زايد التيجاني,بومية بك تختال ,و نحن على منوالها نسير - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية أم ايمان
أم ايمان
:: دفاتري ذهبي ::
تاريخ التسجيل: 3 - 9 - 2008
المشاركات: 2,767
معدل تقييم المستوى: 472
أم ايمان يحمل عنوان التميزأم ايمان يحمل عنوان التميزأم ايمان يحمل عنوان التميزأم ايمان يحمل عنوان التميزأم ايمان يحمل عنوان التميزأم ايمان يحمل عنوان التميز
أم ايمان غير متواجد حالياً
نشاط [ أم ايمان ]
قوة السمعة:472
قديم 21-12-2008, 17:20 المشاركة 1   
افتراضي زايد التيجاني,بومية بك تختال ,و نحن على منوالها نسير

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ







ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

قد يكون زهر الفل أجمل شيء في الغابة

قد يكون اللؤلؤ أنقى شيء في البحر

قد يكون قطر الندى أصفى شيء في الوجود
لكن الشيء الاكيد ان وجود ضيفنا الكريم في الدفتر الادبي هو جبل من العطاء ....بقمته البيضاء....من النبل و الوفاء ....و التشجيع و النقد البناء







ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

نغرف من همس الكلام أعذبه .. ومن قوافي القصيد أجزله ..

ومن جميل النثر .. أروعه .. بين مد وجزر .. وفي امواج البحرلنرحب باستاذنا و مشرفنا الثالث و اخينا:



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ




ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹزايد التجانيط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ




عانقــــــــــت جــــــــــدران منتدانا بجميل تواجدك ...و اغنيت دفترنا الادبي بوافر ابداعك
وتزيّنــــــــــــت مساحـــــاته بأعــــــــذب عبــــارات الــــود والــــترحيب
ومشــــاعر الأخــــوة والإخـــــــلاص ... كـــــفوفنا ممــــدودة
لكفوفــــــك لنـــــخضبها جــــميعاً بالتـكاتف في سبيــل زرع بــذور
الأخلاقيـات الراقيـة ولا نلبـث أن نجني منهـا
إن شاء الله ثمراً صالحاً.. ونتشـارك
كالأسرة الواحدة لتثقيف بعضنا
البعض في كل المجالات


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

نخوض غمار الكلمة .. فتجرفنا سفينة الورقة .. تجدفها اقلامنا ..

لتحل القوارب في مراسينا .. فنصل الى شواطىء الابداعالحقيقي و الكلمة الصادقة

نرى نزف قلمك الفاضل في مواضيعنا
فـاهلا وسهلا بك نجما مشرقا متالقا








ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



نتمنى لك اقامة سعيدة في هذا الركن الهادئ الجميل بين اخوان لك و اخوات ...يحملون لك كل مشاعر الاخوة و الصداقة ...و العرفان بالجميل ...فدم اخا طيبا و مبدعا معطاءا و ناقدا مصلحا



نرحب بكــ لتضئ لنـــا ذلـــك الجزء الخــــاص

شاكرين لك من القلب قبـــول الدعـــوة ...
لـ لقاء مع المبدعين لذة لايعرفها سوى من يخترق جدار صمتهم فـ لتمطروهم إستفهاماً ..!
فلـــك هنـــا الحـــرية بلإجـــابة أو عدمهــــا















ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ





ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹتأملات أستاذ

ب "مقهى وحيد" جلس،في الواجهة الخارجية طفق يتأمل بلا حدود.. أغاني شعبية تأتيه من كشك صغير في الجانب المقابل من الشارع المترب ورائحة خبز" الحارْشه" تزكم أنفه من جهة اليمين وذرات الغبار المتطاير تملأ الفضاء فتشكل سحابة بيضاء سرعان ما تترسب على الطاولات والوجوه . رمى ببصره بعيدا ،تراءى له جبل قريب داكن مطل على بومية عار من الأشجار .. الحجر موجود والشجر مفقود .قال في نفسه : يرحم الله النصارى ،لقد كانوا يغرسون كل شبر تطأه أرجلهم ،وأحباؤنا يزرعون الوعود .. يحلفون أغلظ الأيمان ثم... يغضبون ويتوعدون .. هم يمرون كسحابة خير والأعراب سحابة صيـــــــــــف .... حر وجفاف ... يأتون على الأخضر واليابس كجراد معتوه . على طــــــول الشارع الناس كأن على رؤوسهم الطير.. إنه عالم المتناقضات ،أجساد بلا عقول ..وعقول بلا عقال .. شحاذون قدامى يمدون أيديهم في صمت ، لعلهم ملوا أسطوانة الاستعطاف بلا طائل ، آخرون جدد يستعطفون ويلحون ، آخرون يصلون بلا وضوء مع المصلين ثم يقومون ويدّعون أنه انقطع بهم الحبل في هذه البلاد السعيدة .. شاب في عمر الزهور يشم خرقة بالية متعفنة ..على جنبات الرصيف لاحظ ثلة من الشيوخ يحملقون بعيون ذابلة يدردشون ويقهقهون ولا يبالون..وبقارعة الطريق رأى رجلا ملتحيا قصيرا ينحني ويلتقط شيئا، أخذه ثم سار ووضعه جانبا.كان ذلك حجرا مستديرا ذا نتوءاتصغيرة، في الحال تذكر حجارة أطفال فلسطين ، قال في نفسه وهو يتأملها: أغلى حجارة تلك التي فوق أرض فلسطين ، وأقدس حجارة تلك التي داخل المساجد، وأنفع حجارة تلك التي تستعمل في البناء ..غير ذلك يبقى مجرد حجارة، حجارة لا تضر ولا تنفع. عاد فرفع رأسه ، لاحظ أفواجا من التلاميذ يتوجهون نحو الثانوية جماعـــــــــــــات وفرادى...محجبات تبدو عليهن الحشمة والوقار وأخريات متبرجات ، شعور وأصباغ وأعضاء بارزة من شدة التحنيط …بعض الباغيات خرجن من خدورهن يذرعن الشارع جيئة وذهابا ..لعلها استراحة قصيرة لأفخادهن أو رغبة في اصطياد غرباء البلد ممن قد يدفعون أكثر .. في الجهة المقابلة لاح له أحد تلامذته المشاكسين بسرواله "الهيب هوب" المرقع ، دفتر كبير الحجم مطوي في جيبه الخلفي وخيط ممدود من جيب داخلي ينتهي بسماعة قد استقرت في أذنه اليسرى ..أحس بضحكة تكاد تنطلق من الأعماق ،انتبه على خيط من الدخان يدخل خياشيمه ، التفت ، رأى رجلا في حدود الستين يدخن بشره شديد ،لايكاد يسحب نفسا حتى يعيد الكرة ،أحيانا يرفع السيجارة بأصبعين هزيلين ويظل يتفرس فيها ، ثم سرعان ما يسحب الدخان بملء رئتيه ، ينفث الدخان في الهواء رافعا وجهه قليلا نحو السماء ، شكل من أشكال النشوة ، مط الأستاذ شفــــــــتيه تعجبا واستخفافا ، التفت نحو ساعته، لقد بقيت عشرة دقائق فقط ، رشف ما تبقى في الكأس ثم قام وتوجه نحو الثانوية .

كالمرجل كان يغلي داخل القسم ..لا يخجل في تشبيه نفسه بالحيوان، الحيوان الذي يتألم ويشعر ولا يفعل شيئا.. أوضاع مزرية عدة تكاد تذهب بلبه، يخلع عنه برنس البرامج والمقررات.. ثم يبدأ يرفرف بجناحين قويين في سماء القسم .. يخوض في مواضيع هامة ،يجيب على فضول التلاميذ في شيء من العصبية ، يشير بيده .. يجحظ بعينيه.. يصمت لثوان قليلة بلا حراك .. يـزرع صمتا مهيبا في الفصل .. ذات يوم سأله تلميذ بعد أن استقام واقفا :
- أستاذ، حسب ما تفضلتم ، هل معنى هذا أن الانسان لا قيمة له على الاطلاق ؟
ابتسم الأستاذ أولا ،رفع رأسه وأشار بيده كعادته وهو يجلس على زاويــــــــــة المكتب :
- اسمع يا ولدي ! الأصل أن يكون كريما..مكرما.." ولقــــد كرمنا بني آدم " جعله الله خليفة على أرضه ..أعطاه عقلا وصل به إلى الفضاء .. لكن بالنظر إلى أفعاله الأخرى فهو غير ذلك ، مجرد حيوان وربما أقل ..
تبادل التلاميذ نظرات متسائلة، تنحنح هو ثم عدل من جلسته وأضاف :
- القتل ..الدمار ..الاستغلال البشع ..مص الدماء .. استغلال السلطة.. قتل الطبيعة .. نهب المال .. الشذوذ الجنسي..ماذا تسمون هذا ؟ والعجيب أنه يتكبر ! ثم وهو يضحك : تعلمون ؟ لو ترك نفسه سنة فقط دون غسل وتهذيب لأظافره وشعره سيصير حيوانا مخيفا ... جسما نتنا.. ثم علام العجرفة وأمعاؤه ملأى بالغائط ؟ هذا فضلا عن القنابل الصوتية المختلفة. انفلتت ضحكة مدوية من أحد التلاميذ ، تبعه آخرون ، خفف هو من حدة غضبه قليلا وانساق مع جو المرح ، وعلى طريقة شرطي المرور أعطى إشارته بالصمت ، صمتوا إلا من ضحكات خفيفة تأتي من هنا وهناك .
وقفت فتاة محجبة يبدو عليها شيء من الامتعاض فقاطعته :
- ولكن المسلمين يا أستاذ نظيفون .. يتوضأ ون يوميا ..
قهقه على غير عادته ، أظهر شيئا من ضبط النفس ، فهم التلاميذ أنه الآن أكثر انفعالا مما سبق ، قال :
-العبرة يا بنيتي بالنتائج وليس بالطقوس .. ليس بالجسم النظيف وحده وربطة العنق أو اللحية المرسلة أكون إنسانا عظيما، ثم وهو يشم الهواء في حركـــــــــة واضحة رافعا رأسه قليلا نحو الأعلى تابع ، وليس برائحة عطر أو رصيد في البنك ، ماسحا على جيبه هذه المرة ، صمت برهة ، نزل عن المكتب ، توسط القاعة ، مد يده مشيرا إليهم في حركة عامة وهم واجمون مصغون : المسلمون ؟ أرأيتموهم يوما يصلون دون استعانة بمد الخيوط ؟ حتى تسوية الصفوف لا يقدرون عليها ..طبعهم لا يستقيم والنظام .. لا يتفقون أبدا ..أو قولي اتفقوا على ألا يتفقوا . ثم أخذ ينظر إلى موقع قدميه شارحا : حركة بسيطة لن تحتاج إلـــــــى مد خيط أو حتى خط موشوم على بساط ، الكعب على الكعب والأصابع في موازاة الأصابع هكذا ، وقف بعض التلاميذ الذين في الوراء ، مد آخرون أعناقهم ، رفع هو رأسه وأخذ يبتسم في سخرية واضحة ، التفت إلى السبورة ، ضرب بخط كبير على العنوان " الحرب العالمية " ثم قال :هذه ليست مواضيعكم .. ماذا ستفعلون بسقراط وبقراط أو الجغرافيا وأكتافيا ؟مواد كثيرة تستحق أن تختزل في كتب الكترونية يرجع إليها من شاء ... انتم موضوعكم حاسوب لاتدرون التعامل معه ..تقنيات حديثة تهطل علينا كالمطر ..أجهزة عصرية عدة ..لغات حية..علوم الفضاء.. تسلحوا بالعلم يا أبنائي ، فهذا زمان العلم . فجأة سمعوا جلبة في الخارج ، التفت لساعته ،رمى بجسده على المقعد الخشبي بعد أن أعطاهم إشارة بالخروج .



