إضراب 13 فبراير خطوة لتوسيع التنسيق بين المركزيات النقابية
الاضراب الوطني في قطاع الوظيفة العمومية والجماعات المحلية الذي أعلنت عنه الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والذي سيتم خوضه كما هو مقرر يوم 13 فبراير القادم، هل هو إضراب له ارتباط بقضايا ومتطلبات راهنة، أم أنه يندرج في سياق برنامج له امتدادات ترجع إلى شهور خلت؟
إضراب 13 فبراير الذي أعلنت عنه الفيدرالية الديمقراطية للشغل امتداد ضمن برنامج نضالي تم الاعلان عنه في الموسم الاجتماعي السابق الذي استهل بوقفة احتجاجية وطنية نظمت يوم 26 ماي 2007، وهي الوقفة التي ووجهت بتدخل عنيف من قبل قوات الامن. وقد كان أساس البرنامج النضالي وقتئذ المطالبة بالحقوق واحترام الحريات النقابية بالقطاعين العام والخاص، بعد أن تم التنقل التعسفي لمجموعة من المسؤولين النقابيين من بنك المغرب، وماتلا ذلك من عقوبات تتجسد في قهقرة رتب المعنيين بالتنقيل وغيرهم، علاوة على العقوبات التي طالت المكتب الوطني للنقابة بالقرض العقاري والسياحي، وما اتسمت به الوضعية في القطاع الخاص من اختلالات من بينها طرد وتوقيف المكاتب النقابية. وإذا كانت هذه جملة من العوامل التي شكلت أسس البرنامج في الموسم الاجتماعي السابق، فإن هناك عوامل اخرى متعددة راهنة لها علاقة بالملفات العالقة، ومنها ما له صلة بالتطورات المعيشية والاقتصادية وما لذلك من آثار على القدرة الشرائية لعموم الاجراء تتداخل وتضاف مجملة لتبرير الاسباب والدواعي العامة لخوض اضراب 13 فبراير، وما قد يليه من حركات احتجاجية تصعيدية.
فماهي إذن، طبيعة هذه الملفات العالقة؟
من بين الملفات العالقة المطروحة، ملف الترقية والتنقيط الذي جاء بحيف كبير قياسا مع النظام السابق، وهذا ما يمكن ملامسته في النتائج التي أسفر عنها تطبيق المرسومين الخاصين بذلك في بعض القطاعات العمومية، والتي أفضت إلى استياء عارم في أوساط الموظفين، هذا علاوة على قانون خاص بالنظام الاساسي العام للوظيفة العمومية، معروض على البرلمان الآن، ويتضمن تعديلا يمس ببعض المكتسبات النقابية منها ماله علاقة اساسا بالتفرغ النقابي، ومسألة اعادة الانتشار من قطاع إلى قطاع ومن جهة إلى جهة اخرى. واللافت والخطير في آن في عملية الانتشار هذه، الواردة في مشروع التعديل هو اعادة الانتشار من الوظيفة العمومية إلى الجماعات المحلية والعكس بالعكس، هذا اضافة إلى ملف المتفرسين (les administrateurs )الذي لم يخرج نظامهم الاساسي إلى حيز التنفيذ بعد، وملف التقنيين (كان من المفروض ان يشرع في تطبيقه ابتداء من 2004، إلا أنه لم يشرع في إعماله إلا سنة 2006 وهو ما يطرح سؤال استفادة المعنيين من التعويضات بأثر رجعي بدءا من 2004) وملف الاعوان العموميين الذين لم يستفيدوا من الترقية الاستثنائية التي استفاد منها باقي الموظفين، وحذف السلالم الدنيا من السلم 1 و4 الذي كان موضوع اتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية منذ 5 سنوات مضت، غير أنه لم يتم تفعيل ذلك، هذا فضلا عن ملف أساسي ضمن مطالب الفيدرالية ويتعلق بالزيادة في الأجور. والرفع من الحد الأدنى، وتطبيق السلم المتحرك الذي كان موضوع حوار مع الوزير الأول السابق في أبريل 2007
هل امتناعكم على التصويت على قانون المالية في مجلس المستشارين راجع في بعض مظاهره، إذن، إلى ما يمكن تسميته بتكتيك التحضير لحركات احتجاجية، وتعبئة من تم الرأي العام عموما، والأجراء خصوصا لخوضها، أم أن مكونات موضوعية بذات القانون هي التي أملت اتخاذ قرار الامتناع؟ وهل تلتقي مكونات الامتناع، أو تشكل أحد أسباب وعوامل الإعلان عن الإضراب؟
ما تضمنه قانون المالية الذي امتنعنا كفيدرالية عن التصويت عليه مخيب للآمال، فقانون المالية كان يفترض فيه مثلا أن يأتي بإجراءين لفائدة الشغيلة المغربية، الأول يتعلق بتخفيض نسبة الضريبة على الدخل من 42% إلى 40%، والثاني يهم رفع الأجر السنوي المعفي من 24 ألف درهم إلى 30 ألف درهم، إلا أن قانون المالية للأسف لم يشمل ذلك، وهو ما حذا بنا إلى الامتناع عن التصويت. ومهما يكن، فإن هذه النقطة، ضمن النقاط والعوامل الأخرى المذكورة، تشكل مجتمعة - إضافة إلى عوامل وعناصر تفضيلية أخرى - مجمل الأسباب التي حذت بالفيدرالية الديمقراطية للشغل للإعلان عن الإضراب الوطني لـ 13 فبراير، وهي المحطة التي قد تتبلور عنها دينامية اجتماعية أخرى تأخذ منحى أوسع.
الإعلان عن الإضرابات من هذا الحجم يطرح مسألة التنسيق بين المركزيات النقابية، وبين القطاعات، فهل سعت الفيدرالية في أفق بلورة مثل هذه القرارت إلى التنسيق بين مركزيات تحمل ذات الهم المشترك؟
مباشرة بعد إعلاننا عن قرار الإضراب، قمنا بمراسلة المركزيات النقابية، وأخبرناها بقرار الإضراب ودعوناها إلى التشاور في كيفية مواجهة الأوضاع داخل قطاع الوظيفة العمومية، والساحة الاجتماعية بشكل عام، وقد ثمنت في هذا الإطار الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مبادرة الفيدرالية، مشيرة إلى أن أجهزتها ستتداول في الموضوع، كما أن المنظمة الديمقراطية للشغل أعلنت عن الإضراب في ذات اليوم، ويبدو أن الاتحاد المغربي للشغل قد قرر خوض الإضراب هو الآخر في نفس اليوم.
هل سيتبلورعن هذه المحطة سعي نحو بلورة وحدة في الأهداف الاجتماعية، لما قد يكون لذلك من آثار إيجابية على الأجراء والشغيلة عموما، وعلى مردودية العمل النقابي بشكل خاص؟
أملنا أن تكون خطوة 13 فبراير، بوابة لتوسيع التنسيق مع المركزيات النقابية في أفق التوافق حول مطالب الحد الأدنى للأجور، إن في القطاع العام أو القطاع الخاص، لمواجهة الإرتفاعات الصاروخية في الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين عموما، والأجراء على وجه الخصوص، ودعم الجبهة الاجتماعية التي أصبحت متضررة في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى.