الحوار الفلسطيني.. شكوك ومحاذير رغم التفاؤل الذي ساد لقاءات "فتح" و"حماس" (تقرير)

[ابن الاسلام]

الحوار الفلسطيني.. شكوك ومحاذير رغم التفاؤل الذي ساد لقاءات "فتح" و"حماس" (تقرير)
[ 17/02/2009 - 08:07 ص ]

غزة / رام الله ـ المركز الفلسطيني للإعلام

ثمة أجواء إيجابية تتطلع إلى تحقيق إنجاز في مسيرة الحوار الفلسطيني، الذي سينعقد في القاهرة نهاية شهر شباط/فبراير الجاري، تمهيدا لمصالحة وطنية تنهي حالة التشرذم والانقسام في الصف الفلسطيني، وإن كانت ما تزال تعتريها الكثير من المخاوف والمحاذير، بحسب تقديرات مراقبين.

ويرتبط هذا التفاؤل بروح المصارحة والتفاهم والتوافق التي سادت اللقاءات التي عقدت بين وفدي حركتي حماس وفتح، خلال الأيام القليلة الماضية، كما عبر عن ذلك قياديون في الجانبين، إضافة إلى بعض الترتيبات الفلسطينية والعربية، التي يفترض أن تسبق وتتزامن مع جولة حوار الفصائل، لكن هذا لم يمنع "حماس" من الإفصاح عن تشككها بنجاح الحوار، في ظل استمرار ممارسات أجهزة أمن التابعة لسلطة رام الله القمعية.

كسر الجليد بين الحركتين

فقد أشاد الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم بسير اللقاءات التي تجري بين وفدي حركتي "حماس" و"فتح" في القاهرة، مؤكداً على أن هذه اللقاءات "تكسر الجليد".

وقال برهوم في تصريحات صحافية، "إن عقد لقاء بمستوى قيادات رفيعة بوزن موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" وأحمد قريع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح "أمر جيد وإيجابي".

وأشار برهوم إلى أن هذه اللقاءات بحثت في عدة مواضيع هامة تعتبر من ضروريات ومستلزمات الحوار خاصة قضايا الاعتقال السياسي والحملات الإعلامية التحريضية والاستدعاء وسياسة قطع الرواتب.
وقال إن "فتح" أبدت جدية كبيرة لتذليل هذه العقبات، مؤكداً على أن "حماس" طالبت بالعمل الجاد لإنهاء ملف "الاعتقال السياسي ووقف التحريض".

واعتبر القيادي في حركة حماس بالضفة الغربية رأفت ناصيف أن المؤشرات المتعلقة بحوارات حركتي فتح وحماس في الضفة " حتى الآن إيجابية"، وربط ذلك "بتهيئة الأجواء اللازمة للوصول إلى حوار جدي"، معتبرا أنها "أن هذه هي النقطة الجوهرية"، وأشار إلى أنه " تم التوافق في خطة أولى ومهمة على إغلاق ملف الاعتقال السياسي والهجمة على حركة حماس في الضفة الغربية المحتلة، وعلى أي طرح يهيئ الأجواء من أجل الحوار سواء من قبل حركة حماس، أو من قبل حركة فتح".

بانتظار آليات سريعة

وأعرب ناصيف في تصريحات لوكالة "قدس برس" عن أمله في أن "يتم الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين في الضفة، وإغلاق هذا الملف، قبل بدء الحوار في الثاني والعشرين من الشهر الجاري ( شباط/فبراير)، وأن تكون هناك "آليات سريعة" قبل هذا الموعد لمعالجة هذا الملف.

من جانبه قال عزام الأحمد، رئيس كتلة فتح البرلمانية، ، إن اللقاءات التي جرت بين حركتي "فتح" و"حماس" في العاصمة المصرية القاهرة، تؤكد أن هناك تقدماً في سير الحوار وأن هناك شيئاً جديداً.

وأضاف الأحمد في تصريحات صحفية،يوم (15/2)، أن " رئيس السلطة محمود عباس قد يعلن عن وقف الحملات الإعلامية الاثنين ( 16/2)".

سبع دول عربية ترعى الحوار

وعن الجهد العربي الذي سيشارك في دعم الحوار الفلسطيني الذي سينعقد في القاهرة نهاية الشهر الجاري كشف الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس النقاب عن أن سبع دول عربية ستتولى رعاية الحوار الفلسطيني انطلاقه في القاهرة.

واعتبر أبو مرزوق في مداخلة هاتفية تمت في إطار ندوة عقدت في عمان نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط إن الهدف من اللقاءات بين وفدي حركة حماس وفتح تهيئة الأجواء للحوار الفلسطيني.