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹحــــــــــــــالة غضب






الساعة الآن العاشرة ليلا.. أحسست با رتخاء في أعضائي ، مددت يدي فأطفأت نور الغاز – قارورة الغاز – ثم مددت رجلي تحت الفراش ، شعرت برعشة في أوصالي لبرودة الجو. كان صوت أم كلثوم يخترق صمت الغرفة ... الآلات ترن وتطن... ﺇنها سهرة ممتازة تعودنا عليها في إذاعة طنجة الدولية ، إذاعة الموسيقى العذبة. الله الله على الموسيقى .! على الأنغام العذبة و..
أغلقت عيني ببطء ، تذكرت المدير حين قال لي ׃ اسمع يا ولدي، ستدرﱢس في غرفة قديمة ريثما يبنون المدرسة قريبا .. و سيبنون حتى سكن المعلم .
مجرد وعود .. ووعودهم تطول .. وقد طالت ثماني سنوات . ثم انتابني ضحك خفيف وأنا مغمض العينين .. لقد تذكرت اليوم الأول حيث اصطف التلاميذ أمام القسم ، أقصد المبنى القديم ، ثم أمرتهم : " دخلوا" فتسمروا في مكانهم . أعدت الأمر وأنا أنظر إلى الذي في الأمام ، فردّد عليّ " دخلوا" ، ساعتها علمت أنهم لايفهمون اللهجة الدارجة ! فتحت عيني ببطء ، كانت " فكروني" تنسج خيوطا شفافة من اللحن الجميل ، فجأة سمعت خشخشة ... رفعت رأسي قليلا .. أصخت السمع .. خفضت صوت الجهاز ﻷ تأ كد لكن لاشيئ ! عدت فوضعت رأسي وشرعت أحرك رأ سي تجاوبا مع النغم .. هنا تحركت آنية ، خشخشة أخرى ؟ وكل ليلة ؟ قمت بحذر ..اتجهت نحو مصدر الخشخشة ،المصباح اليدوي بيد وفردة حذاء بأخرى ! تجمدت قرب المصدر، ارتفعت تصفيقات الجمهور ! ضحكت ، تساءلت على من يصفقون ؟ عليّ أنا ؟ أم على هذا الملعون الذي يبدو أنه شعر بحضوري فاختفى ؟! آه ! لعله يكون تتسلل من تحت الباب الخشبي ! ربما هو الآن في فناء الدار وسط الأعواد يضحك عليّ .. ! يحكي سخريته بي لحبيبته ! صرخت ، سترى يا كلب .. يا وغد ..
عدت الى السرير ، تمددت من جديد في استرخاء مطلق .. أطلقت زفرة، تأففت.. تأملت الحظ الذي رماني كسهم إلى هذه الجبال ..البيوت مبنية على طريقة " التابوت " ، لا ماء ولا كهرباء ولا طريق معبدة.. إذا أردت قضاء حاجتك فما عليك إلا الانزواء في حفرة ما أو وراء شجرة ما.. تعري أسفل جسمك وتقارع البرد القارس بصبر وأناة .... ناس بسطاء تُـسمع ضحكاتهم من بعيد .. أهازيجهم تنطلق من الحقول مرفرفة بقوة كجناح نسر في السماء .. يعملون ولا يملون كالنهر في جريانه.. يقولون الطبيعة جميلة والجو عليل.. أحسست بقهقهة تكاد تنطلق من الأعماق وتظل تسير كما الصدى في الجبال .. إذ ما قيمة هذا وسط حرمان مخيف ، تاج بلا رأس أو رأس بلا تاج ! قطعت حبل أفكاري كلاب تنبح في الخارج، وأم كلثوم في سكون الليل تذكرني بذكرياتي ، بأحلامي ، ثم .. ارتفع صوت خشخشة ثانية ! خشخشة أقوى من الأولى !همست .. تالله لأجاهدنّ فيك الليلة ، أتفسد علي متعتي !؟ أحلامي حتى أنت يا ..
رميت الغطاء جانبا ، تسللت ببطء على ركبتي .. ارتفع صوت الراحلة فجأة ، دوى تصفيق الجمهور ، انتبهت ، عدت فاستقمت في حذر ، ثم تقدمت في صمت و سمعت الخشخشة ׃ ﺇنه هناك ، في ذلك الوعاء الكارتوني ..! تقدمت قليلا ، أنرت مصباح اليد ، فاجأته ينظر إلي برأسه الصغيرة الطويلة .. تلقفت الوعاء وأغلقته ،ثم استدرت الى الجهاز وصحت ׃ اسكتي يا أم ، وأنتم يا جماهير صفقوا ! هذا العدو بين يدي الآن ! لقد أ لقيت عليه القبض !!! أضأت نور الغاز .. أخذت الوعاء ووضعته على الطاولة ... دوى التصفيق بحرارة .. العدو يخرمش في جدران الوعاء ! مددت يدي من فتحة .. بحثت عن جسده النحيل ، أحسست بوخزة مخالبه الحادة ، بسرعة ، أخذت أضغط بشدة .. أعصر بقوة ... تعالى التصفيق مرة أخرى ،التفت إلى الوعاء باهتمام ، فتحته ، أخرجت الجثة الهامدة ، طويتها في خرقة ، ثم قمت وألقيت بها وسط الأعواد مخاطبا إياه ׃ احك الآن لحبيبتك ! قل لها من الذي ضحك على الآخر ! احك . احك... ! .
دخلت الغرفة و أطفأت النور ، فوق السرير تذكرت الدم ، قمت أتلمس الأشياء حتى عثرت على إناء الماء ، فغسلت يدي في الظلام ، ثم سرت الهوينى وسط تصفيقات الجماهير إلى الفراش ، أغمضت عيني على نباح بعض الكلاب البعيدة ..أطلقت آهة طويلة .. ثم ..ثم أخذت أذوب في الموسيقى .. مع الصوت العذب واللحن الجميل !



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹانـتـظـــار





وضعت الصينية المذهبة على المائدة المستديرة بعناية فائقة ، بدأت تصفــف الكؤوس الملونة الجميلة ، وضعت البراد الفضي في الوسط .. كان الأب يتمتم بأذكاره وهو مغمض العينين .. حبات السبحة تتحرك في نظام .. بعد قليل سيأتي مختار مع أمه لخطبة إلهام .. شعرت بفرحة كبيرة تجرف قلبها .. أخيرا قالت مخاطبا الرجل :
- الحاج ؟
رفع إليها عينين كبيرتين.. هز حاجبيه الكثيفين متسائلا ، أجابت :
- كيف ترى أن يكون عرس ابنتنا إلهام ؟ وماذا سنشترط عليه ؟ يجب أن نتفق فيما بيننا قبل كل شيء ..
أجاب الحاج وهو يقبّـل سبحته علامة الانتهاء من الأذكار :
- الخير فيما اختاره الله
قطعت إلهام عليهما الحديث بدخولها إلى الغرفة ، كانت تحمل أنواعا لذيذة من الحلوى ، وضعت في كل جهة صحنا مزركشا مملوءا بتلك الألوان الشهية .. جلست في وقار .. عدلت من جلستها وهي تتصنع الخجل .. عادت الأم تسال الحاج :
- يجب أن يكون عرس ابنتنا عرسا رائعا ..
رنت من جديد إلى الرجل الهادئ وأضافت :
- أعني العمّارية .. الطبل والغيطة .. الجوق .. الضيوف ..؟
علق الحاج في شيء من التوتر :
- النفقات الكبيرة .. الحرام .. ؟ الله لا يبارك هذا النوع من القِـران ... الطلاق يكون دائما هو النتيجة .. أو على الأقل يكون الأولاد عُصاة لا يدرون شيئا عن طاعة الوالدين.. أبناء الشيطان ..
نهرته المرأة في قليل من الغضب :
- اصمت ! وأنت ؟ هل كذلك فعلت ؟
أحنى رأسه وأجاب في ثبات :
- التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
لم تكن هي تهتم للمناقشات الساخنة .. فالذكريات الحلوة قد أخذتها على حين غرة .. بدت وردة يعبث بها النسيم برفق .. وملكة في حضن فارس أحلام مغوار.. تذكرت مقابلاته التي لم تكن تتأخر ثانية واحدة، أحيانا يظلا فريسة نظرات العيون المغرمة.. نعم ، عرفت الحب قبله لكن كان زائفا .. يتساقط كل مرة كأوراق الخريف.. هذه المرة تمكّـن كما الدوحة في الأرض اليابسة.. امتدت عروقها مسافات.. طولا وعرضا.. لقد أنبتت بذرة الحب وأينعت خاصة بعد توظيفه.. فأقسمت له وهي تعانقه ألا تخونه أبدا.. تملـّى وجهها الصبوح قليلا قبل أن يسأل :
- ولو كان عاملا بفرنسا ؟
- ولو كان مهندسا بألمانيا .
فالحبيب شاب طيب .. لا يدخن ولا يشرب الخمر، ملفه مع النساء فارغ من القصص والحوادث .. إنه مثال الرجل الذي تحبه كل امرأة .. لم تكن تهتم بكلام الناس عن علاقتها التي دامت ثلاث سنوات .. بهمسات الجارات في رأس الدرب أو في الحمام.. ذات يوم شكت لمختار ذلك ، سألها وهو يعبث بشعرها الطويل الفاحم :
- وما رأيك أنت ؟
حدقت فيه مليا وأجابت بلسان القلب المتيم :
- لو خسرت العالم كله وربحت حبيب القلب ، ما ضرني ذلك في شيء...
ابتسم لهذه الفلسفة الملفوفة في ورود الحب ..
أحست بفرحة تكتسح قلبها ، مطت شفتيها تريد أن تبتسم .. حانت منها التفاتة إلى ساعة الحائط ، لقد مضى على الموعد ساعة تقريبا.. شعرت بتوتر زائد يكاد يحطم أعصابها .. تفهّمت الأم حالتها.. سألتها وهي تقترب منها :
- هل قال لك أنه سيأتي بعد صلاة العصر ؟
أجابتها في حيرة :
- نعم ، بل أقسم على ذلك ؟
فجأة رنّ الهاتف ، سحبته إلهام من جيبها في لهفة ، تناهى إليها صوت جهوري لامرأة :
- من ؟ إلهام ؟ اسمعي يا شاطرة ، ابني لا يفكر في الزواج بعد .. ثم أريده أن يتزوج واحدة موظفة تعينه على نوائب الدهر .. مفهوم ؟ شوفي لِـك شفكتيم آخر ...
ركب الشحوب فجأة عضلات وجهها .. انهمرت دموع تعلن انتهاء الأحلام ... تراخت الأصابع التي تشبثت بالهاتف في البداية ، ثم انطلقت مسرعة إلى غرفتها يسبقها نحيب متصاعد .. انتهت الحرب الكلامية بين الأم والحاج ، أخذ هو سبحته وبدأ يتمتم في خاطره " وكفى الله المومنين القتال .." فيما قامت الأم ودلفت إلى الغرفة ...



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹأريد معالي الوزير -







في زاوية ما أمام قبة البرلمان كنت أنتظر..أنتظر قدومه في سيارته الفارهة ،سأفتح عيني جيدا على السيارات الفارهة التي ستتوقف تباعا أمام البرلمان.. أكيد سيحضر لمناقشة الأسئلة الشفوية لهذه الدورة ، سيجيب عن أسئلة في حجم الجبال ...على مستوى الجهات والعمالات .. بينما أنا سأضع بين يديه سؤالا في حجم فأر بجحر صغير ..سأضع بين يديه مستقبلا في حجم مضغوط وفي شخص يحمل شهادة لا تسمن ولا تغني من جوع ..فهل سيرفض حل مشكلة صغيرة ؟ سأهبّ أولا فأقبل يده في خنوع ...كساق برسيم سأنحني في خشوع ...لطالما خضعت وخنعت أمام رياح الحياة العاتية ، تكومت على نفسي في ذل غير ما مرة ..أرباب العمل لا يرحمون ، يدفعونك على ظهرك كما يوخز الحمار المتعب ..تقف لاسترضاء أحدهم بكلمات فيسبك ، يتفل على وجهك والشرر يقدح من عينيه كما الحمم من فوهة بركان ..لقد ألفت الخنوع غير المجدي ، ولا شك أنه سينفع هذه المرة ...سيتوج بوظيفة ما براتب ما ..اللهم الوظيفة ولا التسكع بين المدن والشركات..جاءني هاتف من صندوق رأسي يقول : " اسمع ! اسمع يا أهبل ! كن متأدبا ..اختصر في كلامك ..سيادته مشغول جدا ، أنت تعرف تدشين المشاريع الرسمية ..المشاريع الشخصية ..الجلسات الحميمة مع فلان وعلان في الأماكن الراقية ..كرسي مكتب الوزارة الذي سيعتليه بشغف في البداية .." حركت رأسي موافقا، " عليك بالحركات ..انس حركات النحويين والبلغاء من رفع وجر ..عليك بحركات الخنوع والخضوع .. تقوّس وذرْ ظهرك يأخذ شكل منجل مع الحرص على النظر إلى الأرض ..أنت تريد وظيفة يا رجل ..وظيفة ! "

كانت السيارات الجميلة تملأ الشارع هديرا ..الناس بثياب أنيقة ونظيفة ..شعور الفتيات تلهو بها أيدي الرياح الخفيفة .. واجهات زجاجية يلمع بريقها هنا وهناك ، شممت رائحة النعمة تحيط بي من كل جانب ، صرخت في داخلي : أين كنت يا جدي في زمانك ؟ شبر واحد هنا يباع بالملايين ..وأنت غافل هناك ت...آه ! كنت تقاوم الاستعمار الغاشم وتهيم على وجهك فـرَقا في الجبال والوديان ..تركت الأرض لأولادك يحرثون ويزرعون ..يوفرون اللحم والخبز لأهل المدينة ، وهم كانوا يدرسون .. تعالى فانظر الآن النتيجة ، هيا انفض عنك غبار الزمن وانظر نصيب من كان يوفر الزرع والضرع .. انظر نصيبنا من الكعكة ! حتى الفتات ذهب للقطط والكلاب ..قطع حبل أفكاري متسول يستجدي في خنوع ، متسول أمام متسول ؟ تساءلت .. مسكين ! لقد غره هندامي المستعار !

أحسست بعياء في ركبتي الهزيلتين ، عدت فجلست على إليتي ّ وعيناي على الجهة المقابلة للشارع ، أكاد لا أسمع شيئا من هدير المحركات وضجيج المارة ... عقلي في مخاض عسير ، يبحث عن الكلام المباح في مثل هذه المناسبات التي يعز تكرارها ، آه نسيت ، يجب أن أحرص على أن أكون جهة الباب ..الباب الخلفي الذي سيخرج منه سعادته بعد أن يفتحه سائقه في أدب شديد ، آنئذ سأقترب منه وأقبل يده ، أكيد سيراني بربطة العنق وهذه البذلة الجديدة التي استعرتها من أحد الأصدقاء.. سيحسبني صحافيا جاء يستأذنه في لقاء ،سأستمهله حتى يسمع مني : " معالي الوزير ، تلطف برقبة هذا العبد الحقير ..وانعم عليه بوظيفة تضمن له العيش الكريم .." طبعا يعلم آلاف الوظائف المهداة على طبق من ذهب ..وأخرى كانت بتدخلات أولاد الحرام ..وأخرى .. إن أعجبه كلامي ولـذ ّ له تذللي أو بدا مستغربا لاجتماع التذلل والبذلة الأنيقة سأضيف في شيء من الجرأة : " أنت يا معالي الوزير تعيش حياة هنية .. يستقبلك أطفالك فيطبعون على خدك المورّد قبلات الحب والحنان ..أنا يا معالي الوزير لا أهل لي ولا ولد ... مجرد حزمة من المشاكل .. تجاعيد الوجه .. واللون القاتم ... والنظرات التائهة هي كل ما طبعته الأيام الخوالي على وجهي .. أنا الآن كتمثال منحوت متقادم ، كل مرة يسقط جزء من كياني .." انتبهت على وقوف إحدى السيارات الفارهة ، وقفت على التو وقلبي ينبض .. تبخرت الأفكار التي أعددتها في ذهني ، جحظت بعيني أتفرّس صاحبها وأنا أمد عنقي ، لم يكن هو ، أنا أعرفه جيدا ، لو كنت رساما لرسمته بريشة ذهبية وبإتقان ، سأرسم حتى النظرة المتفائلة وشكل الابتسامة.. وما الذي أغراني للقائه غير ابتسامته في بعض البرامج ؟ كلامه اللطيف .. نيته الحسنة التي لا يفتأ يرفعها كما ترفع الأعلام واللافتات ، كشفت عن نفسيته كالطبيب النفساني ... بل قمت باستمارة شفوية مع بعض الملاحظين السياسيين من أصحابي ، وقفت سيارة سوداء أخرى جنب الأولى ، أسرعت إلــــــــــى الجانب الآخر من الشارع وأنا متأكد من أنه هو ، لم أر الابتسامة على وجهه كما كنت انتظر ..منيت نفسي بالصبر ، خنق السائق صوت المحرك فخرس، بسرعة مرق من مقعده ، ألقى نظرة عجلى عليّ .. على هندامي ، مد يده لفتح الباب ، تعثر قليلا كاد يرتطم على إثرها بالباب .. خرج معالي الوزير وهو يلوك كلاما بالفرنسية .. أغلظ له القول وهو يفترسه بنظرات حارقة .. ذهلت وأنا أتابع المشهد ..تسمرت رجلاي بالإسفلت .. سقط الملف الأحمر من يدي ..انصرف الوزير وقد غشيت وجهه كل علامات الغـضب ، فانصرفت بدوري لا ألوي على شيء......



