فاعلون يدقون ناقوس الخطر: الثقافة المغربية ليسَت على ما يُرام
هسبريس - محمد الراجي
الاثنين 08 دجنبر 2014 - 06:00
في خضمّ النقاش العمومي الدائر حول الرأسمال غير المادّي، بسَط فاعلون ثقافيون موضوع "رهانات تنمية الرأسمال الثقافي" على طاولة النقاش في اليوم الثاني والأخير لملتقى منتدى الشباب للألفية الثالثة في دورته الثانية، والمنعقد بمدينة الداخلة.
محمد الشيكر عرّف الثقافة على أنّها طاقة وثروة، لكنّها غير مادّية، موضحا أنّها صارت مدخلا للنموذج الجديد للتنمية، وأضاف أنّ البلدان التي لا تملك مقوّمات اقتصادية قويّة يمكنها أن تراهن على مقدراتها الثقافية واستثمارها لتصير مُدرّة للدّخل.
وأشار المتحدّث إلى أنّ الأقاليم الجنوبية للمغرب تحتوي على خزان ثقافي يستدعي التفكير في سُبل استثماره ليصير رأسمالا لا مادّيا ينافس الرساميل الأخرى؛ لكنْ، كيف هو حالُ الثقافة في المغرب؟ "السياسات العمومية جعلت الثقافة تُعتَبر أمرا هامشيا"، يقول الشيكر.
في السياق نفسه سارتْ مُداخلة إدريس الكراوي، رئيس جمعية الدراسات والأبحاث للتنمية، الذي تناول الكلمة في فترة النقاش، وقال إنّ ثمّة حاجةً ماسّة إلى تشخيص عِلْمي دقيق للثقافة الوطنية، للوقوف عند مَوَاطن الأزمة التي يشهدها الحقلُ الثقافي المغربي.
وذهب الكراوي إلى أنّ الحقل الثقافي المغربيّ تَعوقه أربعة أنواع من العجز، أوّلها أنّ الثقافة المغربيّة تفتقر إلى مثقفين، وهو العنصر الذي اعتبرهُ الكراوي "أكبرَ تحدٍّ" لكون غياب المثقفين يُعيق إنتاج وإعادة إنتاج النخب الثقافية التي تُنير المجتمع وتُوجّهه.
العاملُ الثاني –يضيف الكراوي- هو وجود أزمة الكفاءات والمهارات في الحقل الثقافي، "فلا يكفي أن يكون الإنسان كاتبا أو فنانا ليقول إنّه مثقف، بل يتطلّب الأمر مهارات وكفاءات"، يقول المتحدث، وزاد أنّ المغرب لا يُنتج نُخباً ثقافية.
وربطَ الكراوي سبب عدم إنتاج نخبٍ ثقافية من مستوى عالٍ تتماشى مع التحدّيات التي يواجهها المغرب، بالأزمة التي تعاني منها المدرسة المغربية، وقال في هذا الصدد إنّ حلّ أزمة عدم إنتاج النخب يمرّ عبر بوّابة إيجاد حلول لأزمة المدرسة أوّلا.
أما الإشكالية الثالثة التي تعاني منها الثقافة المغربي –حسب الكراوي- فتعود إلى غياب صيانة والحفاظ على الموروث الثقافي، قائلا إنّ الموروث الثقافي على صعيد جهات المملكة يندثر، وفي وضعية كارثية "بل وصلنا في أحيان إلى نقطة اللاعودة، وأصبح مستحيلا إعادة إحياء ما فقدناه من موروثنا الثقافي".
واستطرد الكراوي أنّ الثقافة المغربية تعاني إشكالية رابعة، تتمثل في غياب دمقرطة الحقّ في الولوج الثقافي، بسبب الأزمة التي يعرفها الإنتاج الفنّي والثقافي والإبداعي، من إنتاج سينمائي ومسرحي وأزمة إنتاج الكتاب.
وفيما تحدّث الكراوي عن وجود أزمة في الحقل الثقافي المغربي"، قال نور الدين أفاية، أستاذ الجماليات والفلسفة المعاصرة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط "لا توجد أزمة في الثقافة المغربية، لأننا لم نعشْ ازدهارا ثقافيا على مرّ التاريخ، حتى نتحدّث اليوم عن وجود أزمة".
وتابع أفاية أنّ الحديث عن أزمة في الحقل الثقافي يكون عندما يكون هناك تراكم ثقافي، وحدث خلل ما، يستدعي التوقّف لمعالجته، معتبرا أنّ المثقف المغربيّ "جديد ولا يتعدّى عمره خمسين عاما"، وأضاف أنّ النقد الأدبي والفني والتشكيل وغيره لم يبدأ إلا في الستينات من القرن الماضي.
واستعان أفاية بلغة الأرقام للتأكيد على أنّ الحقل الثقافي المغربيّ ليس على ما يُرام، وأشار في هذا الصدد إلى أنّ الدواوين الشعريّة المطبوعة لا يُباع منها سوى ما بين 200 إلى 300 نسخة في ثلاث سنوات، بينما لا يُباع من الكُتب غير 1500 نسخة في ثلاث سنوات، بيْنما يُباع في الجزائر 20 ألف نسخة من العنوان الواحد.
من جانبه دعا الحبيب عيديدة إلى إدماج الثقافة الحسانية في المناهج التعليمية، قائلا "لا نريد إثقال كاهل التلاميذ بمزيد من المقررات، لكن يجب تدريس الثقافة الحسانية في باقي مناطق المغرب من أجل التعرف على خصوصيات المنطقة"، معتبرا أنّ ذلك يشكّل عنصرا مساعدا على حلّ إشكالات أخرى، سياسية واجتماعية، والتي يعتبر الجهل بها عائقا أمام حلّقا؛ وفق تعبيره.