لكن رغم ذلك فإن حركة حماس عبرت عن شكوكها في استعداد حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية لإنجاح الحوار، مبررة ذلك بمواصلة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة اعتقال المئات من أبناء وأنصار الحركة مع تعرضهم للتنكيل والتعذيب.

سلطة رام الله تواصل الاعتقالات والتعذيب

وقالت الحركة في الضفة الغربية في بيان صدر عنها يوم (16/2): "إن ما يصلنا من قلب زنازين الأجهزة الأمنية عن حالات كثيرة تؤكد لنا استمرار التعذيب والشبح والتنكيل بحق نشطاء الحركة، وما نحصيه كل حين من أعداد جديدة تختطف إما من بيوتها أو أماكن عملها، أو عن طريق الاستدعاءات.. كل ذلك يعتبر مؤشرا غير ايجابي، وعقبة كبيرة واختبارا حقيقيا لإنجاح المساعي المبذولة في القاهرة هذه الأيام".

وأضافت "نستغرب من أسلوب الجمود والبرود الذي تتسم به السلطة حيال خطوات جدية وملموسة من أجل تهيئة الأجواء لحوار وطني ناجح، ونستغرب بنفس الوقت ليونتها وحرارتها القوية في استمرار الاختطافات والمماطلات في إطلاق سراح مئات المعتقلين السياسيين من سجونها، وما يؤسف الحديث عنه أن معظم الحالات التي يطلق سراحها هذه الأيام تتعلق بأشخاص تعرضوا لتعذيب شديد، نقلوا على إثره إلى المشافي لخطورة وضعهم، ثم لحق بهم إلى المستشفيات قرارات إطلاق سراحهم عنهم، وكأنها مكرمة وطنية مرحب بها من قبل السلطة في رام الله".

وأكدت أن "أسماء كثيرة، وشخصيات اعتبارية وسياسية مظلومة لا زالت تقبع في ظلام سجون الأجهزة الأمنية في مدن الضفة المختلفة" ودللت على ذلك بإيراد مجموعة من الأسماء المحتجزة في سجون السلطة على سبيل المثال لا الحصر ، و"التي تعيش قهرا مستمرا ولا مؤشر جديا لإنهاء مأساتها".

وشددت حركة حماس رفضها "أن يتم تجاوز ملف هؤلاء المعذبين تحت أي ظرف أو حجج كانت"، داعية "الوسيط المصري وجامعة الدول العربية أن يعالجوا هذا الملف سريعا وجديا إذا كانوا يرغبون بأن تثمر جهودهم عن نتائج واقعية".

وكان مصدر في حركة حماس قد كشف يوم (15/2) عن أن الأجهزة الأمنية التابعة لمحمود عباس ما تزال تواصل حملة اعتقالاتها لأبناء الحركة، مبينا أنها اختطفت خلال الأيام الماضية 12 مواطنا من عدة قرى غرب وجنوب محافظة رام الله والبيرة بدعوى نشاطهم في الحركة.

وأوضح المصدر إن جهاز الأمن الوقائي الخاضع لإمرة محمود عباس دخل ليل السبت (14/2)، إلى قرية قبيا 30 كيلو مترا إلى الغرب من رام الله والتي تقع في منطقة سي الواقعة تحت السيطرة الأمنية والإدارية الصهيونية، واختطف كل من عمر حسين (38 عاما)، و محمد وليد (22 عاما) ونقلهما إلى التحقيق في سجن "بيتونيا" المركزي.

إبعاد عامل التدخلات الخارجية

ودعت السيدة منى منصور النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة حماس في حوار صحفي إلى توفير الأسباب، إذا أريد للحوار النجاح، مبينة بأنه يأتي في مقدمة ذلك "إطلاق سراح المعتقلين السياسيين"، وتساءلت باستنكار شديد: "كيف للحوار أن ينجح وما زال ملف الاعتقال السياسي على ما هو عليه، وما زال العشرات في المعتقلات؟!".

وشددت منصور على ضرورة أن يكون القرار الفلسطيني ذاتيًّا؛ في هذا الصدد، لا يخضع لأي تدخلات خارجية أو مساومات وتهديدات حتى يكتب له النجاح، هذا بالإضافة إلى ضرورة حل جميع القضايا العالقة حلاًّ جذريًّا بعيدًا عن التجزئة. وبرأي مراقبين فإن كرة نجاح الحوار بين حركتي فتح وحماس، ومن ثم بين بقية الفصائل، هي الآن في ملعب السلطة برام الله وأجهزة الأمن التابعة لها، وبإمكانها بالإفراج عن المعتقلين السياسيين من اتباع حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى، كخطوة أولى، أن تسهم في منح اجتماعات الحوار دفعة قوية في الاتجاه الإيجابي، خصوصا أن الحكومة في غزة قامت منذ مدة، بالأفراج عن جميع المحتجزين لديها بشهادة المراكز الحقوقية الفلسطينية.