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹالطريق إلى وجدة..




ما كاينْ غيرْالشيح الريحْ



-غدﱠ مع ستﱠ ديال الصباح غدي يقلعْ

هذا ما صرح به موظف وراء الشباك بالمحطة الطرقية بميدلت، وكنت سألته عن الحافلة التي ستقلني الى وجدة ..العاصمة الشرقية للمملكة . حضرت وأسرتي بنصف ساعة قبل الموعد ، بعد أخذ التذاكر ووضع متاعنا في المقاعد الأمامية ، جلسنا على المقاعد الخشبية ننتظر ..كنت من وقت لآخر انظر إلى ساعة المحمول ..أسترق النظر إلى مقعد السائق مستعجلا ..صرت أحرص على حساب الدقائق ..الثواني ..ما أثقل لحظات الانتظار !
بدأ الوقت يتمطط كأفعى ... الزمان صار يزحف كسلحفاة هرمة ..أخيرا رأيت السائق يأخذ مقعده بعد نصف ساعة ، صعدنا ونحن نتنفس الصعداء ..مواعيد عرقوب ، رددت حانقا في نفسي .
وأنا أدخل ، وجدت أحد الركاب قد جلس مكاني ، طلبت منه بلطف إخلاء المقعد
"ها الصاك ديالي أخويا ..واش ماشتيهش ؟ "
نظر إلي في صمت وهو يبحث في جيبه ، بعد برهة أشهر في وجهي تذكرته الصفراء الصغيرة :
"أنا عندي فالورقه ديالي النمره 3 ..شوف شحال النمره ديالك ؟ "
صعقت ..أرقامي غير ذلك ..ما هذا القانون الذي لا يـُعمل به إلا هنا ؟ وهل فعلا كان الركاب عيونهم على الأرقام ؟ طبعا لا .. ما حكاية الرجل ذي الدم البارد إذن ؟ يا إلهي ماذا أصنع ؟ وهل أطيق الركوب في الخلف ؟ أنا بالكاد أصبر على خمسين كيلومتلرا أو حتى مائة ..فكيف لي بتسع ساعات من السفر بالتمام والكمال ؟ بل أنى لإلياسي الصغير ذي السنتين أن يتحمل ؟هرعت إلى مساعد السائق أستفسره عن حكاية الأرقام ، لم يستطع ان يفعل شيئا ..وتحت إلحاح مني أو على الأصح التوسل ، تركني أجلس في مقاعد أمامية يمين السائق بعد أن أفرغها من أكياس فارغة.





كانت الحافلة تنهب الطريق ..الركاب صامتون في ذلك الصباح ، " الكارسون " كان مشغولا بفحص التذاكر ..كنت أمني النفس بالتفرج على الطبيعة الخلابة وتعرف كل الدواوير والمدن التي لم يسبق لي أن رأيتها ..الجو معتدل للغاية هذا الصباح . رفعت رأسي قليلا ، بدا لي تلفاز متوسط الحجم هامدا كقطعة حديد صدئة ..مطمورا في إطار حديدي لا يظهر منه غير الصفحة الزجاجية ، تساءلت في نفسي: إلى متى هذه الشكليات ؟ لم تضعونه هناك أن كنتم لا تشغلونه ؟ ثم طفقت أنوا ع وألوان من الشكليات الأخرى تطرق رأسي : ممنوع التدخين ..خاص بالراجلين ..المذكرات الوزارية التي تصل متأخرة ..النقط التي نغدقها على التلاميذ بكل كرم أريحية.. الامتحان الموحد للسنة السادسة الذي لا يكاد يمر من غير التفاتة طيبة من طرف المعلمين وأحيانا على السبورة .. المشاريع الورقية والانجازات المغشوشة .. شكليات وشكليات لاحد لها ولا حصر ..

التفت مرة أخرى جهة البسيطة التي تبدو تعدو إلى الخلف ، كانت قاحلة ..مساحات شاسعة قاحلة ، منذ ساعات والأرض هي الأرض .. غيرْ الشيحْ ألريح ْ .. وديان كثيرةكانت تعبر الطريق ، تاركة وراءها ذكرى جريان أنهار يوما ما ..أنهار كانت مياهها تجري متدفقة ، فتدحرج الأحجار المختلفة التي أصبحت الآن على شكل أقراص وكرات ومستطيلات ملساء ..ذكرتني هذه الوديان العقيمة بمشكلة ارتفاع حرارة الأرض أو ما يسمى بالانحباس الحراري ، وتذكرت أمريكا ، الأخطبوط الصناعي الذي رفض التوقيع مع باقي الدول المصنعة على محاربة انبعاث الغازات السامة .. تطور وأنعمْ به من تطور ؟ صناعات هناك و.. وأعاصير وجفاف هنا .. تنعـّم وبذخ هناك و .. وأوجاع وآلام هنا...
- عاعاعاءءء........- بترقيق العين -
التفت إلى إلياس الصغير وهو يتقيأ، تهب الأم الحنون تمسح وتمسح ..تسرع فتضع كيسا بلاستيكيا – ميكة – تحت ذقنه تحسبا لحالة أخرى ...كانت عيناه الصغيرتان تدوران في محجريهما ..إنه مثلي تماما ، لذلك لم أنس تناول حبة " نوتامين " المقاومة للدوخة ، أما هو فلم أعلم أنه يعاني مما أعانيه ، مسكين ..أكيد سيقاسي كثيرا طوال هذه المسافة ..وهل أنسى يوم كنت استقل الحافلة أيام الجامعة من مدينتي الصغيرة " القباب " حتى مكناس ؟ هل سأنكر أني كنت أعاني من الدوار طوال المسافة ؟ .. أني أظل أشعر برغبة شديدة في القيء لكن لا أتقيأ لأني أبقي معدتي فارغة ..من يراني يحسبني أحتضر في صمت ..هل أنسى أني كنت أتمنى لو تتوقف الحافلة لأتم الطريق مشيا على الأقدام ؟ غافلتني ابتسامة خفيفة وأنا صامت أتذكر .. فقد كنت وقتها لا أعرف أن هناك شيئا اسمه " نوتامين " يباع في الصيدليات ! وجدت نفسي أترحم على النصارى الذين يخترعون ويصنعون .. يجدون حلولا فعالة لكل المشاكل مهما كانت ..من مكوك الفضاء مرورا بالصواريخ إلى ورق المرحاض، أما أحباؤنا " عـِْربـّانْ " فلا ينتجون غير الكلام والخلاف ... ولا يخترعون غير الحروب على الحدود المصطنعة أيام الاستعمار .. ولا يتقنون غير النهب والسلب والضحك على الذقون ..
-عاعاعاءءءء.........
تقيأ المسكين مرة أخرى ..سال السائل على صدره .. لم يكن الكيس البلاستيكي في الوضعية المناسبة ، مال برأسه الصغيرة واتكأ على صدر أمه في ذهول وصمت ..كانت الموسيقى المتقطعة قد بدأت للتو ، نظرت إلى الأمام ، لاحت لي منازل حديثة ، إنها مدينة ميسور ، وبعد مسافة مشابهة للأولى، ولازالت الأرض القاحلة هي هي ، وصلنا مدينة كرسيف ، نزلت ، أخذت إلياس بين أحضاني ليشم الهواء ، ارتأيت أن أشتري له عصير ليمون بارد لعله بذلك يسترد أنفاسه ، كان يشعر بعطش شديد لما شربه دفعة واحدة ، مسكين .. فقد كان أشبه ما يكون بوردة ذابلة .. ارتخت أهدابه وخارت قواه وخرس لسانه وهو الذي كان يتحفنا بضحكاته وكلماته الغريبة .. أخذت بيده وقفلت راجعا ، ثم ....... عاعاءءء.... كان السائل الأصفر قد سبقني فصبغ الحذاء والإسفلت ، أخذته وأجلسته جانبا ، طفق ينظر إلى الشارع الملتهب بعينين زائغتين .. ينظر إلي في صمت ..يحني برأسه عليّ .. أحسست بالندم على هذا السفر ..





انطلقت الحافلة بعد وقفة قصيرة ..كانت تسير ببطء ، السائق عيناه على كل يد تلوح هنا أو هناك ..المساعد لا يني يصيح وجدة ..وجدة ..! منذ البداية وهما لا يتوقفان إلا لأصحاب المسافات الطويلة ، أما أصحاب الطريق فلهم الله ! كنت أعلم – إن صح ما عندي من علم – أن خمسة عشر في المائة من المقاعد يجب أن تخصص لأصحاب الطريق والمسافات القصيرة ، لكن الذي أعلمه وهو علم صحيح هذه المرة ، أن لا أحد يعمل بهذا القانون خاصة في أوقات الذروة كأيام المناسبات والصيف .. انتبهت لسرعة الحافلة الآخذة في الازدياد ، أخذت أجوب المنطقة بعينين جائعتين لعلي أجد ما يسرّ الناظرين .. وغافلتني ابتسامة مرة أخرى حين تذكرت قول أحد الأصدقاء : عندما أسافر في تلك الطريق ، فإني أنام .. ليس هناك ما يستحق متعة النظر على الإطلاق ..ما كاينْ غيرْ الشيحْ ألريحْ ! لا حقول ..لا جبال ..لا منازل ..لا غابات..لا دواب ..لا بساتين إلا القليل القليل ، انه المغرب غير النافع كما كان يقول المستعمر الغاشم .

- ماما ! تي ! ماما ! تي..
عمدت إلى قنينة " سيدي علي " صغيرة ، ناولته إياها ، تلقفها في لهفة .. شرب إلى حدود النصف . كنت أتأمله بكل شفقة وحنان .. لم يعد حيويا كالعادة .. اغرورقت عيناي فجأة ثم .... عاعاعاءءء... طار الماء من فمه للتو كنافورة صغيرة ، رش ثيابي .. ألقى نظرات باهتة .. نظر إليه الجيران وهم يرثون لحاله في صمت .. أمسكت به أمه وضمته إليها .
بعد وصولنا وجدة ، مرورا بتاوريرت ثم العيون ، تنفسنا الصعداء .. وشعرنا كأننا ولدنا من جديد ..





المهرجان الدولي للراي



ولأني أرى وجدة لأول مرة في حياتي، فقد انتبهت إلى بعض المصطلحات المحلية : رْواحْ اللهنى .. ألف دُورُو .. واه ْ.. ولأن وجدة تصادف هذه الأيام المهرجان الدولي للراي ، فقد كانت لها نكهة خاصة ، وموعدا خاصا بالموسيقى .. لذا حرصت على حضور الحفلين الأخيرين 25و26 من صيف يوليوز ..الناس كانوا كالدود ..جمهور غفير كان يحج الى الساحة الواسعة ، حاملين الكراسي البلاستيكية للجلوس عليها عند التعب من الوقوف ..أما الطبقة العليا فتوجد في الأمام وعلى كراسي وثيرة بالطبع .. نساء .. رجال ..أطفال وشباب من كل الأعمار ..الكل حريص على الحضور وأحيانا الحضور المبكر لتأمين التواجد في الصفوف الأمامية .. شاشات عملاقة مستوردة طبعا منتشرة هنا وهناك ..وموسيقى صاخبة تكاد تثقب الآذان ..تساءلت في مرارة : ترى لو تعلق الأمر بندوة فكرية .. أو محاضرة ثقافية أو درس ديني .. أو أمسية شعرية .. هل كان الجمهور سيبلغ هذا العدد الهائل ؟ !

التفت حوالي ، كان الشباب الضائع يرقص ويرقص .. يرقص بلا توقف.. شباب أراه يرقص على أنغام موسيقى الراي الصاخبة ، بعد تجرع ما تيسر من الخمور الرخيصة .. وتذوق بعض الحشيش وحبات القرقوبي .. حالات الخصام و.. والسقوط على الارض ..والصيحات المفاجئة ..والتحرش المفضوح بالفتيات ، يؤكد ذلك ..
عندما تناول رشيد الوالي – الممثل المعروف – الكلمة للترحيب بالجمهور والفنانين ، قال ضمن ما قاله وهو يسأل الجمهور بهدف التنشيط :
- واشْ راكمْ مْحـيّحـِـينْ ؟ ارتفع صراخ بلغ عنان السماء : واااااااااااامحيحيييييييييييين !
لغة " التحياحْ " هي السائدة هنا .. في هذا المكان بالذات وفي كل مكان يشبهه ..قلت في نفسي : انتم معشر الفنانين دائما محيحين ، وهذا الشباب الضائع هم كذلك محيحين ..أنتم محيحين لأنه لا ينقصكم شيء ..وهؤلاء محيحين لأنه ينقصهم كل شيء .. وشتان بين هذا " التحياح " وذاك " التحياح " !
عند العودة من الحفل الذي لم ينته بعد ، لاحظت أن محطات البنزين مغلقة .. لا سيارة واحدة تتوقف من أجل التزود بالوقود ، رابني الأمر ، سألت رفيقي الوجـْدي عن السبب اليقين ، أجابا ضاحكا : هي لا تتعامل إلا مع " البـّانْ " دالمخزن صافي .. أقصد البلديات والجماعات .. وبعض الغرباء أمثالك لو كنت تملك سيارة ، لتعلمْ أن جميع السيارات هنا تستعمل " ليسانس " فقط المهرب من الجزائر طبعا ،، لأنه يباع هنا بخمسة دراهم وأحيانا أربعة للتر الواحد .. ولا يهرب الوقود فقط ، البضائع المهربة لا تعد ولا تحصى ..





