اليوسفي: أكبر الصعوبات التي تواجه مشاريع الإصلاح تتمثل في ترسيخ النظرة السلبية المسبقة عن المدرسة
قال إن نجاح الإجراءات الاستعجالية لبرنامج عمل الوزارة مرتبط بخلق أجواء التعبئة الشاملة
بلعيد كروم
يتميز الدخول المدرسي لهذه السنة بحدثين بارزين: الحدث الأول خطاب ملك البلاد بمناسبة «ثورة الملك والشعب»، يوم 20 غشت 2012،
والذي خصص فيه الملك حيزا كبيرا للمدرسة العمومية، والحدث الثاني ما ورد على لسان وزير التربية الوطنية بأن البرنامج الاستعجاليّ لم يحقق كل نتائجه، خاصة على مستوى تشييد المؤسسات التعليمية. على ضوء هذين الحدثين، نحاور الأستاذ عبد اللطيف اليوسفي، أولا بصفته مديرا للأكاديمية، وثانيا كباحث في المجال التربوي، لاسيقاء آرائه ومواقفه حول ما يمكن أن يميز السنة الدارسية الحالية.
- ما هي المستجدات المنتظرة التي ستميز الدخول المدرسي 2012 -2013؟
< بداية، أود الإشارة إلى أن الدخول الدراسي الحاليَّ يجري في سياق يتميز ببداية مرحلة ما بعد البرنامج الاستعجالي، والذي من شأن الوقوف الموضوعيّ على نتائجه، بإنجازاته وإكراهاته وصعوباته، أن يُسهم في فتح أفق جديد لمنظومتنا. كما يتميز بالتحضير المبكر -منذ شهر أبريل إلى اليوم- عبر اعتماد دلائل مضبوطة للدخول المدرسي وتنظيم السنة واعتماد مقرر وزير التربية الوطنية رقم 198/12، الصادر بتاريخ 31 ماي 2012، وإنجاز كافة الحركات الانتقالية، لأول مرة، بشكل مبكر قبل العطلة الصيفية بمستوياتها الوطنية والجهوية والإقليمية وتعيين الخريجين وإنهاء مباريات الدخول إلى المركز الجهويّ لمهن التربية والتكوين في صيغتها الجديدة والمراكز الأخرى، مما سيسهم في دخول مبكر وناجح نأمل أن يُرسيّ الاستقرار منذ بدايته.
إن المرحلة تقتضي كثيرا من الجدية والمسؤولية والرزانة لفتح الأفق الجديد نحو مدرستنا الوطنية، وخاصة المدرسة العمومية، وهذا أكبر مستجَـدّ ينتظر في هذا الموسم وأكبر ورش نرجو أن يُفتح بموضوعية وبعد نظر، خاصة أن الخطاب الملكيّ لـ20 غشت 2012 أكد أن قضية التربية والتكوين ما زالت أسبقية وطنية، وإصلاحها يعتبر تحدّيا كبيرا في الظرفية الراهنة، مشددا على ضرورة تفعيل التوصيات الأخيرة المتفق عليها، والتي هي، من غير منازع، الميثاق الوطنيّ للتربية والتكوين، وتقرير المجلس الأعلى 2008 وتقرير الخمسينية بخصوص التعليم العصري والجيد. ومن أهمّ ما ورد في هذا الخطاب دعوته إلى الخروج بتعليمنا من منطق يرتكز على المدرّس وأدائه المقتصر على تلقين المَعارف للمتعليمن، إلى منطق جديد بديل يُبلور تعليما موفور الجدوى والجاذبية وملائما للحياة.
- على ضوء ما ذكر، ما هي الإكراهات والإرغامات التي قد تواجه إنجاز مشاريع الوزراة لهذه السنة؟
< إن السياق المُشار إليه في الجواب الأول يوضح أن هذه السنة ستعرف بلورة رؤية جديدة لا شك أنها ستركز على تثبيت المكتسبات العديدة والمسجلة، كما ستقف هذه الرؤية الجديدة على الاختلالات والصعوبات والإرغامات التي ما زالت قائمة وتنتظر منا مجهودات أكثر وانخراطا مجتمعيا واسعا لرفع تحدياتها.. ولعل أكبرَها تلك الإشكالياتُ المرتبطة بالجودة وتطوير النسق البيداغوجي وترسيخ النظرة السلبية المسبقة على المدرسة وضعف انخراط الفاعلين الأساسيين فيها، وبالتالي فإن الرهان في إنجاح أي مشروع من مشاريع الإصلاح، بما فيه برنامج عمل الوزارة، الذي يتضمن الإجراءات الاستعجالية عملا بمنشور رئيس الحكومة رقم 2012/1، مرتبط بخلق أجواء التعبئة الشاملة والمتعددة لكافة الأطراف المشار إليها في الفقرة الـ23 من القسم الأول للميثاق، صفحة 15.
