زوايا للصلاة.. خدمة جديدة بمقاهٍ مغربية

[سايس1]

أحمد حموش:شرع المزيد من المقاهي بالعاصمة المغربية الرباط في تقديم خدمة جديدة إلى زبائنها لاقت استحسانا كبيرا في الآونة الأخيرة.. فإلى جانب الشاي والقهوة والعصائر أصبحت هذه المقاهي تخصص في الطبقة العلوية بها أماكن للصلاة أسوة بمقاهٍ أخرى في أنحاء البلاد.
هذه الزوايا لا تتعدى مساحتها المترين وتضم سجادة وحصيرا فقط، لكنها سمحت للكثيرين بقضاء أوقات ممتعة بالمقهى في الكتابة أو المطالعة أو لقاء الأصدقاء دون تفويت الفريضة، بحسب ما يقول مراسل "إسلام أون لاين.نت".

مقهى "أريكا" بمدينة تمارة المجاورة للعاصمة كانت سباقة إلى إبداع هذه الفكرة في المدينة، ويقول "سي محمد" أحد العاملين بها: إن فكرة "المسجد" جاءت بعدما عانى العاملون بها لفترة طويلة من تأخير الصلوات الخمس عن وقتها أو تراكمها في بعض الأحيان.

الصلاة في وقتها

ويوضح سي محمد ذلك بقوله: "المقهى تظل مفتوحة من السابعة صباحا وحتى العاشرة ليلا وفي أغلب الأحيان كنا نؤدي الصلوات مجتمعة لدى عودتنا إلى المنزل؛ لذلك فكرنا في تخصيص مكان ولو ضيقا لأداء الصلاة، فحلت مشكلتنا ومشكلة زبائننا".

تخصيص أماكن للصلاة في المقاهي أدى لتيسير أداء الصلوات في وقتها لطلبة الجامعات الذين يقضون أوقاتا طويلة داخل تلك المقاهي من أجل استذكار دروسهم استعدادا للامتحانات.

جمال ملوح طالب بكلية الحقوق السنة الثانية يتحدث لـ"إسلام أون لاين.نت" ويشير إلى أنه بات يفضل ارتياد هذه المقاهي لوجود مسجد بها "فمن جهة نستغل وقتنا في المطالعة أو لقاء الأصدقاء ومن جهة أخرى نحافظ على علاقتنا بربنا من خلال أداء الصلاة في وقتها"، بحد قوله.

ويعترف ملوح في حديثه لـ"إسلام أون لاين.نت" بأن جلوسه بالمقهى لساعات كان يجعله لا يؤدي الفريضة في وقتها، الأمر الذي كان يسبب له معاناة نفسية.

"علية متدينة"

مقهى "أرينا" بمنطقة المسيرة افتتح بدوره مسجدا في طبقته العليا قبل حوالي 6 أشهر للأسباب نفسها وذلك لمساعدة العاملين به على الحفاظ على صلواتهم.

ويلاحظ على المقاهي في السنوات الأخيرة أنها تحرص على بناء طابقين لجلب شريحة معينة من الزبائن، خاصة من الشباب الذين يكونون في الغالب من الطلبة والباحثين لما توفره "العلية" من هدوء وخصوصية.

وأضفى تخصيص مكان للصلاة بهذه العلية طابعا مميزا عليها؛ إذ سرعان ما يلفت الانتباه قيام أحدهم فجأة ليؤدي الفريضة سواء كان طالبا باحثا أم زبونا عاديا.

زبائن جدد

عزيز الروداني أستاذ التعليم الثانوي وأحد رواد مقهى "أرينا" أكد أن هذه الزوايا الجديدة تجذب زبائن من "نوعية جيدة" للمقهى.

وقال: "في ظل غياب الحدائق العمومية، يحتار الشباب الملتزم في المكان الذي يلتقون فيه بأصدقائهم دون أن تفوتهم الصلاة، ومن هنا فالخدمة الجديدة تحل المشكلة إذ يلتقون معا حول صينية الشاي ثم بمجرد رفع الأذان يقومون لأداء الصلاة جماعة في مصلى المقهى".

ويضيف الروداني: "لقد رأيت مثل هذا السيناريو كثيرا وفي الحقيقة هو يسعدني وأتمنى أن يصبح للمقهى دور ما في تحسين أخلاق الشباب".

دور دعوي

ارتباط المقهى في أذهان الناس بالغيبة والنميمة وتضييع الوقت يوشك أن يتغير مع المساجد الجديدة التي بات الكثيرون يأملون في أن تشجع على أداء الصلاة بالنسبة لغير المصلين من الزبائن، وعلى أدائها في وقتها بالنسبة للمصلين.

ويأمل عبد الله نهاري -الخطيب المعروف بمدينة وجدة المغربية (شرق)- أن يتم توظيف هذه الزوايا في الدعوة إلى الله بشكل غير مباشر، بحيث تكون محفزا للزبائن على أداة الصلاة جماعة، واحترام أوقاتها.

وقال نهاري في اتصال مع "إسلام أون لاين.نت": "هذه المقاهي التي تخصص أماكن للصلاة بها محطة للزبائن يدربون أنفسهم فيها على ارتياد المساجد".

لا حرج

ومن هذه النقطة يؤكد الفقيه المغربي أنه لا تعارض بين الصلاة في "مساجد المقاهي" وواجب الذهاب إلى المساجد العامة. وقال: "الأصل في الإسلام هو أن أداء الصلاة جماعة في المسجد هو واجب شرعي على كل مسلم بالغ عاقل، والتفريط فيه يوجب عقوبة كبيرة".

وأضاف نهاري أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوشك أن يحرق على بعض تاركي الصلاة في المسجد بيوتهم وفقا لما جاء في الحديث الشريف المعروف.

وجاء في نص الحديث المتفق عليه: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ".

ولفت نهاري إلى أن التيسير على الأمة مطلوب، خاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيها التحديات على الشباب، قائلا: "فلا حرج أن يعود الشباب أنفسهم على الصلاة في الأماكن التي تخصصها المقاهي التي تقدم المشروبات الحلال لزبائنها، ويمكن اعتبارها خطوة نحو تحسين الأخلاق والتدرب على أداء الصلاة في وقتها".

وتبقى "خدمة المصليات" داخل المقاهي "للرجال" بالدرجة الأولى، حيث لا تستطيع المقاهي في الوقت الحالي توفير مساحة تخصصها كمسجد للنساء، وتؤدي النادلات والعاملات في هذه المقاهي الصلاة بغرفة تبديل الملابس.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
إسلام اونلاين