الوجديون لا يبكون موتاهم



في اليوم الموالي خرجت لصلاة العصر في مسجد قريب ، كنت أسير بمحاذاة الجدران لتفادي أشعة الشمس المحرقة ما أمكن ، وسط الطريق لاحظت حركة غير عادية في أحد الدور المكون من طابقين ، رجال متجمعون هنا وهناك ..نساء في المرأب الذي فتح بابه عن آخره ، يعدن الطعام .. دخول وخروج وأطفال يلهون بكل براءة ، قلت في نفسي : لعله استعداد لعرس ما ..لكني عدت وطردت الفكرة من ذهني ، فأنا لا أسمع شيئا من أهازيجهم وأغانيهم ..وكم كانت دهشتي كبيرة عندما علمت أن صاحب الدار في ذمة الله ..إنا لله وإنا إليه راجعون، قال أحد رفاق الهالك بباب المسجد بعد الصلاة ، لقد لفظ أنفاسه بالمستشفى هذا الصباح بعد مرض مفاجئ ، أضاف نفس الرجل ، تصوروا ! لقد صلى الفجر هذا اليوم وكان بصحة جيدة . .. ثم رافعا سبابته نحو الأعلى أردف : لا حول ولا قوة إلا بالله.

قفلت راجعا وأنا أستغرب .. أيموت الرجل ولا أحد يبكيه بدمعة واحدة ؟ لا أحد يودعه ولو
بصرخة مخنوقة ؟ هل يعقل هذا ؟ أين الأهل والولد ؟ أين الأصحاب وعشرة الملح ؟ هل جفت القلوب أم هل تحجرت العيون ؟ هل هذا ما يكون بين الحبيب والحبيب والهالك والقريب ؟ مرة أخرى طردت هذه الهواجس من قلبي وقلت ، لعلها حالة خاصة بهذه الدار وأهل الدار ، لكن رفيقي وزوجته أكدا لي بأن هذا يحصل في جميع الحالات .. لقد عاينا حالات وفاة كثيرة ، ودائما لا يكون غير الصمت والهدوء .. لا بكاء ..لا صراخ ..علقت في شيء من الغضب : نعم هم مصيبون في عدم الصراخ وشق الجيوب ولطم الخدود ، لكن
أين دمع العيون ؟ أين حرقة القلوب ؟ أم لهم قلوب بلاستيكية مستوردة أو حتى مهربة ؟؟








ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹحسرة

كان ينظر إليها في لهفة، صحيح أنه يمسك صحيفة " الصباح " في يده، وأنه قرأها وأشبع نفسه من أخبارها ومواضيعها ،لكنه الفضول .. والمواضيع بحر يغريك بإلقاء نفسك فيه بلا ملل. جال ببصره حواليه،بدا له الزبناء عالما واسعا.. لكل واحد .. لكل ثلة منهم عالم خاص .. عاد فنظر إليها، كانت مطروحة على إحدى الكراسي،فكر في أن يقوم ويجلس في تلك الطاولة ثم يمد يده ويتلقفها،يرمي بنفسه التواقة بين السطور.. يقوم بجولة سياحية بالمجان في كل مكان..كاد يقف لتنفيذ الخطة إذا بجماعة تحتل الطاولة فجأة، الناس كالدود .. لاتدري من أين يخرجون ولا متى يدخلون .. بدأ ضجيجهم يرتفع ،ضحكهم يتعالى..هل هم سعداء حقا؟ انتبه إلى أحدهم يأخذ الصحيفة المنسية فوق الكرسي، ألقى نظرة عجلى على العناوين وهو يقلب صفحاتها بسرعة ثم وضعها وسط الطاولة ،رنا إليها آخر في صمت.. وانغمسوا بسرعة في نقاشات حادة ، أطلقوا نكات مختلفة ..لعلها ساقطة ، هذا زمن السقوط ولا ريب . تساءل لم لا يقرؤون؟ أي قوم هذا الذي لا يريد حتى قراءة أخبار وطنه وأحداث مجتمعه ؟! ما هذه اللامبالاة يا شباب ؟ ندم لم لمْ يقم من الأول ويأخذ الصحيفة ثم يقرأها حتى آخر صفحة. صرخ أحدهم : آه نسيت ، ثم مد يده وأخرج قلما من جيب معطف داخلي، جذب الصحيفة قليلا نحوه ،فرشها على الطاولة وقرأ عليهم اللغز الأول ، صمتوا قليلا ، أحدهم رفع رأسه وأخذ يتفرس في سقف المقهى،آخر كان ينقر برأس قلمه على حافة الطاولة وعيناه غارقتان في نقطة ما على الاسمنت المزركش ، تساءل هو : أهذا كل ما يهمهم من الجريدة ؟ عاد فتذكر أن البعض يقتنيها من أجل حل ألغاز الكلمات المتقاطعة .. آخرون يشترونها لتتبع عورة من العورات ليس إلا.. في تلك الأثناء مرق أمامه شاب رث الملابس هـزيل الجسم، بيده أوراق ملفوفة، كان يدخن بشره شديد سيجارة رخيصة، ثم سحب ورقة وأخذ يلوح بها في الهواء، إنها " الكلمات المتقاطعة " عالم أنصاف المثقفيـن.. قطع عليه تأملاته صوت أحد هؤلاء الثلاثة : آه وجدتها ، مارسيل خليفة ، ثم طفق يملأ الخانات بالحروف. رفع هو رأسه من جديد نحو الباب ، كان صاحب الملابس الرثة ينصرف وهو يلتفت إلى الوراء ،يتوقف هنيهة لعله يسمع أحدا ينادي عليه، أخيرا خرج وهو لا يلوي على شيء. رفع صاحبنا حاجبيه تعجبا من هذا المآل، أن يشتغل الرجال ببعض التفاهات فيما نساؤهم من ورائهم يتتبعن المسلسلات وموائد الطبخ .. تحسر أكثر لما تذكر تلك الأكوام لبعض الجرائد التي تباع بالكيلوغرام ..التي تلف بها الملابس المكوية أو توضع على جوانب الصناديق الخشبية لحماية الفواكه الطرية ! كاد يصرخ بملء فيه : لم تقتنون مختلف الأجهزة وآخر صيحات الألبسة .. فيما تبخلون على الكتب والجرائد ؟ تلبون نزوات الهوى وترمون طلبات العقل جانبا ؟كانت الأسئلة تكاد تخرج من داخله في قوة الرياح العاتية،غرس عينيه من جديد في تلك الجماعة أمامه ، لاحظ أنهم تركوا الجريدة جانبا وعادوا إلى مناقشاتهم الخدر وفية التي لا تنتهي.. ضحكهم الذي يهز المقهى من حين لآخر، التفت وراءه، كان هناك رجل ببذلة سوداء يضع أرقاما على مذكرة أمامه، ثم مد يده وسحب محسبة صغيرة أعاد العملية من جديد .. جحظ بعينيه في النهاية مستغربا .... ضرب الطاولة بقبضة يده وهمّ بالانصراف، ناداه النادل الذي كان وراءه:
- أستاذ ! لقد نسيت المحسبة .
انحنى وأخذها ، بحركة من رأسه شكره وخرج . عاد فنظر إلى الجماعة العابثة ، كانت عيونهم تتتبع مؤخرات الفتيات اللواتي يتراقصن في مشيتهن، ثـبّـت ناظريه على الجريدة ، أحس أنه طفل صغير رأى لعبته المفضلة،حدّث نفسه : ماذا لو طلبتها منهم ؟ إنهم لا يقرؤونها ..ثم هي ليست لهم أصلا ، عاد فقال لنفسه : لا ، من الأحسن أن أنتظر . كانت الجزيرة تبث أخبارها.. دائما بوش .. فلسطين .. العراق .. دم وأرواح .. ضغوطات على إيران .. سامي الحاج الذي يبدو أنه سيلفظ أنفاسه هناك من دون تدخل أحد .. دول قوية تلعب دور سوبرمان الذي لا يقهر .. قطع عليه حبل أفكاره تلك الجماعة ، لقد وقفوا وهموا بالانصراف . أخيرا أحس بفرحة زائدة ، ألقى نظرة حبلى بالعشق الفياض على الصحيفة التي كانت محل عبث الأيدي .. شعر برأفة دفينة تعصف بقلبه ، التحق بهم النادل على عجل ، قبض ثمن المشروبات ، تعمد أن يرد عليهم الباقي بتؤدة .. كان يضع الدراهم ببطء واضح على الطاولة ، مد أحدهم يده وأخذ القطع النقدية وانصرف، بحسرة غير واضحة ، أخذ الكؤوس الفارغة ووضعها بعناية تامة على الصينية التي كان يمسكها بيده اليسرى بحركة رشيقة ، انتبه إلى الصحيفة ، وضع الصينية على الكرسي، ثم مزق جزءا منها وطفق يمسح سطح الطاولة الزجاجي .. وقف هو على التو من غير شعور وهو يحكم قبضته على حافة الكرسي ، كيف ؟ كيف يعصر ناس عقولهم .. فقد يهبون من رقادهم لتسجيل فكرة ما..كالسحاب هي الأفكار .. لا تدري متى تتشكل ولا متى تصير مطرا مدرارا ؟ تهطل وأنت راقد في الفراش..أو جالس مع الأحباب ..أو فاتح رجليك في المرحاض ! تهطل فتقوم تسجل .. تهطل فتبدو خارج الزمان والمكان .. مثلها مثل بركان لا تدري متي سيلقي حممه بالليل أم بالنهار ؟كانت الأفكار تتدافع برأسه تدافع الثيران البرية حتى ليكاد يسمع وقع حوافرها ، فيما عيناه ترقبان في غضب حركات النادل الرعناء.. بعد قليل طوى الصحيفة كلها حتى أخذت شكل مستطيل صغير ، وضعها على الصينية جنب الكؤوس الفارغة ثم دفع بالكل إلى الداخل .. مكان غسل الأواني ...


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹقنبلة موقوتة

تمد د على السرير، أطلق آهة حارة كحرارة ذلك اليوم .. في انتظار الطبيب ، أغلق عينيه على اللون الأبيض لجدران الغرفة.. لون يوحي بالصفاء والهدوء عكس أمواج الأفكار المتلاطمة برأسه .. لقد كان يشعر بالتهاب أسفل قدميه، مجرد وعكة صحية ستزول بابتلاع أقراص ما . دخل الطبيب أخيرا ، ابتسم في وجهه قائلا :
- أهلا وسهلا ، بماذا تشعر ؟
أخذ يشرح مرضه باختصار.. شاشة تلفاز عن يمينه ، وآلة فحص مع مادة لزجة موضوعة على بطنه تصول وتجول هنا وهناك.. هز الطبيب حاجبيه فجأة و سأ ل :
- هل تشكو من شيء على مستوى البطن ؟
أجاب بالنفي ، عاد الطبيب وهز حاجبيه في شبه استغراب .. جحظت عينا صاحبنا ، سأل في قليل من الخوف :
- ماذا هناك يا دكتور ؟
جاءه الخبر اليقين : أنت عندك " كيس " على الكبد وهو كبير شيئا ما .. بعد إعادة الفحـص ، وضع الطبيب الجهاز جانبا وخرج ، على الكرسي كانت المفاجأة : يجب أن نجري لك عملية جراحية .. الدواء لا ينفع في هذه الحالة .
صمت مشدوها .. لقد عقدت المفاجأة لسانه .. لأول مرة تذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات كأقوى ما يكون التذكر .. تساءل : هل يمكن أن تكون النهاية ؟ ما هذه المفاجأة يا مدينة الخميسات ويا مصحة ابن رشد ؟ أتى زائرا سائحا وانتهى مصابا معلقا بين الحياة والموت ؟! ثم عاد فهمس : لاحول ولا قوة إلا بالله .. إنا لله وإنا إليه راجعون .
في المقهى كان يتأمل الواقع الجديد ... البشر مجرد كتل من اللحم تذهب وتجيء .. لا يهمه غير نفسه التي بين جنبيه ، أحيانا يمد يده يتلمس ذلك المكان من جسده المكلوم .. عطب في طور النمو .. يوما ما سيعاني الآلام المبرحة.. قالت له أخته تنصحه وهي لا تدري أنها ترمي قلبه بسهم سام:
- هذا الكيس إذا تمزق وانتشر السائل على الكبد ، يكون الخطر أعظم .. يجب أن تجري العملية اليوم قبل الغد .
لكأن هناك قنبلة موقوتة تم اكتشافها أخيرا حيث يهرع.. الجيش .. رجال الأمن .. الخبراء .. المواطنون الخائفون .." أما أنا،قال في نفسه، فوحدي سأواجه قنبلتي الموقوتة .. سأكتم الخبر عن أحبابي حتى لا يكونوا كالمواطنين الخائفين .. وحدي والطبيب يجب أن نعمل على نزع الفتيل قبل الانفجار.. ووحدي سأكون الضحية في حالة الفشل " . رشف رشفة لم يجد لها طعما ، أحيانا كان يتفرس في بطون المارة .. تساءل "هل يمكن أن يكونوا مرضى مثلي ؟ " وخزه ضميره : ما أدراك أنهم سيمرضون غدا ؟ بل ما أدراك أنهم سبقوك ؟ " للي ما اخرجْ من الدنيا ماخرجْ من عْـقايبها " ثم تذكر بعض الشباب ممن كانوا يعاقرون الخمر بإحدى الشوارع في وضح النهار وتساءل لم لا يمرض هؤلاء مكانه ؟ فهم يتناولون السموم .. عاد فلعن الشيطان في قرارة نفسه ... تذكر ابنه الصغير إلياس فاغرورقت عيناه فجأة .. أحبه كما لم يحبه من قبل .. جاءته وسوسة من الشيطان على عجل : اسمع ! العملية قد لا تنجح .. لا تنس مسألة الخطأ الطبي ! عطسة واحدة مفاجئة قد تجعل الطبيب يغرز إبرته في كبدك فتودع الحياة .. أجاب ذلك اللعين بأنه بمستشفى خاص وليس بإحدى مستشفيات الدولة حيث الإهمال والرشوة وتدخلات "الوجوه " والمواعيد البعيدة الأمد و... و تذكر الأضحيات .. الأحشاء المندفعة إلى الأمام .. تذكر الجزار بخنجره و الدماء المطلية على ساعديه .. تذكر اللون الأسود و.. الصمت المطبق .. كاد القلب ينخلع من مكانه ويسقط كفاكهة فاسدة .. انتبه لشاب رث الملابس واقف أمامه مادا يده في صمت ، لعلها طريقته في الاستجداء ، أسرع فنفحه خمسة دراهم ، تذكر آخرين ممن لم يعطهم شيئا .. أحس برغبة ملحة في أن يحشر جسمه في سيارة أجرة ويسرع إلى الأهل والأصحاب يزورهم واحدا واحد للتسامح معهم .. فالغد لناظره قريب فبالأحرى أنا ، قال وهو يضرب على صدره ! عاد فنظر إلى فنجان القهوة، رأى فيها كهفا ضاربا في السواد .. تساءل: هل يمكن أن يكون هذا آخر عهد بها ؟ أطلق تنهيدة حائرة .. رفع رأسه بعيدا ، التقطت عيناه مئذنة طويلة .. رمت به الذاكرة على إثرها إلى الوراء .. حين كان في السنة الثانية إعدادي ، لازال يذكر ذلك اليوم السعيد .. كانت الرياح قوية للغاية ، وكان بإحدى الحجرات من الطابق الثاني بثانوية أبي القاسم الزياني بخنيفرة .. استرق النظر من النافذة .. بدت له شجرة الكلبتوس الطويلة تنحني بفعل الرياح الهوجاء حتى تختفي عن الأنظار.. سمع صراخها واستنجادها .. عاد فانتبه للدرس ثم لم يلبث أن استرق النظر إلى تلك الشجرة المسكينة التي تكاد تقتلعها الرياح .. ثم انتقل من الخوف على الشجرة إلى الخوف على نفسه .. " ترى لو تهدم هذا المبنى فكيف سيكون حالنا ؟ ألن نثوي جثثا هامدة تحت ركام الإسمنت و الآجور"
في ذلك اليوم ، طلب من صديقه " بودي" الذي كان مثال المسلم المجتهد .. أن يعلمه الصلاة .. من يومها وهو يصلي.. حمد الله في خاطره ، أحس بنوع من الطمأنينة تغسل قلبه ..
أخيرا فكر في أن يتجول قليلا .. وهو يقوم ،تذكر قول الطبيب له قبل مغادرة مكتبه : يجب أن تأتيني بتحليلات الدم ، تخطيط القلب ولا تنس السكانير....