- على مستوى الأكاديمية الجهوية لجهة الغرب الشراردة بني احسن كيف تم الإعداد للدخول المدرسي، وبعبارة أخرى: كيف سيتم مواجهة النقص في البنيات التحتية (المؤسسات التعليمية) وفي الأطر التربوية، إن سُجّل نقص طبعا؟
< على صعيد هذه الأكاديمية، تم التحضير لإنجاح الدخول المدرسيّ الحالي بشكل مبكر وتشاركي مع العديد من الأطراف، مما مكـّن هذه الجهة من اتخاذ العديد من التدابير العملية لتأمين الدخول المدرسي في النيابات الثلاث، عن طريق تدقيق الخرائط المدرسية وتوفير البنايات، وخاصة الجديدة منها، وتجهيزاتها وتوفير كل لوازم الدعم الاجتماعي، بمختلف مكوناته، من إطعام مدرسيّ وإيواء في الداخليات..
على مستوى البنيات، عرفت الجهة توسعا كبيرا، إذ وصلت الإحداثات الجديدة ما بين 2009 إلى الآن 33 مؤسسة، أغلبها في العالم القروي، ويتوقع أن تنجز دفعة أخرى من هذه المؤسسات في ما تبقى من البرنامج، أقلها 20 مؤسسة، إضافة إلى التوسيعات، ومع ذلك فإن حركية السكان والتكاثر الديموغرافي ودينامية العمران تتسبب في اللا توازن، مما يؤدي إلى حالات من الاكتظاظ نواجهها بإجراءات وتدابير دقيقة ومدروسة.
- يشتكي الأساتذة من فقدان السلطة التربوية بسبب هاجس محاربة التسرب الذي يقضي بانتقال التلاميذ من قسم إلى آخر، ولو بمعدلات متدنية. وعلى مستوى البكالوريا، لوحظ هذه السنة ارتفاع المعدلات، الشيء الذي أفقدَها نجاعتها في القبول في المدارس العليا.. على ضوء كل هذا، هل هناك تعديل حتى تستعيد البكالوريا والمعدلات قيمتها؟
< يشير سؤالك إلى عديد من القضايا، منها سلطة المدرّس في التقويم وتقنيات الانتقال من مستوى إلى آخر ومعدلات الامتحانات الإشهادية، وخاصة البكالوريا، وهي بالتأكيد قضايا هامة ولكنها ترتبط بمخرجات المنظومة، وبالتالي فإن النقاش ينبغي أن يتجه نحو عمق الإشكاليات، فسلطة المدرّس مرتبطة أساسا بموقعه في المنظومة وبحاجتنا المُلحّة اليوم إلى إعادة النظر في الأسس التي تنبني عليها مهنة التدريس، فالارتقاء بمنظومتنا التعليمية يتطلب تحفيز أسرة التربية والتكوين على الانخراط بوعي كامل وبحماس ضروريّ وبتلقائية وبحس وطني كبير في هذا الورش المصيريّ.
أما آليات الانتقال من مستوى إلى آخر فلها علاقة بصيغ التقويم وأدوات القياس وكذا بمعطيات الخريطة المدرسية، التي لا ينبغي، بأي حال من الأحوال، أن تتحكم في آليات النجاح أكثر من مقاييس التقويم الموضوعيّ للتعلمات وكفايات التلميذ. وللإشارة فإن الإصلاح يربط المرور من مستوى إلى آخر بآليات الدعم والتقوية. أما مسألة المعدلات العليا فهي بالقدْر الذي تدعو إلى الاعتزاز، تدعو في نفس الوقت إلى ملحاحية تدقيق معايير التنقيط، وخاصة نقط المراقبة المستمرة وتوسيع بنيات الاستقبال في التعليم العالي، وخصوصا في المعاهد ذات الاستقطاب المحدود، لتكون الطاقة الاستيعابية مواكبة للطلب الذي سيتعاظم في السنوات المقبلة.
اليوسفي: أكبر الصعوبات التي تواجه مشاريع الإصلاح تتمثل في ترسيخ النظرة السلبية المسبقة عن ...
المواضيع المتشابهه
