون ذلك سببا في اختلال تكافؤ الفرص أيضا إلى جانب ظاهرة الأقسام النموذجية ، أو بانتشار التأليف الموازي للتأليف المدرسي والمشوش على الأداء داخل الفصول الدراسية ، أو بانتشار ظاهرة أسئلة وأجوبة فروض الاختبارات والامتحانات ، وهي ظاهرة تشوش على التحصيل فيصير المتعلمون عبارة عن فئران تجارب لا يتقنون سوى استرجاع ما قدم لهم من نماذج فروض الاختبارات والامتحانات عوض تطوير كفاياتهم التعلمية بشكل فعال يؤهلهم لمواجهة الحياة عوض التدرب على اجتياز امتحانات ظرفية سرعان ما تتبخر كالسراب فيجد هؤلاء المتعلمون أنفسهم أمام حياة تتطلب الكفايات الحقيقية ليخاض غمارها ، أو بانتشار ظاهرة قصاصات الغش والتدليس المستنسخة والتي تطور لدى المتعلمين كفاية سلبية واحدة وحيدة وهي كفاية الاتكال على الغش عوض التفكير في التحصيل.
إن التفكير في أعجل المستعجل وهو المردودية غاية وطنية بالنسبة للجميع ، وهي تعكس مدى حب هذا الوطن ، وتعكس مدى وطنية من يهمهم أمر قطاع التعليم سواء كانوا متعلمين أومعلمين أو مسئولين. قد تعوزنا البنيات التحتية والتجهيزات والوسائل ، لكن لا يجب أن يكون ذلك مثبطا للعزائم ولروح التحدي فينا. ولقد انطلقنا في بداية الاستقلال بإمكانيات جد محدودة مقارنة مع إمكانيات اليوم ومع ذلك لا زلنا نفخر بمردودية الأمس مقارنة مع مردوية اليوم. ولنا في بعض شعوب الأرض خلال بعض مراحل التاريخ دروس وعبر، فالفيتناميون مثلا جعلوا من الغابات في العراء فصولا دراسية، وجعلوا من جذوع الشجر مقاعد ولم ينل ذلك من عزم وإرادة شعب استرد حريته ولم ينس التحصيل. ولقد كنا قبل شعب الفيتنام نعاني من الاحتلال البغيض أيضا وكانت معاهدنا الدراسية متواضعة وعبارة عن كتاتيب ومدارس عتيقة ومساجد ودور بعض المواطنين ولم يمنعنا ذلك من التحصيل ومن استرداد حريتنا.
إن الحل لأزمتنا التعليمية رهين بتخليق المنتمين لقطاع
محمد شركي
http://www.oujdacity.net/nationale-a...-15210-fr.html