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹفجر جديد

أزال الطبيب العصابة البيضاء، ابتسم في وجه أحمد بعد أن عاد خطوة إلى الوراء،رفع سبابته متسائلا :
- هيه ؟هل ترى شيئا؟
ابتسم أحمد على إثرها ابتسامة عريضة..حمد الله في خاطره على بصره الذي عاد أخيرا ..مرض غريب أصاب حبة رأسه اليمنى فذهب نورها،أما اليسرى فقـد انطفأت منذ وقت بعيد في حادثة سير.. وهاهو المرض الغريب يجهز على النافذة الوحيدة التي كان يطل منها على العالم الجميل، فصار لونا أسودا بعد أن كان ألوانا وأشكالا.
- ماذا ترى؟ هـل ترى شيئا ؟ مابك تبتسم ؟ أجبني بسرعة وأرحني ..هذه أول عملية من نوعها أجريها لك أنت لعلك ترى النور من جديد..عاد فحركه من كتفه يستعجله الخبر اليقـيـن ،ابتسم أحمد مرة أخرى قبل أن يهب ويعانق الطبيب.
الآن يرى النور.. سيتعرف الأشخاص الجدد الذين يزورونه في داره .. ابن عمها حسن ..حمدان، الجار الجديد الذي حل محل صديقه الحميم السي محمد الذي لم يعد يجد عملا في بومية الكاسدة إلا من تجارة الخمور والجنس و.. التفاح في موسم الجني.. حمدان هذا يزوره من وقت لآخر، في الليل والنهار ..زوجته دائمة الترحيب به..أحيانا يسود الصمت بين الثلاثة،يدخل الشك من بابه الواسع عقله المثقوب .. تهب عواصف رعدية تمطر قلبه بأمطار حمضية .. لم يكن يجد بدا من الصبر والاحتساب ، ذات يوم نفذ صبره فسأ ل:
- هل خرج حمدان ؟
أجابه منتشيا:
- أنا معك يا أحمد ، فقط كنت أتفـرج على هد ف ..إنه هدف رائع.. يــــــاهْ !
حرك هو حبات السبحة وتابع تمتماته الميكانيكية.... ليتني أرى ما تفعل يا حمدان، ليتني أعرف حقيقة زياراتك المتكررة..أم تراك تحبني كل هذا الحب؟ فاجأته وشوشة ضعيفة من جهة المطبخ ، تساءل خاطره المضطرب : ماذا يجري؟هل تكلم نفسها أم ماذا؟ جمدت الأصابع على الحبات البيضاء مرة أخرى ..أصاخ السمع .. كأنه يسمع ضحكات خفية ..منذ فقدانه البصر وهو يرهف السمع.. يسأ ل الطفـل أسئلة غريبة ،ذات يوم سمعته زوجته ،دفعت يده بقوة عن الطفـل وصاحت :
- ما بك ؟ أجننت ؟ تشك كل هذا الشك ؟ دائما تشك .. سيدفننا شكك ونحن أحياء.. يا لطيف يا لطيف !
جمدت أصابعه كالعادة على الكرات الصغيرة، كلما أصيب في مقتـل تتجمد أطرافه وتتوقف شفتاه عن التمتمة ويبدأ قلبه يدق بعصبية شديدة.

كانت الحافلة تنهب الطريق نهبا، مخلفة وراءها أشجارا..دورا..أشخاصا يرجعون إلى الوراء بسرعة فائقة، عيناه تجولان في كل اتجاه ، أحيانا يغمضها ثم يفتحها للتأكد من الشفاء .. يعود يتفـرس في وجوه الجالسين في صمت،موسيقى شعبية كانت تنبعث من مكبرات الصوت المعلقة في السقف ، شعر برغبة شديدة في الرقص أمام الملأ .. لاحظ امرأة متوسطة العمر ترنو إليه من وقت لآخر ، تغافل شخصا متكئا على حافة المقعد واضعا يده تحت جبهته ، شعرات بيضاء تفيد أنه متقدم في العمر ..لعله زوجها أو أخوها .. كلما التفت جهتها وجدها تسترق نظرات ولهى .. تذكر أيام الشباب .. صولات المراهقة مع الجنس اللطيف، أيمكن أن تكون خائنة هي أيضا ؟ تذكر قولة القائل الأوربي: كل النساء باغيا ت إلا أمي احتراما ، فجأة طرأت عليه فكرة جهنمية : لم لا يتـنكر وراء الظلام فترة من الزمن ريثما يتبيـن الصديق من العدو ؟ يتعرف ذئاب الغابة وخائني العشرة والملح؟ وجد نفسه متحمسا للفكرة ،باغتته ابتسامة وهو يتصور نفسه يرى زوجته تقبّـل حبيبها ..أو يرى ابنته ترتدي لباسا شفافا بلا حياء ..
توقفت الهواجس بتوقف الحافلة،نزل وهو يدق الأرض كعادته برأس عكازه الحديدي الرأس تجنبا لكل عائق ..بدكان زنقته توقف وهو ينادي :
- عليّ ؟ أينك يا علي ؟
- ماذا تريد يا أحمد ؟ آه ! " دانون" كعادتك لولدك .
- هات خمسة، ثم نفحه ورقة نقـدية من فئة مائة درهم .
مد ّعليّ عنقه يمينا ويسارا ، ثم وضع في كفه ورقة من فـئةعشرين درهما قائلا :
- امسكْ ! هـذه خمسون درهما.. وهـاتان الورقتان ثمانون درهما،" الله اخــلفْ ألسي احمد ْ ".
صاح من غير شعور : لا حول ولا قوة إلا بالله !! ثم همس في خاطره : حتى أنت ياعلي ؟ كنت تسرقني بلا حياء وكنت أنا أتهم زوجتي بالسرقة فتدور بيننا خصومات ؟ لعنة الله عليك أيها الذئب الغادر . صمت وقلبه يغلي .. جـر رجليه جرا . . وهو يدق أرضية الزقاق الحجريّـة دقات منتظمة، لاح له الحاج المهدي قادما بخطوات وئيدة، بجلبابه الأبيض وطربوشه الفاسي الأحمر، فكر في أن يعانقه ويبشره بشفائه على الرغم من أنه لم يزره منذ مدة طويلة ، فالغائب حجته معه ، ثم إنه حاج ويريد اتقاء الشبهات ما استطاع .. ماذا سيقـول الناس عنه ؟ الحاج يصطاد في الماء العكر ؟ عاد فتذكر خطته ونوى الاستمرار فيها حتى سقوط الخونة .. عليّ أولهم والبقية تأتي ... تعمد الوقوف بمحاذاته يتفحص الحفر برأس عكازه وقد رفع رأسه إلى السماء قليلا ، انتظر أن يقـف الحاج ويسأل عن أحواله بل ويعتذر عن عدم زيارته ، لكنه مر في صمت.. كان يسير الهوينى حتى لا يسمع وقع أقدامه.. كالسلطعون صار يمشي .. تنحنح أحمد وصاح مرة أخرى : لاحول ولاقوة إلا بالله ! التفت إليه الحاج ثم أحنى رأسه وتابع سيره وهو يستشعـر بعض الذنب.. ذئاب ! صرخ في خاطره وقد تشنجت أصابعه على المقبض ، حتى أنت أيها الذئب الأبيض ؟ ضيف الرحمان تثـلعب اليوم يا نا س ! ؟ ما نصيبك أنت يا فاطمة ؟ فجأة تسمّـر في مكانه ،هاجس دغدغ أعصابه : ترى لو رأى ما يكره فارتكب جريمة ؟ هل يجب أن يستمر في لعبة الاختفاء وراء الظلام أم ينسحب ويعلـن للناس ميلاده من جديد ؟ وإن كانت خائنة ؟ فهل تستحق العشرة بعد اليوم ؟ حرك رأسه أفـقيا معارضا وتابع سيره.
عند الباب وقف.. وقف هـنيهة يلتقط أنفاسه ويستعد لكل مفاجأة ، فمن يدري ؟ قد يجد الرجل في وضع مريب ... عزم على المضي قدما ودق الباب ، فتحت فاطمة وهي ترنو إليه في صمت ثم سألت وهي تتجنب قليلا حتى تفسح له المجال للدخول :
- هـل نجحت العملية ؟
أخذ يسرح بعينيه من وراء النظارتين السوداوين..
- ما بك صامت بلا حراك ؟
" كنت أتفرج على هدف ؟ هدف أم أهداف يا ثعلب الجوار ؟ سنرى هذا الهدف معا أيها الماكر ؟ "
كان واجما من فرط الخوف من المجهول والأسئلة الخانقة ..لاحظ أن وجهها مازال يحتفظ بقسمات الجمال ، وجدها قد تزينت أكثر من اللازم ،تساءل قلبه : ترى لمن تزينت هكذا ؟ وما هذا العطر الفواح ؟ ما السبب يا فاطمة ؟ منذ مدة لم أشم فيك هذه الرائحة المغرية ..انتبه على سؤالها الملح :
- هل نجحت العملية ؟ أشفيت ؟ ألا تدخل أولا ؟
- أين ولدي حسن ؟ لم أسمع صوته .
كأنها تقتلع الجواب من قاع صدرها
- لم يعد بعد من المدرسة .
تنحنح أخيرا كمن استفاق من غفوة ، ودلف إلى الداخل وهو يدق أرضية الزلـيج برأس عـكازه الحديدي .. كانت النقرات يسمع دويها في الفناء ، تبعته وهي تردد:لا حول ولا قوة إلا بالله.. يفعل الله ما يشاء.. هواجس كثيرة كانت تتدافع في رأسه ..كاد يصيح : أرني وجهك يا حمدان! يا جاري العزيز ..أكيد ستأتي لتتأكد..تذكر قولة الأولين : عند الامتحان يعز المرء أو يهان .. رددها بصوت مرتفع وهو يجلس على الأريكة ، حسبته يتكلم عن القضاء والقدر ، علقت :
- عليك بالصبر يا أحمد .. فالله مع الصابرين ..

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹالوجه الآخر..

