بسم الله الرحمن الرحيم
المشروع التربوي للمؤسسة
* تقديـــــــــــــــــم:
لعل ما يميز عصرنا الحالي، المشهود له بالحركية والدينامية، سيطرة مفهوم جديد صار حاضرا بقوة في السلوكيات والدهنيات المعاصرة. إنه مفهوم "المشروع" الذي يؤسس لثقافة جديدة توجه مختلف مجالات الحياة، وكافة الأنشطة والفعاليات. فأصبحنا نسمع ب: مشروع سياسي- مشروع اقتصادي- مشروع اجتماعي- مشروع تربوي- مشروع ثقافي-مشروع فني- مشروع رياضي...
ويعتبر المشروع التربوي للمؤسسة آخر المستجدات التي يشهدها حقل التربية والتعليم، وذلك بهدف مواكبة التطور العالمي في هذا التوجه من جهة، ومن جهة أخرى لتجاوز التعثرات ومكامن الخلل في منظومتنا التربوية على وجه الخصوص.
وإن كان التعريف بمفهوم المشروع يتطلب استعراض كل ما تناولته التنظيرات البيداغوجية في الموضوع؛ على كثرتها وتشعبها؛ فإن غايتنا من هذه الوثيقة تنحصر في تقريب الدلالات الأساسية التي تشكل المنطلق الأدنى لعملية بناء المشروع، وذلك لأجل التقريب والتيسير. وسنكتفي بأقواها وأوضحها دلالة.
يعرف الباحث المغربي" محمد الدريج" المشروع التربوي بقوله:
" إنه سلوك إنساني يفترض أسلوبا في التفكير والعمل، يحيل على خطة تستند إلى منهجية تحدي المشاكل، انطلاقا من تحليل دقيق للواقع واقتراح الحلول وضبط وسائل العمل وبرمجة النشاط... لبلوغ الأهداف المنشودة ، بأكبر قدر من الفعالية والعقلانية والتخطيط."
ويقول في سياق آخر:
مشروع المؤسسة عبارة عن"برنامج إرادي تطوعي( خطة عمل) مؤلف من سلسلة من الأعمال والإجراءات التي تهدف، بشكل منسجم، الحصول على أفضل النتائج في المؤسسات التعليمية والرفع من مستوى وجودة التعليم بها، وتعميق ارتباطها بمحيطها واندماجها في مجالها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. إنه خطة منظمة متناسقة العناصر، يتعاون على تنفيذها فريق تربوي (مجموعة عمل) داخل المؤسسة، من خلال جملة من الأنشطة، لغاية اختيار ما يناسب من أهداف تربوية وتكييفها بما يلائم متطلبات البيئة وحاجيات الجماعات المحلية ومطالبها، وفي انسجام مع الغايات والمبادئ العامة المقبولة والمتفق عليها على الصعيدين الوطني والعالمي."
أما الأستاذ الباحث عبد اللطيف الفارابي ورفاقه فيعرفون مشروع المؤسسة بأنه:
" خطة أو برنامج متوسط المدى يتألف من أعمال وأنشطة قصدية ذات طبيعة تربوية وبيداغوجية، يشارك في بلورتها وإعدادها وإنجازها وتقويمها مجموعة من الفاعلين المنتمين إلى المؤسسة التعليمية، وفاعلين لهم اهتمام بالتربية، تربطهم بالمؤسسة علاقة شراكة. ويتوخى مشروع المؤسسة بالأساس الرفع من إنتاجية المؤسسة، وتحسين شروط العمل داخلها، والرفع من مردوديتها التعليمية، ودمجها في محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي."
على هذه الخلفية النظرية تأسست المذكرة الوزارية المنظمة لهذا المجال، والتي صدرت سنة 1994 وتنص على ما يلي:
خطة تهدف إلى تفعيل دور المؤسسة التربوية لإغناء البحث الميداني والمساهمة في تنمية التجديد التربوي على الصعيد المحلي، في إطار مشروع تقوم المؤسسة بضبط معالمه وإستراتيجية تنفيذه وأساليب تقويمه- بكيفية فردية أو بشراكة مع مجموعة مؤسسات تربوية- وتحدد وسائل الإنجاز والدعم وأنواع الخبرات والكفايات العلمية، والمستلزمات الفنية والمادية التي يتطلبها تنفيذه
مقتطف من المذكرة الوزارية رقم 73 للسنة 1994
ولتبسيط الرؤية أكثر يتلخص مفهوم المشروع التربوي فيما يلي:
مشروع المؤسسة خطة تربوية شاملة، على المدى المتوسط والقريب، يعدها وينجزها المجتمع المدرسي الموسع انطلاقا من الحاجات والمعطيات المحلية قصد تحسين جودة التعليم وتطوير المؤسسة والانفتاح على المحيط. مع تحديد الأهداف والأولويات والبرامج وخطط الأعمال والأنشطة والموارد والوسائل وسبل الإنجاز والتتبع والتقويم لتحقيق الأهداف المرجوة من المشروع، من دون تعارض مع الغايات المرسومة للنظام التربوي الوطني.
** غايات المشروع التربوي:
من أجل تحسين جودة التعلم يجب أن يتم التركيز في المشروع على المتعلم(ة) وعلى الأنشطة التي تخدم الرسالة الأساس للمدرسة:
- تعلم جيد يتجلى في تحسن النتائج الدراسية من جهة.
- تعلم ملائم يتجلى في الفائدة العملية والاستجابة لمتطلبات الحياة من جهة أخرى
ومن هذا المنطلقات تتحدد معالم المشروع التربوي في المبيان التالي:
*** مجالات مشروع المؤسسة
يتناول مشروع المؤسسة مجالات بيداغوجية وثقافية وفنية وتربوية متنوعة في إطار خطة متناسقة تمنح الانسجام لمكونات المشروع، وتجعلها مترابطة في خدمة أهداف تحسين جودة التربية والتكوين وجعل التعلم ملائما لمتطلبات الحياة.من هذا المنطلق يتوجب تحديد هذه المجالات. وتتوزع على مجالين متكاملين هما:
I- مجالات أنشطة تحسين جودة التعلم
- الدعم الاجتماعي والنفسي لتشجيع التمدرس ومحاربة الهدر
- الدعم التربوي لتحسين النتائج ونسب النجاح
- النوادي التربوية (البيئة ، الصحة، الرياضة، المواطنة، الإعلاميات، العلوم، المسرح)
- المحترفات التربوية (الإلكترونيك، الكهرباء، النجارة الخياطة ،الديكور)
- الأنشطة الثقافية والفنية (محاضرات، مسابقات، معارض..)
- مجالس المتعلمين والمتعلمات (مجلس القسم مجلس المؤسسة، لجن النوادي والمحترفات..)
- الانفتاح على المحيط والزيارات والخرجات التربوية والتطبيقية.
II- مجالات تحسين العوامل المؤثرة في أداء المؤسسة
- تحسين تدبير المؤسسة
- تحسين كفايات الأساتذة
- تحسين المناهج التعليمية
- توفير التجهيزات التربوية والوسائل التعليمية وتحسين استعمالها
- تحسين البنية التحتية والمرافق
- تحسين فضاء المؤسسة
- انفتاح المؤسسة على محيطها
****المشروع التربوي والتعبئة الاجتماعية
يتوقف نجاح أي مشروع -مهما كان مجاله – على تضافر كل الجهود والموارد والإمكانات المتاحة. من هنا يجب التأكيد على أبعاده التشاركية /التواصلية،التي تحيلنا على مفهوم التعبئة الاجتماعية.
وهي عمليات متنوعة تقوم على التوعية والتحسيس والتواصل والحوار والتشاور لحشد الطاقات والجهود والخبرات، وتفعيل مشاركة الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين والشركاء في المشاريع والخطط الرامية إلى خدمة الصالح العام الذي يعد مشروع المؤسسة خير مثال له.
والهدف من التعبئة الاجتماعية تيسير ظروف تعاون الأطراف وتفاعلهم وانخراطهم، من أجل تحديد الحاجيات والحلول المناسبة واقتراح أنشطة لتجسيد هذه الحلول على أرض الواقع. وذلك استنادا على الحقائق التالية:
1- التربية والتكوين مسؤولية الجميع
2- للتعبئة الاجتماعية دور مركزي في إصلاح نظام التربية والتنمية البشرية
3- الاستفادة من تنوع وجهات النظر والخبرات للقيام بتحليل شامل لوضعية المؤسسة من زوايا متعددة:
- الجودة الداخلية (التي تقاس بجودة النتائج)
- الجودة الخارجية ( تقاس بالملاءمة واندماج المتخرجين في عالم الشغل
ونجاحهم في الحياة العملية)
- العوامل المدرسية(البنيات التحتية والمناهج والأنشطة المدرسية والتأطير التربوي والإداري
- العوامل غير المدرسية المرتبطة بالأسرة والمحيط الاجتماعي والثقافي والبيئي
4- الاستفادة من مساهمة أكبر عدد من الأطراف لتوفير الموارد
***** دور التعبئة الاجتماعية في الرفع من جودة التعليم
إذا سلم المجتمع والمحيط بأن التربية والتكوين هي مسؤولية الجميع، فإن كل طرف مشارك أو مساهم سوف يتحمل نصيبا لاغنى عنه لإنجاح المشروع التربوي، كل من منطلق مهمته أو تخصصه أو درجة حضوره أو شراكته. لأن الأهداف التي يسطر لها في المشروع متنوعة المجالات؛ كما يلي:
تكييف البرامج مع الوسط
المساهمة في دروس الدعم والأنشطة الموازية وأنشطة التفتح وتفعيل الحياة المدرسية
مساهمة أشخاص مصادر وأطر ومهنيين في إعداد وإنجاز أنشطة البرامج المحلية
تكوين مستمر لتدعيم الكفايات المطلوبة
تنظيم ورشات وزيارات وخرجات وتطبيقات عملية لتحسين الجودة والملاءمة
انفتاح المؤسسة على محيطها
*** **** منهجية العمل بمشروع المؤسسة
يتطلب بناء المشروع التربوي سلسة من الإجراءات المنهجية تتصل فيما بينها برباط محكم تطبعه الدينامية ويحكمه التجدد، لأن المشروع في حد ذاته حركة دائبة في جميع الاتجاهات. ويعرض الجدول التالي لأهم المراحل التي يقطعها المشروع:
إرساء المنظور الشمولي لرسالة المؤسسة
تشخيص أوضاع المؤسسة
بناء مشروع المؤسسة
عمليات الإنجاز وأنشطته
التتبع والتقويم
ذ. محمد البغدادي / إعدادية مولاي إسماعيل / سطات / المغرب
ورحم الله صاحب الموقع الأستاذ محمد البغدادي وأسكنه فسيح جناته
المشروع التربوي للمؤسسة
المواضيع المتشابهه
