الحوار الاجتماعي وتشرذم النقابات
لطيفة تامير
كشفت إحدى الإحصائيات الأخيرة أن عدد المغاربة النشيطين المنتمين نقابيا لا يكاد يتجاوز ثلاثة في المائة.
هذه النسبة المئوية الهزيلة التي نشرتها مندوبية التخطيط تفيد على أن الطبقة النشيطة في المغرب سواء منها العاملة بالقطاع الخاص أو العمومي لا تنخرط في أية نقابة .
إن هذا الرقم مخيف وصادم في نفس الوقت لأنه يكشف على أن 97 في المائة من الطبقة الشغيلة لا تنخرط في العمل النقابي وقد لا تثق فيه ،وهذا يعني أن النقابات لا تقوم بدورها المحوري المتجسد في التأطير والتنمية .
وإضافة إلى هذا الرقم المخيف ،فميدانيا كل المؤشرات تدل على أن النقابات ماضية في إضعاف نفسها عبر الانقسامات الشيء الذي يجردها من قوتها ويحيلها أجزاء متناثرة بعد أن كانت كثلا قوية تحاور وهي في موقف قوة كما يحيلها إلى مجرد كيانات ضعيفة لا تستطيع أن تحافظ على المكتسبات فبالأحرى أن تجلب مكتسبات جديدة …
وآخر مثال على تشرذم النقابات وضعفها جسده فاتح ماي الأخير بحيث نجد داخل النقابة الواحدة جزء قاطع تظاهرات فاتح ماي وجزء آخر انخرط في الاحتفالات بهذه المناسبة وخرج متظاهرا. كما نلاحظ أنه خلال الحوار الاجتماعي نفس النقابة تحاور الحكومة برأسين ولكل رأس مطالبه الخاصة .فهذا الوضع فإن لم يصب النقابات في مقتل فإنه أضعف أداءها لا محالة.
هذا التصدع داخل الجسم النقابي بقدر ما عزز موقف الحكومة التفاوضي وجعلها في موقف مريح ، أثر سلبا على قوة وثقل النقابات كما أرخى بظلاله على سير الحوار الاجتماعي ككل وكانت نتائجه وتداعياته على الطبقة الشغيلة واضحة بحيث دفعت هذه الأخيرة ثمنا باهضا ،فلا زيادة في الأجور وسيتم تفعيل مبدا التعاقد داخل الوظيفة العمومية ،كما ستمرر الحكومة مشروعها الإصلاحي للتقاعد إضافة إلى إعادة انتشار الموظفين كيف ما سيحلو لها و…و.
إن هذه الوضعية المتردية و التي لا تستطيع فيها النقابة أن تحافظ على تماسكها ووحدتها فبالأحرى استقطاب منخرطين جدد وتأطيرهم وإقناعهم بكونها تدافع عنهم ،وأنها الإطار الذي يحمي مصالحهم
فالانشقاقات النقابية التي باتت تؤثث المشهد النقابي وتزيد من بلقنته والتي تحركها في أغلب الأحيان هواجس شخصية أثرت كثيرا على مصداقية العمل النقابي وأنهكته،كما كانت وبالا على مردوديته.