كنت نائما..أحسست بأنفاس حارة تلف محياي ويد لطيفة تربت على كتفي ، فتحت عيني بصعوبة ، جاءني صوتها من المطبخ الصغير:
اتركه ينام! ياه!
جلست، كان قبالتي يبتسم ..يبش بوجهه.. يلوح بحلوى بيده اليمنى.. بسرعة هببت فعانقته وأنا أتلقفها .
هكذا هو..وجه مبتسم ..يد تقدم هدية .. وقلب يخفق بالحب الكبير.
رن الهاتف الذي كنت أنتظر في فرَق شديد، لم أعد أطيق سماع سمفونياته المفزعة ... لم أعد أشتهي أخباره، أنظر إليه كما أنظر إلى عدو ....
- ألو! لقد تمﱠ إسعافه أخيرا هنا بالمنزل. ممرض الهلال الأحمر هو من قام بالواجب، عند الفجر سنأخذه إلى الاختصاصي بمكناس..
كان صوته كالرصاص يخترق جدران الصدر.. به حشرجة خفيفة، سألت في ذهول :
-والطبيب؟
- لم يرد الخروج ..يقولون لا يحب العمل بالليل، طرقنا بابه أكثر من مرة ولا من مجيب.
عدت إلى الفراش.. أسندت ظهري على وسادة كبيرة وأغمضت عيني.أكاد أسمع أناته وصرخاته.. مذ أجريت له العملية الجراحية الأولى لاستئصال البروستات اللعينة وهو يتألم من وقت لآخر.. يشفى حتى نؤمن بشفائه ثم يعود إليه الألم حتى نقول لن يفارقه.. كنت أهرع إليه كلما اشتد به الألم، أرمي بجسدي المتخشب في سيارة..أصل وأنا أسابق الرياح برجلي الواهنتين، أدفع الباب بقوة وأتسلق الأدراج كقرد على الأغصان،أتجمد قربه ،أرنو إليه في صمت رهيب، كل أحزان الدنيا أجدها هناك قد تجمعت على شكل كرة من اللهب تتقاذفها جوارحي..ألاحظ عبرات ساخنة تتدحرج على خديه الغائرين ..أحس بغيمة تلف قلبي فأنسحب في هدوء.. امتزجت الذكريات برأسي المتعب ، ارتكست الذاكرة إلى الوراء أكثر، ككرة من حديد كانت تغوص في اليم ، جاءني صوت من قاع الذاكرة :
- التجاني! أبوك في انتظارك قرب السور .صاح صديقي وهو يدخل قاعة المراجعة.
أغلقت دفاتري بسرعة، مرقت بين أصحابي كسهم مصوب، كنت أحث الخطى ولم أتوقف حتى كدت أصطدم به هنالك في ظل شجرة وارفة الأغصان، عانقني وهو يكاد يهزني بكلتا يديه القويتين.. قبلني بحرارة كما يقبل أب رؤوم صغيره، قبلني كثيرا مع أني تلميذ في الإعدادية، جلس فجلست، مد يده إلى جيبه الداخلي وأخرج كسرة خبز محشوة لحما، ابتسم قبل أن يعلق:
-إنه لحم أرنب، أنا الذي اصطدته.. ذهبنا للصيد البارحة. ثم وهو يحرك أصابعه لتجسيد الأرقام تباعا: اصطدنا في المجموع أرنبين وخمس حجلات .
أبي صياد ماهر، كنت أرافقه في العطل أيام الأحد في مواسم الصيد، أظل أرمي بالأحجار الشجيرات الكثة القصيرة.."سـْـويسْ " كان يتشمـم ...يرقص بذيله واقفا بلا حراك كلما عثر على طريدة فيما أبي لا يني يصيح فيه: شيرْشْ ..شيرشْ ..لا أذكر كم مرة قفزت من الفزع لرفرفة سرب من الحجل فجأة ، ألتفت إلى أبي، أجده يصوّب فوهة البندقية بدقة في اتجاه السرب وهو يغمض عينه اليمنى... الطـّااااااوووْ.. تتجمد إحداها في السماء، تسقط كفردة حذاء بشكل عمودي مثير، يهرع سويس يحملها بين فكيه،يضعها أمامه وهو يلهث، بكل نشوة آخذها وأحزم عنقها بالشريط المضروب حول خصري.

بمصحة كورْ نـِيط، رائحة الأدوية تزكم الأنوف.. صرت أعرفها ركنا ركنا، الحارس صاحب البذلة الزرقاء الذي يذرع المدخل جيئة وذهابا ، في أول مكتب على اليمين ، تجد النصرانية ذات الشعر الأشقر القصير ، عيناها دائمتا الانغراس في شاشة الحاسوب.. صراخ وأصوات .. زوار يسيرون الهوينى وآخرون يحثون الخطى ..رنات هاتف.. قبل صعود الأدراج تلاحظ الرجلين منكر ونكير ، المسؤولين عن حمل المرضى إلى غرفة العمليات على نعش أبيض ، كم مرة رأيتهم مستلقين كالأموات .. ينظرون إلى السقف نظرات باهتة وصدورهم تعلو وتنخفض من الهلع، في زاوية ما تقف زوجة أو ابن.. والألم يعتصر القلب المرهف اعتصارا .. إنه عالم الوجه الخـفيّ ، عالم الدموع والحسرات والأنات.. دلفت إلى الغرفة، وجدته ممددا على السرير بلا حراك، أنبوب مطاطي صغير معقود في مكان ما بين فخديه، آخر مغروس في ساعده الأيمن يضخ في شرايينه ماء الحياة،وثالث مغروس جهة الصرﱠة لتنظيف المثانة بماء مطهر، كان أخي وحده من يقف بجانبه ، حتى الأحباب ملوا زيارته ، ثلاث عمليات جراحية متقاربة أنستهم المحبة الصادقة وقتلت فيهم المشاعر الطيبة. طبعت قبلة على جبهته في صمت ، تسمرت بجانبه مشدوها كتمثال ،كانت أناته تنطلق كرصاصات بندقيته ، لازلت أتذكر تصويباته الدقيقة ، كان رفاقه يلقبونه ب "الرامي ".. وكان منهم من يشتري له الخراطيش لاصطحابه معه ، ومساء كل أحد ، كنا نتلذذ باللحم البري الطري..نأكل حتى نشبع ..كانت المرات الوحيدة التي نشبع فيها من اللحم، أعياد كبيرة تهديها لنا بندقيته البهية ..
- آي! صرخ فجأة. تزلزل القلب وسط الصدر، تدفق الدم يجري في كل مكان، دنوت منه وقبلت يده في حنو.
- على سلامتكْ .. ما يكونْ عندك باسْ!
علق في ضعف :
-هلـْكوني أولـْدي ..طابْ لحمي ..ثم أومأ بعينين غائرتين إلى الأنبوب المشدود إلى وسطه :
التيـّو كايحـْرقـْـني بزّاف.. ماخصنيش نتحركْ..خص نبقى ناعسْ علْ الظهر مده.. آحْ !
- لا تتحرك ! رجوته في لطف، في التو دخل الدكتور بـِكري ، طأطأ برأسه وهو يلقي السلام كعادته ، ابتسم في وجه أبي وهو يتفحص اللون الأحمر الذي ينساب عبر الأنبوب ، التفت إلى الممرضة وخاطبها بالفرنسية قليلا ثم خرج.
همس أخي في أذني :
- لقد طلب ثمانية آلاف درهم ، بباقي المصاريف سنحتاج إلى عشرة آلاف درهم .
عدت أنظر إليه، ألفيته قد أرخى جفنيه، لم أشعر إلا وقلبي يسأل : أين الفتوّة يا أبتاه؟ أين سويس أيام زمان وأين شيرشْ ؟ صرت وردة ذابلة قد ذهبت نضارتها وغادرتها طراوتها..ذهب جمالها وتلاشت رائحتها.. صرت مجرد كومة من اللحم المترهل والعظم الهش..أين الشباب وأين الطلقات التي كانت تجعلني أقفز رغم أنفي يا أبي؟ كالأطلال صارت الجدران بعدك.. تحول البيت إلى قبر بارد . وهي؟ ليتك تراها يا أبت ! كعصفورة في الفلاة صارت.. لا تجد شجرة تحط عليها. أضحت المسكينة عنوان الأسى والعصبية ..لم تعد تستطيب الجلسات العائلية، تبادر إلى النوم كل مرة ، تتكوم تحت الغطاء كقطة مريضة، لقد انفرط العقد لغيابك الذي طال يا أبت!
أغمضتُ عيني قليلا وقد تهالكت على مقعد بلاستيكي، اغتالني الزمن وأخذ روحي بعيدا.. كنت عندها أشعر بشيء أملس يلحس وجنتي، فتحت عيني، وجدت يده تراقص عنقود فاكهة حب الملوك الناضجة الحمراء، انطلقت من تحت الغطاء كالصاروخ ، سارع إلى إخفاء الحبات وراء ظهره باسما :
- يا للهْ.بوسْـني هـْـنا، واضعا أصبعه على خده. بعد تقبيله سلمني الحبات الشهية، ثم بدأ يبتسم وهو يشير بعينيه إلى جيب معطفه، زحفت بجسمي الصغير نحوه نابشا، سارع إلى وضع يده على الجيب قائلا:
- عاودْ بوسني هنا ..بعدها يفرج عن إجاصة صفراء كبيرة أكاد لا أقبض عليها بيدي الصغيرتين، بقي هو يضحك ويضحك وهو يتفرج على حركاتي الرعناء..
لملمت أشلاء ذكرياتي البعيدة، قمت خارجا لقضاء بعض الأغراض، التحق بي أخي مستدركا في صوت خفيض:
- آه.. نسيت أن أحدثك عن التحليلات، يجب أن نؤدي ثمانمائة درهم، النتائج يوم الأربعاء المقبل..نتمنى أن تكون جيدة.
همهمت وقد غرست عيني في الأرض: الله إحفـظ ْ أخـْلاصْ!

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹساعة الصفر

فتح عينيه في السرداب ببطء ، نفض عن رأسه بعض الغبار .. أجرى اتصالات بلا جدوى .. انتبه إلى سلمى وهي مستلقية في الركن ، حركها برفق ، فتحت عينيها في ذهول .. حملقت في كل الجهات .. وضعت يديها على صدرها تتحسس جسمها النحيف ، أدرك أحمد مرادها فقال لها في رباطة جأش :
نعم ، نحن حيّان يا سلمى .. لا تخافي ، لقد فعلها المخبول . بعدما استيقظت من نومي ، اتصلت بالهاتف بكل الأهل ، لم يجبني أحد مع أن هواتفهم المرئية كانت ترن بلا فائدة . لا شك أن الرياح كانت تحمل الموت لكل أنف يشم ولكل فم يسحب الهواء للرئتين..
ثبـّـتت نظراتها عليه وهي لا تصدق ما يقول ، لقد اختبآ لمجرد الخوف ، فهل فعلها حقا ؟؟ حمدت الله في خاطرها .. تذكرت الأحباب والأصدقاء ، بدأت تبكي بشدة ، اقترب أحمد منها ، ضم رأسها إلى صدره .. ذرف دموعا ساخنة في صمت وشفتاه تضطربان كبركان على وشك الانفلات .. كان يردد في ذهول : فعلها المخبول ..فعلها مخبول العصر..
اسمعوا! هذه نهايتكم ،كان يقول المسئول قبل الإطلاق، ستموتون جميعكم وسأعيش أنا مع حيواناتكم وطيوركم وهوامكم .. سأحتل الكرة الأرضية .. سأكون آدم هذا الزمان
بعد لحظات تأمل وأخذ نفس من النشوة ، عاد فقهقه قهقهة طويلة أردفها بقوله في هدوء وانتشاء:
أنا أمزح فقط .. تلك كانت كذبة أبريل أنسيتم؟ ثم هل يعقل هذا؟ اطمئنوا ، فحياتكم هي حياتي ، عندما اطمأن المشاهدون لهذه المزحة ، عاد اللعين وأطلق الرؤوس النووية نحو النقاط الأساسية للأرض . لم يكن الناس يتأهبون لهذه المصيبة العظمى .. وأغلبهم لم يكن يتابع القناة التي بثت الحدث ، وإلا لسارع كل واحد إلى وضع القناع ..
كان أحمد وسلمى يسمعان كلام المعتوه .. ولخوفهما الشديد لسبب لا يعرفانه ،هرعا إلى السرداب ودخلا فيه بعد أن أغلقا الباب بإحكام ، وسدا كل الشقوق والمنافذ الصغيرة بمادة لاصقة ، ثم تناولا منوﱢما قويا .

أعياهما البكاء والتأمل ، ومع أن مفعول القنبلة الكونية لا يتعدى مفعولها يوما واحدا ، فقد لبثا في مخبئهما يومين كاملين بلا طعام أو شراب ، بعدها قال لعـروسه في شيء مـــــــــــن العصبية :
- اسمعي ! سألقي نظرة الآن على القرى والمدن المجاورة ، يجب أن أعثر على أحياء .. لن نعيش وحدنا هنا ، سأبدأ بالأهل أولا.. ومن غير انتظار أي جواب فتح الفوهة المغلقة .. تردد قليلا وهو يتشمم الهواء ثم خرج بعد أن لبس بذلته الواقية من أشعة الشمس المضرة.. ركب البراق .. تلك السيارة الطائرة التي تسير بسرعة فائـقة قريـبا مــن سطح الأرض . في الخارج لا أحياء إلا الدواب والطيور والهوام .. الناس أجسام هامدة ، عبثا كان يصيح في كل ركن .. ينادي الأسماء .. لا مجيب ! أدرك أنهما الوحيدان الباقيان في هذه المدينة الصغيرة ، من حسن الحظ أن مفعول القنبلة ينتهي بسرعة ويقتل بسرعة أيضا وبشكل نظيف إذ لا تقتل إلا الإنسان .. هكذا صُـممت ! بعد ساعات ، قفل راجعا وهو يهذي : يا للمصيبة ..! يا للمصيبة ..!

في المنزل ألقى بجسده المتعب على الأريكة ، من غير سؤال من سلمى التي كانت قد خرجت من السرداب ، أجاب بالنفي .
في اليوم الرابع لم يعد يشك أنهما وحيدان الآن .. لقد شاهدا الجثث هنا وهناك .. في الشوارع والأزقة .. على الشرفات ..على السطوح .. داخل سيارات البراق وغيرها .. في الحقول القليلة.. الكل ساكن ماعدا أجزاء ثيابهم التي تحركها الرياح ..
انتصب أمامها وقال في حزم :
يجب أن نحمل ما يكفي من الزاد ونعود إلى السرداب .
صرخت بلا شعور :
إلى السرداب مرة أخرى ؟
أجاب في برودة دم :
نعم .. الجثث ستتعفن ولن نستطيع وحدنا دفنها ، ما باليد حيلة يا أختاه .

في السرداب قضّـيا أياما عصيبة .. عانيا الصمت المطبق إلا من الآهات والتأمل في المجهول .. كان يصل آذانهما نباح كلاب ضالة.. رفرفات طيور كبيرة .. صرير أبواب وهبوب رياح عاتية ... سلمى لم تكن تتمالك نفسها أحيانا ، كانت تذرف دموعا حارة ، أحمد رأسه بين ركبتيه يتأمل .. قال في نفسه : لعل إنسان اليوم يستحق هذه النهاية المفاجئة ! لقد أساء كثيرا إلى أمه الأرض حتى صار لا يخرج في ساعات اشتداد الحرارة إلا لابسا السترة الواقية من أشعة الشمس المضرة بسبب ثقوب الأوزون الكبيرة .. أمراض جلدية خطيرة للغاية .. سرطانات .. عمر الإنسان صار لا يتجاوز السبعين على الأكثر .. قامته أضحت قصيرة شيئا ما .. جفت القلوب من المشاعر والحنان .. بداية تعود الإنسان على ابتلاع أنواع من الأقراص مكان اللحوم والخضر والخبز .. الاحتباس الحراري سيد الموقف بلا منازع .. الماء قليل وملوث بشكل خطير .. ارتفاع مستوى ماء البحر أغرق مئات المدن وابتلع آلاف الجزر .. كلام عن بدء اتصال مع كائنات فضائية تبعد عنا عشرات الآلاف من السنوات الضوئية .. عدد الرجال صار لا يتجاوز ثلث النساء ، انقلبت الآية منذ عقود وصار الرجال يمارسون الدعارة في أحياء خاصة .. حرب الفيروسات البيولوجية باتت تقض مضاجع الأبرياء .. كان أحدهم يدخل مكانا عاما ، يفتح قارورة صغيرة في خفاء ، يحبس أنفاسه قليلا قبل أن يرميها تحت رجليه ويخرج .. وفي زاوية ما يقف يتفرج على المشهد المأساوي : أشخاص يصيحون وهم لا يقوون على التنفس والحركة .. بعضهم يصل الباب ثم يتساقط جثة هامدة ، الذين في الخارج يبتعدون عن الساحة الملوثة وهم يسدون أنوفهم .. صارت الحروب مدمرة حتى لم تعد هناك دولة قوية وأخرى ضعيفة .. حتى اليهود الملاعين غادروا فلسطين خوفا من التدمير المتبادل ، اللوبي الصهيوني أعلن ذات يوم أن أمريكا دولة صهيونية .. قمعوا المظاهرات وفرضوا الأمر الواقع.. الإيمان أضحى ضعيفا لدرجة أن الصيام لم يعد كما كان .. فالمطاعم في كل الدول الإسلامية مفتوحة نهارا يأكل من شاء ويصوم من شاء ..المساجد صارت مساحاتها صغيرة لقلة المصلين ، ولا تفتح في الغالب إلا يوم الجمعة فقط .. عاد الإسلام غريبا فطوبى للغرباء .. زمان وأي زمان !!
رفع حاجبيه مستغربا .. التفت إلى سلمى .. ضحك قليلا قبل أن يقول :
من الآن فصاعدا سنعيش في البادية.
-ماذا تقول ؟ نعيش في البادية ؟
صمت قليلا وعقب :
وهل عندك حل آخر ؟ ما عسانا سنفعل في هذه المدينة ووسط هذه العمارات وهذه الأكوام من السيارات و الآليات والمنتجات ؟ ألا ترين أن كل شيء هامد الآن ؟ التلفاز .. الراديو ..حتى الدواء والمأكولات ستنتهي صلاحيتهما بعد حين ..
التفت إليها، غرس عينيه في عينيها وأضاف :
اسمعي ! حياتنا ستكون في فلاحة الأرض وتربية المواشي وزراعة الحبوب والخضر .. حتى الملابس يجب أن نصنعها بأيدينا ، يوما ما ستبلى تلك الجاهزة المكدسة هناك .. ثم وقف في عصبية وخرج ، بعد برهة عاد بأكياس كان قد جمعها من أحد البنوك ، أفرغها أمامها ... كانت الأوراق المالية التي من فئة ألف درهم لا تعد ولا تحصى ، أشار إليها ساخرا :
- انظري إلى هذه اللعينة ! البارحة كانت المحرك الأساسي لدواليب الحياة والآن لا تصلح حتى ورقا للمرحاض!! ؟
كانت غارقة في أفكار متضاربة .. أذهلها الواقع الجديد .. انتشلها من صمتها وهو يربّـت على كتفها برفق :
-اسمعي ! انسي المدينة وأضواءها .. واستعدي للعيش مع الأرض ،التفت إلى بطنها وأضاف مبتسما: وهات ما عندك من بطون ..سنحتاج إلى سواعد كثيرة . ثم رفع رأسه إلى السماء داعيا: اللهم جنبْ ذريتي ويلات الحروب وسموم التدخين والخمور .. اللهم اجعل زمانهم خيرا من زمان أسلافهم .. آمين والحمد لله رب العالمين ..
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ


القصة القصيرة جدا

و في القصة القصيرة جدا ابى الا ان يشارك

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹابن الحلال

قرب المقهى تعرف عليه بالصدفة ، جر كرسيا ودعاه إلى الجلوس.
تذكر أمه المريضة ، العيادات الخاصة ..التحليلات ..الأدوية ...ألمٌ استقر في مكان ما في الصدر يذهب ويجيء..، لاشك أن الحل بيد ابن الحلال هذا، شكرا لك يارب . التفت إليه متسائلا:
- قل لي يا دكتور ، ما تخصصك؟

- العــَرُوض..محسوبك دكتور في الأدب العربي
بُهت،رن المحمول فجأة،تحدث للحظات ، مد إليه يده مودعا

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



الخواطر



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹعجبت لمن...

عجبت لمن يعرف أن هناك إلاها واحدا ولا يعبده ؟ يرفل في نعمائه ..يأكل ويشرب وينام بصحة وعافية ثم لا يتفكر في هذا الطعام والشراب ولا في صحته التي وهبه الله إياها ..ما أخس العبد الذي يحسن إليه سيده ..يجعله يعيش في أحسن الأحوال بحيث لا ينقصه شيء، ثم إذا به لا يحترمه .. يعرف أياديه البيضاء عليه ثم لا يقدره ..وقديما قال الشاعر ما معناه :
إن الكريم إذا أكرمته ملكته ..واللئيم إذا أكرمته تمردا

وعجبت لمن عرف الله فقام يعبده ، لكن عبادة الكسول المتخاذل .. يبدأ
نهاره بطلب دنياه ..حتى إذا فرغ التفت إلى السجادة ليصلي صلاة الفجر في عز النهار ..أو كان يستلذ الجلسات مع الأهل والأحباب ..أو جلسات العمل حيث الصفقات والأموال
..أو جلسات الهوى فيسكر نفسه بما لذ وطاب .. حتى إذا أقبل الليل تذكر الله أخيرا وتذكر الصلوات الفائتة ، فإذا به يقوم يصلي على عجلة من أمره ، وربما لم يتوضأ إراحة لجسده المنهك طوال النهار .. واكتفى بلمسة حجرة صماء بضربة أو ضربتين ..

وعجبت لمن يعبد الله موفيا بالشروط ..بوضوء وحضور في المساجد ، لكن له جلبة كجلبة " حيوان " : يصرخ في كل مكان .. يتنازع لأتفه الأسباب .. يغضب لأقل الأشياء .. يخوض في القيل والقال .. يغدر أخاه الإنسان ما وسعه الغدر .. ويظلم الضعيف المستضعف ما أمكنه الظلم .. حتى إذا حانت صلاة الجمعة ، لبس جلبابه الأبيض الناصع وهدأ واستكان كملائكة الرحمان ..صلوات وتسبيح وقراءة للقرآن .. وما هو إلا عبد مأمور من عبدة الشيطان ، وثعلب خبيث في صورة إنسان ..

وعجبت لمن يعبد الله بقلبه ويخشع في صلاته.. ويتقيه قدر المستطاع .. ثم لا يكثر من الخيرات ، ولا يسلك سبل الحسنات ..فتجده لا يقرأ القرآن إلا نادرا مع أن كل حرف بعشر حسنات ..ولا يكثر الخطو إلى المساجد ، مع أن كل خطوة ترفعه درجة وتحط عنه سيئة وتهديه حسنة .. يسارع إلى صلاة الفرد ويغفل عن صلاة الجماعة التي ثمنها سبع وعشرون درجة .. ولا يكثر من الصدقات وهو يعلم أن الصدقة تطفئ غضب الرب .. وتكون سببا للشفاء .. فضلا عن أجرها الذي يبلغ الأضعاف المضاعفة ..

عجبت لمن يوثر دنيا فانية على آخرة باقية دائمة
عجبت لمن يوثر حياة ناقصة على حياة كاملة خالدة
وعجبت أكثر لمن يسمع القول فلا يتبع أحسنه

أخطأت أخي ؟ لا بأس فقط استغفر !
ارتكبت ذنبا ؟ لا تيأس.. فنحن مجرد بشر لا ملائكة ، فقط أتبعْ الحسنة السيئة تمحها ..



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹإلى الاستاذ محمد معمري






دعني أولا أحييك من هذا المنبر على صنيعك .. دعني أنثر الورد والزنجبيل في طريقك .. دعني أملأ الفضاء بشقشقات طيور الدنيا وعصافيرها الملونة بأعذب الألحان .. دعني أزفها قبلات تمتطي الأثير لتبلغك عني الود والاحترام .. دعني اصرخ في الدنيا أن في الوجود قلوبا خيـرة وعقولا نيـرة وأنامل سنيــة ..






دعني أرسم بأمواج البحر المتحركة كلمة شكر بهيـّـة ..






دعني أخيط السحب البيضاء لأكتب عبارة تقدير جليـة .. نعم الرجال أنت يا سيدي ، شكر الله سعيك ..ورفع قدرك .. وأعظم أجرك .. وملأ بالعسل شهدك ..






دعني أجمع خيوط الشمس الدافئة ، لأصنع لك منها دعوة صالحة .. أعلقها على ألوان قوس قزح العائمة.. في صفحة السماء الواسعة...






دعني أجمع همسات الأرواح الصافية .. ولمسات الأنامل الحانية .. وأريج الورود وأزهار الدنيا الغالية .. أخلطها .. أدقها .. أنثرها لمباركة شخصيتك الراقية .. وخطواتك السامية ..






أخي ياسين أيها الفنان ، لقد صممتَ ما أراه الآن كالبساتين .. اخترتَ الأشكال والألوان .. ودبجت باسمي الأبواب .. وعبد ت الطرق أمام الأحباب ..






فدع لساني يلهج شكرا .. وذر قلمي يسيل حبرا .. وكلماتي تهيم ذكرا .. شهرا.. بل حولا فدهرا ..






دعني أصنع من خرير المياه صوتا .. ومن عيون المها لمعا .. ومن نـُدف الثلج غيـما .. لتندمج في السماء وتهطل غيثا .. يسقي القلوب القاسية ، ويرطب الألسن النابية ..






دعني أمد عنقي مدا .. أخترق الفضاء بنظراتي .. أشحنها من هنا بلوعاتي.. لتحط هناك في الشمال .. وتختار منه مدينة وجدة .. ثم تحوم هناك على الاشخاص .. وتختار شخصية فذة .. شخصية العزيز معمري الأمين.. عطر الله أيامه بالياسمين والرياحين ..آمين ... يارب العالمين .





ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
النثر


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹمـــــــــاذ أرى؟









أعطوني أرضا




أغرس شجــرة



أعطوني شجرة



أقطـــــــف ثمرة



أعــــطوني ثمرة



أصنع منها زيـــتا



أعــــــــطوني زيتـا



أصنع منها دواء



هاتــــــوا اــــــــــــلدواء



أدهــــــن به أجســـــاما



هـــــــــــاتـوا الأجســــام



أعالج فيها أسقـــــــــاما



ماذا أرى ؟



الأجــــــــســام صحيحه



العظـــــــام مليحــــــــه



والوجوه ؟



على الوجـــــوه فضيحه



ماذا أرى؟



العـقــــول سقيـمــــــــه



الهـمم ســـــخــيفــــــــه



عقول الرؤوس صغــيـــــره



البطــــون وحدها كبيـــــره



الأيـــــدي دومــــــا شحـيحه



ماذا أرى ؟



هم هناك يغرسون الشـــجر



يبنون ..يعــــــلقـــون الدرر



يقبضون بالأيـدي القمــــــر



يتعاملون لا ضرار ولا ضرر



نـبتــة تزهــــــو وتزدهــــــر



ونحن ؟ جســــــم يحتـتضــر



ما ذا أرى ؟



أفـــــــــكارهم تتـــــــلاقــــــح



فـــــروجنـــا تـتـناكـــــــــــــح



نفــــــــوسهم تتســـــــــــامح



ورؤوسـنـا تتنـــــــــــــــــاطح



مشـــــــاداة !



خلافــــــات !



طمع وجشع !



آلام ووجــــع !



أحفــــادنا ! لا أراكـــــم الله مـــــــا نـرى ...



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



الزجل



ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ










ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹقلبي مكــْلومْ






راه ْقـلبي مكلومْ بْـحَـرّ الدنـــــيا مــكروبْ






مشـى المعقـول اليوم ْأجا مْـكانُ الـكـذوبْ






نـْسا وارجالْ تخـلطوا ،وْ كـلـشي مقـلوبْ






كـْثرْ الخصام ْأجْفـّاتْ مالـمْحـنـّه القـلـوبْ






الحق بينـّا متروكْ ..ألشـرّ خـِيلُ مركـوبْ






الحق ماليه ْشْروقْ أ ُلضّيمْ ماليهْ غـْروبْ






الحق حسابُ مغـْبونْ ، وغربالُ مثـقـوبْ






النّـْفـاقْ عْلامُ مرفوع ْ،واحْــكام ُمرهوبْ






البا طلْ مْكـَشّـرْ نيابُ وْكا سُوا مشْـروبْ






إشرْبوه ْالناسْ، وِِِِيـقـولوا هـذا مكـْـتوبْ






راهْ قلـبي مكلـوم ْ،بْـحـٓرّ ْ الدنـيا مكروبْ






هـذا زمـانْ الطغـيانْ ألفـسـادْ أ ُلحـْـروبْ






ما بقاتْ حشْمَه الواحدْ معـْيابْ أٔمَعـْيوبْ






هْـنا مسكين حـالُ احـْوالْ ِديــمَ مـغـْـلوبْ






غْلاتْ اللقمَه بزﱠافْ والخيرْ كـلّ منْهوبْ






أهناكْ شـفـّارْحالُ مَسْرارْ دِ يمَ محـْـبوبْ






بْحـَرّ الدنيا، قلبي خْلا ني دَ با مجـذ وبْ






بْنادم ْ عـقـلُ مشْـطونْ أ ُلـسانُ مسْلـوبْ






وبنادمْ اليومْ حالُ مرتابْ ديـمَ مــزْروبْ






رجْعاتْ السْبُولـَ بَـغـْشى ما فـيهْ حـْبوبْ






راه ْعمرْ بنادمْ عــند الله ْكُــلّ مَحْسوبْ






أ ُيـُومْ الحسابْ جايْ ، بهْـوالُ مرْعوبْ






نـفكـرْ فىْ يومْ العـــذابْ لِما ليهْ هروبْ






رْجايَ فاللهْ ،ما نكونْ عليﱠ مغـضـوبْ






إغـفرْلي وما نـكونْ منْ ظـلّ مشْطـوبْ






ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹغربـَه فـبْلادي




قـْـريتْ أنا سْـنـيـنْ أبََحْـراتْ فـْـلاكـِـي



بقـيتْ نجـْري ونْجاري نـْهـزْ فـْْـساكـي



سـهـرتْ اللـيـالـي أصـرفــتْ مْــلاكــي



بعـدْ اشـْديتْ وْراقـي بالقـلـبْ البـاكـي



بالطــّلباتْ ظـلـّيتْ انـْصَـبْ اشـْـراكـي



نتـسنّى بـْريـّه الجّـيـني تـبدﱠدْ حـْلاكي



البْلاصه بْلوُُجُوهْ ألاّ الفـلـْسْ الـحا كي



عـشتْ نخمّـمْ أنايا واذهـَــبْ ضْـحاكـي



اكْـثـرْعليﱠ الشـّوتْ أعْـيــيـتْ نـْـطـاكي



صدري مشْـواك ، مينْ انزعْ اشـْواكي ؟



زماني راه ْ غدارْ.. سوﱠكْ لي باسْواكي



عْرّيتْ كْـتافي ألخـّوتْ واهـْجرتْ بـلادي



كنت نخـدم ْ.. حـْيـّاني وانطيعْ سـْـيـــادي



نحـرسْ فـالبـيـبانْ ..أنخـد مْ فاجـْــرادي



بعدْ ارْجعـتْ الكيـرانْ بالـْغـْواتْ النـادي



هـنا طـالْ عـْذابي وزادْ نــْقصْ رْقــادي



ولـّيتْ نـشـفـِِّي كــلّ العـدْيانْ أحـْسـّـادي



اللي شافـْني يقولْ: تبهـْدلتِ ياحـْمـّادي



بغيتْ نـترجـّلْ حتى انا وانـْـديـرْ وْلادي



شتْ الغـْـلا ..والقاضي ..وفينْ غــادي ؟



دغـْيَ خنساتْ احْلامي وذبْْـلاتْ وْرادي



أبالصـبرْ نصــرﱠف مكـْْتـوبي وانـْـكادي



والجّـمـْرََه مازالـتْ حـمـْرَ تـْمﱠ فارمادي






ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹزمانْ




زمانْ كــانْ بـنادمْ قـلـبُ صـافِـي






إلى عــْطاكْ وعـدْ ..وعـْد ُكـافـي






يـمشي فـالْخيـرْ..أُرجْــلُ حـافـِـي






تلـْقى لسانُ حْـلوُ..وقلبُ دافِـــي




مايْخونْ عهــدْ ما يْغـلّ ْعـْوافِـي



زمان الصّـْفَا ،هوزمانْ اسْلافي



كان الغِيمْ مدْرارْ عـَمـّرْ سْواقـي



شيـّطْ الخيْرأزادْ فوﱠجْ اعْـماقــي



وْلـّّيتْ نحْـلَه نطيرْ نبلـّغْ شْواقـي



أ ُبصحّتي ظليتْ نتسوﱠقْ سْواقي



نزورْ الحـبابْ ونوْصلْ رْفـــاقـي



بقـيتْ محبوبْ ما يـبْغـيوْا فراقي



دَبَ تبدﱠلْ الحالْ أ ُفـْـترْ حْما سي



هادْ الغلا والنـْفاقْ طـيّرْ نـْعـاسـي



أللحمْ الشـّارفْ هَـرﱠسْ ضْراسـي



السّرقه والـكـْذوبْ ذوّبْ نـْحاسي



لـْرَاعي العــْبـادْ دْقــّيتْ جـْراسـي



الحقـْرَه والضّـيـمْ فيـّضْ كــاسـي



راه ْالحْـكامْ اليــُومْ حـْكام ْمـْراتـي ماشي يانا هههههههه




الفرّانْ ديمَ سْخون بَشـْوارْحْماتي



نسلّـكْ مخوافْ من لـْجام ْ"بْراتي"







مَجْـليني مصْروفْ أ ُمْنينْ كْراتي؟



تـْهـَدّو الكتافْ أتهرّسَتْ عـْصاتي



البطاله والجفاف ْ، ملـّيتْ حْياتي




ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ



الالغاز

ابى ابو الياس الا ان يمتعنا و يفيدنا بالغاز قولبها في نسق زجلي بديع





ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ











هل أنت شاطر ؟ طيب ، فك هذا اللغز الذي صغته بالدارجة.




لي مجموعة من الالغاز من تأليفي طبعا ، صغتها على طريقة الشعر .سابدأ بهذا اللغز.. سأترك إعطاء الحل الصحيح ، او الرد على الجواب الصحيح حتى آخر لحظة ، وذلك لفسح المجال امام شطارة الاخرين.فقط ارجو ممن سبق ان اطلع عليه الا يجيب على الاقل حاليا.



اللغز1 يقول:




هو قريبْ مْني ما يَـخْـطاني



عينُ عَ لحبابْ مـا ينـْساني



إلى وكّـلتُ إطربْني باسْرارُ



إلا نا خـْلِّيتُُ، تخـْمََـدْ اوْتـارُ







اللغز2 يقول:




حاكم مسجون بين قضـبـان







مره فرحان أ مره غـضبـان







من برا لحرار كيف لعـبــيد







إطيعو لامر من غير تهديـد








اللغز3 يقول:









تنبـتْ كبيـرَ من بــعـدْ تـصْـغــارْ




تـجمــعْ لـحْلاوَا أتـْـلـوحْ لـمـْرارْ



حلاوةْ العـــسلْ ما هي كْـفـايَـه



خلِـّّيـوْ اللسانْ إحـكِـي حْكـايـَه








اللغز4 يقول:









شكـلُ صغـيرْ أحكامُ حْـكـام ْ







فمَلكُ خْزاينْ،عْمارةْ الجيبْ







هو إلا دارْعـادْ إمكنْ تــنام






ْ



هو إلا دارْعادْ إمكنْ تغِـيبْ









آخر مواضيعي

0 السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
0 ابحث عن اخبار دوار تدافالت
0 تساؤل و استغراب و صدمة
0 فن السيراميك بالصور خطوة خطوة
0 فوائد سمنة النساء....هههههههههه
0 فوائد سمنة النساء....هههههههههه
0 الخفاش الابيض , تتمة .
0 اعتراف منهم بانتصار حماس
0 نور الدين شكردة,القلم الذهبي في دفترنا الادبي
0 نور الدين شكردة,القلم الذهبي في دفترنا الادبي


التعديل الأخير تم بواسطة mahdar ; 23-12-2008 الساعة 09:06 سبب آخر: تكبير الخط وتغيير اللون مع الاعتذار للعزيزة ايمانةصاحبة القلب الكبير

أم ايمان
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية أم ايمان

تاريخ التسجيل: 3 - 9 - 2008
المشاركات: 2,767

أم ايمان غير متواجد حالياً

نشاط [ أم ايمان ]
معدل تقييم المستوى: 472
افتراضي
قديم 21-12-2008, 17:46 المشاركة 2   

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
جرت العادة ان اعترف بنقلي لبعض عبارات الترحيب من منتديات اخرى .....و ذلك ما فعلته ايضا مرة اخرى ...هههه
طبعا هناك تاخير .....ولكن يكفي ان تعلموا انني توصلت الى انهاء العمل 3مرات ...في ايام مختلفة ....و يحدث خطأ بسيط ...او انقطاع الكهرباء او ان فيرفوكس يريد ان يجدد نفسه .....فتقع الكارثة ...و يذهب المجهود هباءا منثورا
اتمنى ان ينال مجهودي رضاكم .......ولنحتفل جميعا بأخ لنا نعتز به و نفخر .
لا تبخلوا بحضوركم.....و لا بمشاركاتكم .....و لا باسئلتكم ...
اتمنى التوفيق للجميع
دمتم طيبين


Fouad.M
:: أمـيـر القـوافي ::


تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: Rabat
المشاركات: 5,510

Fouad.M غير متواجد حالياً

نشاط [ Fouad.M ]
معدل تقييم المستوى: 756
افتراضي
قديم 21-12-2008, 18:12 المشاركة 3   

تصفحت موضوعات الأخ زايد التيجاني فوجدت كوكتيلا رائعا وبهيا....زاوج فيه بين القصة والخاطرة والشعر....وكلها تحمل الطابع الزايدي الأصيل...وتزداد أصالته في الأسلوب المتعدد الروافد والقواميس.....ناهيكم عن ما تثويه عباراته من معاني سامية واخلاقية وادبية وفلسفية...إذ تنوعت فيها الطروحات...ما جعل الأخت أيمانة تجهز لنا أطباقا شهية فوق مائدة أدبية دسمة....في أول ليلة شتائية كي تدفئ صدورنا وتنعش وجداننا.....فهنيئا لك التكريم الذي أنت كرمه وإكراميته...ولي عودة الى موضوعك مرة ثانية للتعليق عليه...أما ما قمت به الان فهي سجادة فؤادية...يعبر منها الجميع للاحتفاء بك.......أيها القلم الزايدي اللامع....
تحياتي ومودتي وتقديري....


René Char : "Impose ta chance, serre ton bonheur et va vers ton risque. A te regarder, ils s'habitueront.

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

التعديل الأخير تم بواسطة Fouad.M ; 21-12-2008 الساعة 18:17

نورالدين شكردة
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية نورالدين شكردة

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 2,702

نورالدين شكردة غير متواجد حالياً

نشاط [ نورالدين شكردة ]
معدل تقييم المستوى: 464
افتراضي
قديم 21-12-2008, 18:25 المشاركة 4   

هاذ الشي راه رااااااااااااااائع وجميل.... ولقد أبدعت اختي إيمانة فلك جزيل الشكر والامتنان وأفضل التحايا وبوركت وجزيت خيرا ورفعة وصحة وعافية وألقا وتألقا على إخراجك المميز وتقديمك المتميز لأخينا واستاذنا ومعلمنا وناقدنا المبدع المتالق، السمح اللبق ،الودود الحذق ،الفاضل الكاتب زايد تيجاني....
من أين أبدا ومتى سأنتهي وما ذا سأكتب وعماذا ساكتب ...؟؟؟حقيقة لقد شدني اول ما شدني للمنتدى نصوص الاخ زايد وردوده الذكية وعباراته الودودة...وزدت تشبتا بالمنتدى لما صرنا أصدقاء افتراضيين نتناصح ونتشاور... وأذكر أنه في فترة تغيب الأخ زايد إبان مرض والده-شافاه الله-أحسست باليتم العنكبوتي /وهي عبارة ساجعلها عنوانا لقصة قصيرة جدا-نعم بت لا اتصور المنتدى بدون زايد ...
زايد ومن لا يعرفه بلغته المنسابة و لفظه العذب وقصصة الاخاذة صوب عوالم وتناقضات مغربنا الكبير....
زايد ومن لا يعرفه بفصاحته وصراحته وقدرته الغريبه في جعلنا نتحسس أدمية وحقيقة بعضنا البعض على الرغم من تواجدنا الافتراضي وتباعدنا المكاني....
زايد ومن لا يعرفه بمروءته التي تكشفها نبرة قصصه ورجولته التي تنط من بيت ثنايا مواضيعه...
فشكرا لك أخي زايد ولي عودة لقراءة نصوصك وإغراقك بالاسئلة....
ورددوا من ورائي لازمة اغنية ثبت ثبت يا محضار ...أو علي علي يا ابا المعاني...
تحياتي وشكرا يا إيمانة مجددا على الإخراج الراقي ....وراني غنحماق بالفرحة يلا درتيلي شي إخراج بحال هذا ...


أبو المعاني
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية أبو المعاني

تاريخ التسجيل: 24 - 12 - 2007
المشاركات: 1,736

أبو المعاني غير متواجد حالياً

نشاط [ أبو المعاني ]
معدل تقييم المستوى: 373
افتراضي
قديم 21-12-2008, 18:43 المشاركة 5   

السلام عليكم
أهنئك أخي التيجاني بأسبوع تكريمك.وقد قمت بتثبيت الموضوع على ما جرت العادة. في حين ألغيت موضوعي وموضوع الأخ محضار.
أشكر العزيزة والمحترمة "إيمان "على مبادرتها.
حقا لقد استمتعنا بروائع الاخ التيجاني الذي قام بمجهزدات جمة في الرفع من مستوى الدقتر الأدبي ؛فله أحلى تحية وأزكى سلام.
أرجو منك أخي ان تعطينا نبذة ولو مخترة عن حياتك وعن بداياتك في عالم الكلمة الساحر...
سأعود لقراءة الردود نهاية الأسبوع المقبل إن شاء الله فغدا ينتظرني ماراطون كبير في اتجاه الفرعية.
سلامي واحترامي ومودتي الأخوية


التعديل الأخير تم بواسطة أبو المعاني ; 27-12-2008 الساعة 13:55
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
منوالها, التيجاني, تحتال, تنمية, ساجد, على, نحن, وزير

« - | نور الدين شكردة,القلم الذهبي في دفترنا الادبي »
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما حدث فعلا بثانوية موسى بن نصير التأهيلية بومية ابن البلد1 دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهني 12 04-01-2009 23:10
رأي صغير حول الظروف التي عاشتها ثانوية موسى بن نصير بومية goodstudent الأرشيف 0 28-11-2008 19:21
ما ذا يحدث بثانوية موسى بن نصير بومية ؟ ابن البلد1 الأرشيف 1 08-11-2008 21:39
ومن آيات الله فراشات مختلفة ألوانها عمرالخيام الصــــــــــور 7 09-03-2008 13:14


الساعة الآن 19:38


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة